كادار بيريمواضيع أخرى

الدولة والاستثمار السياسي للدين – تركيا نموذجاً

كادار بيري

 

كادار بيري 

كادار بيري
كادار بيري

على مدى التاريخ، ومنذ نشوء البشرية، خلق الإنسانُ لنفسه إلهاً وذلك لعدم قدرته على تفسير قوى الطبيعة كالشمس والقمر والأرض والبحر وظواهرها. فعَبدَ الأصنامَ وقدراتِ الطبيعة في الأزمنة الغابرة، ودائماً كان هناك إله أو وكيلٌ له على الأرض من البشر كي يقوموا باستغلال الآخرين، ومن هنا بدأت الآلهةُ الحاكمة أو الإله الخادم للحاكم عبر الكهنة.

مع تطوّر البشرية وظهور الأديان السماوية التوحيدية وصعود الآلهة والجلوس على العرش في عالي السماء بدأ دورُ الوكلاء، وهنا سأحددُ دورَ الدين الإسلامي، وتحديداً سنأخذ الحالة التركية من دور الدين في الدولة.

طبعاً لا يفوتنا قبل أن ندخلَ إلى صلب موضوعنا أن نذكرَ بأن في الحضارة الإغريقية كان هناك مجلس للآلهة كي يفصلَ الدينَ عن الدولة، ومما لا شك فيه أن الحضارةَ الإغريقية آثّرت وتأثرت بحضارة مصرَ القديمة وبالحضارة السومرية، وهذه الأخيرة لها الفضلُ في نشر العديد من أفكارها خارج حدودها وخاصة الاعتقادات الدينية ومنظومة الأفكار الاجتماعية التي أسست لنشوء مجتمعات تفصل بين الإله كطقوس للعبادة وما بين القوانين الناظمة لحياة البشر، وعملية الفصل بين ما هو ديني غيبي أسطوري وبين نظام الحكم الأرضي الذي تجلى بصورة واضحة  في الحضارة السومرية

 

دخول الأتراك في الإسلام

كان أولُ اتصالٍ بين الأتراك والإسلام في عهد الخليفة عمر بن الخطاب عندما اجتمعَ التركُ في العام 23 للهجرة لمواجهة المسلمين وعبروا نهرَ جيحون، إلا أن قائدَ الجيش الإسلامي الأحنف بن قيس تمكنَ من دخول معسكر خاقان التركي وقتل قادته الثلاثة. وفي فترة حكم الخليفة عثمان بن عفان استطاعَ المسلمون دخولَ مناطق الأتراك وذلك بعد أن تمّ القضاءُ على المملكة الساسانية وملكهم يزدجرد، لأن الأتراكَ كانوا يعيشون بحماية المملكة الساسانية وقت ذاك.

بعد ذلك دخلَ التركُ الدينَ الإسلامي وذلك في نهاية الحكم الأموي، حيث قام القائدُ الإسلامي قتيبة بن مسلم بالسيطرة على تلك البلاد حتى وصل حدود الصين، وتحديداً في فترة الحكم العباسي استقدم الخليفةُ المنصور الكثيرَ منهم إلى بلاده بعد أن حدثت الفتنُ فيما بينهم فيما وراء النهر وكان منهم حاجبه الخاص، وعندما ازدادت الفتنُ في مناطقهم أكثر أجبرت الدولة العباسية على قمعها وجلب الكثير منهم للبلاط للاستفادة منهم، مما أدى إلى ظهور فتنة بين الخليفة الأمين وأخيه المأمون مما أثر في ظهور الأتراك بأعداد كبيرة على مسرح الأحداث في الدولة العباسية، واستطاع الأتراك أن يرتقوا في مناصب الدولة حتى أصبحوا في الحرس الخاص للخليفة المـأمون، أما الخليفة المعتصم الذي دفعته عدة عوامل لاستقدام الأتراك واستخدامهم في الدولة، ومن هذه العوامل وأهمها أمّه التركية، فقام المعتصمُ بتمييز الأتراك في بلاطه فجعل منهم حرسه الخاص وقواد جيوشه وأمراء ولايات الدولة لدرجة أنه بنى لهم مدينة – سرّ من رأى – وهي مدينة سامراء في العراق.

ومع نهاية العصر العباسي كان نفوذُ الأتراك قد تزايدَ حتى أصبح أكثرَ مجلسِ الشورى الذي يختار الخليفة من الأتراك.

 

توسُّع الخلافة العثمانية، هل كان احتلالاً أم فتوحات إسلامية؟

ليس خافياً على أحد ممارسات الاحتلال العثماني في كافة المناطق التي وصلت أيديهم إليها من قتل وترهيب وتفقير وتجهيل، وخاصة في مناطق الشرق. في العام 1516اقتحمت القواتُ العثمانية إلى ما يعرف الآن بشمال سوريا في معركة مرج دابق قرب حلب، وبعدها بعام تمكنَ العثمانيون من احتلال القاهرة ليبدأ العهدُ العثماني الذي شملَ أغلبَ الوطن العربي. وأما الجديدُ بهذا الاحتلال الذي ادّعى أنه تتمة للخلافة الإسلامية أنه أقام نظاماً أجنبياً عاصمته خارج الأرض العربية ولغته وقيمه وعاداته غير عربية، وعلى مدى أربعة قرون سخّر الاحتلالُ قدرات المناطق التي كانت تحت احتلاله لسلطانه ولمصلحة شعبه، وبالنتيجة الاحتلال العثماني هذا لم يكن خلافة إسلامية بل كان استعماراً واحتلالاً، فالدولة العثمانية كانت عسكرية توسعية محضة ولم تكن دولة دعوى إسلامية كما ادعوا وإنما استغلوا الدين الإسلامي من أجل توسعهم، وما تخليهم عن الأندلس وهم كانوا بأوج قوتهم وقد كانوا قادرين على دعمهم ومساندتهم إلا تخاذلاً منهم، اذ أنهم لم يقوموا بردع العدوان عنها حيث كانت لهم أطماع أخرى فسقطت الأندلس.

ومن نتائج الاحتلال العثماني التخلف وتعطيل الدور الحضاري لشعوب الشرق الأوسط وتخلفها عن ركب الحضارة والتقدم وكان لها الدور الرئيسي والمسبب الأول في وقوع هذه المناطق تحت نير الاحتلال الفرنسي والبريطاني والإيطالي وذلك بسبب الامتيازات التي قدمتها لهم الدولة العثمانية، فقد منح لرعايا الدول الأوربية حرية التجوال والإقامة وحرية التجارة دون دفع الضرائب وتدخل القنصليات في شؤون القضاء. لقد تنازل العثمانيون عن ولاية طرابلس الغرب لإيطاليا بعد الغزو الإيطالي فعقدت معهم معاهدة -اوشي لوزان –في العام 1912 وقامت بسحب قواتها وتركت الشعب يواجه مصيره لوحده، وأيضاً بعد ذلك في الحرب العالمية الأولى تنازلت عن كل المناطق التي كانت تحت احتلالها شريطة أن تبقى لهم ما تسمى تركيا الحالية، وهذه إحدى أهم الأسباب لظهور الكيان الصهيوني واحتلال فلسطين إلى يومنا هذا

 

– تركيا الحالية والإسلام والعلمانية:

لقد عرفت المجتمعات البشرية على مر العصور إيجاد الآيات المقدسة التي تبرر للحكام ممارساتهم، فالسياسيون يتلاعبون بالأديان من أجل غايات وأهداف سياسية ولإعطاء الصبغة الشرعية لإجازة السياسات والآراء التي تريد الدولة تمريرها،

حيث أن إضفاء الصبغة الدينية على أي عمل سياسي يكسبه المزيد من التأييد ويكون مترفعاً عن أي انتقاد لما قد يحمله المنتقدون من ذنوب أو غضب من الرب

طيلة مائة عام وتركيا تدعي العلمانية لكنها بنفس الوقت قامت بأعمال إجرامية دموية لن تمحى من ذاكرة الشعوب، فالإبادة العرقية والتطهير العرقي بحق الأرمن والكرد العلويين والإيزيديين  الكرد والمسيحين، وحتى الكرد المسلمين ممن يخالفهم ودائماً بتحريض ديني بحت من قبيل أن هؤلاء “كفرة – ملاحدة – مرتدين… الخ” فأين العلمانية من هذه الجرائم والترجمة الحرفية للعلمانية تعني –الدنيويين – أي من لا علاقة لهم بالدين- واستمر الوضع في تركيا على هذا المنوال حتى ظهور الأحزاب الدينية التركية وتحديداً تنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي العالمي ولكن بتسميات مختلفة وطبعاً الجوهر واحد وهو استغلال الدين للاستيلاء على السلطة.

وللتطرق إلى المسألة الدينية والإسلام السياسي في تركيا أهمية قصوى في الوقت الراهن، فالتيارات الإسلامية السياسية بكل أنواعها واتجاهاتها تسعى إلى السلطة وتستخدم الدين كأيديولوجية للوصول إلى الحكم من خلال استثمارها للدين الإسلامي وتراثه المتعدد ونظرتها الأحادية في التعامل معه، وتجيره لمشروعها  السياسي الدنيوي. ففي تركيا يتم استغلال الدين لما له حضور مؤثر في الحياة الاجتماعية والسياسية وتطرح توجهاتها وبرامجها وخطاباتها من خلال الدمج بين الإسلام كعقيدة وعبادة وقيم ايمانية  ووجدانية للربط بين مشروعها السياسي وفق تصوراتها البشرية وأجنداتها الخاصة وسعيها المتواصل في احتكار التراث الإسلامي   بصفتها الوريث الوحيد له.

 

-حزب العدالة والتنمية

نبدأ باسم هذا الحزب، والذي بحقيقته هو تنظيم الإخوان العالمي ويعتبر نفسه حزباً إسلامياً وهو لا يحمل من اسمه شيء لا تنمية ولا عدالة وطبعاً لا إسلام، فكل الأكاذيب التي كانت تروج للتنمية الموجودة في تركيا وقوة اقتصادها انهارت من أول امتحان له، فكل ما كان يروج عن نموذج اقتصادي إسلامي مميز لا هو برأسمالي ولا اشتراكي يحقق التنمية والعدالة الاجتماعية معاً، وهناك العديد من الأمثلة التي تكشف زيف وكذب ادعاءات الساسة الأتراك.

بحسب البنك المركزي التركي بين سنتي 2006 و 2016 تراوحت الاستثمارات الأجنبية المباشرة في تركيا بين 7 مليار و22 مليار دولار وكان لأوروبا حصة الأسد من هذه الاستثمارات ففي العام 2015 شكلت الاستثمارات الأوربية النسبة الأعلى من مجموع الاستثمارات وبحسب وزير الاقتصاد التركي  كان عدد الشركات المتعددة الجنسية العاملة في تركيا يزداد عاماً بعد عام خلال فترة حكم العدالة والتنمية، وفي حين بلغ عددها 15 ألف شركة في العام 2006 فإن العدد وصل إلى ما يزيد عن 53 ألف شركة في العام 2016 والسؤال هنا، ترى أي أحكام إسلامية فقهية كانت تسري على عمل هذه الشركات العابرة للقارات والأديان وأردوغان يدعي إسلامية حزبه واقتصاده.

في ظل حكم أردوغان كانت قيمة الدين العام تزداد باضطراد، حيث أكد بعض الخبراء الاقتصادين أن أردوغان ضاعف  مديونية الدولة التركية الخارجية ستة أضعاف من 80 مليار دولار إلى قرابة الـ 485 مليار دولار، وأكد الخبراء بأن الليرة التركية خسرت من قيمتها أمام الدولار في الثلاث سنوات الأخيرة أكثر من خمسين بالمائة، وفي العام الحالي فقط خسرت ضعف ما خسرته خلال الثلاث سنوات الماضية والأهم من الزيادة الرقمية هو ازدياد نسبة الدين العام إلى الناتج القومي الإجمالي وهي نسبة 36 بالمئة في العام 2011 إلى 58 بالمئة في العام 2018 فأي تنمية هذه فهي عكس اسمه تماماً.

أما عن العدالة الاجتماعية فحدث ولا حرج، من حيث النمو الاقتصادي و برغم هشاشة الوضع بكل تركيا إلا أن الاهتمام بالمناطق الغربية  والشمالية الغربية هو أربعة أضعاف عن المناطق الفقيرة أصلاً في الجنوب والجنوب الشرقي وتحديداً في المناطق الكردية أو كوردستان الشمالية، حيث أن أرقام البطاقة الشخصية تختلف عن باقي المناطق كي يتم تميزهم عن غيرهم من باقي الشعوب القاطنة فيما تسمى تركيا الآن، وهنا تكون سياسات حزب العدالة والتنمية مكملة لكل السياسات السابقة ولكل الحكومات التي كانت تدير دفة الحكم في تركيا، فسياسات طمس الهوية القومية للشعب الكردي وحتى محو الآثار التي تعود لأكثر من عشرة آلاف عام قد تم تدميرها -مدينة سور نموذجاً- وتدمير وغرق أعظم أثر بشري  إلى الآن مدينة -حسن كيف- هي أكبر دليل على ما نقول حيث تم بناء سد سموه –ايليسو- وكل ذلك لمحو ثقافة هذا الشعب العريق.

 

  • تركيا وسياسة الكذب والنفاق حيث لا هي إسلامية ولا هي علمانية

في مقابلة له مع الإعلامي تركي الدخيل يصرّحُ أروغان بأنه كفرد فهو مسلم والدولة علمانية، وبنفس الوقت كل سياساته متجهة نحو إعادة الخلافة العثمانية ويرحب كثيراً بأن كل من حوله يلقبونه بالخليفة، بل بنى قصوراً على النمط العثماني ويقولها صراحة وبشكل علني بأنه وريث الخلافة العثمانية،

يدافع عن فلسطين والقدس ويدعم حماس ويتدخل بالشأن الفلسطيني. وكلنا نذكر حادثة سفينة مرمرة وما قام به أردوغان من تمثيلية في مؤتمر دافوس الاقتصادي عندما انسحب من أمام الكاميرات عندما تحدث الرئيس الإسرائيلي شمعون بيرس، لكن وبنفس التوقيت كانت تركيا تدفع لإسرائيل ثمن طائرات بدون طيار التي اشترتها من إسرائيل وأسلحة أخرى بقيمة أربعة مليار دولار.

يتباكى على غزة وشعبها من القصف الإسرائيلي، والحقيقة هناك اتفاق تركي إسرائيلي تسمح تركيا لإسرائيل بتدريب طياريها في الأجواء التركية، فهم يتدربون في تركيا لقصف أهداف في غزة التي يتباكى أردوغان عليها. وفي الآونة الأخيرة وحول موضوع نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس شاهدنا أردوغان يرعد ويزبد ويهدد بأنه لن يقبل بهذا الأمر ولن يسمح بحدوثه، ولكن الشركة التي تعمل على بناء وترميم السفارة في القدس هي شركة تركية بل هي شركة تابعة لابن أردوغان بلال أردوغان.

وطبعاً كلنا يعلم بأن أول دولة إسلامية اعترفت بإسرائيل هي تركيا في العام 1949 ناهيك عن الأرضية التي مهدها العثمانيون للوبي الصهيوني العالمي لاستقطاب اليهود من كل دول العالم سواءً كان ذلك برشوة الحكام العثمانيين أو ببيع ممتلكات الدولة للصهاينة، حيث يروج البعض بأن الفلسطيني باع أرضه للصهاينة لكن الحقيقة هي عكس ذلك فالدولة الحاكمة هي من فعلت ذلك وهم أجداد أردوغان كما يدعي نسبه لهم.

كل ما تقوم به تركيا وأردوغان الآن في فلسطين هو لزيادة الشرخ الفلسطيني الفلسطيني، فدعمه لحركة حماس وهي نفس تنظيم الإخوان المسلمين يصب في ذلك، ومن أجل أن يكون له موضع قدم بخاصرة جمهورية مصر وخاصة بعد الإطاحة بحكم الإخوان هناك

تركيا وإسرائيل من أقوى العلاقات الاقتصادية والسياسية منها ما هو علني ومنها ما هو خفي إسرائيل تعتبر من أقوى حلفاء تركيا وهي التي تأمن دعم السياسي له في واشنطن ناهيك عن الدعم العسكري المباشر، ففي معركة عفرين تبين ذلك بشكل واضح جداً عندما قامت إسرائيل بفتح كل أقمار التجسس الخاصة بها لتركيا وتزويد غرفة العمليات التركية بصور وفيديوهات مباشرة عن تحركات المقاتلين هناك، فالمقارنة مع ما كانت تبثه القنوات التركية من فيديوهات قديمة وعدم وضوح الصور حتى أنهم بثوا مقاطع لألعاب فيديو على أنها صور لحربهم ضد الشعب الكردي، ولكن في عفرين  فالتقنية الإسرائيلية كانت واضحة لكل متتبع فأين كل ذلك من الإسلام والعالم العربي والتي تعتبر قضية فلسطين قضية كل عربي ومسلم.

من ناحية أخرى ومن أجل إيضاح وتبيان النفاق الأردوغاني وعلاقاته المشبوهة، فدعمه ووجوده في كردستان الجنوبية -شمال العراق- ما هو إلا لزيادة الشرخ بين الكرد ولاحتلاله لجزء آخر من كردستان، ففي إحدى الزيارات التي قام بها الرئيس مسعود البرزاني لتركيا كان أردوغان يخاطبه بأخي مسعود وبعد أن توجه الإقليم إلى الاستفتاء العام وجدنا تركيا تحارب هذا الاستفتاء حتى أكثر من العراقيين المعنيين بالأمر بل أكثر من الجميع وبدأ يخاطبه ويسميه برئيس عشيرة

وهنا أيضاً تجلى الدعم الإسرائيلي لسياسات أردوغان فبدأت إسرائيل بالترويج بأنها تدعم الاستفتاء وتؤيده كي تظهر نفسها أنها صديقة للشعب الكردي ليعتقد الأخوة العرب بأن هذا الاستفتاء مدعوم من إسرائيل وما هي إلا حركة صهيونية جديدة دون دراية بأحقية هذا الشعب للحرية ولعدم معرفتهم بأن الاستفتاء هو قمة في العمل الديمقراطي، ووجدنا بأن الإعلام التركي وما يرتبط به من الإعلام الناطق بالعربية هم أكثر من يروجون لذلك، ولكن وبعد الاستفتاء وحصول ما حصل وجدنا أن إسرائيل عادت إلى موضعها الطبيعي المعادي للشعب الكردي دون أن يكون لها أي تصريح حتى من الحصار الذي فرض على كامل الإقليم، وكل ذلك كان بمطلب وعبر دراسة تركية إسرائيلية، وربما أصدق ما صرح به أردوغان في علاقته بإسرائيل هو أن تركيا بحاجة إلى إسرائيل بقدر ما إسرائيل بحاجة تركيا

وفي الخلاف الخليجي بين قطر وباقي دول الخليج بادرت تركيا بإرسال قوة تركية لتقيم قاعدة عسكرية في قطر بحجة حماية شريكتها في الإرهاب قطر، فهل كان هناك أي خطر على قطر حتى ترسل تركيا جنودها هناك؟ إن إرسال تلك القوة هو لزيادة الشرخ بين الخليجين وإيجاد موضع قدم لها حيث تقوم الآن بابتزاز كل الأطراف وخاصة قطر، فوجدنا زيارات متكررة لمسؤولين قطريين، وفقط في الشهر المنصرم زار أمير قطر تركيا مرتين ودفع مبالغ كبيرة لتركيا عند انهيار العملة التركية، فهل هذه سياسة إسلامية أو علمانية! أجزم بأنها بعيدة عن الاثنتين وفقط هي سياسة تخدم أطماعه في التوسع الاحتلالي والسيطرة على المناطق العربية مرة أخرى.

حتى أن أردوغان انقلب على الدستور والديمقراطية والتي هي موضع شك بالأساس حيث خدع الديكتاتور العثماني الأتراك من أجل الانفراد بالحكم للأبد بتعديلاته الدستورية التي منحته تعين كبار المسؤولين والوزراء وأعطته الصلاحيات بالتدخل في شؤون القضاء، وقبل ذلك غدر بمعلمه نجم الدين أربكان وبعدها بمهندس سياسته داود أوغلو وعبدالله غول والآن فتح الله كولن، حيث أن أردوغان كان تلميذاً في مدرسته ولكنه اليوم يعتقل كل من يخالفه الرأي بحجة أنه من أتباع كولن – العسكريين – الصحفيين – القضاة –الأساتذة –الطلاب – المدنيين وغيرهم.

طبعاً كل هذا ناهيك عما فعله مع الكرد، فتفاوض مع القائد عبد الله أوج آلان إلى أن توصلوا إلى عدة نقاط من أجل إيجاد حل سلمي وشامل للقضية الكردية في تركيا وعلى أثرها أصدر عبد الله أوج آلان تعليماته بانسحاب المقاتلين الكرد –الكريلا – إلى خارج حدود تركيا، لكن أردوغان وبدل أن يوفي بوعوده بتتمة عملية السلام بدأ بالهجوم على المدن الكردية في شمال كردستان – سور- شرناخ – نصيبين – سروج – جزرة- وتم تدمير المدن على سكانها من أطفال وشيوخ ونساء لم تميز آلة القتل التركية بين أي أحد منهم فهل هذه تعاليم الإسلام أو هل هذه  من دساتير الدول العلمانية  والأفظع كانت في جزرة حيث تم حرق الجرحى وهم أحياء وهذا ما لم يقم به أحد غير تركيا وربيبتها داعش منذ الحرب العالمية الثانية.

اعتقال بعض البرلمانيين الكرد المنتخبين حسب القوانين التركية بحجة تواصلهم مع حزب العمال الكردستاني حيث أن أردوغان كان قد أرسلهم قبل ذلك من أجل إيصال رسائل إلى الحزب في فترة المفاوضات بينهم، ثم قام باعتقالهم وسحب الحصانة منهم وكذلك الأمر بالنسبة لرؤساء بلديات منتخبين من قبل الشعب وبحسب القوانين والأنظمة التركية وتم تنصيب ولاة عسكريين موالين لأردوغان بدلاً عنهم فأي نظام هذا وإلى أين يتجه بتركيا.

إنه الطموح إلى إعادة “أمجاد” الماضي وإنشاء الامبراطورية العثمانية الجديدة واحتلال دول الجوار العربي ووضع اليد على كل من كركوك والموصل وحلب مستخدمة يافطة الدين لا مقتنعة بها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى