كتب مختارةمصطفى الدحدوحمقالات

التاريخ الفلسطيني يحفى بمجازر إسرائيلية ارتكبت بحقه

مصطفى الدحدوح

مصطفى الدحدوح

مصطفى الدحدوح
مصطفى الدحدوح

التاريخ لم يغفل عنه لحظة من اللحظات المؤلمة التي مر بها الشعب الفلسطيني منذ سبعين عاماً من الألم والجراح والقتل والتشريد الممنهج الذي ارتكب بحقهم مع مطالع عام 1948 بعد إعلان انتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين لتبدأ مرحلة أكثر صعوبة أتت بإعلان قيام دولة صهيونية على الأراضي الفلسطينية.

لتبدأ حكاية تروى لليوم لطشت بالدماء جراء قيام القوات الصهيونية بارتكاب أبشع وأشنع المجازر بحق الفلسطينيين، فلم يكن يمر عام حتى يتسارع الأقلام لتدوين تلك المجازر المؤلمة التي كانت تسعى إلى القضاء على مفهوم شعب فلسطيني، ولكن على الرغم من شناعة وعترسة تلك الجماعات الصهيونية ما زال الشعب الفلسطيني مستمراً بنضاله رافضاً للخضوع وتسليم أرض أوطانه.

 

بداية الحكاية الدموية

كان عام 1917 مرحلة التحول الجذرية في تاريخ فلسطين بعد سقوط الخلافة العثمانية والاحتلال الإنكليزي لسوريا وفلسطين ومصر، لتبدأ تحبك المخططات والمراسيم انطلاقاً بإعلان وعد بلفور يوم 2 نوفمبر/ تشرين الثاني 1917 الذي صنع بأيدي صهيونية وكانت تخطط إلى السيطرة على فلسطين جراء تسويد مفهوم بأن فلسطين أرض بلا شعب.

وقد بدأت المساعي الصهيونية في التجذر بعد حصولهم على وعد بلفور واعتمدت الحركة الصهيونية بمعركتها داخل فلسطين بإنشاء عصابات مسلحة كان أشهرها شتيرن والأرغون والهاغاناه، لتصبح اليوم تعرف بجيش الدفاع الإسرائيلي مع إعلان قيام الدولة الصهيونية على الأراضي الفلسطينية.

ومع تزايد التواجد الصهيوني داخل فلسطين فيما بعد عام 1927 بعد تحول الانتداب البريطاني من انتداب عسكري إلى انتداب مدني تزايدت الهجرة الي فلسطين، لتبدأ الأزمات الحقيقية جراء رفض الشعب الفلسطيني التواجد الصهيوني في القدس لتقام عدد من الثورات الشعبية والتي كانت السبب في إظهار الهمجية الصهيونية جراء ارتكابها العشرات من المجازر بحق المدنيين الفلسطينيين.

وأكد المؤرخون بأن العملية الصهيونية في فلسطين كان تحمل مسمى التهجير القسري للفلسطينيين والتي تمت بشكل مبرمج ومخطط بهدف تطهير فلسطين من سكانها العرب المسلمون والمسيحيون، ضمن منظومة دموية كانت تهدف إلى العنف والدماء جراء ارتكاب المجازر، لتدفع الوحشية إلى سقوط مئات ألوف الفلسطينيين ضحايا الحرب الدموية والنفسية.

فقامت القوات الصهيونية المتشكلة من عصابات الهاجاناه والأرجون بارتكاب أول مجزرة بحق الفلسطينيين في 3 آذار/ مارس 1938 في مدينة حيفا من قبل عصابات الأرجون، لتقتل خلال تلك المجزرة 18 فلسطيني، ليشهد عام 1938 سبعة مجازر ارتكبتها عصابات الأرغون والهاغاناه التابعة للحركة الصهيونية والتي سقط خلالها 175 فلسطيني جلهم من مدينتي القدس وحيفا.

ولم يقف المطاف إلى ذلك الحد، بل استمرت تلك العصابات بارتكاب المجازر بل استمرت في 1939 حيث قتل ما يزيد عن 40 فلسطيني خلال استمرار عمليات القتل والسيطرة على الأرض، لتشهد حقبة فيما بعد عام 1940 حتى مطلع عام 1947 أشبه بالاستقرار في كافة المدن والقرى الفلسطينية، لتبدأ حكاية تروى حتى اليوم ويتذوق كل فلسطيني مرار تلك الحقبة والتي عرفت بعام النكبة.

 

عام النكبة.. المجزرة الكبرى

بدأت تصب الويلات على رؤوس أبناء الشعب الفلسطيني في كافة المدن والقرى الفلسطينية مع بداية إعلان مشروع إقامة دولة إسرائيلية على الأراضي الفلسطينية خلال عامي 1947- 1948 وكانت أكثر الأعوام دموية بتاريخ فلسطين، مما جعل الشأن الفلسطيني قضية دولية عالمية في ظل مقدار الوحشية التي ارتكبتها العصابات الإسرائيلية التي كانت تحتمي تحت مسمى جيش الدفاع الإسرائيلي جراء القيام بشن هجمة عسكرية قائمة على نهج ارتكاب المجازر الجماعية بحق المدنيين بالعديد من القرى والمدن، مما دفع المواطنين في القرى والمدن المجاورة للفرار خوفاً من القتل.

وكانت بداية المرحلة فور الإعلان عن قرار تقسيم فلسطين الصادر عن الجمعية العامة التابعة لهيئة الأمم المتحدة في 29 نوفمبر/ تشرين الثاني 1947 بتصويت 33 دولة مع القرار و13 ضد تنفيذ القرار و10 دول امتنعوا عن التصويت والذي يقضي على تقسيم فلسطين لثلاثة كيانات أحدهم كيان عربي فلسطيني يحظى بمساحة 42.3% من مساحة فلسطين وكيان يهودي يحظى بمساحة 57.7% من مساحة فلسطين وتبقى كلا من مدينة القدس وبيت لحم تحت الوصايا الدولية، لترفض الأنظمة العربية القرار.

وذكرت كتب التاريخ بأنه كان يسكن في المناطق التابعة للكيان اليهودي – حسب قرار التقسيم- ما يزيد عن 243 ألف فلسطيني في 219 قرية وأربع مدن هي حيفا وطبريا وصفد وبيسان.

ومع اندلاع المجازر بحق الفلسطينيين هجر من المناطق الخاضعة  للكيان اليهودي حسب قرار التقسيم في الفترة الواقعة بين قرار التقسيم وحتى شهر حزيران/يونيو 1948 ما يزيد عن 239 ألف عربي وأخليت ودمرت 180 قرية فلسطينية تماماً، كما هجر سكان ثلاث مدن كبرى كلياً هي صفد وطبريا وبيسان، بينما بقي في حيفا 1950 مواطن فلسطيني، ولم يقتصر التمادي الوحشي لدى عصابات الصهيونية، بل قامت بتهجير ما يقارب 122 ألف فلسطيني من المناطق التابعة للدولة الفلسطينية, وأخليت ودمرت 70 قرية تماماً، وهجر سكان يافا وعكا بشكل كلي تقريباً، كما تم تهجير جزء كبير جداً من سكان مدينتي اللد والرملة، ليكون عام 1948 أكثر الأعوام مأسوية في تاريخ الشعب الفلسطيني، حيث استشهد من الفلسطينيين حسب الإحصائية المتوفرة بشكل مبدئياً  1070 شخصاً، وفيما يذكر مؤرخون بأن عدد الضحايا تجاوز 1200 خلال عام النكبة.

وأكثر المجازر الوحشية التي ارتكبت بحق المدنيين الفلسطينيين من قبل القوات الصهيونية، هي.

 

مذبحة بلدة الشيخ 31/12/1947 

اقتحمت عصابات الهاجاناه قرية بلدة الشيخ الواقعة على بعد 5 كم من مدينة حيفا، حيث لاحقت المواطنين العزل، وقد أدت المذبحة إلى مصرع العديد من النساء والأطفال، وبلغت حصيلة المذبحة نحو 600 شهيد وجدت جثث غالبيتهم داخل منازل القرية، لتعد المجزرة الأولى والأكثر وحشية منذ بداية تاريخ القضية.

 

مذبحة دير ياسين 10/4/1948 

المجزرة التي مازالت خالدة في أذهان المواطنين، والتي ارتكبتها عصابات شتيرن والأرغون والهاغاناه جراء مداهمة قرية دير ياسين الواقعة غربي مدينة القدس في الساعة الثانية فجراً، وقد شرع أفراد العصابات في قتل كل من وقع في مرمى أسلحتهم، وبعد ذلك أخذوا بإلقاء القنابل داخل منازل القرية لتدميرها على من فيها، حيث كانت الأوامر الصادرة لهم تقضي بتدمير كل بيوت القرية، في الوقت ذاته سار خلف رجال المتفجرات أفراد من الأرغون وشتيرن، فقتلوا كل من بقي حيا داخل المنازل المدمرة.

مجزرة صبرا وشاتيلا… 34 عاما من ألم المعاناة وأمل محاكمة الجناةوقد استمرت المجزرة حتى ساعات الظهر، وقبل الانسحاب جمع كل من بقي حياً من أهالي القرية حيث أطلقت عليهم النيران لإعدامهم أمام الجدران، وقد استشهد 360 فلسطينياً معظمهم من الشيوخ والنساء والأطفال.

 

مذبحة قرية أبو شوشة 14/5/1948

بدأت المذبحة في قرية أبو شوشة القريبة من قرية دير ياسين فجراً، راح ضحيتها 50 شهيداً من النساء والرجال والشيوخ والأطفال، ضربت رؤوس العديد منهم بالبلطات، وقد أطلق جنود لواء جعفاتي الذي نفذ المذبحة النار على كل شيء يتحرك دون تمييز.

 

مذبحة الطنطورة 22/8/1948 

في الليلة الواقعة بين 22 و 23 أيار/ مايو 1948 هاجمت كتيبة 33 التابعة للواء الكسندروني  القرية بعد عدة ساعات من مقاومة أهالي البلدة لقوات الاحتلال الإسرائيلي، وفي ساعات الصباح الباكر كانت القرية كلها سقطت وانهمك الجنود الإسرائيليون لعدة ساعات في مطاردة دموية شرسة لرجال بالغين بهدف قتلهم، وخلفت المذبحة أكثر من 90 قتيلاً دفنوا في حفرة كبيرة وفي المقبرة التي دفنت فيها جثث القتلى من أهالي القرية في قبر جماعي, أقيمت لاحقاً ساحة لوقوف السيارات كمرفق لشاطئ “دور” على البحر المتوسط جنوبي حيفا.

 

حقبة الخمسينيات

 

لم تقف الهمجية الصهيونية في تهجير وقتل المدنيين الفلسطينيين إلى عام النكبة بل استمرت الآلية الإسرائيلية في القتل بكل وحشية لتشهد فترة الإدارة المصرية على قطاع غزة والحكم الإداري الأردني للضفة الغربية الفلسطينية مجازر لم تقل عن سابقتها في عام النكبة لترتكب القوات عددا من المجازر راح ضحاياها ما يزيد عن 720 مدني فلسطيني، وكان أكثرها وحشية وبقيت خالدة في كتب تاريخ القضية الفلسطينية:

 

مذبحة قبية 14/10/1953 

قامت وحدات من الجيش الإسرائيلي في تطويق قرية قبية التي كان عدد سكانها يوم المذبحة حولي 200 شخص بقوة قوامها حوالي 600 جندي، بعد قصف مدفعي مكثف استهدف مساكنها، وبعد ذلك اقتحمت القوات القرية ضمن سياسة الإبادة وإطلاق النار العشوائي، وقد كانت حصيلة المجزرة تدمير 56 منزلاً واستشهد فيها 67 شهيداً من الرجال والنساء والأطفال وجرح مئات آخرون. وكان قائد القوات الإسرائيلية التي نفذت تلك المذبحة أرييل شارون.

 

مذبحة قلقيلية 10/10/1956 

هاجم القوات الإسرائيلية ومجموعة من المستوطنين قرية قلقيلية الواقعة على الخط الأخضر الفاصل بين الأراضي العربية المحتلة عام 1948 والضفة الغربية، حيث شارك في الهجوم مفرزة من الجيش وكتيبة مدفعية وعشرة طائرات مقاتلة. وقد عمد الجيش الإسرائيلي إلى قصف القرية بالمدفعية قبل اقتحامها، حيث راح ضحية المجزرة أكثر من 70 شهيداً.

 

مذبحة كفر قاسم 29/10/1956 

تقع هذه القرية جنوبي قضاء طولكرم وقد قتل في تلك المذبحة 49 مدنياً فلسطينياً من الرجال والأطفال والنساء خلال هجوم لجيش الاحتلال الإسرائيلي الذي فرض حظر التجول في القرية، وقد انطلق أطفال وشيوخ القرية لإبلاغ الشبان الذين يعملون في الأراضي الزراعية خارج القرية بحظر التجول، غير أن قوات الجيش المتواجدة خارج القرية عمدت إلى قتلهم بدم بارد، كما قتلت من عاد من الشبان قبل وصولهم إلى داخل القرية.

 

مذبحة خان يونس 3/11/1956 

قامت القوات الإسرائيلية بتنفيذ مذبحة بحق اللاجئين الفلسطينيين في مخيم خان يونس جنوبي قطاع غزة راح ضحيتها أكثر من 250 فلسطينياً، وبعد تسعة أيام من المجزرة الأولى 12/11/1956 نفذت وحدة من الجيش الإسرائيلي مجزرة وحشية أخرى راح ضحيتها نحو 1600 شهيداً من المدنيين في نفس المخيم، كما قتل أكثر من مائة فلسطيني آخر من سكان مخيم رفح للاجئين في نفس اليوم.

 

ولادة الثورة الفلسطينية.. أخمدت العترسة الصهيونية

 

بدأت الثورة الفلسطينية تشتعل نيرانها مع استمرار المجازر المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني، لتبدأ مرحلة جديدة في مسار القضية الفلسطينية مع ولادة منظمة التحرير الفلسطينية وخاصة في فترة ما بعد عام 1967 والتي احدثت تحولات في مفاهيم وأسس القضية الفلسطينية، مما جعل الجانب الإسرائيلي يزداد قلقلاً ليندفع إلى ارتكاب مجزرة اعتبرت من أشنع المجازر التي عرفها البشر والتي كان على رأسها أرييل شارون بمساندة ميليشيا القوات اللبنانية التي شاركت بتلك المجزرة والتي ارتكبت في مخيمي صبرا وشاتيلا. وذك في أوج الحرب الأهلية اللبنانية، فبعد الهجوم الإسرائيلي على بيروت وخروج مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية من المخيمات الفلسطينية في لبنان بوساطة عربية، استغلت ميليشيا القوات اللبنانية الوضع، لترتكب مذبحة ضد ساكنة مخيمي صبرا وشاتيلا، تحت غطاء الجيش الإسرائيلي الذي وفّر لهذه القوات ما تحتاج إليه من أجل مباشرة انتقامها من الفلسطينيين بعد مقتل أحد رموزها، وهو بشير الجميل، لمواقفه المتقاربة مع إسرائيل.

ما بين 16 و19 أيلول/ سبتمبر 1982، تسلّلت مجموعات من مقاتلي الميليشيات إلى هذا المخيم المتواجد جنوب بيروت، وألقت القوات الإسرائيلية القنابل الضوئية تسهيلاً لعملية القتل، ليبدأ المقاتلون اللبنانيون بذبح السكان أطفالا ورجالاً ونساءً دون أن يعلم أحد في الخارج بحقيقة ما يجرى، حتى مرّت تقريباً 48 ساعة، لتخرج أخبار المذبحة الرهيبة التي راح ضحيتها قرابة 3 آلاف فلسطيني ولبناني من المتعاطفين مع القضية الفلسطينية.

خلّفت المذبحة جدلا كبيراً وفتحت إسرائيل لجنة تحقيق أقرّت مسؤولية وزير الدفاع الإسرائيلي، أرييل شارون، عمّا وقع، كما وُجِهت الاتهامات في الجانب العربي إلى إيلي حبيقة، قائد الميليشيات اللبنانية التابعة لحزب الكتائب اللبناني، دون أن يتم تأكيد ذلك بشكل رسمي.

 

مذبحة المسجد الأقصى 8/10/1990 

 

شهدت المدينة المقدسة انتفاضة شعبية فلسطينية ضد الانتهاكات الإسرائيلية بحق المقدسات الإسلامية والمسيحية في فلسطين ومع استمرار القتل بحق المدنيين، حيث شهد المسجد الأقصى في يوم الأثنين الموافق 8/10/1990 قبيل صلاة الظهر محاولة لمتطرفون يهود (جماعة أمناء جبل الهيكل) لوضع حجر الأساس للهيكل الثالث المزعوم في ساحة الحرم القدسي الشريف، وعلى أثر ذلك هب أهالي القدس لمنع المتطرفين اليهود من تدنيس المسجد الأقصى، مما أدى إلى وقوع اشتباكات بين المتطرفين اليهود الذين قادهم غرشون سلمون زعيم الجماعة مع نحو خمسة آلاف فلسطيني قصدوا المسجد لأداء الصلاة فيه، وتدخل جنود حرس الحدود الإسرائيليون الموجودون بكثافة داخل الحرم القدسي، وأخذوا يطلقون النار على المصلين دون تمييز بين طفل وامرأة وشيخ، مما أدى إلى استشهاد أكثر من 21 شهيداً وجرح أكثر من 150 منهم، كما اعتقل 270 شخصاً داخل وخارج الحرم القدسي الشريف.

 

مذبحة مخيم جنين 29\3- 9\4\2002

 

توغلت القوات الإسرائيلية في مخيم جنين شهر نيسان/ أبريل 2002 في الضفة الغربية من أجل القضاء على المقاومة الفلسطينية التي كانت تقلق راحة القوات الإسرائيلية، وخلال التوغل في المخيم ارتكب الإسرائيليين أعمال القتل العشوائي واستخدموا الدروع البشرية، كما منعوا وسائل الإعلام والطواقم الطبية من الدخول للمخيم.

وكانت القوات بقيادة رئيس الأركان شاؤول موفاز، الذي كان يرى بأن الحل الوحيد للقضاء على المقاومة الفلسطينية هو هدم المخيم على رؤوس ساكنيه، وباشرت عندها القوات الإسرائيلية حملة إعدامات مكثفة في صفوف هؤلاء الفلسطينيين، وقد ترافقت حملة الإعدامات تلك مع جهد دؤوب من قبل الجرافات الإسرائيلية بإزالة المخيم من الوجود. ولا يعلم أحد حتى الآن حقيقة ما جرى أثناء الهجوم الإسرائيلي المكثف على مخيم جنين، أو عدد الشهداء الفلسطينيين.
وحسب الروايات الإسرائيلية فإن ما بين مئة ومئتي فلسطيني قد قتلوا، وتبقى الحقيقة الوحيدة المؤكدة حتى الآن هي أن جثث القتلى الفلسطينيين بقيت آنذاك متناثرة في الشوارع والطرقات، وبعضها تحللت دون أن يتمكن أحد من نقل جثثهم.

 

الحروب على غزة

 

شنت القوات الإسرائيلية ثلاثة حروب دموية على قطاع غزة في عضون سبعة أعوام، ففي 27 كانون الأول/ ديسمبر 2008 شنت القوات الإسرائيلية حربها الأولى حيث قامت القوات باستخدام أسلحةً محرمةً دولياً بشكل مفرط في عدوانها، لترتكب مجزرة وحشية، حيث قامت القوات الإسرائيلية بقصف المنازل بالطيران الحربي وقامت بتجريف مئات الدونمات من المحاصيل الزراعية وقتل قرابة 1400 فلسطيني وإصابة ما يزيد عن 5300 آخرين، مما جعل من المشهد داخل القطاع يسوده المأساة الحقيقية إزاء ذاك العدوان. وارتكبت القوات الإسرائيلية جريمة أخرى مماثلة في 14 تشرين الثاني/ نوفمبر 2012 حيث شنت عدوان سقط خلاله 155 شهيداً فلسطينياً.

ولكن كانت الضربة الأخيرة لقطاع غزة في العدوان الأكثر وحشية على الشعب الفلسطيني، والذي بدأ في 8  تموز/ يوليو 2014 ودام 51 يوماً، أسفر عن تدمير ما يقارب من 25% من مساحة قطاع غزة وتشريد كافة سكان المناطق الشرقية لقطاع غزة وتدمير البنية التحية بشكل شبه كامل واستشهد خلالها 2147فلسطينياً لتكون أكثر المجازر وحشية منذ اندلاع لهيب الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

واليوم يتجدد المشهد في قطاع غزة والضفة جراء قيام القوات الإسرائيلية باستمرارها في سياسية القتل العشوائي للمواطنين الذين يشاركون في المسيرات السلمية المطالبة بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية وتطالب بإنهاء الحصار عن قطاع غزة، ليسقط خلال اشتعال انتفاضة القدس ما يزيد عن 60 شهيداً قتلوا ضمن سياسة القتل العشوائي بدم بارد وأمام أنظار العالم والاعلام، واليوم يستمر النهج داخل على الحدود الفاصلة بين قطاع غزة والأراضي المحتلة مع انطلاق فعاليات مسيرة العودة الكبرى في كافة محافظات القطاع والتي سقط ضحاياها عشرات من الفلسطينيين معظمهم من فئة الشباب وجلهم قتلوا من خلال استهدافهم من قبل القناصة الإسرائيلية بالرأس.

وبالنظر إلى السياسية الصهيونية الإسرائيلية، فإنها لم تختلف منذ اندلاع الأزمة الفلسطينية بالتزامن مع إعلان قيام الكيان الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية، مما يجعل المشهد مغايراً في فلسطين ما قبل النكبة، وفي حال النظر إلى الاحصائيات التي توثق عدد ضحايا القضية الفلسطينية منذ النكبة حتى اليوم نجد بأنه لم يستطع أحد توثيقها برقم دقيق ولكن تقدر بما لا يقل عن 65 ألف شهيد فلسطيني خلال 70 عاماً نضال من أجل الوطن والأرض.

وقد أثبت الشعب الفلسطيني منذ النكبة حتى اليوم بأن المثل الذي أطلقته الإدارة الصهيونية “الأجداد يموتون والأبناء ينسون” نظرية خاطئة بل أبرز الشعب بأن الحق الفلسطيني باقٍ، مهما تمادت القوات الإسرائيلية بجرمها بحق كل مواطن مدني فلسطيني، فأرض فلسطين حق مكفول أزلي لكل فلسطيني.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى