تحولات العصر الجديد الآپوجيا والحرب الجنسوية
تتمة
بطبيعة الحال: إن الحرب الترتيبية أي المعلنة بقوة التنظيمات الاجتماعية تمتلك العشق النضالي المتميز عن الحرب خارج “الترتيب”. فالتساؤل الفلسفي بطابعه الشرقي الثوري يشمل بحريته حرب التحرير النفسي والتقليدي المتخلف والجنسوي، وينظر للعبودية على أنها طاعون طبقي ينتشر في فضاءات الشرق الأوسط والمقوسة المدبوءة بزفير الكونيالية المحتلة. وبما إن المرأة في الحرب والرفاقية والشكل الاجتماعي في ضوء الاتجاه الجنسوي القائم على أساس الواقع في المتغيرات، تتميز الحركة الجنسوية بالانخراط إلى العمل لتكوين كوادر نسوية تسعى لبناء مكانة اجتماعية في قلب الحدث التحرري. إذ إن منطق حرية المرأة الشرقية وشرح مزاياها في الجنس والزواج والطراز يتطلب وعيا أخلاقيا وتربويا في مسار الحرية التي هي (وعي الضرورة)، فهي ليست عقبة ومصيبة للرجل إلا في ظرف مفقود بعدم فهمها وجعل المشكلة منحصرة في كونها رجولية تستعبد أنوثتها وتستغلها للمتعة والدعاية والإعلام والسمسرة والسجن الزوجي القاتم، فقضي الأمر بتحررها من العقد الإرهابية والزواج الارغامي والبيع، تحررا متوقفا على ثقافة الرجل الأخلاقية والجنسوية والتعاليم الدينية في منطق الفضيلة، وعلى توعية ذهنية ما هو موجود فيه من أحاسيس دون الفرار مما هي عليه داخل المؤسسة الزوجية الأسرية.
فالتهذيب في سلوكيتها وعادتها وتفكيرها يتوقف على التنظيمات الاجتماعية وتعاليمها داخل دولة الفضائل المدنية والرسمية، وعلى (دولة الأنبياء) كتعاليم روحية وتربوية الساعية لتحرير الإنسان من ظلم الإنسان، وهذا ما دعت وناضلت إليه الآپوجيا للثقافة الجنسوية وزناً في كفة الميزان اعتماداً على تربية القواعد الاجتماعية، وعلى هذا فصراع المرأة والرجل مع تقاليد الانصرام ومخلفاته العاقة صراع تاريخي طويل يشكل تحارباً فنياً واجتماعياً بين الانثوية والرجولية.
بيد انه نظرة الشرق الأوسطي الحر تعدّ لازمة اساسية لبناء الحضارة، تلزمنا القول بالحذر من الاندفاع الخاطئ نحو نشاط وعقلية المرأة تعميماً مطلقاً، دون ان تنال تربوية الحدث الموضوعي وعيشها هذا يعني تجنب العلاقات الاجتماعية قبل النضج الجنسوي في المرحلة الواعية لها. فالعلاقة الفجة قبل النضج تشكل عثرات وانهيارات في جدران المستقبل الاجتماعي، حين تطغي الفردية باستخدام سلبية العاطفة على العقل، وتصبح الحيوانية توحشاً مؤذياً داخل المنظومات المجتمعية وعلاقاتها، فتدفعنا أحكام الضرورة قولاً: علينا ان نسعى لتحرير المرأة حاملة العقد، والاهم فاعلية: ان المرأة موضوع رئيسي أيضا في غمار القوانين للتخلص من عبودية الزمن والدخول في الحب والحرب لبناء المستقبل مع الرجل بطريقة اليقين لا الشك.
هنا: يجب تطهير أنفسنا من اية شائبة للرذيلة. اذ من الخليق ان نعلن انقلابنا على أنفسنا وآفاقنا. وبخاصة نحو القضية الجنسية ألا تصوّب الانظار لتسليع الانثى، فذواب التصويب بينهم يعفن الحياة. بل يجب ان تكون الحرب اكثر ردعاً للسفاسف لتكون الحياة عشقاً مزدهراً، فجعل المرأة حاجة حتمية مقدسة لتطوير العواطف الفاضلة جنسياً.
فما موضوع المرأة في المناخات الشرقية القومية والدينية إلا موضوعاً بغاية الاهمية. فثمة علاقة بين الرجل والمرأة تمثل انتحاراً بطيئاً، وقد تمشي المرأة ميتة وهي حية تحت سكين القصاب. وثمة علاقة بينهما تنمو في حرية الروح وروح العشق.
فالاعتراض على السوءة بالجودة يتطلب نظرية الثورة (دليل عمل ثوري) لقلب الأحكام غير الأخلاقية او دحرها دون الشعور بالضعف ما دام العمل النسوي تواق وموجود في قافلة الحياة الحرة ضد ظاهرة التفكك والبعثرة والخمول.
وما نوقن فيه، ان رفاقية المرأة شكل ثوري اجتماعي حزبي في مرايا الآپوجيا!! اذ ان اهم ما يتوخاه المثقفون الأحرار هو بناء الثقة المطلقة وعلاقات المحبة الروحية والرفاقية المتعددة القوميات بانسانيتها وفضيلتها الجنسوية والجنسية الزوجية لكي تتولد ثمة طرازات نماذجية من التداخل الاجتماعي المشروع والنشاط الوظائفي والعملي دون ان تتخطى المرأة ذات الرجل، بل تؤكد ذاته بتعففها الاخلاقي في ميادين الحياة خلافاً لحالة نسوية تسبب ظاهرة خسوف وكسوف في الرؤيا دون الاكتراث بهما، وبما يكفي من الوقت تكون المرأة المستعصية هذه كالرجل المستعصي لعوباً داعية للانحطاط.
فالكادر الوظيفي او الحزبي او السياسي او الجنسوي في قلب الرفاقية وعقلها قوة تعجيلية تجعل من الحلول للعقد الاجتماعية وسائل واهداف استراتجية عميقة لا سطحية بل القدر على فهم واستيعاب وربط التفاعل مع الحدث الثوري لخلق المدنية الاشتراكية المباشرة والسلام الحقيقي.
بأسس كهذه نحو البناء تشتد القدرة الحزبية والحركية والمجتمعية والكادرية بالدفع الحر نحو طرح التفاصيل في يقظة الحرية ونضالها، فما تخفيه البشرية يجب ان تستوعبه المفاهيم الثورية وتطرحه الطليعة القيادية دون خوف بقرارها، فثمة حافة خطيرة تقف عليها اقدام البشرية ولها القوة المكينة للاجتياز بحسن الخلاص. فالطليعة نموذج حي لجعل الشرق الاوسط يقف قوياً وجديداً على هذه الحافة دون زلق، ليرى بالامكان تناول ما يدور في وادي الصراعات.
هذا معناه، ان قوة الحرب الثقافية لوعي الضرورات تكمن في قوة العلاقات الرفاقية الملتزمة وبروحية المنظومات الحزبية والجمعيات الفاعلة لاجل الخير، اذا ما ادركنا بأن الخير والشر جاران يجمعهما قانون ضرورة المنافسة والسباق نحو التسلح، وقوة الرابطة الرفاقية في الحياة المنظمة تكمن في قوة فقه الفكر وتطبيقات رياضية الادارة اي الفهم العميق لفلسفة الديمقراطية المركزية بكل اجزاء من الحياة، لان التنظيم وعاء سياسي لاحتواء الايديولوجيا وجعل الالتزام الخلقي عروة قوية بينهما، وهو شكل لعملية صعبة وخطيرة في حيز تسوده قوة نظام استبدادي.
فبغير قوة ذكائية التحليل تجعل من المجتمعيات القوية حرباً مقننة بالسياسة والفكر المتطور وبغير الايمان العميق بالمبدأ المنطلق بالعلاقات الجمعية والعائلية، يكون التنظيم ظاهرة هشة يتخلى عنها المنتمون ببساطة.
انه في الحوزة السليمة يتميز بالميكانيكية المتعشقة في مفاصل حركتها اي الترابط العقلي والاسري والاجتماعي في تحديد وتوجيه الحركة الترتيبة، وبتميز بالديناميكا الحية كقوة مهاراتية في مراد الكونفدرالية الشعبية وقوتها الادارية “المركزية الديمقراطية” ففي حال الانفراد بالمركزية مطلقاً بالأنانية تطغي المركزية بتحولها الى دكتاتورية عمياء وتكون علاقة الدكتاتور بالسلطة علاقة الأعمى بالعصا متجاهلاً قوانين الدلالات في النظام الجماهيري ودستوره.
ان العروة الوثقى هنا هي اخلاقيات الحركات الطليعية التي يحملها أحرار القضية والحل شرفاً شخصانياً واجتماعياً يعبر عن القيم العليا الى الحد الذي يرتأيه الشرقي الحر بالتنظيم ان الحياة بيده اليمنى والموت بيده اليسرى قوته واختياراته، وانه لا يرى ما حوله إلا قضية هي: أمه وأبوه ووطنه وشعبه، ولا يرى العربي الا حضارته وقيم تاريخه، ولا يرى فيه العراقي الا وحدة هويته ومواطنيته. وانه لمن الصعوبة ان تفلح السلطات الشوفينية والطائفية والمذهبية والاحتلالية من اختراق قضيته، وإلا فأن التنظيم أياً كان بغياب ما ذكرت ما هو الاحسداً مشلولاً ملبياً لعبودية قوة الغاب وهذه بينة خطيرة تنخر في المادة الاجتماعية كما في عديد من الفئات والاحزاب الراهنة في الشرق ومنها الأحزاب الاكاديمية في العراق.
وعلى حد القول: ان لم يكن الانسان مرتبطاً بوطنه وشعبه ومجتمعه ودائرته التاريخية والتراثية في قيم العشق الرفاقي الانساني فلا خير فيه، لأنه فاقد لذاته وموضوعه ولا يتمتع بالاحترام. وعن وجود الواقع الذي نجاذبه ونعايش زمنه فإننا نرى بالمجاهدة والانتظار ان موقع الفرد الحر هو طاقة فاعلة في طريق الوثبة اليسارية الجديدة الأكثر انبعاثاً وشمولاً في مسار الرجل و المرأة الواحد.
الحزب وضرورة الوسيلة والهدف
على نحو نظام العلاقات الرفاقية، نرى تقويم قوة ظاهرة تدرجت بحلقات التجارب ذات الاشكال المتعاقبة المتطورة بالذات المفكرة، وما دون تلك لم تكن إلا هواية سياسية تقليدية لتكوين حزب بغية الوصول به للسلطة الرسمية.
ولا ريب، ففي البيئة ذات التعقيد الايكولوجي والعائلي تفتقر المجتمعية لترسيخ علمية الفكر السياسي والوعي الذهني كأطروحة آپولوجية للعشق والمحبة والمفاهيم العلمية والتقنوية والروحية واستيعاب دلالات عمق الفضيلة ومعرفة وديانها السلوكية، كي يأخذ مسار الحرب الوطنية سبيل المعاني والمثل والتعايش لتحقيق رفاقية يناضل بمبادئها جميع الناس لمواجهة الصعوبات وتحديها، وجعل قضية الوطن العربي التي تعتبر الارادة الوحيدة قضية الشرق الاوسط.
ولاخافية، فما تميزت به مراحل العبودية في المجتمعات العربية هو ضغط الاحتلالات والحروب الخاصة والسلطات المحلية الجادة باضعاف قوى مجتمعاتها باستخدام اعوانه الاحتلاليين لتحطيم حصن الروابط الرفاقية في مسارات الثورة الاجتماعية المعاصرة.
وبما ان الرفاقية سياسياً في المجتمعات المدنية تعد شكلاً ميدانيا للانشطة الآپولوجية، فانها تتحول بنمط اخر من التنظيم الشعبي (فصائل انضمام تطوعي) نحو التنظيم الحقوقي والدفاع عن المظلومين ثم التطور نحو عالم علاقات شديدة التضامين في اللياقات الميدانية (اللوجستيا) وانجازات سياسة لتطوير الدفاعات التعاونية وخلق حرية بيضاء في تسوية الشرق الأوسط، وإن أرواح شهدائها نجوم أبدية مضيئة في سمائه، وهذا هو مبتغى المسار الذي دعت له الفلسفة الآپولوجية. والمهم بهذا الجانب: كيف حال الكادر؟ وصحة التقييم؟ فلاشك لن تتصف الحال بالعبودية لعلاقات النظام الرسمي (الحكومة) والنظام البيروقراطي (حكم المكاتب) أو الصالات ذات المستوى الانتهازي الارستقراطي.
وبهذا المعيار تتحدد العلاقات بين مفهوم الجمال الأخلاقي والقبح الأخلاقي، وتشكل المرأة كالرجل موقفاً خلاياتياً جنسوياً في البنيات الاجتماعية للأشكال الميدانية بجهد الرفاقية النزيهة المنتجة، والذي يحررها بمقاييس الوعي والفكر التوعوي التدريبي من ببغاوية التقليد وعفونة الأفكار ودناءة الأجساد الفاسدة.
كل ذاك يشير إلى أن التربية هي مسار عظمة المرأة في كسب حقوقها للقيم الجوهرية، وبالحسنى في الحديث: ان الانطباعات الرفاقية الحقيقية في منجز الديمقراطية على هذه العلاقات في واقع الجنسية التي هي الحرب ووسائلها التربوية، تأخذ مديات جادة على تعمق معرفة الظاهرة الجنسوية في مفهوم العشق الروحي أمام القوى النفسية الدنيئة في منارات الحياة ومعادلاتها وتناقضاتها.
الآپولوجيا والحرب الفلسفية
توكيداً في هذا المخاض، من الحرب الفلسفية في معترك العمل الثقافي ووديانه فقد تمعنت الآپولوجيا بالنظر إلى تبني ما جد في حب الحكمة والبحث عن الحقيقة بجملة نظريات نقدية وتحليلية تاريخية واقتصادية وطرح علمي معاصر للحداثة في الماركسية واللينينية والدينية والاشتراكية العلمية والمشيدة والرأسمالية وقوانين دياليكتيكية، طبقية وقومية لتطور الانتاج ووسائله التكنولوجية، وما ذاك إلا لنقصان تلك الطروحات القديمة في عصر التحولات الحديثة وتأرجحها بين اليسار واليمين في أزمنة التغييرات الثقافية والعلمية وفلسلفة تغييراتها في تناقضات الواقع الشرقي الأوسطي بصياغة جوهرية للحقيقة الباطنية وظاهرها المعرفي، في تدني الحضارة العربية وتدهور الأوضاع في أقطار الوطن العربي. فالحكمة والوعظ يظهر أن بمداخلات التراث الفكري والوطني والتقاليدي وتاريخه في منطق “التحولات في العصر الجديد” وفي جوهر هذا المنطق “تحدى الصعوبات” مبدأ وحدة الظاهر المعرفي والحركي بالموضوعية التحليلية ومعرفة السبب وعلة وجوده.
فقد فتحت تداعيات مظاهر المجتمعات العربية في تدني حضارتها بالحرب الفلسفية النقدية المحدثة المعاصرة باب النقاشات والمجادلات وحتمت انتصار الحرية والاستقلال والأخذ بجوهر القوانين المادية والتاريخية وجدلية العلمية والروحية والتقنوية والايكولوجية لبناء الحضارة الجديدة والحرص على الامساك بعمق الموجات للافكار العلمية والروحية والجدليات التقنية والطبيعية ونشاط الفرد كقيمة ابداعية في المجتمع وتحديد الموقف من الفلسفات اليسارية القديمة والمتطرفة كالفلسفة الفورباخية والهيجلية ويسارية الحزب القومي التركي الشوفينية والفئات المتصخرة بأفكار القبلية والدينية والشعوبية.
فبرنامج ومنهاج هذه الحرب يتلخص على قيمة الربط النظري لتحقيق تطبيقات عملية وعلمية بين فلسفة ونتائج التقنية العلمية والروحية والموروث القومي الثوري مستعرضاً نقده اللاذع للاقطاع الشرقي والرأسمالية وعلاقاتها الانتاجية. كما ان تطويره للمنطق العلمي في ماديته ومثاليته وقوانينه الديالكتيكية يتميز بما أضيف له من حالات الحداثة تخرجه من سكون المراحل بالخبرات والتجارب النضالية في فلسفة الحرب والفكر خارج فردية القالب النظري التقليدي، وجعلها مهتمة بجميع مراحل التاريخ وتطور المجتمع الطبقي والفكري وتناقضاته وفضح الأفكار (البرجوازية المتطورة) المغلفة بغطاء الديمقراطية والاشتراكية (ان الذين يريدون ان يحلوا قضية الانتقال من الرأسمالية إلى الاشتراكية بواسطة أفكار مطروحة حول الحرية والمساواة وديمقراطية العمل إنما يفضحون فقط طبيعتهم البرجوازية، من الناحية الفكرية ان حل هذه القضية لا يمكن ان تعطيه سوى دراسة ملموسة للعلاقات الخاصة بين الطبقة الخاصة التي استولت على السلطة السياسية)- كتاب لينين ص85.
الآپوجية: فلسفة تحولات العصر الجديدي من روادها المفكر الكردي الكبير “عبد الله أوجلان”، كونها ثورة يسارية متجددة تريد منها حركات المجتمعات المضطهدة في الشرق بما يليق بيسارية الإنسان من زخم دفاع للثورة الاجتماعية في المجتمع الرسمي المستحوذ على المال والإنسان والحقوق بالاستلاب القصري أي الطبقات الرسمية المستولية بالقوة. وطبقاً مع هذه الوقائع: فأن نقص الرؤيا في عقليات السلطات هذه هو تجاهلها ما عليه حقوق الجماهير المظلومة. لكن معيار فلسفة الآپولوجية في حربها هو نضالها المكثف بأصول الثقافات الشرقية لإبراز الحقيقة المجتمعية في تكويناتها القومية والدينية والموروث التقليدي والأعراف بقوة الوعي لتجنيد الانسان المبتلى بالحيرة من الإنزلاق الذي كلفه ثمن البراءات والغفلة والتخلف. فهذا المسار البالغ الأهمية في الحرب والحرية هو ما تستند عليه الآپوجية للتحرير من البدع والشعوذات والتشوهات الفلسفية في حقيقة العمل والكد. والاشارة هنا الى توسعات العمل المتحرر من عبودية المشاعية الجديدة والاقطاعية ورأسمالية الدولة والعشائرية والطائفية والسلطوية الاحتكارية بأساليب فلسفة الاقتصاد السياسي والقومي، مما يجعل الرجل والمرأة بعيدين الكساد والبطالة.
وهنا تتجلى للفلسفة النقدية الاقتصادية وحدة الفكر والعمل أداة محررة للانتاج. واستنادا إلى جوهر الحرب النفسية (الحرية تخلق بالحرب) فالأمر يلزمنا بالقول: على فلسفة العمل الجديدة- الانسان والبيئة اعلان حرب ايديولوجية اقتصادية ثقافية على التمايز الطبقي الحاد وتحرير هذا الإنسان وبيئته من قيد العبودية، وإلا فإن الانقطاع عن ثورية كل تحول موت أو شلل نحو الاستسلام. ولا نغفل عن المعنى كون فلسفة العمل حرباً طبقية سجالية إنها جزء من (السوية الآپولوجية) التي هي مجمل حروبها البرامجية المخططة. فما السوية باعتقادنا اذن! انها مصطلح يتعين عليه اسداء طروحات مفصلة في الثقافة والأدب والفن وأشكال متعددة من الصياغات الايديولوجية لتكوين مايسمى (السوية) لاستخدام امكانياتها الوفيرة المنظمة بقوة متفوقة نحو النضال الطويل الذي يعبر عن سويات متفرعة في طرق الحركة الشعبية، كالسوية الميدانية المتمثلة بمقاتلي التحرير الشعبي أو تجييش حركات المقاومة المدافعة دفاعا مشروعاً عن حقوقها مثلا، وكالسوية الفكرية المنظمة التي تعالج حياة الناس المضطهدين بالأفكار والتقاليد لدرجة جعل المتخلفين مجرورين بحبل الديماغوجية نحو مصيرهم العبودي.
وعلى الرغم من بروز عدة عراقيل تمثل البؤس الفكري والديماغوجية المخلة بالواقع الشرقي الثقافي، في جانب من التقاليد العامة، وأخرى تمثل سوقا تجارية للأفكار الانتهازية واليسارية المنخلية في أجواء فارغة من السوية العلمية فان الكونفدرالية الثورية في هذه الحرب تعبر بعمق ديمقراطي عن المواطنة الجماهيرية، مما يتحول التعبير إلى صيغة أيديولوجية كونفدرالية في حرب الأفكار ضد معسكر الخيانات والانهزاميات والتخلف التقليدي العتيق والجور السلطوي الفاشي والامبريالي وحماية بعض الأحزاب الوصولية في سخونة كل تلك الجبهات. فالحقيقة المقاتلة تنمو ثقافيا وسياسيا في أحشاء نضال الكونفدرالية وصوتها، حتى وان انطوى الأمر على مخاطر جمة، فمجالات القيادة الجماهيرية الحرة بتطور وسائلي جعلتها محيطة في السداد بكل تلك المخاطر وزجها.
وبالسوية الإيديولوجية عينها، من المستطاع خلق سوية اجتماعية وجعلها صيغة متقدمة نحو الثورة الاجتماعية. فمن الممكن رسم الطريق الثورية في عمق المشكلة وتعيين قارعتها الصحيحة في تنفيذ حسابات الحرب الحضارية واعتبار الايكولوجية مصدرا للمفاهيم الجغرافية والتربوية والمعيشية، وكل ذلك يعكس طبيعة الآپوجيا على الواقع الراهن ويعكس طليعة قيادتها وفكرها، فالجهد المكثف في الموازين الثقيلة بمنتهى الدقة والقدرة يخرج العرب من التفرقة العامة إلى وحدة الفكر والحرية وهوية الإنسان. ولا شك فالسوية الاجتماعية بالأسلوب الإعلامي والأدبي والثقافي صيغة متطورة أيضا لوحدة الجماعة والفرد نحو حالة البدائل الحزبية والميدانية والسلمية الشائخة بسلوك المقاومة السلمية والبرلمانية والمصير الوطني والسياسي والجبهوي إمام القبالة التي مازال فيها أقطاب التعصب.
ومن هنا يجدر بنا القول: إن عجز بعض الحكومات المستبدة المتداولة بفنون الحرب بما ألفته من فنون القسر لجأت إلى تطوير الحرب الخاصة فألبستها عمامة الكذبة الكبرى ووضعت بين أصابعها دف السياسة المتخلفة الخارجة عن خط الجماهير بالعجز هذا: سقط في يد السلطة الأمر من مجابهة حقوق المقاومة الشعبية. مما دفعها داء العظمة.. إلى حافة الحرب الخاصة لتطوير أقماعها الفارغة بالمال والدعارة وزبانية الارتزاق.
وعلى شاكلة كهذه: فشلت بكل استخدامات هذه الشاكلة في معارك الضراوة المعاصرة التي جهزتها ضد المقاومات الحرة وأبقيت بقناعة أنها لم تعد قادرة، فأعادت وسائل الحرب الخاصة الرسمية حربا جديدة مكلفة ووضعت الثقل ألاستخباراتي والاحتلال التعاوني والإعلامي وأدوات القمع والسجون. ووصولا لفهم الغاية: فان الاثارات الجنسية والنفسية والعقابية والذل الطبقي والاستغلال الميثولوجي والطرائقي والسلوك الميكافيلي والمظاهر الزائفة التي تكثر جميعها في بلدان الفساد والطغيان والانهيارات الأخلاقية وبيع العسل المخدر. ما كل هذه الجوانب والوسائل بيد العسكرة وتزييف الديمقراطيات إلا لتمييع الحقوق ودفنها حية والتشهير بالأضداد من خلال إلصاق تهمة (الرهبة الدموية) كموضة جرمية في تطبيق السياسات، وما سياسة الطوارئ إلا حلقة تكتيكية من حلقات هذه الحرب ومفاعلاتها اللوجستية. وتوضيحا لذلك فلهذه الحرب صلة إدارية وسياسية بالماضي التاريخي الاحتلال للأجنبي كموروثات بيروقراطية.
ومن الجلي للنظر: إن مهمات هذه الحرب ضد شعوب الشرق الأوسط على الصعيد الثقافي والسياسي والاقتصادي هي استغلالها للدين والفن والأدب والرياضة والسياسة والجنس بشكل دعاري واستخدامها أسلحة إعلامية لمحاربة القيم الأخلاقية ووحدوية الهوية كوجود وخلق ابطال لها لإبقاء مطحنة الصراعات وتعقيد القضايا بلا حلول. فلا بد إذن: خوض الصعاب والتعقيدات بالحل السلمي وخلق الشخصية الحزبية والوطنية والكفاءات القيادية الشعبية. ومن حقيقة هذا المبدأ، نرى إن المكافح الحر المتسلح بالفكر والآلة يقاتل من اجل وطنيين منذ البداية، فالحزب: هو الوطن والرفاق. والأرض: هي الوطن والشعب، وكي يعرف العربي حق مواطنته وعيش وطنه، فالأمر يقتضي منه حق انتمائه وحب الناس وحقهم. واستنادا لهذا العيان فلابد الخروج من ريح الدوار وتأسيس الجرأة للآخرين بحداثة الترتيب الجديد وبالتعمق في مبادئ الاستقلال والعشق الروحي والتعايش الحضاري لإسقاط الزيف والعبودية وتحويل المعركة إلى سلم والحرب إلى بناء.
بهذا المنطلق فلا حرية وقوة للمكافحين والقادة إلا بقوة الشعب وثوريته ولا نضالات وجذور للأحزاب إلا بحركة الجماهير الشعبية ولا حضارة للشرق الأوسط إلا بعشق التاريخ المتحرر وثورة الجماهير في خطوط كفاحه، وإلا فالاستنساخات الاستبدادية مستمرة لذبح العنق أو العقل وتحويل الإنسان الأخر إلى تابع يعامل كالنطيحة والمتردية وما أكل منها السبع.
فالقضية المعاصرة الأن باتت في خط الآپوجيا الدفاعي لنيل الحلول بما تشيده من قتالية وطنية وايديولوجية وحزبية بل وان الحرية هي دماغ ودم الثورة الاجتماعية.
إجمالا: ان تجذر النظرية في مستوى التطبيق والتغيير العلمي والثوري اللاأكاديمي في أسس البنية الفوقية والتحتية للتشكيلات الترتيبية، يجعل من السياسة البرلمانية في العراق مثلا بدايات محصنة لسلوك المثابرين في أصل القضية الشعبية وآفاقها. لكنها كشفت عن عمامة الخدعة واللحية والعقال بنظارات ثعلب الاحتلال ولحفظ المافيا. وبهذا النمط الجديد تكون بنية الكادر صاحب المهارات في السلوك الترتيبي ذات سوية ابتدائية محصنة أيضا هي سوية ( الهيكل الترتيبي) بالتدريب والاستيعاب العقائدي للأخلاق. وهذا يعني إن رؤية الآپوجيا ستكون في قيادتها وحركاتها، جاعلة من السوية هذه ثورة ذاتية تنظيمية وايديولوجية لسمات هذا التنظيم في مسيرته الثقافية، وتخطي عثرات اليمين واليسار التقليدية المراوحة في مكانها، ومجابهة المد الغازي للمافيا العسكرية بخلق طلائع شبيبة متطورة لخلق صيغ الحلول على بساط (الرسالة الشرق أوسطية).
ولم يكن الأمر متوقفا على السوية الآپوجية فيما يطرح بل على واقعية أهدافها الإستراتيجية والتكتيكية لمواصلة التحقيق في التحول التنظيمي وفهم السلوك الفردي للمنتمي. إذ في هذا التحقيق نرى: ان الحرية والقوة تتغلبان على الصعوبات الوحشية الرسمية بدكتاتوريتها التي بدأت بيقين الشعب تقع في هوة المفارقات في الوقت الذي تتمثل سوية التنظيم الشعبي بالقوة ومظهر(الحبل المتين) والاستيعاب للظروف الخاصة ليغدو من التأكيد جعلها منطلقا تاريخيا وتطبيق قرارات المطالب الشعبية قبالة القوانين الحكومية في ساحة الانتخابات الكونفدرالية الديمقراطية.
إن ما يتمم هذا الارتفاع السوي هو: التحول الأخلاقي للفضيلة أمام مواجهات الأخلاق السلطات السالبة، وبناء رفاقية للعلاقات الحزبية والقيادية والشخصية، وهذا ما يعكس وضوح الحقيقة التربوية للإنسان ونبل الاستقلال الداخلي، إذ لا يمكن تبديد القيم أو إهمالها روحيا في عالم الشرق الأوسط صاحب القيم والحضارة المسلوبة، الذي جزأته الضربات المتتالية.
ولا مندوحة: فالحرب في واقعيتها المحصلة تواجه في البدايات حربا ذاتية داخل خلايا التنظيمات والنفس والبراديغما (وجهة النظر) أيضا، لكنها تنتهي أخيرا كخلاصة وحدة رأي وتصويت في الفهم العميق لضرورات المرحلة.
وبأهمية العودة لمفهوم الرفاقية التي هي خلاصة وحدة السبيل في مصير وحربها الذاتية لا يخفى بأنها الربط بين أهمية الذات والموضوع في وحدة القيم النضالية وتكوين حرب الإصرار الثوري من اجل الخبز والحرية والشرف الوطني في الأماكن الساخنة للتحرير من القبضة الخانقة.
إن حرب الإصرار الثوري ذات مهام والتزام في موقف حرب عصر السياسة، كونها تقسيما قياديا لطروحات المسيرة الآپوجية، لن نتراجع نحو المنحدرات الضيقة لتستسلم لمشيئة العدو بل تتقدم نحو المرتفعات وان بلغت الصعوبة بالغا وتأخذ بالحسبان التكتيكي إستراتيجية خط الرجعة كيلا تبتلع الحرب هذه محاربيها ويبتلع الضعف طموحاتهم، لان لهم قدرات إخلاص متنوعة، فثمة واجب مقدس بانتظار هذه القوى لان الحرب الثقافية في الطريق الوعرة لا تعرف الغفلة في كفاحها المستمر، بل الوثبة والصعوبات نحو التحرر، كما هي الحرب في مقاومة حزب العمال الكردستاني المشروعة مثلا.
حرب الأسئلة.. ما هي ؟
إن الأشواط الصعبة التي تقطعها مجتمعات الشرق الأوسط للمطالبة بتطبيق نظريات العدالات، تترتب على خلق تاريخ سياسي في التنظيمات الجماهيرية التي ملئت بالمقاومات والتضحيات والأسئلة حول السلام، التحرر، العدالة الاجتماعية، الاقتصادية وكونفدراليات مجالس الشعب الديمقراطية. إن حرب الأسئلة ذات الألسنة السياسية والعسكرية والاقتصادية ذات استنفار واستفزاز خطرين، بيد أنها جزء من تحولات العصر الجديد..في قلب الجماهير وصفوف المناضلين. تلك الحرب المتهيئة لعنفوان الأجوبة، فالسؤال الساخن يحرك بجرأته حدث السياسة والطرح الثوري وبدأت المعركة الثقافية ليتبين للعين برؤية النفس والأفق ما مدى فاعليته في قلب الحياة الصاخبة، كي يدرك الآخرون ميراث مؤسسة الأفكار وجدية التحرر والمجاهدة الشاقة من اجل الحلول. إن مكافحين لأجل الحقوق ووقوفهم على التساؤلات بكيفية مواصلة النضال ببدايات القوى المراسية التنظيمية في حرب الأسئلة كانوا حريصين على الاستعداد بوضع تتم فيه مواجهة الاستغلال والهيمنة الرسمية ذات الوحشية المسلحة التي تفرض على الناس عبودية القانون الصارم والطاعة العمياء.
فالسؤال ما هو أمامنا الآن فصاعدا وكيف نمتلك القوة الدافعة، كان إثارة دينامية مبنية على الجوهر العددي وفلسفته الفيثاغورسية التي تتأسس على النبل الروحي والمادي لتشكيل قوى المجموعات التنظيمية كي يتسنى للشعب والحكومة والدولة الإجابة على الأسئلة. ومرادية الجواب، ان حرب الأسئلة في صياغات (الاستفهام والتوليد) لاستنباط الحقائق يكمن فيها سر الصدق الارادي لدى الأحرار وهم يواجهون في حرب أسئلتهم أجوبة وكراهية الأمزجة الوصولية. إذ كلما توجه تحولات العصر الجديد صوب خطوة من التطور والنمو، كلما أعلنت الجبهة المخاصمة في المجتمع الرسمي (السلطة) عن خطوة مضادة لها في الأجوبة الفاشية وارتكاب الاضطهاد الجماعي ضد الأحرار.
بيد ان كل الأسئلة المحاربة تشكل فخامة الأهمية وخطورتها وتكسب الأحرار المثخنين بالآلام عناد المراسات الثورية وخطابات المثقفين في مشروعية الدفاع وخلق جبهة مقاومات أساسية على ساحة القتال الايديولوجي وجعل قرارات الأجوبة مفاعلا تدريبيا وتنظيميا وروحيا وأخلاقيا وثقافيا ونفسيا في وجوب الأفعال والرد. على محك المتواليات: شاءت أم رفضت السلطة الخفية، فالحلول أمور محتومة لا محيص عنها، لان حرب الأسئلة لن تتوقف مازالت الحياة قائمة ومازال تحول العصر يشن هجوم الأسئلة في معارك التحولات الاجتماعية (علينا إن نحارب لأجل الحياة وان نتوصل إلى هذه الحياة من خلال الحرب ـ مفكر شرقي)
ان للتحول الاجتماعي استيعابات قوية حتمية في صناعة الحرب وقوانينها وتاريخها، فالتاريخ فلسفة قوانين أيضا، يشكل في حرب القوانين الرأسمالية والعبودية والكهنوتية وتلك الممثلة بالاشتراكية والدينية والديمقراطية والليبرالية الوطنية. والمثال الاشتراكية يتمثل بتعريف (فيشنسكي) القانوني (مجموعة قواعد السلوك التي تقررها سلطة الكادحين وتصوغها في شكل تشريعات تعبر عن إرادتها، والتي تقوم السلطة للدولة الاشتراكية على تطبيقها بغرض الدفاع عن العلاقات والأنظمة التي تحقق مصالح الكادحين).
بيد ان جوانب القوانين المتعلقة بقضايا القضاء والدستور والإدارة والجنايات والمحاكم وحقوق الإنسان، تجعل من المواصفات المتعلقة بسلطة الأنظمة سلوكا يتحكم بانعكاساتها الهرمية الدولتية قسرا قانونيا في شعوب الشرق الأوسط لاستعباد حركاتها وتنظيماتها. وعلى طبيعة المرافعات في قضايا السجناء. إذ حولت السلطات الرسمية نظام الإبادة والقمع للمظاهرات الشعبية الاجتماعية إلى صيغة قانون سري وعلني فكانت ظلاله عبارة عن سفك الدماء ووتائر متلاحقة من المداهمات ومظالم الحرب الخاصة. وبما إن حل عقدة تحرر الإنسان العربي من ريق عبودية القوانين المقيدة أصبح قانونا حقوقيا ملزما على المثقفين الأحرار في الكفاح لأجل المستلبين وتدوين تاريخهم في الكفاح، فالتاريخ المعاصر للتحرر لا تكتبه إلا الجماهير وثورة الكردي الحر لان يفتح بوابة الكونفدرالية للعربي بهوية الشرق الأوسط إشارة لما مر: فان قوانين الحركات المجتمعية المدنية والمنظمات السياسية والثقافية أخذه بالتطور الفكري واللوجستي والتكتيكي في المواجهات بين القانون المدني والسلطة الرسمية ذات النقض والقمع. بيد إن خوض التصادم بين النقيضين الحادين رهن بالتحول السياسي والاجتماعي والثوري العميق الذي سيعيشه العالم الحاضر بكل تفصيلاته لا استحداث قوانين ديمقراطيات الحقوق مرتبطة بحرية الإنسان ومستقبله أي قانون التحول. إن التحول الثوري يصبحه حرب قانون معاكس لقانون المكوث الرجعي، والقانون الثوري تصحبه حرب للتغيير، حينها تتولد أساليب وفرص للصراع بين الحق والباطل داخل الدولة الضاغطة وأساليب قوانينها التي استخدمت القتل والسجن بها. انه امتحان عسير وحرب تجربة أيضا، فحين يوضع حامل المبادئ الرفاقية أمام صعوبات الرغبة تحت المجهر يبدو عندئذ المقياس الكبير بصوت هاتف له من أعماقه: ناضل لأجل نبل الكلمة حتى النهاية تسيطر على الظروف فالشهادة ثمن وقود الحرية.