أبحاث ودراساتافتتاحية العددرعد الحمادةمانشيتملف العدد 64

التكنولوجيا والتطور الصناعي أداة للنشاط وتبادل المعلومات أثناء النزاعات والاستخدامات العسكرية غير المشروعة في استهداف المنطقة وشعوبها (المسيّرات التركية نموذجاً)

رعد الحمادة

رعد الحمادة

المقدمة

إن الأزمات الكبيرة التي تعيشها الحداثة الرأسمالية وإفلاس الدولة القومية كما وصفها المفكر والقائد عبد الله أوجلان، عادت بنتائج كارثية على شعوب الشرق الاوسط, كون الديكاتوريات المتشكلة بذهنية الدولة القومية للحداثة الرأسمالية في القرن العشرين باتت تشكل وبالاً على شعوبها والشعوب المحيطة, حيث الضغط والاضطهاد الذي عانته الشعوب وصل إلى درجة لا تحتمل, من جانب هذه الأنظمة التسلطية التي لا تحمل سوى ذهنية القتل والتدمير ونهج الصهر والإبادة وصناعة الموت والدمار والتجويع والتشريد عبر أساليب كثيرة ومنها تطوير أدوات القتل الطائرات بلا طيار .

في خضم التطور الكبير الذي يشهده العالم في عالم تكنولوجيا المعلومات والذكاء الصناعي الذي أصبح الركيزة الأساسية للتقدم وإثبات الوجود والهيمنة، وباتت من أساسيات الحروب الحديثة حيث لعبت دول كثيرة دورها في هذا المجال وشكلت جيوشاً إلكترونية مختصة للدفاع عنها, ومن ثم الانطلاق لفرض السيطرة والهيمنة على الدول  والكيانات والمجالات التي تسعى للسيطرة الهيمنة عليها .

مثالاً على ذلك الانتهاكات التي تقوم بها الدولة التركية على مناطق شمال وشرق سوريا التي تستهدف سكان المنطقة وبنيتها التحتية من أجل تأجيج المزيد من الصراعات والمشاكل والحروب, وأيضاً استهداف سبل العيش والموارد التي يقتات منها سكان المنطقة، ومن الأدوات المستخدمة في هذه الهجمات الوحشية والتي تسببت في أضرار جسيمة هي المسيّرات (الطائرات بلا طيار) وهنالك أدوات كثيرة وكل منها لها خاصية تعمل من أجلها ومن خلالها, وهذه الأدوات أكثرها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بتكنولوجيا المعلومات وتعتمد على الذكاء الاصطناعي والآلات المتطورة جداً.

ومن خلال هذا البحث الذي يتناول عدة مراجع كانت الغاية أن نكتسب ونتعرف على ماهية المسيّرات، وكيف تم بناؤها والعمل عليها؟ وما هي الأهداف منها؟ وما هي الغايات التي يتم التطلع إليها؟

مع الأخذ بعين الاعتبار أنّ التماسك والترابط في أدق التفاصيل يعطي القوة التي لم تكن موجودة في خيوط العنكبوت, لماذا؟ لأنّها من صنع مخلوق, وحتماً سيكون فيها ثغرات وأخطاء وهنا تكمن نقطة الانطلاق.

أجسام صغيرة تطير بدون طيار وبلا تكلفة كبيرة تُحلّق في السماء بلا رادع أو وازع، تقلع وتهبط في مساحة صغيرة جداً وسط بلدة أو غابة أو على ظهر مركب في البحر أو على جسم متحرك، تتجسس وترصد وتستهدف بل وتغير مسار المعارك على الأرض، ولا يحتاج السلاح الجديد إلى جيش جرار, إنما فقط من يسيّرها من على الأرض ويتحكم بها .

في محيط دولي إقليمي في الشرق الأوسط يعجّ بالصراعات المسلحة والسياسية وحروب بالوكالة، سواء بين جيوش أو جماعات أو فصائل؛ أصبحت المسيّرات سلاحاً يثير المخاوف، والجميع يملك بشكل أو بآخر مسيّرات نظراً لصغر حجمها وقلة كلفتها.

مشكلة البحث :

تتلخص مشكلة البحث الأساسية في عدة تساؤلات, منها:

  • ما هي هذه الأدوات التكنولوجية المتطورة التي تستخدمها الدول المهيمنة من أجل القتل والدمار والتخريب الذي تلحقه المسيّرات بالمنطقة؟
  • ما تاريخ صناعة وتطوير هذه الاجسام الطائرة القاتلة؟
  • ما الآثار الناتجة عن تطوير هذه الأنواع من الأسلحة؟
  • كيف يمكن مواجهة هذه التقنيات الحديثة المدمرة وما هي الأساليب التي يمكن استخدامها لإيقاف تأثير هذه الأسلحة؟

أهمية البحث :

تأتي أهمية البحث في دراسة التطور المتسارع في عالم تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات ودوره في تطوير أنماط وأدوات التسلح، ومدى اعتماد الدول المهيمنة على تلك الأدوات في سياساتها التدميرية تجاه منطقتنا.

أهداف البحث :

إن أهم أهداف البحث تتلخص في التالي:

1- الاطلاع على آخر المستجدات في تكنولوجيا المعلومات والتطور الصناعي.

2- التعرف  على الطائرات بلا طيار وما هي الحلول المتاحة للتصدي لها.

3- التعرف على أمثلة من هذه الأجسام الطائرة الفتاكة.

أسئلة البحث:

1- ما هي تكنولوجيا المعلومات والذكاء الصناعي؟

2- ما هي الطائرات بلا طيار؟

3- كيف تعمل الطائرات بلا طيار؟

4- إلى أين وصل التطور الصناعي في مجال الطائرات بدون طيار؟

مصطلحات البحث:

تكنولوجيا المعلومات information technology  هي مجال شامل يركز على تطبيق التقنيات في معالجة إدارة المعلومات, أي أننا نستطيع القول إنها مجموعة من الأدوات والمنهجيات والعمليات والمعدات التي تُستخدم لجمع المعلومات وتخزينها .

الذكاء الاصطناعي  artificial intelligence لأن هذا المصطلح مهم جداً سنأخذ كل مفردة على حدة

الذكاء : تيرمان عرف الذكاء على أنه (القدرة على القيام بعملية التفكير). كولفن (الذكاء هو وصول الفرد إلى مرحلة القدرة على عملية التغيير ). شترن (إن الذكاء هو القدرة على التكيف الفعلي مع المواقف والمشاكل الحياتية الجديدة). هوارد جارنر (عرف الذكاء على أنه مستوى كفاءة الفرد الفكرية التي تتشكل من مجموعة من المهارات التي يمكن للفرد استخدامها في حل المشاكل واكتساب معارف جديدة).

الاصطناعي :هذا المصطلح يأتي من كون الشيء اصطناعياً, أي من صنع الإنسان المعتمد بدلاً عن أن يكون بشكل طبيعي و تلقائي وعفوي أو عبر عمليات لا تتضمن ولا تتطلب النشاط البشري. عند تركيب المفردتين معاً يستنتج الذكاء الاصطناعي ويكون تعريفه : هو قدرة الآلة على محاكاة العقل البشري, أي أن الآلات تستطيع العمل والتفكير مثل الدماغ البشري .

لغات البرمجة :هي طرائق تسهل للمبرمج كتابة برنامجه على هيئة تعليمات وأوامر يفهمها الحاسوب لغرض تنفيذ العمل المطلوب, ومن المعروف أن الحاسوب يحوّل اللغة المكتوبة إلى سلسة من صفر وواحد وهذا النظام يسمى Binary Numeral System . ومن لغات البرمجة الكثيرة والشائعة الاستخدام والتي تعمل على محاكاة الآلة:

لغة البرمجة c++  :: لغة “سي بلاس بلاس” هي لغة عالية المستوى وهي من لغات البرمجة المتميزة التي تستخدم في تطبيقات الذكاء الاصطناعي, وأهم ما يميز هذه اللغة ويجعلها ذات كفاءة عالية في تطبيقات الذكاء الاصطناعي هي السرعة التي تتمتع بها, فهي من أسرع لغات البرمجة على الإطلاق.

لغة جافا :هي مجموعة واسعة من قدرات التعلم الأولى والمتكاملة من حيث الوظائف والتنبؤ والتصنيف, وهذه اللغة تؤكد على الحساب الرمزي والبرمجة الوظيفية والبرمجة القائمة وعلى قواعد تمكنك من استخدام الهياكل والبيانات التعسفية .

لغة ليسب :لغة مطابقة المعايير للأغراض العامة, وهي لغة وظيفية إلى حد كبير دون دلالات ألفاظ ملزمة وبكتابة ثابتة وقوية, وقد سميت “هاسكل” على اسم عالم المنطق هاسكل كوري.

لغة بايثون :هذه اللغة من لغات البرمجة التي نالت شهرة واسعة في مجال الذكاء الصناعي وتستخدم مع هذه اللغة حزم التطبيقات.

 

أولاً: تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي:

إن تكنولوجيا المعلومات أصبحت حاجة ملحّة, وقد أصبحنا لا نستطيع التحرك بدون أدواتها وعلى سبيل المثال الهاتف المحمول, فجميع بياناتنا تكون مخزنة بداخله وحتى متابعة العمل من خلاله وهذا المثال هو الأبسط, لطالما نسمع عن أمر تقوم به بضغطة زر أو بدون الحاجة لهذه الضغطة قد يكون الأمر من خلال إيعاز صوتي أو أن يكون مبرمجاً في وقت محدد أو ظرف محدد, فيبدأ بالعمل بشكل تلقائي وبشكل منظم وفق البرامج المدخلة ضمنه, فالذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا المعلومات أصبحت تلعب دوراً أساسياً في كل شيء في حياتنا اليومية ابتداءً من برامج تعديل الصور إلى برامج البناء والتصميم, وإلى المعامل الضخمة وشركات التصنيع وبرامج الخرائط والتتبع وغيرها الكثير الكثير.

تتمتع هذه التقنيات التي شهدتها الثورات المتتالية للصناعة والتطورات العلمية الصناعية بإمكانات كبيرة للاستمرار في توصيل مليارات الأشخاص إلى الويب، وتحسين كفاءة الأعمال والمؤسسات بشكل جذري، والمساعدة في تجديد البيئة الطبيعية من خلال إدارة أفضل للأصول.

لقد مثّل “إيلون ماسك” الرئيس التنفيذي لشركة تسلا  Teslaو”سام ألتمان” المدير التنفيذي لشركة “أوبن إيه آي” حول احتمالية أن يكتسب الذكاء الاصطناعي “الوعي” في لحظة ما، لا سيما مع الجهود الكبيرة المبذولة من قبل كبرى شركات التكنولوجيا في العالم مثل “غوغل” و”مايكروسوفت” (Microsoft) و”أنفيديا” (Nvidia)  لابتكار وتدريب “روبوتات ونماذج وبرامج لغوية متطورة تعتمد على الذكاء الاصطناعي.

إن أبرز ملامح الثورة الصناعية الخامسة تتجسد في تفوق الصناعات العسكرية بشكل بارز وحادّ، حيث تؤكد الدراسات وجود صراع متصاعد فيما بين الدول الغربية وروسيا والصين، في حين أكدت الدراسات أن الذكاء الاصطناعي هو المستقبل، وأن من يتفوق في هذا المجال فسيحكم العالم.

فامتلاك القدرة على التعامل مع إحدى لغات البرمجة وأھمھا في ھذا المجال ھي لغة بایثونPython    والتي يجب إتقانها  بشكل احترافي لكي يمكن البدء في مجال الذكاء الاصطناعي

إن برامج الذكاء الاصطناعي لیست حكراً على لغة واحدة من اللّغات, فتتم كتابة ھذه البرامج باستخدام جمیع اللغات تقريباً ومنھا: C++, Java, Lisp , Python وعلى الرغم من أن استخدام لغة بایثون في مجال الذكاء الاصطناعي أمر حدیث؛ إلا أنّھا تعتبر من أفضل وأسرع اللغات في التعامل مع برامج ھذا المجال.

نستخلص أهمية تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي  من خلال حادثتين تم تداولهما إعلامياً.

إنّ خطاب فلاديمير بوتين لمجموعة من الطلاب الروس من جميع أنحاء البلاد في أول يوم لهم في المدرسة عام 2017 وقال حينها: “إن الذكاء الاصطناعي هو مستقبل ليس فقط لروسيا ولكن للبشرية جمعاء ومن يصبح الرائد في هذا المجال سوف يحكم العالم “.

وقد كان تصريح عام 2017 في جريدة جلوبال تايمز الصينية :”إن مجلس الدولة الصينية وضع خططاً طموحة لتصبح الصين الدولة الأولى والرائدة عالمياً في مجال الذكاء الاصطناعي, وإن تقدم الذكاء الاصطناعي يمكن أن يضع نهاية للعنصر البشري، أي أنه ينطلق من نفسه ويعيد تصميم نفسه بمعدل مزايد ومستمر.”

إنّ الذكاء الاصطناعي الذي يضم كل الخوارزميات والطرق النظرية منها والتطبيقية التي تعنى بأتمتة عملية أخذ القرارات مكان الإنسان سواء كان ذلك بطريقة كاملة أو جزئية بمعية الإنسان، مع القدرة على التأقلم أو الاقتباس أو التنبؤ، عادة يكون البرنامج ذكياً إذا قام تلقائياً بسلوك غير مبرمج مسبقاً حيث يستطيع من نفسه أخذ قرارات جديدة للتكيف مع حالته وحالة محيطه عبر الزمن، إنّ خصائص الذكاء الاصطناعي من التصرفات التلقائية والتطور الذاتي والتعلم الآلي التلقائي توحي بفكرة حرية الآلة المطلقة في أخذ القرارات في المستقبل القريب, ومنه التخوفات المتصاعدة حالياً على الساحتين الإعلامية والأكاديمية، لكن الواقع التقني والعوائق الأخلاقية والتكنولوجية وإشكالية أخلاقية البرامج المعلوماتية والآلات الذكية, ليست بجديدة وهي مطروحة منذ البداية وتستمر في مرافقة التطور التكنولوجي, بل أنها خلقت فرعاً جديداً في علم المعلوماتية والحقوق يتخصص في هذا المجال.

 

ثانياً: الطائرات والطائرات بلا طيار:

بداية من حمامة أرشيتاس اليوناني  عام 400  ق.م  إلى الورقية الصينية بين 400 ق.م – 300ق.م، ومن أرخميدس إلى عباس بن فرناس ومن ثم الراهب الانكليزي روجر بيكون, وبعد إثباتات جيوفاني نقف عند الحدث الجلل للفرنسيَين ماركيز دي وجان ف بيلاتر الذي سجل فيه أول طيران للإنسان من خلال آلة مخترعة, وحتى البداية كانت لمسافة 8 كيلومتر وهذا الأمر كان محفّزاً لانطلاق مسيرة السفن الهوائية, وبدأ هنا التحدي والذي تحقق على يد جورج كايلي البريطاني وطائرته الشراعية إلى الشراعية بمحرك ومراوح على يد وليم س هنسون البريطاني وصديقه جون سترنجلفيللو.

عام 1848م ومع تجارب كلمنت الفرنسي إلى هيرام ماكسيم الأمريكي ومنهما إلى أوهايو والأخوين رايت,  وتوالت الأحداث والجميع بدأ يعمل بجد وينافس على التقدم والتطوير في مجال الطائرات حتى عام 1924 ففي ذلك الزمن استطاعت طائرتان أمريكيتان الطيران لأول في رحلة حول العالم وبمدة قدرها ستة أشهر وبمسافة 42،398كم.

ومن ثم استطاعت كونكورد التي انطلقت من الخطوط الجوية الفرنسية وكانت رحلتها حول العالم وفي زمن قدره 32 ساعة و 49 دقيقة و 3 ثوان, وهذه الرحلة كانت عام 1992 ولم تتوقف الابتكارات والتطورات إلى يومنا هذا, فالجميع يعمل من أجل إثبات الوجود وتصدّر الشاشة وتقديم الأفضل وبأحدث الأساليب التكنولوجية, إلى أن وصلت الطائرات لمرحلة تطير بها بشكل موجّه وبدون طيار, أما هذه فتبرمج مسبقاً لطريق تسلكه أو توجَّه عن بعد مع احتوائها على كاميرات, وتستطيع أيضاً أن تحمل حمولة كالقذائف لأداء مهامها .

ولا شك أن الاستخدام الأكثر شيوعاً لهذه الطائرات يكون للأغراض العسكرية والتي عرفت باسم RPV’S  ذات الأنظمة اللاسلكية والتي يمكن برمجة مهمتها ابتداءً من الإقلاع إلى أداء المهمة وعودتها, ومن المعلوم بعد أن هذا الانفتاح على علم الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا المعلومات لعب دوراً مهماً جداً في هذا المجال والفضاء الواسع, فهي الآن تستطيع مجابهة الجيوش والفتك بها.

بات من المعلوم أن التكنولوجیا  دخلت في كل المجالات من أبسط الأمور إلى قطع غیار الطائرات مروراً بالطب والجراحة، بما فیھا الأطراف الصناعیة وتكنولوجیا المستقبل، ووفقاً للعلماء  قد تسمح بصناعة طائرات یمكنھا أن تصلح نفسھا، أو تتجزأ إلى أجزاء صغیرة ، أو تسقط الصواریخ بواسطة الطاقة المباشرة، أو إنقاذ مدنیین أو جنود في ظروف صعبة.

ویزعم العلماء في مؤسسة BAE   البریطانیة المتخصصة بالصناعات الجویة والدفاعیة، أن الطباعة ثلاثیة الأبعاد قد تصبح متطورة جداً بحلول العام ٢٠٤٠ ، بحیث أنھا قد تسمح بتصنیع طائرات استطلاع بلا طیار صغیرة الحجم، بحیث تكون محمولة على طائرات أخرى, ویمكن لھذه الطائرات أن تستخدم في مجموعة متنوعة من الاستخدامات، كالاستطلاع طویل الأمد أو المستمر أو إنقاذ المدنیین والجنود من مواقف صعبة یتعرضون لھا بشكل فردي. وكان الباحثون  الذین یعملون على تقنیات الطائرات المستقبلیة ، یدرسون أیضاً فكرة یمكن تطبیقھا بواسطة الطابعات ثلاثیة الأبعاد بالغة التطور، وباستخدام تقنیة “التجمیع الروبوتي.” كما درسوا فكرة الطائرات التي یمكنھا أن تذیب نفسھا تلقائیاً في حال وقعت بأیدي أطراف معادیة باستخدام دائرات كھربائیة قابلة للتحلل.

وهناك إمكانیة تصنیع قطع غیار یمكن أن تعید إصلاح نفسھا في غضون دقیقة حتى أثناء تحلیقھا، وفقاً لما نقلته صحیفة “غاردیان” البریطانیة. كما تدرس ابتكار نوع من الطائرات القابلة للتفكك إلى عدد من الطائرات الأصغر حجماً ومن ثم التجمیع مرة أخرى على غرار الشخصیات الخیالیة في فیلم الخیال العالمي “المتحولون” أو “ترانسفورمرز.” ویمكن تزویدھا بسلاح یعمل بالطاقة العاملة بسرعة الضوء ، بحیث یمكنھا إسقاط الصواریخ والطائرات المعادیة. ویقول مدیر قسم دراسات المستقبل والھندسة المستقبلیة في الشركة نیك كولوسیمو: “بالطبع لا نعرف بالضبط نوع التقنیة التي ستستخدم عام ٢٠٤٠ ، لكن من الرائع أن یتبین للناس بعض المفاھیم القابلة للتطبیق بواسطة التقنیات الحالیة، وإلى أین ستقودنا.” وطرحت الشركة أربعة أفكار مستقبلیة للطائرات بلا طیار المطبوعة بطابعات ثلاثیة الأبعاد بوصفھا أفكاراً تكنولوجیة مستقبلیة تعتقد أنھا قابلة للتحقیق والاستخدام في الطائرات المدنیة والعسكریة عام ٢٠٤٠ ، أو حتى قبل ذلك.

 

ثالثاً: المسيّرات  وآلية عملها  (قوانين تحليق الطائرات بلا طيار):

هنالك عدة قواعد عالمية للطائرات بدون طيار وهي عدم التحليق فوق المناطق المأهولة بالسكان، وعدم التحليق ليلاً مع احترام مسافات التحليق وحدّها الاقصى 150 متراً.

وللمسيّرات ثلاثة أنواع وهي mini  و midi و maxi أو High flyer

وتتألف الطائرات بلا طيار من عدة مكوّنات أولها المحركات, ولها عدة أنواع, محركات نفاثة ومحركات رحوية ومحركات مكبسية ومحركات كهربائية, وأيضاً البطاريات التي تعمل على تغذية الأجهزة والقطع التي تعمل بالطاقة الكهربائية, وللبطاريات عدة أنواع ومن أشهرها الليثوم ذات الكفاءة العالية مع مراعات معايير وزن البطارية داخل الطائرة ومن اهم المكونات الجسم الخارجي للطائرة أي الهيكل الخارج وأهمية هذا المكون ليست فقط مرعات الوزن ولكن المواد التي يصنع منها الجسم الخارجي فإذا تم استخدام الفايبر جلاس وطلاء من نوع مخصص فإن الرادارات لن تتمكن من اكتشاف الطائرة .

وكلما زادت الدقة في اختيار القطع ودقة تبادل المعلومات, ازدادت صعوبة اكتشافها, ومن مزايا الجسم الخارجي أنه سهل التركيب في أغلب المسيّرات, مثلاً على ذلك: سكاوت الإسرائيلية يستغرق تجميعها 10 دقائق أو أقل من ذلك, وأيضاً هنالك المعدات الملاحية ووحدات التحكم والسيطرة على المسيّرة, وهذا الأمر ليس بالسهل إنما يحتاج إلى دقة وكفاءة عالية .

فالمسيّرة تحتاج لعدة أدوات ومستشعرات تقوم بتصحيح الارتفاع ومستوى الطائرة, وهذه الأدوات تلعب دوراً مهماً جداً في عملية استقرار وضعية الطيران, ويمكن أيضاً أن تصحح مسارها من مستقبلات الملاحة المرتبطة بالأقمار الصناعية دون الحاجة لتدخل المحطة الأرضية.

ومن أشهر أنظمة الملاحة نظام أوميغا, وهنالك العديد من الأنظمة الملاحية المتطورة والطائرات الأكثر تقدماً تعمل على عدة أنظمة ملاحة مختلفة لكي تتمكن الطائرة من تحقيق أفضل أداء لها, وكل هذا يكمن في صندوق وزنه 114 غرام بوزن الهاتف المحمول, وهو قادر على أن يكون خط بيانات مرسل ومستقبل, ولدينا ايضاً من الجوانب المهمة جانب الحمولة, وهي تعتمد على حجم الطائرة وقوّتها.

فالطائرات المسيرة التي تحمل القذائف من المفترض أن تكون كبيرة الحجم وقادرة على حمل الأوزان الثقيلة, وهنالك أيضاً حمولات تسمى بالحمولات الاستخباراتية, وهذه الحمولة غالباً تكون أجهزة للتصوير كالكاميرات التلفزيونية أو مستشعرات رادارية إلكترومغناطيسية, وكل جهاز يعمل بوظائف وخصائص محددة ويمكن جمع النظامين بنفس الطائرة, ويمكن إضافة أنظمة أخرى مثل نظام الإشارات سينغت والذي يعمل على الإعاقة والتشويش وتحديد الأهداف, ومن المعدّات التي تضاف في الحمولات الاستخباراتية حمولة تدعى masint  وهذه من خصائصها التتبّع والقياس.

ويمكن القول إنها تستطيع قياس وتحديد مدى الصواريخ والعناصر الطائرة, وإذا تمت إضافة حمولة ديناميكية فهذه الطائرة تصبح مجهّزة للهجوم والمواجهة كما في طائرات UCAVs ويجب التنويه لأمر مهم جداً أن أحد أهم أجزاء هذه الطائرة كونها مسيّرة؛ يجب أن يكون خارجها وبمعزل عنها, فإما أن تكون قاعدة أرضية بعيدة عنها أو أن تكون جوية كنظام الطيران الآلي, وتلعب هذه الأنظمة دوراً فاعلاً جداً, فحتى لو تم قطع الاتصال بين المحطة والطائرة فإنها سوف تعود بشكل ذاتي, فهي مبرمجة بثلاث طرق رئيسية, برمجة مسبقة وتحكم عن بعد وتحكم ذاتي, أي التفكير الذاتي للطائرة, وكل هذه الأمور يتم متابعتها وبرمجتها وتسييرها على أيادي مبرمجين مختصين ومدرَّبين جيداً.

المسيّرات في أكثر الأحيان تستهدف الأهداف من خلال شخص مخبر أو أقراص Gps فعندما يعطي المخبر موقع الهدف أو يقوم بوضع الشريحة المخصصة ويعطي مركز الاستخبارات التابع له رقم هذه الشريحة  وعند بحثهم عن رقم الشريحة, يظهر لهم موقعها فتذهب المسيرة إلى الهدف المطلوب, وعند الوصول إلى الهدف تعمل كاميرات الطائرة بقياس المسافة الدقيقة للهدف فيما إذا كانت المسافة كافية من أجل إطلاق الصاروخ, وفي مقدمة الصاروخ مثبتة عدسة من أجل التتبع لإصابة الهدف بشكل دقيق, وغالباً يكون المخبر قريباً من الهدف ليعطي تقريراً عن إصابة الهدف .

صحيح أن الطائرات بلا طيار تصيب الهدف بشكل دقيق وتتبع الهدف حتى في الليل وباستخدام الرؤية بالأشعة تحت الحمراء, لكن يمكن أن يتخفى الأشخاص من الإصابات بطرق وقائية, ففي النهار تلعب الغابات الكثيفة دوراً مهماً وعاملاً قوياً للتخفي, وأيضاً ظلال البنايات والأشجار, ومثل هذه الأمور تستخدم ليلاً مع التركيز على عدم استخدام الأنوار والمصابيح, وتلعب بطانيات الطوارئ دوراً فاعلاً جداً, فالبطانيات المصنوعة من المايلر يمكنها صدّ الأشعة تحت الحمراء, وعندما تكون درجة الحرارة بين 36 و 40 مئوية لا يمكن لكاميرات الأشعة تمييز الجسم من محيطه, والطقس السيئ له دور فاعل في إضعاف إداء المسيّرات, ففي الرياح الشديدة والدخان والعواصف لا يمكن العمل. ومن أهم نقاط الحماية والوقاية عدم استخدام الشبكة اللاسلكية ولا استعمال الهاتف المحمول, ومن الأفضل نثر الزجاج والمرايا على الأسطح لإرباك الطائرات, ويمكن استخدام دمى في حجم الإنسان لمغالطة أنظمة التعرّف .

یمكن تمییز بعض الأنواع  من الطائرات بلا طيار (میراج ) كما یلي :

النسرCondor : یستخدم النظام للاستطلاع الفوري باستخدام آلات تصویر حراریة، وتلفزیونیة، ویمكن للنظام توجیه نیران المدفعیة، كما يمكن أن یستخدم كذلك لتصحیح نیران المدفعیة، وتصحیح نیران القطع البحریة عند قیامھا بقصف أھداف ساحلیة.

الغراب Raven: ویستخدم ھذا النظام في حالة الاستطلاع على أن تعمل الطائرة ذاتیاً بالبرمجة المسبقة اعتماداً على النظام الملاحي المحمول جواً والذي یعمل مع المحطات الأرضیة لنظام الملاحة أومیغا، مع عمل التصحیح اللازم من محطة التوجیه الأرضیة.

ویمكن أن تطلق الطائرة من البرّ أو من البحر, ویمكن استعادتھا في نقطة محددة طبقاً للبرنامج الذي غُذّیت الطائرة بها قبل الطیران.

الببغاء Parrot: تُستخدم في أعمال الاستطلاع والإعاقة الإلكترونیة وكمحطة إعادة إذاعة، ولا تحتاج الطائرة في ھذه الحالة للاتصال بالمحطة الأرضیة.

البجعة Pelican : تستخدم في حالة معاونة السفن البحریة, إذ تحمّل الطائرة بمستشعرات تلفزیونیة وحراریة FLIR، وتكون مھمتھا اكتشاف الأھداف في ما وراء خط الأفق باستخدام الرادار المحمول جواً، ثم تحدید تلك الأھداف باستخدام المستشعر المناسب، وذلك أثناء قصف الأھداف بالقذائف الصاروخیة.

الطائرة بلا طيار الإيطالية MIRACH: عملت  الشركة الإیطالیة METEOR على إنتاج سلسلة من الطائرت بلا طیار 26-MIRACH وأدخلتها  الخدمة لدى الجیش الإیطالي، ویبلغ وزنھا عند الإقلاع ٢١٠ كغ، وحمولتھا الصافیة للمعدات ٥٠ كغ، وسرعتھا القصوى ٢٠٠ كم/ ساعة، وتصمد في الجو لأكثر من 8 ساعات.

وتستخدم ھذه الطائرة نظام الملاحة لتحدید الموقع عالمیاً عبر الأقمار الاصطناعية ، وھي تحمل آلة تصویر تلفزیونیة للرؤیة نھاراً وليلاً والدفع النفاث للاستطلاع في المدى الأبعد.

الطائرات التي أنتجها الاتحاد السوفیتي سابقا: ارتبط تطور الطائرات بلا طیار في الاتحاد السوفیتي سابقاَ بنجاح الغرب في ھذا المجال، على الرغم من أن الروس قد فكروا في جمع المعلومات بوساطة ھذه الطائرات قبل الغرب في بدایة الخمسینیات, إذ كانت أولى الطائرات المسیرة بلا طیار قد أخِذت من الطائرات الموجودة آنذاكYAK25-RD, YAK-26 Mandrake للاستطلاع من الارتفاعات العالیة مع إضافة بعض وسائل الاستطلاع الإلكتروني.

وقد خدمت طائرة الماندریك ھذه كطائرة استطلاع بلا طیار رئیسیة في حالات التقدم والانفتاح في الخارج بما في ذلك مصر، وذلك بین منتصف الستینیات وحتى منتصف السبعینیات.

اللاعب الثالث هو إيران، التي اعتمدت على موارد محلية في تصنيع الطائرات المسيرة لأنها أقل كلفة للبلاد التي تقبع تحت العقوبات الاقتصادية, وكذلك بدأت إيران في تطوير برامج للطائرات المسيّرة منذ ثمانينيات القرن الماضي خلال الحرب ضد العراق (1980-1988).

وكانت برامج إيران التي كانت تطمح لإنتاج الطائرات المسيرة وتصديرها إلى الفصائل والدول وحلفائها وأيضاً عدد منها إلى روسيا، قبل أن تقوم الدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية بفرض عقوبات على العشرات من  الكيانات وأربعة أفراد متمركزين في إيران وماليزيا والصين وإندونيسيا، حسب معطيات بحثية رسمية أمريكية، وذلك لقيامهم بتسهيل بيع إيران مكونات إلكترونية أمريكية المنشأ، لطائرات مسيرة أحادية الاتجاه تنتجها منظمة تابعة لقوات الحرس الثوري الإيراني.

كما اتهمت الولايات المتحدة إيران بالضلوع في تزويد الحوثيين بمسيّرات استهدفوا بها سفناً في البحر الأحمر.

یرجح أن القوات الأمریكیة اختارت ـ في البدایة ـ الاعتماد بشكل واسع على الخبرات التي تعمل عليها الشركات الإسرائیلیة المتخصصة في تصنيع المسيّرات لجيلها المتقدم من الطائرات ذات الطرازات المختلفة، وقد طورت بعد ذلك تصميمات أخرى.

لقد عرضت في البداية عام 1967 نماذج الطائرة عين سكاي Sky Eye وشملت أنواعاً متعددة من طائرات (R4E)، التي دخلت الخدمة لدى سلاح الجو التایلاندي في ١٩٨٣ ، وتم استخدامها في مصر ، ویبلغ الوزن الأقصى للطائرة عند إطلاقھا ٣٤٥ كجم ، وحمولتھا الصافیة القصوى ٦٥ كجم، وتستمر في الطيران لأكثر من ١٠ ساعات.

مشروع ARGUS: یھدف ھذا المشروع إلى استخدام الطائرات من غير طيار في تقييم الآثار الفورية الناتجة عن القصف الجوي للطائرات الحربية, حيث أجرت القوات العسكرية الأمريكية بدايات هذه التجارب عام 1993م، فاستخدمت في التقییم طائرتين معدّلتين من نوع 34-BMQ حيث جھّزت كل منھما بعدد ٣ آلات تصویر تلفزیونیة ، وزودت بالأشعة تحت الحمراء، وأطلقت الطائرتان من الجو من طائرة من نوع 130-DC

مشروع هانتر Hunter: هو برنامج أمریكي مفعّل للطائرة ھانتر Hunte لطائرات تتصف بقصر المدى ودقة الهدف, وبدأت هذا المشروع بداية عام 1992م، إنّ الطائرة Hunter ھي طائرة بلا طیار ذات محركین, ویبلغ وزنھا عند الإطلاق ، 770 كجم، وحمولتھا الصافیة 112 كجم، وسرعتھا القصوى ٢٠٥ كم/ ساعة، وقدرتھا القصوى على البقاء في الجو ھي 10 ساعات .

قام الجیش الأمریكي بتجھیز ٨١ طائرة Hunter في 2001، بنظم حديثة لكشف حقول الألغام, أي النظام المحمول جواً لكشف حقول الألغام عن بعد التي تستطيع كشف الألغام السطحیة والمطمورة .

مشروع تير TIER: لقد بدأت الولايات المتحدة الأمريكية بإنتاج سلسلة طائرات برنامج TIER وعرفت بالطائرة750-GRANT من إنتاج (CIA) والتي استخدمتھا وكالة الاستخبارات المركزیة الأمریكیة ، (GENERAL ATOMICS) من موقع للإطلاق في ألبانیا، في مھامّ فوق “البوسنة” مدتھا ٢٤ ساعة، وھذه الطائرة بلا طيار يبلغ وزنھا ٥١٣ كجم، وھي مزوّدة بآلة تصویر حراري، وقد بيعت منها عدة نماذج إلى الدولة التركية التي استخدمتها في الكثير من المناطق .

 

رابعاً : المسيّرات التركية أدوات إجرام وإرهاب مستمر:

المسيّرات التركية التي تسببت بأضرار جسيمة في مناطق شمال وشرق سوريا وتسببت في قتل العديد من الناس الأبرياء وتدمير للبنية التحتية ومحاربة السكان في سبل عيشهم, حتى أنها أصبحت تستهدف المشافي, وهذه الأمور جميعها تعد جرائم حرب وانتهاكات للأعراف والقوانين الدولية .

وفقاً لدراسات بحثية وبيانات رسمية لدولة الاحتلال التركي، فقد وقَّعت شركة “بايكار” المنتجة للمسيرات في عام 2022 عقود تصدير مع 27 دولة، بإجمالي عائدات بلغت 1.18 مليار دولار، وأبرز المشترين أوكرانيا وبولندا وأذربيجان والمغرب والكويت والإمارات وإثيوبيا وتركمانستان وقرغيزستان ورومانيا وألبانيا.

ولم تتوقف الآلة العسكرية التركية عن إنتاج الطائرات بلا طيار أو مسيّرات الموت التي تم إرسالها إلى مناطق عديدة في سوريا والعراق واليمن وليبيا وأرمينيا وأوكرانيا, ولعبت دوراً في الحرب الروسية الأوكرانية.

تشير تقديرات معهد الدراسات السياسية الدولية (ISPI) إلى أن القوى الكبيرة والفاعلة في الشرق الأوسط “دولة الاحتلال التركي وإيران” وغيرها (باستثناء إسرائيل) أنفقت ما لا يقل عن 1.5 مليار دولار على الطائرات العسكرية بدون طيار على مدى السنوات الخمس الماضية.

يمكننا القول إن التدخل التركي في الشأن السوري أخذ بعداً أكثر تحولاً عندما  تم استخدام المسيّرات كوسائل هجوم واضحة، بدأ حينما استخدمت دولة الاحتلال التركي أعداداً كبيرة من المسيّرات منعت به قوات  الحكومة السورية في عام 2020 من تدمير قوات معارضة تتبع لها، فقد أوقفت طائرات مسيرة تركية من طراز بيرقدار الكثير من المركبات المدرعة.

ومن هذه الأدوات  الإجرامية:

الطائرة المسيرة بيرقدار أقنجي : التي لديها ‏القدرة على جمع المعلومات عن طريق تسجيل البيانات التي تتلقاها من أجهزة الاستشعار والكاميرات التي تحملها على متنها, بالإضافة إلى ستة حواسيب مزوّدة بالذكاء الاصطناعي وتقنيات متطورة جداً مثل رادار AESA  وكاميرات EO\IR وأنظمة المراسلة عبر الأقمار الصناعية وبحمولة تساوي 1350 كيلوجرام, وهي أيضاً لا تعتمد على المستشعرات الخارجية ولا على أنظمة تحديد الموقع GPS بل تعتمد على الذكاء الاصطناعي, وتعمل حتى في الظروف السيئة مع رادار للطقس وآخر للأرصاد الجوية, وتستطيع التحليق لمدة 24 ساعة متواصلة بمحركين بقوة 700 حصان.

الطائرة المسيّرة “عذاب”: ولهذه الطائرة استخدامات متعددة لما تتمتع بها من تقنية وخصائص فنية متطورة, وتسمى بالمسيّرة الانتحارية وتم تطويرها من قبل شركة  “روبيت للتكنولوجيا” لقد اجتازت هذه الطائرة  اختبارات الطيران الطويلة وقدرتها على الحمولات العالية بنجاح.

لقد تم تطوير نوعين من هذه الطائرة وأظهرت فعالية بسبب الخصائص التقنية والتشغيلية, فهي قادرة على حمل أنواع مختلفة من الذخيرة بما فيها الرؤوس الحربية المتوفرة لدى القوات المسلحة الأمريكية والغربية, وهذا منحها إمكانية دمجها ضمن السلاح الجوي للدول الأخرى.

لقد تم تصميم الطائرة بنسخ جديدة بطول جناحين يبلغ 150 و200 سنتيمر، ويمكن لطراز 200 أن تحمل حمولة تصل إلى 15 كيلوغراماً, ووزنها عند الإقلاع 50 كيلوغراماً، كما يزن طراز 150 نحو 7 كيلوغرامات ويمكنه حمل 3 كيلوغرامات من الذخيرة .

 

خامساً: نظم  الرصد الرادارية :

لقد عرف المبدأ العام للرادار منذ زمن بعيد, منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، إلا أن التطور التكنولوجي قد أدى إلى ابتكار أنظمة بالغة التعقيد وبمواصفات عالية في الدقة والأداء, حيث يعرف الرادار بأنه نظام إلكتروني يقوم بكشف الأجسام العاكسة للإشعاعات الكهرطيسية، وتحديد معاملاﺗﻬا بشكل عام مثل: المدى، السمت، الارتفاع، السرعة، الاتجاه..(كلمة رادار) RADAR مختصرة عن التعريف التالي للمهمة باللغة الإنكليزية: Radio Detection And Ranging. بشكل عام تتميز الأمواج الكهرطيسية بتردداﺗﻬا المستخدمة في النظم الرادارية بعدم تأثرها بالليل والنهار، أو بالظروف الجوية مثل: المطر أو الدخان أو الضباب أو الغبار …الخ، مما يمكّنها من الكشف ضمن ظروف محيطية قد لا تستطيع وسائل الكشف الأخرى مثل النظم البصرية أو الحرارية العمل ضمنها. وبما أن الحديث يتم عن كشف الأجسام عن طريق الأمواج المنعكسة فإن أول وأبسط تصنيف للرادارات يتبادر للذهن, هو تصنيفها إلى رادارات فعالة وأخرى غير فعالة.

الرادارات الفعالة: في هذه الحالة تنعكس الأمواج المرسلة من المرسل الراداري عن الجسم المكتشف طائرة مثلاً كإشارة صدى، دون أن يقوم الجسم المرسل إليه إشارات الرادار بأي نوع من الإرسال، وبناءً على الأمواج المنعكسة يقوم الرادار باستخلاص المعلومات الأساسية عن هذا الجسم.

الرادارات الفعالة مع الأجسام الفعالة: وفيها تنعكس الأمواج المرسلة من الرادار عن الجسم كإشارات صدى مع إشارة إضافية مرسلة من قبل الجسم نفسه؛ طائرة ترسل إشارات تعارف. تبرز هذه الأنظمة في أنظمة السطع والإنذار، حيث تستقبل هذه الأنظمة إشارات أهداف رادارات أخرى، أو طائرات, وتقوم بتحليلها وتحديد مواصفاﺗﻬا.

المبدأ الأساس للرادار: عند إرسال الإشارات الراديوية إلى الجسم العاكس بطاقة معينة, فإن جزءاً بسيطاً من الطاقة ينعكس ويعود بالاتجاه المعاكس إلى النظام الراداري, وهذه الطاقة المنعكسة تدعى الصدى ECHO””، يحتاج النظام الراداري لجملة إحداثيات لتحديد موضع الأجسام المكتشفة، تحدد عادة زاوية الرادار باتجاه عقارب الساعة ابتداءً من الشمال الحقيقي، ويشار للمستوى الأفقي Horizontal plane بالمستوى الموازي لسطح الأرض، والزوايا بالمستوى الأعلى تقاس بمستوى تخيّلي متعامد مع المستوى الأفقي يدعى المستوى الشاقولي Vertical plane .

أمّا النظام الراداري فهو مركز جملة الإحداثيات, إن الخط المباشر “خط الرؤيا” من الرادار للهدف يدعى بالمدى Range، بينما تدعى الزاوية بين المستوى الأفقي والمدى بزاوية الارتفاع في المستوى الشاقولي Elevation angle، أما الزاوية التي تقاس باتجاه عقارب الساعة عن الشمال الحقيقي تعرف بزاوية الاتجاه الأفقي Azimuth or True Bearing.

 

الخلاصة والتوصيات:

إن أهم ما يمكن فهمه في بحثنا المتواضع هذا أنه كيف تمكنت الطائرات المسيرة من  تغيير الحروب والجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط, وكيف سيكون الوضع  في العقود القادمة.

رأينا كيف شهد العقد الماضي تطورات خطيرة في استخدام الطائرات المسيّرة, وكانت تستخدم بداية في عمليات اغتيال قبل أن تنتقل إلى الاستهدافات الكيميائية في سوريا 2018 وفي ليبيا 2019 وفي أوكرانيا 2021, وكذلك في ناغورو كاراباخ أثناء الصراع الأرميني الأذربيجاني، وحتى السفن في باب المندب, والاستخدام المكثّف في غزّة, لقد غيرت المسيّرات من الاستراتيجيات العسكرية في المنطقة, لكنها في المستقبل ستكون أكثر ضراوة في التغيير.

كل ما يمكن قوله إننا اليوم توصّلنا إلى حقيقة وهي القدرة التدميرية الكبيرة لهذه المسيّرات، لقد وصلنا الآن إلى نقطة انتشار الطائرات بدون طيار بشكل غير منضبط في جميع أنحاء الشرق الأوسط, فاليوم يمكن لأي دولة أو جهة غير حكومية أن تحصل على تقنيات الطائرات بدون طيار كسلاح.

وأن هذه القدرة ستزيد المدى والدقة والقوة التفجيرية والتعقيد خلال العقد المقبل، لذا فمن المرجح أن يكون مستقبل الجغرافيا السياسية والصراع في المنطقة مليئًا بالسماء المتنازع عليها، حيث يمكن للجهات الفاعلة الأضعف والأصغر حجماً أن تشن هجمات فتاكة بعيدة المدى من الجو ضدّ أهداف مدنية وعسكرية.

إن أهم ما يمكن طرحه أن هذه المسيّرات اليوم تشكل حالة رعب حقيقة لشعوب المنطقة, وهي بعيدة عن الردع الأخلاقي ولا تخضع لمعايير وشروط الاشتباكات العسكرية, ولا للقوانين الحربية والعسكرية.

يمكننا القول في نهاية هذا البحث: إنّ جميع الأطروحات البالية التي تريد قوى الهيمنة العالمية والليبرالية الجديدة حقنها في عقول شعوبنا في منطقة الشرق الأوسط . ولأن المفكر والقائد “عبد الله اوجلان” والحركة التحررية التي رفضتا التحول إلى آلة للسياسات المفروضة، ويدعو إلى الحلول التي تحقق الأخوة، والديمقراطية والمساواة لشعوب المنطقة، نرى أن القوى المهيمنة والرجعية الموالية لها تعمل ما في وسعهما من أجل تصفية أو تضييق الخناق على الحركة الديمقراطية والتحول السياسي والقيادات الاستراتيجية الجديدة في الشرق الأوسط .

إنّ عملية التدخل في الشؤون الداخلية للدول هي لعبة سياسية اعتمدتها الدول المفترسة في تنفيذ مآربها وتحقيق ما ينسجم واستراتيجيتها، وليس خفيّاً على أحد ما قامت به هذه الدول من تدخّل واضح في شؤون العالم بصورة عامة, ودول العالم في منطقة الشرق الأوسط  بشكل خاص, حتى أن التغيرات التي حدثت وتحدث خلال تلك المرحلة كان يُخطط لها في دهاليز عواصم الدول العظمى. وسوريا وباعتبارها تمثّل حلقة مهمة في هذا الصراع، فتاريخها المعاصر يوضح تلك الصورة, حيث شهدت البلاد سلسلة من التدخلات العنيفة التي بدأت بتدخل فصائل مدعومة من تركيا عام 2012 ومن ثم الاحتلال المباشر بداية عام 2016 ومن ثم استخدام أدوات أكثر إجرامية ومنها الطائرات المسيّرة وأساليب الحرب الخاصة, وبصورة منظمة أخفت وراءها بشكل أو بآخر دورها في زعزعة استقرار هذا البلد.

 

الهوامش والمصادر :

1- الذكاء الاصطناعي، عمر سلیم، مجلة BIMARABIA مصر 2023م

2- الذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط، هديل كرنيب، بيروت، مؤسسة النهار 2021م

3- الطائرات المسيرة التركية، مروان سمور ،عمان الأردن، 2021م

4- الطائرات والطائرات بلا طيار ، طارق الراوي ،بغداد 2015م

5- هندسة النظم الرادارية وتطبيقاتها، علي محمد طه ،دمشق 2020م

6ـ أنظمة الاتصال التكتيكية، أيمن عزيز حمد، دمشق 2023م

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى