افتتاحية العددمانشيتملف العدد 58مواضيع أخرى

أزمة المياه في منطقة الشرق الأوسط

د. محمد عنبر / المملكة الأردنية الهاشمية

د. محمد عنبر

د. محمد عنبر 
د. محمد عنبر

يواجه السكان في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أزمة خطيرة تتمثل في ندرة الموارد المائية، والتي من

المتوقع أن تؤدي إلى أزمة مائية حادة، يعقبها مباشرة أزمة غذائية تضرب شعوب المنطقة، مما سيخلف

مجاعات واسعة النطاق تأتي على الأخضر واليابس.

علاوة على ذلك، من المرجح أن يزيد هذا الضغط الإضافي على أكثر الفئات فقراً في المنطقة فضلاً عن

فوضى عارمة في شتى مجالات الحياة، ربما يتبعها صراعات وأعمال عنف واسعة النطاق تؤدى إلى تفاقم

أزمات كبيرة كالنزوح واللجوء.

ما تأثيرات نقص المياه على بلدان الشرق الأوسط؟ وهل من الممكن أن تشهد هذه المنطقة المتوترة أصلا ً

حروباً تخص المياه؟

يعيش نحو 60% من سكان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مناطق شديدة الإجهاد المائي، حيث تستمر

معدلات تدهور الأراضي الزراعية، والتي أخرجت حسب أحدث التقارير الصادرة عن منظمة الفاو حوالي

8،3 مليون هكتار من الأراضي الزراعية في عام 2020، وقد بلغ متوسط وفرة المياه في الشرق الأوسط

وشمال إفريقيا 1200 متر مكعب سنوياً فقط.

وعلى الرغم من اختلاف الظروف بين دول المنطقة، فإن معظم السكان يواجهون خطر وجودي يتمثل في

ندرة المياه.

حيث تعتبر منطقة الشرق الأوسط من أكثر مناطق العالم التي تشهد إجهاداً مائياً، ففي اليمن مثلاً ووفقا

لتقديرات الأمم المتحدة عام ٢٠٢٠ يبلغ متوسط نصيب الفرد بها من المياه النقية 198 متر مكعب.

وقد تفاقمت أزمة المياه في المنطقة خلال السنوات الأخيرة حتى شهدت هبوط متوسط في نسبة توفير المياه

بمقدار 25%، ومن المحتمل أن يتخطى متوسط نصيب الفرد في المياه بالكاد فوق 500 متر مكعب بحلول عام

2025.

وفي نفس السياق بلغ معدل الإجهاد المائي في العراق 3،7 من 5 وفق مؤشر الإجهاد المائي، لتصبح واحدة

من البلدان المُصنفة بأن لديها “خطورة عالية” فيما يتعلق بندرة المياه، حيث يتوقع المؤشر العالمي أنه بحلول

عام 2040 سيجف نهرا دجلة والفرات تمامًا، وبالتالي ستعاني العراق من الجفاف والعطش.

والمعهد الدولي لإدارة المياه يحذر من أنّ التغييرات المناخية في منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط،

ستتسبب في مزيد من الإجهاد المائي لتلك المنطقة، لذلك، وفي حين أن ندرة المياه ليست قضية جديدة، يجب

أن يولى المجتمع الدولي المزيد من الاهتمام بها حيث تشير العديد من الهيئات الدولية إلى أن هذه الأزمة من

المرجح أن تسوء، خاصة إذا لم يتم اتخاذ إجراءات سريعة لتحسين الوضع.

تؤكد التقارير الأولية التي ينشرها البنك الدولي أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تعتبر من أكثر

المناطق في العالم توتراً، فيما يخص الاستخدام غير المستدام للمياه، فحوالي 82% من المياه بتلك المنطقة لا

يُستفاد منها بالشكل الفعال المؤثر، بالرغم من زيادة الطلب على المياه وضعف العرض، كما أنّه من الممكن

أن تشهد المنطقة أكبر خسائر اقتصادية متوقعة من ندرة المياه المرتبط بالمناخ، والتي تقدر بـحوالي 6–14%

من إجمالي الناتج المحلي بحلول 2050، ولا تساوي إنتاجية المياه الإجمالية في المنطقة إلا نحو نصف

المتوسط العالمي، كما يهدد المنطقة أزمات الفيضانات والجفاف بشكل ملحوظ خاصة مناطق الشمال الإفريقي

لندرة موارد المياه بها.

– هل يمكن لبلدان الشرق الأوسط أن تتعاون؟

في ضوء المخاوف من حصول أزمات في الغذاء والمياه وحسب المؤشرات الحقيقية على أرض الواقع هناك

ضرورة ملحة تترتب على دول المنطقة للتعاون لمواجهة تلك الأزمة الخطيرة، حيث أن بلدان المنطقة تشترك

في مكمن مياه جوفية واحد على الأقل، مما يبرز أهمية الإدارة التعاونية لموارد المياه المشتركة، وهو ما يشير

أيضاً إلى أن الصراعات والنزاعات المحتمل أن تشهدها المنطقة سيكون السبب الرئيسي لقيامها هو السيطرة

على الموارد المائية والحصول على المياه.

– الهدر وسوء الاستخدام:

يعتبر إهدار المياه وسوء استخدامها من أكبر المسببات لندرة المياه بالمنطقة، فثقافة ترشيد استهلاك المياه قد

تغيب عند سكان منطقة الشرق الأوسط، ومن ثم، وفى محاولة لتخفيف آزمة المياه في المستقبل.

لسوء الحظ، وبالتوازي مع الزيادة الهائلة في عدد السكان خلال نفس الفترة، تشير مواقف الحكومات الإقليمية

الحالية تجاه القضية إلى احتمال زيادة اندلاع “حروب المياه” في المنطقة في المستقبل القريب، ويتجلى ذلك

في الأزمة المستمرة بين مصر والسودان من جانب وأثيوبيا من جانب آخر بسبب بناء الأخيرة لسد النهضة،

وعدم الوصول لتسوية مع طرفي النزاع بشأن قواعد ملء السد.

أما في ليبيا فقد انخفض مخزون المياه الصالحة للشرب من حوالي 149 إلي 101 قناة توزيع مياه نتيجة

تعرضها للتدمير بفعل التوترات الأمنية، مما جعل الأمم المتحدة تحذر من استخدام المياه كسلاح للصراع بين

الأطراف المتقاتلة هناك.

تعتبر المياه من أكثر الاحتياجات الإنسانية الأساسية، وقد يؤدى ندرتها الممنهجة إلى عواقب اجتماعية

واقتصادية وسياسية وخيمة، فضلاً عن تداعيات أمنية خطيرة للغاية، علاوة على ذلك، صرحت العديد من

المؤسسات من أن السبب الرئيسي وراء موجات الهجرة في المنطقة يعود بشكل مباشر أو غير مباشر لندرة

المياه، حيث أن الفقر والصراع يمثلان المحرك الأساسي وراء الهجرة.

– منظمة الأغذية والزراعة التابع للأمم المتحدة الفاو وأزمة المياه: 

في تقارير عديدة قامت بها منظمة “الفاو” نوهت من خلالها إلى أن ندرة المياه سيتسبب بخسائر اقتصادية

تقدر بـ 6 إلى 14 % من الناتج المحلي الإجمالي لدول المنطقة خلال عام 2050، وهي أعلى المعدلات حول

العالم.

من الضروري بمكان أن نتعرف مردود تلك الأزمة وأثرها على العديد من مناطق العالم الأخرى.

– العلاقة بين المياه والغذاء والاستقرار:

من المعروف أنه توجد هناك علاقة قوية بين ندرة المياه وعدم الاستقرار الغذائي والصناعي والمعيشي

والهجرة، وأيضاً الصراعات والنزاعات، لذلك فأن إدارة المياه بطريقة أكثر كفاءة يمكنها أن تحد من الهجرة

والصراعات الإقليمية التي ربما يتولد عنها أعمال عنف، ويعتبر استقرار منطقة الشرق الأوسط وعدم حدوث

موجات جديدة من اللاجئين والنازحين بسبب أزمة المياه التي من المحتمل أن تكون أشد وضراوة من الأزمات

الأمنية بالمنطقة لأنها ستطال أغلب السكان وتؤثر على جميع أمور حياتهم بصفة شبه كاملة، فبدون المياه

ستتوقف الحياة ويضطر السكان للبحث عن مناطق أخرى للعيش فيها، وهو ما سيزيد من أعداد اللاجئين

بالمنطقة والتي وصلت إلى أكثر من 10 مليون لاجئ، كما أنّ الأزمات والصراعات وأعمال العنف خاصة

في الدول النفطية مثل سوريا والعراق وليبيا التي ستهدد تلك الأزمة استمرار تدفق النفط منها، وربما تتسبب

في ارتفاع أسعاره لمعدلات قياسية، ويمكن أن يستغل البعض أزمة المياه لإشعال مزيد من التوتر ببعض دول

المنطقة التي هي في الأساس مليئة بالنزاعات.

– الحق الأساسي في الحصول على مياه الشرب الصحية، والمساهمة في ابتكار وسائل للحفاظ على المصادر

المائية الحالية وترشيد استهلاكها وتنميتها، سيكون له أثر إيجابي على مصالح الدول الفاعلة في ملفات الدول

التي تعاني من النزاعات وعدم الاستقرار وأيضا سيوفر مردود واضح في تنمية العلاقات مع شعوب المنطقة

لأن قضية المياه تمثل أحد أبرز المؤثرات على حياة السكان وتوجهاتهم الحالية والمستقبلية.

حرب المياه والغذاء

يتضمن تعبير «حرب المياه» في منطقة الشرق الأوسط وتحديداً تركيا وسوريا وإيران والعراق استعمال

المياه سلاحاً من أجل السيطرة على المنابع، أو تحويل المياه سلعة تجارية تتحكم فيها دول المنبع القوية

لأهداف سياسية، ففي إيران، فإن المسألة لا تقل تعقيداً عن الدول المجاورة لها شرقاً، فمن جهة، فإن السدود

التي أقامتها الحكومات الإيرانية تعتبر ذراعاً رئيسية في البرنامج النووي، ومن جهة أخرى، فإن السلطات

استخدمت السدود ومشروعات المياه وسيلة لـ«الهندسة الاجتماعية»؛ إذ أنّها نقلت المياه من مناطق الأقليات

إلى «العصب الفارسي»، كما أن مسؤولين إيرانيين باتوا يحذرون من «الإفلاس المائي» الذي يضاف إلى

التحديات التي تواجهها طهران في الفترة الأخيرة.

– في تركيا حيث أصل ومنشأ الأزمة المائية والغذائية:

يمكن القول إن مسألة الغذاء ومتطلباتها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بكمية المياه المتوافرة، وتعتبر ذات أهمية حيوية،

وعندما تخفت أصوات الرصاص والحرب في المنطقة يطغى نوع من الصراع على المياه في حوضي الفرات

ودجلة، حيث ويكتسب النزاع السوري – التركي – العراقي حول مياه نهري دجلة والفرات بعداً دولياً، وقد

تتحول المياه إلى سلاح رغم أن احتمال مواجهة عسكرية هي شبه معدومة، ويصبح خزان سد أتاتورك الضخم

في تركيا سلاحاً بيد الحكومات التي لا تعير اهتماماً إلى الشعوب، للضغط على كل من سوريا والعراق.

– تدعي تركيا مبدأ استخدام المياه وفقاً لدراسات ميدانية لمشروعات الري في البلدان الثلاثة، وأن تعتمد هذه

الدراسات على جدوى اقتصادية وفنية للمشروعات القائمة والمستقبلية، ووفقاً لمبدأ الاستعمال للاستخدام

الأمثل للمياه، تركيا تعلن أن أراضيها خصبة وذات مردود اقتصادي أعلى كثيراً من مردود أراضي سوريا

والعراق، وهذا يعني استثناء الأراضي السورية والعراقية من المشروعات الزراعية بحجة عدم خصوبة كثير

منها والاعتماد على المشروعات الزراعية التركية، حيث تستطيع تركيا إنتاج محصولين أو ثلاثة سنوياً، لكن

سوريا والعراق عارضتا الخطة التركية بدراسة جدوى اقتصادية لمشروعات قائمة وتدعو إلى تحديد

الأراضي القابلة للري، وكيف يمكن الاستغناء عن مشروعات مائية بلغت قيمتها مليارات الدولارات.

– السياسة التركية تجاه الأنهار الدولية والمياه:

تعتمد السياسة التركية في حل مشكلاتها المائية مع جيرانها على مرتكزين، هما:

– فرض سياسة الأمر الواقع، وعامل الزمن؛ فتركيا ماضية في إكمال مشاريعها في استغلال مياه نهري

الفرات ودجلة وإقامة مجموعة كبيرة من المشاريع بلغ ١٩ سد وأكثر من ٢٥ مشروع لتوليد الطاقة

الكهرومائية، حيث اتبعت تركيا حتى بداية منذ سبعينات القرن الماضي سياسة مائية غامضة لمشروعات ري

عملاقة أخفتها عن جيرانها لعدم وجود استراتيجية زراعية سورية – عراقية، واقتناص الفرص، مستغلة

الخلافات السياسية بين العراق – وسوريا للحصول على أكبر كمية من مياه الفرات، تارة تزعم أنّ السوريين

يرفضون التباحث مع العراقيين، وتارة أخرى تدّعي أن سوريا ستحتفظ بالمياه الإضافية إذا خضعت تركيا

لمطالب العراق وحصصه المائية، ذلك بفرض تركيا وإسرائيل استراتيجية مائية على المنطقة تحصل فيها

الدولتان على أقصى ما يمكن من المياه.

لكنّ السياسة المائية التركية تحتوي على تناقضات جوهرية من حيث مضمونها بعدم وجود فائض مائي

فحسب، بل تتعارض بوجود فائض مائي تركي، والتعاون الإسرائيلي – التركي سابقاً في مجال المياه ذو

مضمون اقتصادي بعد أن طرح الأتراك فكرة الماء سلعةً اقتصاديةً قابلةً للبيع يمكن مقارنتها بالغاز السوري

من خلال فكرة تعاون إقليمي، وذلك من خلال استثمار الدول العربية الغنية أموالها في إقامة منشآت ضخمة

ومن خلال أنابيب السلام التي تمر عبر سوريا إلى إسرائيل وإلى دول أخرى، حيث اشترت إسرائيل كميات

من المياه التركية تم نقلها بعبوات بلاستيكية تقطرها السفن، وحاولت تركيا إثارة أحقيتها بالتصرف في مياه

دجلة والفرات أسوة بالدول النفطية التي تملك حق التصرف بثرواتها النفطية؛ كون مياه هذين النهرين مصدراً

طبيعياً خاصاً بتركيا عابرين للحدود الدولية وليسا نهرين دوليين، وأن حوضي دجلة والفرات حوض واحد،

وإن لتركيا حق التصرف بمياه النهرين ضمن حدودها، وفي حفل تدشين سد أتاتورك قال الرئيس التركي

السابق سليمان ديميريل، إنّ «ما يعود لتركيا من مجاري مياه الفرات ودجلة وروافدها هو تركي، نحن لا

نقول لسوريا والعراق إننا نشاركهما مواردهما النفطية، ولا يحق لهما القول: – إنّهما يشاركاننا مواردنا

المائية»، ولا يخفي بعض الأتراك رأيهم بأن تركيا إذا استطاعت السيطرة على صنبور المياه فإنها تستطيع

فرض سياسة شرق أوسطية، وقد حدث توتر في العلاقات بين البلدين على توزيع المياه نتيجة انتشار وتعبئة

خزاني بحيرة الطبقة والحبانية في سوريا والعراق.

موارد مائية أخرى:

أيضاً من خلال بحثنا هذا نستطيع القول إن هناك روافد مائية أخرى قامت تركيا بقطعها وكانت تشكل موارد

مياه الشرب الأساسية لبعض المدن مثل حلب السورية حيث كان نهر قويق الذي ينبع من تركيا في فترة

الأربعينات، وقام الأتراك بقطع جريان النهر جراء إقامة مشروعات زراعية، كذلك قامت الحكومات السورية

في ذلك الوقت بإقامة محطة ضخ من نهر الفرات لجر المياه إلى حلب، فإنّ ما حصل لنهر قويق ينبع في

تركيا، قد تكون له دلالته المستقبلية على الفرات، حيث انقطعت مياه الشرب عن سكان مدينة حلب عندما

حولت السلطات التركية مجراه في أوائل الخمسينات من هذا القرن؛ مما دفع السلطات السورية آنذاك لضخ

مياه الفرات عبر أقنية لمدينة حلب.

ويصرّ السوريون على تطبيق المفهوم القانوني الدولي بأن الفرات نهر دولي وليس نهراً عابراً للحدود من

حيث شروط التقاسم لنسب استغلال المياه، ويستندون إلى مبدأ السيادة عند بحث مسألة المياه العربية

والسورية.

– وهناك نهر العاصي، فلا يخفى على أحد أن مصبه في لواء إسكندرون، ولا تزال سوريا تتحفظ على ضمه

لتركيا، بالتالي، فمشكلة مياه العاصي ذات صبغة سياسية أكثر منها مائية؛ إذ تهدف تركيا من وراء عقد هذه

الاتفاقية المتضمنة توزيع مياه العاصي إلى اعتراف سوري رسمي بالسيادة التركية على منطقة إسكندرون.

وترتكز سوريا في شرعية مطالبتها باستعمال مياه الفرات على تقدير حاجة المنشآت المائية القادمة أو التي قيد

التنفيذ، أو المخطط لتنفيذها في البلدان الثلاثة بوساطة لجان فنية مشتركة تتعاون فيما بينها، وأن يشارك

الجميع في الأعباء إذا حدث شح في المياه بحيث يتحمل كل من الدول الثلاث نصيبه، ولا تعترض سوريا

بصورة مبدئية على حق تركيا في إقامة المنشآت المائية على الفرات واستغلال نصيبها منه شرط ألا يؤدي

ذلك إلى إيذاء الغير بشكل كبير بحسب القانون الدولي وما يفرضه البنك الدولي من شرط لتمويل مشروعات

المياه.

وبما أنّ مياه الفرات ليست كافية لجميع المشروعات المائية للبلدان الثلاثة، فإن لكل بلد الحق في وضع

الأولويات المناسبة لمشروعاته المائية على أن يلتزم بحصته المائية؛ فسوريا تعتبرها حقوق ارتفاق على نهر

الفرات، ويجب أن تتفق تركيا مع الدول الأخرى المتشاطئة.

الأنهار

– تشترك تركيا بأنهار الفرات، ودجلة، والعاصي، وجغجغ، وساجور، وقويق، وعفرين، والأسود، والخابور

مع سوريا، وأهم ثلاثة أنهر هي:

نهر الفرات: حيث ينبع نهر الفرات ومعظم روافده من أعالي هضبة أرمينيا شرق الأناضول في الأراضي

التركية ويتكون نهر الفرات من مجموعة روافد تزيد على السبعة، حيث يكوّن نهر الفرات وطوله 400 كلم،

ومراد صو، وطوله 600 كم، نهر الفرات عندما يلتقيان في ملاطية الذي تنحدر المياه إليه عند ذوبان الثلوج،

يبلغ طول الفرات 2330 كم منها 442 كم في تركيا، و675 كم في سوريا و1213 كم في العراق، وتبلغ

مساحة حول الفرات 440 كم2 منها 72 ألف كم2 في سوريا، ويتأثر معدل جريان الفرات بروافده، وكمية

الأمطار والثلوج ويقدر الوارد المائي في تركيا 19 مليار م3 وعلى الحدود السورية – التركية بـ25مليار م3

سنوياً، وعلى الحدود السورية – العراقية بـ2،7 مليار م3 سنوياً،

ويختلف الوارد السنوي من سنة إلى أخرى، ويبلغ متوسطه بـ28 مليار م3 سنوياً، وللفرات خاصية حيث

تتدفق الأنهار بعنف في البداية وتتلاشى تدريجياً مياهه من خلال التبخر والاستعمالات الإنسانية، وتختلف

كمية مياه الفرات بين الفصول بثمانٍ وعشرين مرة، بينما يصل الفرق بين أعلى كمية للمياه وأدناها لدجلة

ثمانين مرة.

– نهر العاصي: تشترك سوريا مع لبنان بنهر العاصي، وهو ثاني أنهار سوريا من حيث الأهمية، ويخرج من

نبعين عظيمين، هما نبع اللبوة وعين الرقاد في البقاع اللبناني، وتجري مياهه بانتظام طوال العام، ويبلغ طوله

571كلم منها، 325 كلم في سوريا، ويبلغ إيراده السنوي 400 مليون م3 عند الحدود السورية – اللبنانية،

وقد أقيم عليه سدان مهمان في سوريا، هما قطينة والرستن لأغراض متعددة، وهو يتابع سيره مسافة 79 كلم

إلى أن يصب في هاتاي (لواء إسكندرون) خليج السويدية.

نهر دجلة:

ينبع نهر دجلة جنوب شرقي الأناضول في تركيا، ويبلغ طوله 1718 كلم2، ويمر في سوريا ستة كيلومترات

وتقدر موارده المائية 47 مليارم3، ومعظم جريانه في الأراضي العراقية ويرفده أنهار الخابور في سوريا،

والزاب الكبير والزاب الصغير وديالي والعظيم في العراق التي تشكل ثلث مياهه ليلتقي مع الفرات ليشكلا شط

العرب.

أهمية الموارد المائية لدول حوض الفرات: 

– يبلغ متوسط الموارد المائية المتجددة في سوريا بـ19 مليار م3 سنوياً

– يتبلغ متوسط الموارد المائية التركية المتجددة 200 مليار م3 سنوياً

– يتبلغ متوسط الموارد المائية العراقية المتجددة بـ145 مليار م3 سنوياً

توزيع المياه حسب المساحة الإجمالية لمجرى النهر

– في تركيا 125 ألف كم2

– في سوريا 176 ألف كم2

– في العراق 243 ألف كم2

حاجات المياه

– تركيا 12 مليار م3

– سوريا 11،5 مليار م3

– العراق 13 مليار م3

تخدم هذه المياه في غالبيتها قطاعَي الزراعة في البلدين، يستحوذ القطاع الزراعي في سوريا على 87% من

هذه المياه، والقطاع الزراعي في العراق يستحوذ على 75% منها، وقبل انخفاض التدفقات من النهرين، كان

البلدان يعانيان من عجز في الماء؛ ففي الفترة الممتدة بين عامي 1992 و2012 كان متوسط العجز في سوريا

يبلغ نحو 1،25 مليار متر مكعب سنوياً ويقدّر البنك الدولي أن يبلغ 3 مليارات في 2020، وفي العراق أيضاً

يقدّر البنك الدولي أن يبلغ العجز المائي نحو 11 مليار متر مكعب بحلول 2035، علماً بأنه لا توجد أرقام

مستقرّة للعجز المائي في العراق بسبب التقلّب السنوي في تدفّق نهر دجلة.

تضرر الزراعة والكهرباء في سوريا والعراق:

في ظلّ هذه المعطيات المذكورة في البحث، تحولت التعدّيات التركية على النهرين وأثرها لجهة الحدّ من

تدفقاتهما إلى سوريا والعراق، أكثر أهمية، فمعظم الموارد المائية في البلدين مخصّصة للري.

والقطاع الزراعي شكّل في عام 2017 نحو 26% من الاقتصاد السوري و11% من الوظائف فيه، بحسب

منظمة الغذاء العالمية للأمم المتحدة الفاو كذلك تقول المنظمة إن القطاع الزراعي في العراق يشكّل نحو 5%

من الاقتصاد العراقي في عام 2019، ونحو 20% من الوظائف فيه، لذا، يمكن لشحّ المياه أن يضرب النشاط

الزراعي القائم على النهرين في سوريا والعراق، علماً بأنه لا بدائل مُتاحة في بلدين يسيطر عليهما مناخ

صحراوي، فالتلوّث والملوحة الناتجان من انخفاض تدفقات المياه إلى البلدين ينعكسان مباشرة في نوعية

الزراعة وفعاليتها وجودة المنتجات الزراعية، وهذا له أثر كبير على دور هذا القطاع الاقتصادي لناحية

الإنتاجية وتوفير فرص العمل.

ومن ناحية أخرى، يغذّي هذان النهران محطّات توليد للكهرباء تعمل على الطاقة المائية، فسوريا، مثلاً، تنتج

نحو 1500 ميغاوات من السدود المبنية على نهر الفرات، العراق ينتج نحو 2500 ميغاوات من السدود

المبنية على نهري دجلة والفرات، لذا فإن شحّ مياه النهرين سيسبّب انخفاضاً في التغذية بالتيار الكهربائي

يُضاف فوق ضعف التغذية القائمة حالياً، ما سيكون له أثر اقتصادي واسع.

– منذ عام 1975 أيّ بعد بناء أول سدّ تركي على نهر الفرات انخفض تدفّق المياه إلى العراق بنسبة 80%

وإلى سوريا بنسبة 40.

ويضاف إلى الأزمة المترتبة على البعد الاقتصادي أزمة إنسانية منتظرة، في حال استمرّ هذا التعدي التركي

على مياه النهرَين، فبحسب عدّة منظمات حقوقية، يعاني 12 مليون شخص بين العراق وسوريا من مخاطر

عدم الحصول على المياه والغذاء والكهرباء بسبب هذه الأزمة، فإضافة إلى الأثر المباشر الذي يشكّله انخفاض

تدفّق المياه في النهرين على حصول الناس على المياه، هناك ضرر غير مباشر على هذه الشريحة من الناس،

فانخفاض التدفق في النهرين سيؤثّر على السكان حرماناً من الحصول على الطاقة الكهربائية، بالأخص أولئك

الذين يعيشون قرب السدود المولّدة لهذه الطاقة والذين يستفيدون بشكل كبير منها، أضف إلى ذلك أن الأثر

على القطاع الزراعي وإنتاجيته، سينعكس أيضاً على الأمن الغذائي للبلدين، وبشكل خاص على سوريا التي

يمنعها الحصار الأميركي من استيراد الغذاء بشكل طبيعي، وهو ما يدفعها إلى الاعتماد على الإنتاج الداخلي.

– كان العراق أكثر المستفيدين من مياه دجلة والفرات بين البلدان الثلاثة، وفي الستينيات كان العراق يستفيد

من مشاريع ري عملاقة على النهرين تسبق بحجمها مشاريع الري في تركيا وسوريا، إلا أن هذا الواقع تغيّر

مع انخراط سوريا والعراق وتركيا في محادثات حول حقوق استعمال مياه دجلة والفرات، انطلاقاً من رغبات

تركيا وسوريا بناء السدود للاستفادة من الموارد المائية التي تمرّ عبر أراضيهما، لكن المشكلة تكمن في أنه لا

يوجد اتفاق ثلاثي بين البلدان يوضح حصّة كل بلد من المياه، فاللجنة المشتركة التي أُنشئت في عام 1980

بهدف تحقيق اتفاق عام بين الدول المعنية والتأكد من أن أي إجراءات ثنائية مستقبلية يجب أن تتوافق مع

القانون الدولي، لم تستطِع أن تتوصل إلى اتفاق لغاية يومنا هذا.

كل ما هو موجود لا يتجاوز الاتفاقات الثنائية، مثل تلك التي بين سوريا وتركيا في عام 1987 وبين سوريا

والعراق في عام 1990، فقد أفضى الاتفاق التركي – السوري إلى التوافق على أن يصل إلى سوريا 500 متر

مكعّب في الثانية من مياه نهر الفرات، أي ما نسبته 56،2% من التدفق الطبيعي للنهر، أما الاتفاق السوري

العراقي في عام 1990 فقد نتج عنه توافق بين الجانبين على أن يحظى العراق بنسبة 58% من التدفق الآتي

من تركيا، في حين يحظى الجانب السوري بنسبة 42% من هذا التدفّق، والمنطق الطبيعي هو أن يكون الاتفاق

ثلاثياً وواضحاً في توزيع الحصص وفقاً للأعراف والقانون الدولي.

مشروع الأناضول التركي:

يعدّ مشروع الأناضول السبب الأساسي لشحّ المياه في نهري دجلة والفرات في السنوات الخمسين الأخيرة،

فمنذ عام 1975، أي بعد بناء أول سد تركي على نهر الفرات، انخفض تدفّق المياه إلى العراق بنسبة 80%

وإلى سوريا بنسبة 40%، وهذا المشروع، القائم على بناء 22 سداً، هو السبب الأساسي في الشحّ الأخير الذي

يعاني منه نهرا دجلة والفرات في سوريا والعراق،١١٢مليار متر مكعّب هي إجمالي موارد المياه السطحية

والجوفية في تركيا، بما في ذلك 98 مليار متر مكعّب من المياه السطحية و14 مليار متر مكعب من المياه

الجوفية، وفقاً لبيانات لجنة الأشغال المائية الحكومية في تركيا عام 2005.

فمنذ نشأتها، سعت تركيا إلى أن تطوّر من مواردها المائية في سبيل الوصول إلى أهدافها السياسية

والاقتصادية والاجتماعية، وقد تبلور هذا الأمر في «مشروع الأناضول» الذي طُوّر كفكرة نهائية عام

1977، في الواقع بعض مشاريع السدود التي أقيمت قبل تلك السنة، أصبحت جزءاً من هذا المشروع

المتكامل، ويعتبر مشروع الأناضول أكبر مشروع تطويري في تركيا، وهو أحد أكبر المشاريع التطويرية في

العالم، في عام 2005 جرى تعديل على هذا المشروع، ليصبح موعد إكماله بحلول عام 2023، ويضم هذا

المشروع بناء 22 سداً، منها 13سداً ضخماً، من بين هذه السدود الـ13، هناك 7 على حوض الفرات و6 على

حوض دجلة، كما تضم الخطة 19 مشروعاً لتوليد الكهرباء عبر الطاقة المائية، يغطي المشروع نحو 75 ألف

كم مربّع وهو ما يمثّل نحو 10% من الأراضي التركية، كما يهدف إلى توليد 7500 ميغاوات من الكهرباء

الناتجة من الطاقة المائية، وقد استثمرت الدولة التركية في مشروع الأناضول بشكل كبير، فقد استحوذ على 7

% من الإنفاق العام منذ التسعينيات حتى اليوم، ويدل هذا الأمر على الأهمية التي تعوّل عليها تركيا في هذا

المشروع رغم المخاطر التي يحملها لجهة التسبب بتوترات مع دول المصب.

وقد كان هذا المشروع سبباً أساسياً في تدهور العلاقات بين تركيا وكل من سوريا والعراق، فمنذ بدايته، أبدى

العراق وسوريا قلقهما من انخفاض تدفّق المياه إليهما، وقد وصلت الأمور إلى حدّ تهديد العراق بضرب سدّ

أتاتورك عندما بدأت تركيا بملئه، وهو ما جعل تركيا تهدد بقطع المياه كلياً، إلا أن هذه المشادّة بقيت في إطار

التهديدات المتبادلة ولم تتطوّر بشكل فعلي.

– مشروع تركي على حساب الشعوب:

يصنف «مشروع الأناضول» والذي مازال مستمرة إلى يومنا هذا على حساب 12 مليوناً في سوريا والعراق.

الصراع على مياه دجلة والفرات:

حيث عمدت تركيا إلى تجميع مياد نهرَي دجلة والفرات من دون أيّ إنذار، ما أدّى إلى قطعها جزئياً عن

سوريا والعراق اللذين شعرا بانخفاض منسوب المياه وتدفّقه صوبهما ما سيترك تداعيات كبيرة على مياه الري

والشرب والقطاع الزراعي والصناعات الزراعية وسواها.

في مطلع السنة الجارية قرّرت تركيا المباشرة بمرحلة جديدة من «مشروع الأناضول الكبير» وهو عبارة عن

خطة مائية ضخمة من السدود ومشاريع الطاقة الهيدروليكية، بنتيجة هذا المشروع انخفض تدفّق مياه الفرات

الآتي من تركيا إلى سوريا بنسبة 60% وانخفض تدفّق مياه دجلة والفرات في العراق بنسبة 50%، هذا الأمر

بات يهدّد الأمن المعيشي لنحو 12 مليون شخص يعيشون في العراق وسوريا، فقد أدّى انخفاض التدفق إلى

شحّ في المياه المستعملة في الري والخدمات، فضلاً عن انقطاع التيار الكهربائي الناتج عن الطاقة المائية في

البلدين، ولم تكن التداعيات محصورة بكميات المياه المتدفقة، بل بنوعيتها أيضاً، إذ ازدادت نسبة ملوحتها

ومعدلات تلوّثها أيضاً ما أضرّ بالإنتاج الزراعي في البلدين.

إن احتجاز تركيا لمياه نهري الفرات ودجلة أدت إلى زيادة في ملوحة التربة وخروجها من الاستثمار.

يمتدّ حوض نهر الفرات بطول 3000 كيلومتر، وهو يجري في تركيا – بلد المنبع – نحو 1230 كيلومتراً،

وفي سوريا نحو 710 كيلومترات، وفي العراق 1060 كيلومتراً، وتقدّر نسبة تدفق المياه من المنبع في

المجرى بنحو 88،7%، بينما تقدّر نسبة المياه السورية التي تنساب في المجرى بنسبة 11،3%، ويتدفّق عبر

مجرى الفرات ما يُقدّر بنحو 31،8 مليار متر مكعّب من المياه سنوياً.

هذه المعطيات كانت قبل مطلع السنة الجارية، أي قبل أن تباشر تركيا في تنفيذ «مشروع الأناضول الكبير»،

ففي المعطيات الواردة أخيراً، يتدفّق من الحدود السورية التركية نحو 200 متر مكعّب في الثانية، وهو أقل

بنسبة 60% من التدفّق المتّفق عليه بين البلدين، والبالغ 500 متر مكعب في الثانية وفقاً لاتفاقية عام 1987،

ويعاني نهر الفرات في سوريا، أصلاً، من ارتفاع نسبة الملوحة، ويعود ذلك إلى تسرّب مياه الري التي تحمل

ملوحة عالية إليه، فبحسب موقع فاناك الذي يتابع أوضاع الموارد المائية في البلدان، تزداد الملوحة في نهر

الفرات من 400 «ميلي-سيمنز في السنتيمتر» (أحد وحدات قياس الملوحة) في جرابلس على الحدود التركية،

إلى أكثر من 1000 «مم في السنتيمتر» في البوكمال على الحدود العراقية، أي إنّ نسبة الملوحة في نهر

الفرات تزداد مرتين ونصف بين دخول المياه إلى سوريا وخروجها منها، كما تعاني المياه من التلوّث بسبب

دخول مياه الصرف الصحي عليها في عدّة مناطق من سوريا، إلّا أن انخفاض تدفّق المياه من تركيا إلى

سوريا ساهم في ارتفاع نسبتَي الملوحة والتلوّث، لأن انخفاض تدفّق نسبة المياه العذبة يحرم إمكانية تعديل

نسب الملوحة والتلوث.

وبالنسبة إلى نهر دجلة، فيمتدّ حوضه بطول 1850 كيلومتراً، ويجري في تركيا مسافة 400 كيلومتر، ويمر

في سوريا قاطعاً مسافة 40 كيلومتراً فقط قبل دخوله العراق حيث يجري مسافة 1418 كيلومتراً، وتسهم

تركيا بنحو 51% من تدفّق نهر دجلة، مقارنة مع مساهمة العراق بنسبة 49%، ويعتبر نهر دجلة غير مستقرّ

وصعب التوقّع لجهة كمية التدفّق والفيضانات، ويستفيد العراق من نهري دجلة والفرات بنحو 150 متراً

مكعباً في الثانية فقط، في حين يقول العراق إن الكمية المطلوبة هي نحو 500 متر مكعب في الثانية، إلّا أن

معدّل التدفّق في عام 2020 انخفض إلى ما دون 150 متراً مكعّباً في الثانية، وبحسب موقع فاناك، فإن نهرَي

دجلة والفرات في العراق يعانيان من نسبة ملوحة عالية، إلّا أن نسبة الملوحة في نهر دجلة أقل منها في نهر

الفرات، بسبب بعض العوامل الجيولوجية، إضافة إلى أن نهر الفرات يمرّ عبر سوريا حيث يكتسب ملوحة

عالية خلال مروره فيها، ويلعب انخفاض تدفّق المياه في نهري دجلة والفرات دوراً بارزاً في ازدياد نسبة

الملوحة بسبب انخفاض نسبة المياه العذبة الآتية من المصدر.

لا يوجد اتفاق ثلاثي بين البلدان يوضح حصّة كل بلد من المياه

اعتمادٌ كبير على النهرَين

تتميّز سوريا والعراق بمناخ شبه صحراوي، حيث لا تشهد أجزاء كبيرة من أراضيهما متساقطات كافية، لذا

تعتمد سوريا بشكل كبير على نهر الفرات الذي يشكّل 85% من استخدامها للمياه المتجدّدة، ويعتمد العراق

بشكل كلّيّ على نهرَي دجلة والفرات إذ يشكلان 100% من استخدامه للمياه المتجددة.

تحديات المياه في الشرق الأوسط:

  • الإجهاد المائي: يحدث عندما يمثل الطلب على المياه نسبة كبيرة من الكمية المتاحة خلال فترة معينة أو

عندما يقيّد استخدام المياه بسبب جودتها الرديئة.

نطاق وتأثير غير مسبوقين لشحّ المياه في منطقة الشرق الأوسط 

أدت النزاعات وغياب الاستقرار الاقتصادي والسياسي الإقليمي إلى زيادة الطلب على مصادر المياه الطارئة.

١١ دولة من أصل ١٧ دولة في منطقة الشرق الأوسط تعاني من الإجهاد المائي في العالم، حيث يفتقر حوالي

66 مليون شخص في المنطقة إلى خدمات المياه الصالحة للشرب.

إنّ بعض دول الشرق الأوسط، بما في ذلك إيران والعراق والأردن، تضخ كميات مياه هائلة من الأرض للري

بينما تسعى إلى تحسين الاكتفاء الذاتي من الغذاء، مضيفا أن “هذا يحدث هذا لأنهم يعانون من انخفاض في

هطول الأمطار”.

“إنهم يستخدمون مياهًا أكثر مما هو متاح بشكل روتيني من خلال المطر، وبالتالي، فإن مستويات المياه

الجوفية تنخفض نتيجة لأنك تقوم بإخراج المياه بشكل أسرع مما تجدده الأمطار”

هذا ما يحدث في إيران، حيث تدعم شبكة واسعة من السدود القطاع الزراعي الذي يشرب حوالي 90٪ من

المياه التي تستخدمها البلاد

أزمة المياه في حوض الأردن:

واجهت وما تزال إمدادات المياه في فلسطين المحتلة العديد من التحديات منذ القديم، فبالإضافة إلى المناخ

الجاف بطبيعته، تسببت السنوات المتتالية من الجفاف والنمو السكاني السريع، وارتفاع مستويات المعيشة

والتوترات السياسية في المنطقة بضغوطات جمّة على مواردالمياه في البلاد.

وتتمثل موارد المياه العذبة الرئيسية في بحيرة طبريا ونهر الأردن، والحوض الجوفي الساحلي والحوض

الجوفي الجبلي.

ومن المهم ملاحظة أن جميع موارد المياه العذبة لفلسطين المحتلة مشتركة، إذ تتم مشاركة الحوضين الساحلي

والجبلي مع إسرائيل، بينما تتم مشاركة نهر الأردن مع الأردن ولبنان وفلسطين وسوريا، في حين أن بحيرة

طبريا مشتركة مع سوريا، تتعرض جميع هذه الموارد تقريباً للاستغلال المفرط، كما يؤكد الانحدار الأخير في

كمّ ونوع المياه على حقيقة أنّ الاستخدام الحالي غير مستدام على المدى الطويل.

والتحديات المائية، تتمثل أهمها في تحلية المياه وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي، وقُدّر إنتاج تحلية المياه

عام 2011 بـ307 مليون متر مكعب/ السنة، وهو ما يكفي لتلبية حوالي 40% من احتياجات مياه الشرب في

فلسطين المحتلة ومن المتوقع أن يشهد هذا العدد زيادة كبيرة مع ارتفاع الطلب على المياه، في حين تُستخدم

مياه الصرف الصحي المعالجة في المقام الأول لتلبية الطلب المرتفع على المياه في القطاع الزراعي، ومن

المتوقع أيضاً أن يشهد إنتاج هذا المصدر البديل للمياه ارتفاعاً نتيجة النمو السكاني.

هناك تباين كبير في إمكانية الحصول على الماء بين الإسرائيليين والفلسطينيين نتيجة لما سبق أمر مثير

للصدمة، فكمية استهلاك المياه من قبل الإسرائيليين تفوق كمية استهلاك الفلسطينيين الذين يعيشون في

الأراضي الفلسطينية المحتلة بأربعة أضعاف على الأقل، إذ أن معدل استهلاك الفرد الفلسطيني للماء يبلغ 73

لتراً يومياً للفرد، وهو أقل من معدل استهلاك الفرد الذي توصي به منظمة الصحة العالمية، وهو 100 لتر

يومياً، وفي العديد من المجتمعات الرعوية في الضفة الغربية، يصل معدل استهلاك الفرد من الماء بالنسبة

لآلاف الفلسطينيين إلى 20 لتراً يومياً فقط وفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، وبالمقابل، يبلغ

معدل استهلاك الفرد الإسرائيلي قرابة 300 لتر يومياً.

الخاتمة: 

إنّ الحق في الماء معترف به ضمن بنود حقوق الإنسان التي أقرتها الأمم المتحدة، ومستمد من الحق في

مستوى معيشة كاف، ولذا فإنه وارد ضمناً في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية

والثقافية، وغيره من الصكوك الأخرى،

ويشمل الحق في الماء توفير ما يكفي من الماء للاستعمالات الشخصية والمنزلية، وإمكانية الوصول إلى

الماء، جسدياً، داخل كل منزل أو بالقرب منه، والقدرة على دفع تكاليفه، ونوعية الماء،

ويتعين على الدول، كجزء من التزاماتها المباشرة، أن تعطي الأولوية للكل شخص للحصول على الحد الأدنى

الضروري من كمية المياه الكافية والمأمونة للاستعمالات الشخصية والمنزلية للوقاية من الأمراض – كما

يتعين على الدول اتخاذ التدابير الضرورية الرامية إلى الإحقاق الكامل للحق في الماء، بما في ذلك باتخاذ

تدابير إيجابية لمساعدة الأفراد والمجتمعات على التمتع بهذا الحق،

وعدم السماح بمنع أو احتجاز هذه الموارد عن دول الجوار واستخدامها لغايات الابتزاز او الاستغلال أو

الضغط السياسي والاقتصادي واستخدامها في الحروب والصراعات،

المراجع

  • تقرير البنك الدولي، الواردات المائية،٢٠١٥م
  • منظمة العفو الدولية، تقرير المياه في الأراضي الفلسطينية، ٢٠١٧ م
  • الصراع على مصادر المياه، نبيل السمان، دراسة منشورة، دمشق، ٢٠١٧م
  • تأثير السياسة المائية على علاقات تركيا بدول الجوار، ورقة بحثية،مارك دورمان ٢٠١٧م
  • حرب المياه، ورقة بحثية، ماهر سلامة، جريدة المال، مصر، ٢٠٢١ م
  • أزمة المياه، ورقة بحثية تقرير/ فريدريك بليتغن، ٢٠١٨م
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى