عواس علي
بداية عزيزي القارئ قبل أن ترهق نفسك في هذا البحث؛ لا بُدَّ أن تكون لديك قاعدة في معرفة الفيزياء والكيمياء. فالفيزياء تعتبر أساس العلوم الكونية؛ تقوم على دراسة مكونات الكون وكيفية عمل هذا الكون المترامي الأطراف، ويضاف لها الكيمياء التي تبحث في تركيب المواد الكونية وتحاليل تلك المواد.
والجانب الأهم في بحثنا يعتمد على فيزياء الميكانيك.
يقال إن دكتوراً في مادة فيزياء الميكانيك دخل على طلابه في أول فصل دراسي لهم في الجامعة وقال لهم: لدي خبران لكم، الأول محزن والثاني مفرح. أما الأول؛ فأنكم لن تفهموا شيئا من مادة فيزياء الميكانيك مهما بذلتم من جهد. والثاني لا تخافوا من الاختبار؛ لأنني أنا مثلكم لا أفهم من فيزياء الميكانيك أي شيء.
ولابد من التنويه لأنواع من العلوم التي تعتبر بالنسبة لك ولي، عبارة عن خُرافة وأوهام وطلاسم. والحقيقة أن بعض تلك العلوم هي حقيقة وواقع موجود، ولكن يتم إخفاؤها عن العالم، ويعمل بها ضمن نطاق محدد لصالح دول محدودة جداً، هي موجودة ضمن مكان مغلق تماماً أمام جميع الناس باستثناء أفراد محدودين يتمتعون بقدرة معينة.
ويُقال بأن الفلسفة أم العلوم، لماذا؟ لأنها كانت أول العلوم التي بدأت بالسؤال لماذا، وكيف، ودرست الواقع الكائن، وما يجب أن يكون.
ممَّ يتألف الكون؟
في الحقيقة أول من تنبه لموضوع الكون وأصله هو الفيلسوف “طاليس” عام 700 ق.م، وهو الذي رد أصل الاشياء المتعددة لمنبت واحد، وبأن كل ما في الكون يعود لأصل واحد، أي أن هذا الكون تكوَّنَ من بنية وحيدة وسرعان ما تمدد وما زال يتمدد.
قال العالم “ستيفن هوكينغ” عن البنية الوحيدة للكون وأطلق عليها اسم “بوزون هيغز”، وهو عبارة عن جسيم افتراضي يندمج مع جسيمات أخرى فينتج المادة، أي كحالة التلقيح التي تحصل في الطبيعة.
ووجد العلماء ثلاثة أنواع من المادة المتكونة من الـ”بوزن هيغز”، وهي:
1 – المادة المظلمة:
وهي المادة التي ساهمت في ظهور الكون. وهي مادة مبهمة تماماً وليس فيها إشعاع ولا ضوء، وسبقت ظهور الطاقة المظلمة.
2 – الطاقة المظلمة:
وهي الطاقة التي وضعت النظام الكوني في اندفاع الأجسام باتجاهات محددة، ووفق قانون محدد.
3 – المادة الطبيعية:
وهي المادة المؤلفة من إلكترونات ونترونات، أي من الذرات.
والحقيقة هذه النظرية هي مجرد فرضية ولا ترتقي إلى مستوى النظرية، وليست مقولة علمية للحد الفاصل بالتفكير اليقيني، فهي مجرد افتراض. ولكن ما يهمنا هو ما توصل إليه العلماء بشكل يقيني من خلال التجربة والملاحظة، وهو “الفوتون” أو “الكوانتم” الذي يعتبر أصغر جزيء في الكون ويدخل في تركيب الكون كله؛ أي أن الكون برمته يتألف من هذه الجزيئات، وعندما نقول الكون نقصد كل ما فيه من مادة وضوء وطاقة وإنسان وحيوان.
ومن خصائص هذا الجزيء أنه يتصرف بعقلانية، أي يتصرف بطريقة محترمة وليست جنونية، وذلك في حركته وتحوله وتنافسه، أي أنه يمتلك عقلاً يجعله يعمل ضمن نظام محدد نظام محترم وعقلاني ولا يسيء في تصرفه.
ولنتطرق لبعض الخصائص لهذا الجزيء الذي يدعى بـ”الفوتون” أو “الكوانتم” الكائن العقلاني من خلال تجارب أجراها العلماء على هذا الجزيء.
جاء العلماء بعدد محدود من الفوتونات، عشرين فوتوناً، بالمقابل وضعوا ثقباً لا يتسع سوى لعشرة فوتونات، وأطلقوا العشرين فوتون باتجاه ذلك الثقب، كانت النتيجة أن الفوتونات العشرين تصرفت بإنسانية وعقلانية ولم يتم حجز المكان من قبل عشر فوتونات، بل كانت الفوتونات العشرين تتناوب على هذا الثقب بدخولها وخروجها أي أنها أعقل من الإنسان وأقل أنانية منه. ولو أجرينا تلك التجربة على الإنسان؛ لوجدنا أن العشرة الأوائل احتلوا المكان ولم يفسحوا مجالا للعشرة الباقية، أليس من حقنا أن نقول إن الفوتونات أكثر إنسانية من الإنسان وأكثر عقلانية منه.
من تلك الخصائص أيضاً أنه لدى الفوتون القدرة للتغير من حالة لحالة أخرى من خلال المراقبة، وذلك ما أطلق عليه قانون “التغير اللحظي عند الفوتون”؛ أو “نظرية الانهيار الموجي”. وجد العلماء بأن الفوتون يتغير من الحالة الموجية إلى الحالة المادية من خلال المراقبة، أي أنه يعي ويدرك ويحس بالمراقبة التي تُجرى عليه من قبل البشر، وهذا ما جعل العلماء يرون بأن رقابتنا للأشياء أو الكون تترك أثرها فيه، وقال في ذلك العالم “ستيفن هوكينغ (التفاعل عبر المراقبة يلعب دوراً فعالاً من خلال مراقبتنا له، فهو يتبادل التأثير بيننا وبين الكون من خلال المراقبة)، أي أن ما تراه أمامك مادة قد تتحول لموجة لو شُحت بنظرك عنه، وهذه الخاصية في الكوانتم جعلت العلماء يبحرون في التفكير، منها الوعي الكمي الناتج عن ميكانيك الكم، والتي بحث فيها العالم “شتوغر”، أي درس تأثير الوعي على الكون وأطلق عليه اسم “الوعي الكمي” الذي يعمل عكس المنطق تماماً، أي ينجز عملية الرصد التي نقوم بها ويدرك تأثيرها على الأشياء أو على الكون برمته. وما يدفعهم إلى القول هو “إن كل الأشياء حتى الإنسان موجود في إدراكنا أو وعينا فقط”.
ولو قضينا النظر عنه فهو غير موجود على الشاكلة التي نحن نراها، لماذا؟ لأن الكون كله يتألف أو يتركب من الفوتونات، وحتى نحن كبشر أجسامنا تتألف من الفوتونات والتي تعتبر أصغر مكون في الكون حتى الآن، وهذا المكون المدعو” فوتون”. ووجد العلماء أنه يغير من خاصيته الموجية إلى خاصة جديدة وهي المادة، أي يتحول من موجة غير ملموسة إلى مادة ملموسة من خلال مراقبتنا له، وبالتالي أن ما نراه أمامنا ونحن نراقبه نجده في حالته، ولكن لو ابتعدنا عن مراقبته؛ فإنه سيتحول إلى خاصية ثانية، إلى موجات تسبح في كل مكان ومنتشرة في كل مكان، وبالتالي فإن الأشياء التي نراقبها ونراها أمامنا هي غير الأشياء التي نشيح بنظرنا عنها، وهذه حقيقة مطلقة، أي أن الأشياء التي نراها لأول مرة تأخذ لها طابعاً معيناً، وتحافظ عليه خلال مراقبتنا لها ورؤيتنا لها، ولكن في الواقع لو بعدنا بنظرنا عنها؛ فإنها ستكون على حالة أخرى، وتكون منتشرة في كل مكان، ومنها بعض الأشخاص نراهم لأول مرة نشعر بأننا رأيناهم من قبل، والحقيقة أننا رأيناهم من قبل، ولكن عندما راقبناهم وتمعنا فيهم تغير فيهم شيء بسيط.
والاسوأ من ذلك أن العلماء يجدون بأن كل ما في الكون هو عبارة عن أشياء مرسومة في وعينا لها، وهي ليست إلا عبارة عن أشياء يتم بثها لنا عبر وعي كلي للكون في مكان ما مازال مجهولاً للبشر، أي أن ما نراه أمامنا وندركه هو غير الذي لا نراه، ويمكن أن يتغير من الحالة المادية للحالة الموجية من خلال مراقبتنا له ويغير من خواصه. وتغير الأشياء لخاصيتها يجده العلماء بأنه عبارة عن خاصية تكمن في وعينا فقط، ويمكن أن نغير من خاصية ذلك الشيء من خلال وعينا وإدراكنا له. تعال لنرى الأشخاص الذين يسيرون فوق النار حفاة، ولا يتأثرون بخاصية النار الحارقة، ألا يعني أنهم استطاعوا أن يغيروا من خاصية النار في وعيهم؟ وإلا لكانت أحرقتهم، أي أن الأشياء ربما موجودة في وعينا فقط، ولدينا القدرة على التحكم بخاصيتها من خلال مراقبتنا لها، فالفوتون عندما نراقبه يتحول لمادة، وحين نشيح بنظرنا عنه يتحول لموجة متناثرة في كل مكان.
وهناك نظريات يصعب الخوض فيها، كنظرية تأثير الزمان والمكان في وعينا وإدراكنا للأشياء، ونظرية الكون الدائم التمدد، هناك أمور عدة لا نريد الخوض فيها، لأنها تعتبر بالنسبة لنا ضرب من ضروب الجنون.
ومن خواص الفوتون أنه متشابك مع جزيئاته بشكل عقلاني، أي أنه مدمج معها بالوعي العقلاني. وجاءت هذه الخاصية من تجربة “الشق المزدوج” التي قام بها العلماء على الفوتون أثناء تجزئته، فكل جزء منه كان يدور بشكل مغزلي عكس الجزء الآخر، وأثناء تحريض أحد الأجزاء؛ لوحظ أن الجزء الآخر غيَّر من حركته المغزلية بعكس الاتجاه الذي كان عليه. وذهب العلماء إلى أبعد من ذلك؛ فقد قاموا بإحداث تباعد بين الجزأين لمسافات تمتد لآلاف الكيلو مترات، وأعادوا التجربة على تحريض أحد الأجزاء ليغير حركته المغزلية، كانت النتيجة هي ذاتها، فقد غيّر الجزء الآخر حركته المغزلية في لحظة تتجاوز الزمن. والذي حيَّر العلماء في ذلك هو معرفة الشيء الذي نقل الأوامر من جزيء لآخر بهذه السرعة عبر الفضاء؟ وما هي المادة التي تم النقل بواسطتها؟ وهذا ما دفع العلماء للتوصل إلى خاصية “الكون المتشابكة” وأن الكون يعمل وفق عقلانية من أصغر جزيء فيه إلى أكبر جرم سماوي، بناء على خاصية “التشابك العقلاني” لدى “الفوتون”.
كان العلماء يرون بأن الفوتون لا يتشابك مع فوتون آخر، وبالتالي هو قابل للانشطار أو التجزئة ويبقَ محافظاً على التشابك مع جزئه، ولكن في آخر المطاف توصل العلماء بأن بعض الأنواع من الفوتونات يمكن لها أن تتشابك مع عدد آخر من الفوتونات حتى الخمسة، وهذا قادهم إلى اكتشاف ما ندعوه بـ”وهم التخاطر أو التأمل”، وبأن بعض الأشخاص لديهم القدرة على التشابك مع بعض الأشخاص في الوعي ونقل ما يريدونه من مشاعر كالفرح والحزن، إلى الطرف الآخر المتشابكين معه، كما هي حال بعض الأنواع من الفوتونات.
لماذا نشعر بفرح أو حزن شخص ما؟ نشعر بحبه وكرهه لنا، تلك الأمور ليست هي مصادفة أو حظ، بل هي عبارة عن قوانين تعمل وفق عقلانية بموجب قانون “التشابك الكوني”.
أما الأصعب من كل تلك الخصائص؛ فهو قانون “السببية الرجعية”، وهو يعني أن المستقبل يؤثر في الماضي، وكلنا يعرف بأن الزمن هو ماض وحاضر ومستقبل ولا يمكن أن يعود الزمان إلى الوراء. تم التوصل إلى أن الحاضر يؤثر في الماضي ويغيره عبر تجربة تم إجراؤها على الكوانتم. ولتبسيط التجربة سنعطي مثالاً على ذلك. تم تجزئة كوانتم إلى جزيئين وقلنا سابقاً إن الكوانتم متشابك مع جزيئاته وأي تغير في جزيء سيتم التغير اللحظي على الجزيء الآخر عبر قانون “التشابك الكمي”، ومن خلال ما ندعوه باللا زمان، ومهما كانت المسافة بينهما، كانت التجربة كما يلي: تم إطلاق جزيئين الأول قبل الثاني ولمسافة ولنقل عشرة أمتار، وتم مراقبته، ونحن نعلم أن مراقبة الجزيء تجعله يغير من خاصته الموجية إلى المادية، واصطدم الجزيء بالحاجز فتحول إلى جزيء يدور بشكل مغزلي على اليمين، وبعده فوراً تم إطلاق الجزيء الثاني ولمسافة خمسة امتار فاصطدم بالحاجز، ومن خلال المراقبة تحول لمادة ووجد أنه يدور على اليمين، فما كان من الجزيء الذي سبقه إلا أن غير حركته إلى اليسار أي عاد إلى الماضي الذي كان عليه قبل أن يتحول إلى مادة.
ونورد مثالاً مبسطاً آخراً؛ هناك شخصان يتأثران بحالة بعضهم البعض، الأول سار قبل الثاني بخمسمئة متر ووصل إلى النهر وسبح بملابسه التي حتماً ستتبلل بالماء، والثاني المتأخر عنه بمسافة خمسمئة متر جلس في مكانه وراح ينزع ملابسه ويتعرى، ويرقص، فوجد العلماء بأن الثاني عاد إلى حالته، لباسه الجاف، وإلى المكان المساوي لمكان الرجل الراقص، أي أنه عاد بالزمن إلى الوراء وغيّر من حالته المستقبلية وغير ماضيه أيضاً، أي أن المستقبل يؤثر في الماضي ويغيره وسمي ذلك بـ”القرار الرجعي” أي القرار الذي اتخذه الجزيء عاد به إلى تغير ماضيه برمته.
وربما الأشياء التي نبحث عنها ونريدها هي الأخرى تدرك ذلك، فنجدها تختفي عنا ونبذل مجهوداً للعثور عليها. وقال العلماء بأن الإلحاح في طلب الذكريات يزيدها غموضاً، لماذا؟ ألا يعني بأن تلك الذكريات الموجودة في وعينا تعي ذلك فتختفي من وعينا لحين كف النظر عنها، فنجدها تعود لنا بكل سهولة وبساطة.
ما هي حقيقة وجودنا البشري؟
سنبدأ من مقولة الدكتور “طوني أبو ناضر”، حيث يقول “الإنسان كائن كوني، أي أن الوظائف الفيزيولوجية البشرية تعمل بشكل مشابه تماماً مع القانون الطبيعي الميسر للكون بأسره”. وحسب مقولة الدكتور “طوني أبو ناضر” يمكن أن نقول:
إن الكون متكامل وليس الإنسان إلا جزء منه، والتركيبة الفيزيولوجية للإنسان ليست إلا جزءاً من تركيبة الكون برمته.
فالإنسان كائن بشري يقف بين العوالم المتداخلة والمتباينة بشكل نسبي، فهو كون هائل الاتساع غير مدرك بالنسبة للباكتيريا أو الخلية التي تعيش في جسده. وهو جزيء غير مدرك بالنسبة للكون وما بعد الكون.
وهناك أدلة على أن الخارطة التي تعمل بها النواقل العصبية في خلايا الإنسان، فثبت أن تلك الخلية هي الأخرى تأكل وتشرب وتتنفس كما هو الإنسان.. الخ. وذلك برهان على أنها تتطابق بقوانينها مع الخارطة الكونية التي يعمل وفقاً لها الكون المتكامل، والذي هو الآخر يعمل وفق عقلانية الكوانتم، وهذا يوصلنا إلى “فيثاغورس” ونظريته عن “التماثل والانسجام الكوني” (الهارموني) المشابه لمعزوفة متقنة تصدر عن قيثارة ذات ترابط رياضي وتكامل هندسي ما بين أوتارها وهيكلها.
الكون يعمل وفق نظام، والنظام لا يوجد بدون عقل، أي أن أصغر جزء في الكون وأكبر جزء فيه يعمل وفق عقلانية.
وهنا تبحث الدراسات الكونية عن كل ما هو مادي وروحي مادي أو معنوي، فالعواطف ليست بعيدة عن الدراسة والأحلام والتخاطر والتأمل والجوع والخوف والحرب والسلم والحزن والخير والشر، والإلكترونات والنترونات والفوتونات كل تلك هي أشياء مادية أو طاقية، وهي تعمل وفق قوانين كونية متناسقة مع الكون برمته ولا يمكن فصلها عن الكون وقوانينه.
وحتى الآن توصل العلماء إلى اثني عشر قانون، يُعتقد بأنها تتحكم في الكون برمته، وهي قوانين عرفها المصريون القدامى والهنود، ومنها قانون الجاذبية لـ”نيوتن” والقوانين الثلاثة للحركة وقوانين العرض والطلب.
1 – قانون الوحدانية:
وهو القانون الذي برهن على وحدانية أصل الكون وقوانينه، أي يربط بين الأشياء في الكون، أي أن الكون متصل ببعضه البعض في جميع مكوناته، ويمكن أن يتشابك أي مكون مع مكون آخر بعقلانية.
2 – قانون الاهتزاز:
وهو القانون الذي يتمحور حوله الكون، أي أن جميع الأشياء في الكون تهتز بترددات معينة، بكل خواصها سواء مادية أو معنوية “موجية” من الأحجار للعواطف والرغبات والأصوات، كلها تتردد وفق اهتزازات معينة، كما هي القلوب حين تنبض بشكل مفاجئ فإنها تُصدر اهتزازات معينة باتجاه أشخاص معينين حسب الحالة العاطفية، وهو ما قد يقودنا إلى قانون “التخاطر أو التأمل”.
3 – قانون المراسلات:
وهو قانون الانسجام ما بين العالم الروحي والمادي، أي التبادل ما بين الوعي واللا وعي، وأن واقعنا ليس إلا هو انعكاس لما هو في داخلنا، ويأتي ذلك من خلال الواقع المعكوس بداخلنا وشعورنا به، فأنت تخاف من السير فوق النار؛ لأنك تدرك خواصها الحارقة المخزَّنة في وعيك، ولكن غيرك لا يتأثر بها لأنها غيَّر من خاصيتها في وعيه الباطني، فكل ما يدور في داخلنا ينعكس على الواقع كالخوف أو الشعور بالراحة من بعض الأشخاص أو المواد أو الحالات.
4 – قانون الجذب:
وهو القانون الذي يقودنا إلى أن وعينا وإدراكنا يؤثر في الأشياء من حولنا ويحركها، أي يجذبها لنا أو يباعدها عنا في كافة حالاتها المادية أو المعنوية “الموجية”، حتى ظهور الأشخاص في حياتنا ناتج عن ذلك القانون. فأنت عندما تبحث عن شخص أو أي شيء؛ يجب أن يكون لديك اليقين التام بأنك ستجده، وإلا لن تجده ما دمت غير مقتنع بوجوده، وقيل عن ذلك القانون إنه يعمل وفق أنواع من الطاقة، الطاقة السلبية والطاقة الإيجابية.
5 – قانون العمل الملهم:
وهذا القانون هو قانون مرادف لقانون الجذب في تحقيق الرغبات والطموحات، فما نرغب به أو نطمح به لن يأتيك زاحفاً، فهو بحاجة لمجهود، فكل قانون يحتاج لمجهود لتفعيله أو كسره أي تجاوز خاصيته. فأصل قانون الجذب هو بُعدُ الأشياء عنك، وهو يحتاج إلى مجهود لكسر ذلك القانون الخاص بالأشياء وجذبها لك. هذا القانون أيضاً يجعلنا نتقرّب من نظرية “الوعي الكمي”، أي أن الأشياء موجودة في وعينا وإدراكنا لها، فهي تنجذب لنا وتنفر منّا حسب رغبانا الباطنية، أي في الوعي الباطني.
6 – قانون التحول الدائم للطاقة:
لطالما كل ما في الكون يتغير ويتبدل من حالة إلى حالة أخرى كما في الفوتونات؛ فإن الطاقة أيضاً متغيرة من حالة لحالة أخرى، من السالب للموجب، ومن الموجب للسالب، وهي دائمة التغير، ونحن الذي نعكس تلك الطاقة في وعينا الباطن. فكل المشاعر والأحاسيس هي عبارة عن طاقة تبث حسب الحالة التي نشعر بها في عقلنا البطن، وربما الكل يعرف بأن العقل الباطني هو مجموعة المُدرِكات في الواقع الذي نراه ونحسه وينعكس، فبعضها يظهر وبعضها نكبتها في أعماق الوعي الباطني، وربما يشكل لنا عقدة مخفية تنعكس بشكل لا شعوري على أحاسيسنا على شكل طاقة.
7 – قانون السبب والنتيجة:
ربما هو من القوانين التي لا تخفى على أحد، أي أن لكل سبب نتيجة مؤكدة، فلا وجود للصدف في قانون الكون أو ضربة الحظ، فكل شيء هو عبارة عن فعل وردة فعل لذلك الشيء، وما يُدعى بالحظ ما هو إلا عبارة عن جهلنا ببعض القوانين الكونية.
8 – قانون التعويض:
وهو القانون الذي يؤكد على أن لأي فعل مهما كان صغيراً أثر يتركه في الكون الذي نحن جزء منه، فأي عمل أو فعل لا بُدَّ وأن ينعكس أثره علينا سواءً سلباً أو إيجاباً، وذلك بالتفاعل مع قانون السبب والنتيجة وقانون الجذب يلعب دوره هنا، فما نريده إيجابياً سيتحقق بشكل إيجابي بشرط أن تكون قناعتنا بذلك وحدسنا لا يدخله أي شك حتى لو كان واحد بالمئة.
9 – قانون النسبية:
ويعتبر هذا القانون هو قانون القناعة التي تولد السعادة، أي قناعتنا بما نملك هو سبب سعادتنا. فالشيء الذي نملكه، ومهما كان كثيراً وبدون قناعة؛ فإنه يجعلنا نفقد السعادة، ومهما كان قليلاً مع القناعة؛ فإنه يجعلنا سعداء، والسبب الأساسي في انعدام القناعة هو دخولنا في عالم المقارنة مع البعض الذين يملكون الأكثر أو الأجمل، يجعلنا نفقد السعادة، فالسعادة تكمن في تقدير وتقديس ما نملكه في الكم والكيف.
10 – قانون القطبية:
يجب أن نعلم لكل قانون في الكون قطبان، سالب وموجب، أي قطب ضار وقطب نافع، وكل القوانين الكونية تم تركيبها على أساس النفع، وكلها متناغمة مع بعضها البعض، وأي تلاعب في هذه القوانين؛ من المؤكد ستنتج عنه سلبية، وتلك السلبية مدمرة. جميع السموم في الكون في حدها الذي يحتاجها الجسم تكون نافعة، ولكن لو زادت عن كميتها المطلوبة ستؤدي إلى الهلاك، الجوع هو قانون خاص بحاجة الجسم، ولكن لو وقفنا في وجه هذا القانون حتماً هو الآخر سيؤدي إلى الهلاك. قانون حركة الذرة قانون مستديم؛ ولكن التلاعب به سيخرجه إلى القطب السالب وهو الانفجار النووي المدمر. ونلاحظ بعض الأفعال الغريبة من الطبيعة، وتلك الافعال ما هي إلا التلاعب بقوانينها في أقطابها الموجبة وتحويلها لأقطابها السالبة المدمرة، أي أن التلاعب بالقوانين الكونية نتيجته الحتمية الهلاك والدمار، وخاصة تلك القوانين المتعلقة بالتوازن البيئي.
11 – قانون الإيقاع:
أي أن كل ما في الكون يعمل وفق إيقاع معين، وحتى ما بداخلنا من عواطف تعمل وفق قانون متناغم وإيقاع كوني وهي جزء من هذا الكون، ويمكن من خلال هذا القانون التعرف على إيقاعنا الداخلي والتعامل معه بشكل إيجابي بدل محاربته وكبته في الباطن والوقوع في عقدة ترتد لعقلنا الباطن وتحدث ضرراً في حياتنا على المدى الطويل، أي التعامل مع الإيقاعات العاطفية والعقلية بشكل إيجابي، ومهما كانت دوافعها، وهو ما يؤدي إلى إقناع تلك العواطف بطريقة عقلانية والتعامل معها بالشكل الذي لا يجعلها عقدة مخزَّنة في الباطن.
12 – قانون النوع الاجتماعي:
كل ما في الكون له صفات ذكورية وأخرى أنثوية، أي ذو قطبين سالب وموجب، ويحدث التجاذب بينهما حسب الحاجة الكونية او الطبيعة الكونية، حتى في الطاقات هناك طاقة روحية وعقلية وسلبية وإيجابية، وربما هذا القانون هو الأقرب لقانون القطبية.
هناك أنواع من القوانين التي تعمل وفقها فيزيولوجية الإنسان، منها ما هو مُدرَك ومنها ما هو غير مُدرَك كما هو الكون، وهناك قوانين ندركها وهناك قوانين ما زالت غير مدركة ومجهولة. كما أن هناك قوانين تمت السيطرة عليها والتحكم بخواصها كقانون الجاذبية التي استطاع الإنسان النفاذ منها، وهناك قوانين ما زالت مستعصية على الإنسان ولم يستطع التحكم بها.
وهناك قوانين تحكم جميع تصرفات الإنسان، وبعض منها تم التعامل معها بشكل إيجابي وأضحت تسير وفق رتيبة معينة طبقاً لقطبية القانون الإيجابية، والبعض منها تم التعامل معها بشكل سلبي، ليغدو القطبية السالبة، ولأسباب تكمن في طبيعة الشخص الذي هو صورة عن المجتمع والقيم الاجتماعية التي تتفاوت من مجتمع إلى آخر، ويمكن إخفاؤه في العقل الباطن، وهذا ما يدعى بـ”العقد النفسية”. ومهما كانت تلك الأفعال الخارجة عن قوانين طبيعة الإنسان؛ فإنها تولّد أثراً سلبياً في سلوكنا بالتعامل مع تلك القوانين بطريقة ما، وبالتالي الوصول للقطبية السالبة لتلك القوانين. وهنا نعود إلى العالم “كارل يونغ” في بناء الشخصية من خلال البيئة الاجتماعية وحسب طبيعة كل شخص، فهناك الشخصية التي تتعلم الحفاظ على القيم الاجتماعية بكل مفاهيمها، عبر الضغط الدائم على القوانين الطبيعية للإنسان في قوانين فيزيولوجية الطبيعة الإنسانية، بعضهم ينسجم معها بأريحية ويبدي انفتاحاً عليها، ويتعامل مع تلك القيم بكل حكمة، فيما البعض الآخر يضغطها؛ فتنتج عنها شخصية انطوائية غير منبسطة تحمل في وعيها الباطني مئات العقد التي تُظهِر الجانب القطبي السلبي لقانون تلك الشخصية، وهو الشر بدل الخير، ويطلق على تلك الطبيعة السالبة والموجبة لكل قانون بـ”قانون كارما”.
أي أن هناك قانون لكل فعل مهما كان نوعه، ولكل قانون أثر سلبي وإيجابي، وهذا ما يُدعى بـ”قانون كارما”. وربما يتحدث هذا القانون بالدرجة الأولى حول ما ندعوه بالقضاء والقدر. فالحقيقة العلمية أثبتت بانتفاء ما ندعوه قضاء وقدر، وحتى الرسول “ص ” نوه عن ذلك في حديثه الشريف حين قال “اعقل وتوكّل”. فلو نُمتَ في مكان تكثر فيه الضباع والذئاب؛ من المؤكد أنك تعرض نفسك لقانون الطبيعة الحتمي وهو الخطر والفناء، ولكن لو نمت في مكان أنت تعلم علم اليقين بأنه خال من الوحوش؛ من المؤكد بأنك في مأمن من الخطر، فالقضاء والقدر هو تفسير للجانب السلبي لأي قانون طبيعي أنت تقف بالقرب منه وتعلم سلبيته، وربما تلك القواعد الطبيعية في بعض القوانين هي نسبية، فما هو خيرٌ لك، ربما هو شَرٌّ لغيرك في الطبيعة، والعكس صحيح، ما تعتبره فناء لحصانك؛ فهو غذاء للوحوش، وبالتالي فهو خيرٌ لها، ولكنه بالنسبة لك هو شَرٌّ مطلق.
بعض العلوم المخفية عن البشرية:
وهي من أنواع العلوم التي تعتمد بالدرجة الأولى على نظرية “أينشتاين” في “الكم الفيزيائي” و”نظرية التشابك” لدى خاصية الكوانتم أو الفوتون.
1 – علم التأمّل التجاوزي:
ظهر هذا العلم على يد العالم الهندي “مهاريشي ماهش”، ويقصد به الوصول إلى الوعي الصافي والنقي من كل العوالق، والوصول للوعي الصافي عادة، وهو يتمثل بتجاوز اللا وعي أو الوعي الباطني الذي يحتوي على العقد النفسية. وحالما يصل الإنسان إلى الوعي الصافي؛ فإن وعيه يصبح كوعي طفل خال من أي ضغوط أو عقد نفسية، وبالتالي تلك العملية تعتبر عملية لتجديد الوعي وتنظيفه من كل العوالق.
2 – معهد ماساشوستس:
وهو أحد الفروع الموجودة في جامعة “كامبريدج” لدراسات علوم الدماغ والأعصاب والفلك وعلم الفضاء في الولايات المتحدة الأمريكية.
الحقيقة هذا المعهد ما زال مخفياً على عدد غير محدود من البشر، كما أن البرامج وطرق التدريس فيه أيضاً مخفية على العالم، وكل ما عُرِفَ عن هذا المعهد هو دراسة الطاقة المتجددة عند الإنسان.
في النتيجة نستطيع أن نقول هناك عقل كوني بموجبه تتصرف جميع مكونات الكون اللا نهائي وفق قوانين عقلانية نسبية، ولا يمكن أن تخرج عن طورها العقلاني، وبمجرد التلاعب بتلك القوانين فإن الكارثة تحُلّ، لذلك تبقى قوانين الكون عصية على الإنسان، فكما أن الكون لا متناهٍ؛ كذلك له قوانين لا متناهية ترتبط بتمدده الدائم والأبدي، ومهما بذل الإنسان من جهد فلا يمكنه أن يصل إلى اللا نهاية.
أهم المراجع:
1 – تاريخ الفلاسفة – طاليس المليطي – ترجمة السيد أحمد عبد الله – مكتبة الكتب.
2 – ستيفن هوكينغ – التصميم العجيب – ترجمة أحمد عياد – دار سومر.
3 – تاريخ موجز للزمان – ستيفن هوكينغ – ترجمة “مصطفى إبراهيم فهمي” – دار سومر.
4 – حساب الكون بالأرقام – إيفان ستيورات – ترجمة الزهراء سامي.
5 – ثماني احتمالات مستبعدة – جون جريبين ترجمة “ديانا عادل غراب”.
6 – كون أينشتاين – ميشو كاكو – ترجمة “مؤسسة هنداوي”.