افتتاحية العدد 26: نماذج الحل
هيئة التحرير
سبل ونماذج وخيارات تتداول على طاولة النقاشات الاقليمية والدولية من بعد الطور الثاني من عملية التغيير في الشرق الاوسط. ومازالت مركبة التغيير تواصل مسارها في هذه المرحلة الانتقالية للارساء على شاطئ الحل بمشاركة جميع القوى الرئيسية على نسب متفاوتة من القابلية. ادت هذه المرحلة الى تشكيل توازنات وتحالفات جديدة لمت شمل القوى العظمى حول مائدة المصالح مرة اخرى وذلك للسعي الى كيفية تحويل المكتسبات المثمرة بجهود الشعوب المستعدة للنزول الى الميادين في كل لحظة عندما تشعر بفقدان الحرية الى حسابها الخاص من جانب، ومراجعة الحسابات واعادة الكرة بنفس الذهنية من جانب آخر. لم تهتز عرش الانظمة القديمة لتبنى الجديدة على غرارها، بل لبناء نظام تستطيع الشعوب التعبير عن نفسها بارادة حرة وعلى اسس ديمقراطية، لانه يبدو بأن البديل الحقيقي مازال يواصل الدرب نحو التنفيذ رغماً عن النماذج التي ثابرت عليها قوى الحداثة الراسمالية في تكريسه تحت ستار الدين الاسلامي كما في مثال مصر، ولكن لم تهدأ حناجر المتمردين حتى بلغ صراخهم الى اسطنبول قلب الحكومة التركية الاردوغانية.
تتالت الاجتماعات والكونفرانسات في العديد من المناطق العالمية والاقليمية كما في مثال جنيف لخيار نموذج نظام يكون الاسلام السياسي فيه دسم ويطغى بلونه وقوته على كافة الفئات والشرائح المتعددة من المجتمعات ضمن نطاق مشروع الاسلام المسيس الامريكي المركز والهادف الى تحقيق مشروع الشرق الاوسط الكبير. ولكن لم يمضى طويلا حتى عزل المرسي عن منصبه بقوة الجيش ما بين ليلة وضحاها، وذلك لخوف قوى النظام العالمي وعلى رأسها امريكا من المد الاسلامي من جانب، وبسبب عدم قدرة هذه النموذج على حل القضايا الاساسية في مصر وعلى راسها قضية الاقليات والمذاهب والذي راح ضحيتها الكثيرين من الاقباط. لندع آداء هذا النموذج دوره في حل القضايا الموجودة في الشرق الاوسط حلا ديمقراطيا، بل زاد من تفاقمها لتنعكس في بعض البلدان على شكل نزاعات طائفية ومذهبية جعلت من حل الاستقرار فيها شبه مستحيل مثل العراق ومصر.
لابد من حراك القوة الثالثة والمتمثلة في الحركات الشعبية الديمقراطية والقوى الديمقراطية البديلة التي تاخذ من المجتمع اساسا في العملية الديمقراطية، لانه لن يكتب النجاح لاي نموذج للنظام ما لم يتخذ السبل الديمقراطية في حل قضايا المجتمع من بعد هذا الشوط الكبير من سباق المطالب بانظمة ديمقراطية خالية من شوائب الحداثة الراسمالية. لان شعوب الشرق الاوسط لم تكن غريبة عن نماذج الانظمة التي فرضت عليها سواء أكان باسم الدين او القومية طوال القرون الماضية، ولهذا خيط الشعب المصري ثوبه دماً في ميدان التحرير والشعب التركي في كزي والشعب الكردي في عموم بلدانه وجباله.
لم يتأخر قائد الشعب الكردي السيد “عبدالله اوجلان” بندائه لحل القضية الكردية حلا ديمقراطيا في جميع الاجزاء الكردستانية ضمن اطار النظام الكونفدرالي الديمقراطي البعيد عن ذهنية الدولة القومية كحصاد لفكر ولده في زنزانة امرالي الانفرادي. وهللت بفكرته هذه الشعب الكردستاني في شمال وجنوب وشرق وغرب كردستان وليس الشعب الكردي فحسب، بل بمكان هذا النظام ان يكون نموذجا لجميع البلدان الاخرى كما اثبته الشعب الكردي في سوريا من خلال بناء نظام اداري ذاتي ديمقراطي يعبر فيه جميع فئات المجتمع عن نفسه بحرية. وبهذا وحده ستتمكن شعوب الشرق الاوسط من تحقيق ربيع حر ديمقراطي.