افتتاحية العدد 27: فصول التغيير
هيئة التحرير
يعيش الشرق الاوسط في هذه المرحلة تحت ظل ربيع بدأ بشرارة وتحول الى لهيب بدأ يحرق الطري واليابس من بعدما كان العنوان الوحيد لبحث الشعوب المقهورة عن مصيرها. لم تهدأ الشوارع من صرخة الحناجر ولم تعرف الميادين نوماً منذ أن تحطم جدار السبات الشتوي، لكن هبت عواصف وتيارات تحت عنواين عديدة باسم الفتوحات او التغيير الديمقراطي، لذا اختلطت المشاهد الحقيقية مع المزيفة منها على مسرح الصراع الحالي حتى من بعد اجراءات تقليدية في احكام ودساتير الانظمة الدولتية المتآكلة على رف العروش التي سقطت واحدة تلوة الاخرى. تغير الحكام واستمر الحكم بلبه القوموي والدينوي والجنسوي تحت ستار عباءة التغيير الديمقراطي، لتكشف النتائج الميدانية عن نفسها في جميع تفاصيل حياتنا سواء أكنت عربياً او كردياً او فارسياً او تركياً.
أوجه التغيير متعددة الجوانب الآن والمطالبة به على قدم وساق، ولكن يبدو بأن التغيير مجهول المعالم على الاقل بقدر اهدافه بالرغم من تجربة عدة وسائل وخيارات لم تفتح الطريق سوى لمزيد من المشارح لاقت الارواح البريئة فيها المصير المشؤوم مثلما حدث في العديد من البلدان في الشرق الاوسط. ان التأكد من سلامة سبل التغيير هام بقدر هدفه، لان الوسيلة غير منفصلة عن الهدف في جميع الاحوال. لكن من بعدما تحول الشرق الاوسط الى حقل التجارب لسياسة قوى النظام العالمي، انقلبت الموازيين رأسا على عقب لانها حولت كل بقعة من أراضينا الى بؤرة للموت وذلك باسم التغيير الديمقراطي تحت ستار الدين هذه المرة وبدعم من بعض القوى الاقليمية التي كانت السند المتين لها على مر قرون عديدة من التاريخ. وإذا ما تطلعنا بالقليل الى مصر وتونس وليبيا وسوريا وحتى العراق والكثير من البلدان الشرق الاوسطية الاخرى سنشاهد هذه الحقيقة بأم عينيها. مثلاً، ازداد الوضع المصري تأزماً من بعد الانقلاب العسكري في مصر وحتى انها على وشك حرب اهلية بسبب النعرات الطائفية والمذهبية، إلا اننا نعلم جميعا بأن ميدان التحرير كان يطالب بالحرية والديمقراطية والمساواة والعيش الكريم ليس إلا. كذلك سوريا ايضا تحولت الى ساحة نزاع لجميع القوى العالمية والاقليمية وكأنها تلعب دور الحكم الذي يلعن عن الفائز الاول في نهاية كل مباراة. إلا ان المسالة تلف وتدور حول كيفية تحقيق نظام ديمقراطي حر والتخلص من الوجوه المزيفة للقوى الحاكمة التي تبدو أنيقة المظهر وقذرة الجوهر مثل حكومة العدالة والتنمية التركية، يطالب السيد اردوغان بالاخوة في الدين وبالعدالة ولكن حول الاراضي التركية الى معاقل للكافرين والارهابيين المتسترين باسم الدين.
لا يمكن استيراد الديمقراطية ولكن يمكن تحقيقها عبر ذهنية ديمقراطية اعتمادا على الانجازات التي حققها الشعب العربي والكردي والسرياني والارمني والاشوري والكلداني والعديد من الهويات والاقوام الاخرى. لنعترف بأن العديد من قضايانا مازالت عالقة وتنتظر الحل ولكن لا يمكن انتظار الحل من الخارج كون الكفاءة الذاتية من أهم عوامل تحقيق الديمقراطية ومن دونها لا يمكن أن يحصل المجتمع على حق الكلمة ليس في الشارع ولا في الدستور. الايمان بقوة الشعب سيكون اولى الخطوات لتحقيق الديمقراطية وهذا ما أكده الشعب الكردي في غرب كردستان، فلم يتوقف عن المطالبة بحقوقه المشروعة وبناء ادارته الذاتية الديمقراطية الى جانب الشعب العربي، الاشوري، الكلداني والارمني حتى من بعدما اغلقت الابواب في وجهه وبنيت الجدران، ونحن مؤمنين بأن آذان الضمير الحي صاغية لندائه ونداء جميع الشعوب المقهورة في كافة اصقاع العالم. صوت الحق لا يعترف بالحدود الدولتية المصطنعة وبالعراقيل التي تخلقها قوى الحداثة الراسمالية. ان التغيير الديمقراطي مسالة حياتية بالنسبة لشعوب المنطقة مثلما أكد على ضرورته قائد الشعب الكردي السيد “عبدالله اوجلان” لبناء وحدة وديمقراطية الشرق الاوسط عبر نظام كونفدرالي ديمقراطي.