شرفان مسلم
تحليلُ المصطلحات ومعرفة جذورها وتحليلها أمرٌ مهمٌّ للغاية، وهناك زَخمٌ كبير من المغالطات حول مفهوم بعض المصطلحات والجذور التي تستند إليها. من ضمن المصطلحات التي أخذت حيّزاً واسعاً من تفكيري؛ مصطلحا (الإدارة والسُّلطَة). ويكمن الفرق بينهما من حيث كونهما مصطلحان متشابكان، وأيضاً أثناء ترجمتهما كأفكار على أرض الواقع. كما أنَّ الفارق الأساسيّ بينهما يكمن، وفقاً لقناعتي، بالبُنية الفكريّة التي يستند عليها كلُّ مصطلح، وتعبيراته كمفاهيم في المؤسّسات.
الإدارة والسُّلطَة تاريخيّاً:
هل الإدارة والسُّلطَة موجودان طبيعيّان من الموجودات المعنويّة في النّفس البشريّة، أو أنّهما حالة مكتسبة من الواقع المعاش؟
انطلاقاً من مبدأ التّوازن البيئيّ وقانون الثنائيّة الطبيعيّة المبنيّ على التّضاد، وفرضيّة وجوب الخطأ والصواب في الرأي؛ وبناءً على الرأي الآخر في عالم الاحتمالات، سنحاول جاهدين ألا نقع فريسة للمطلقيّة، وسنتناول الموضوع بكلّ شفافيّة، حتّى تتثّنى لنا الفرصة لملامسة الواقع الحيِّ للمجتمع، ومخاطبة الذّهنيّة والوجدان.
وحتّى تفرض نفسها المُفارقة بالجدليّة الهيغليّة لإثبات صحّة الفرضيّات الواردة خلال عرض نصّ هذا الموضوع، ليُستخلص منها ما هو الأقرب إلى الحقيقة؛ لن يَغيب في بحثنا هذا عنصر الاجتهاد، وسنعمل على ألا تغيب المصداقيّة أيضاً، في إرجاعِ الأفكار الى أصحاب الفكر الذين تناولوا مسبقاً هذا الموضوع.
اختلف الكثير من الفلاسفة حول موضوع السُّلطَة والإدارة، وكلٌّ صاغَ تعريفه الخاص به للمصطلحين بصور مختلفة. وقد اختلفت آراؤهم على الجزئيّات تارّةً؛ والاختلاف الجوهري على المضمون تارّةً اُخرى؛ نظراً للتشابك المعقّد والعويص عن التفكّك النّاجم عن التّعريف الخاطئ لكلٍّ من المصطلحين؛ الإدارة والسُّلطَة.
سنقوم في بحثنا هذا على مقاربة الوجهات حول الحقيقة، ونجمع بين الأفكار لاستخلاص النّتيجة المبنيّة على ما سيتأخّر من حديث في سياق هذا الموضوع حول الفرضيّات المطروحة، والتّفسيرات الاجتهاديّة والفلسفيّة والتّحليليّة.
عند تناول هكذا موضوع؛ يجب اعتماد الجرأة والشَّجاعة في إبداء الآراء؛ لتبيان الحقيقة الخاضعة لقانون الثنائيّة وفرضيّة وجوب الخطأ والصواب في عالم الاحتمالات. لكن يجب علينا اتّخاذ الحيطة والحذر في طرح الأفكار والمُعطيات، حتّى لا نخرق التّوازن ونعطي الشَّرعيّة والتّبرير للسُلطةُ في ممارساتها؛ وألا نوحِّدَها مع الإدارة، من خلال شرح نظريّة ثنائيّة التّضاد في الجوهر لكلّ الموجودات الكونيّة.
ولكي ننظّم العلاقات الاجتماعيّة والسّلوكيّات الفرديّة مع المجتمع، وتعامل المجتمع بدوره مع الفرد والسُّلطَة وعدم تخلّيها عن الإدارة الذّاتيّة وتَقبّل السُّلطَة؛ علينا كشف النِّقاب عن الوجه الحقيقيّ لكلٍّ من “الإدارة والسُّلطَة”، والسُّؤال عن مشروعيّة كلّ منهما من القاعدة الجماهيريّة، لنسهّل على المرء الاختيار والتّفريق بينهما.
سنطرح كلّ هذه الأفكار حتّى نخلق الجدل الذي يُمكّن الفرد من إدراك أسباب الخلاف والتّقاتل بينه وبين أخيه الإنسان، وحتّى يَتمكّن من الفصل والبتِّ في القضايا النّابعة من عدم التّفريق بين مصطلحي الإدارة والسُّلطَة، اللّذَين يُسيّرانه وفقاً لرغباتهما، وحتّى يَتمكّن من اختيار القيادة الأنسب له؛ والتي تُمكّنه للوصول إلى الحياة الآمنة والمُسالمة والتي تمثّل حقيقته كإنسان.
ماهيّةُ الإدارة والسُّلطَة:
هل الإدارة والسُّلطَة موجودان طبيعيّان من الموجودات المعنويّة في النّفس البشريّة، أو هي حالة مكتسَبَة؟
إنّ مصطلحَي الإدارة والسُّلطَة يبدوان من المصطلحات الشّائكة والمعقّدة جدّاً، لكن عند تعريفهما وتحليل الواقع الاجتماعيّ؛ سنجد أنَّ الفرق شاسعٌ جدّاً بينهما من حيث القيمة البُنيويّة، سواءً الماديّة منها أو المعنويّة، وهذا يعود بنا إلى الحقيقة الكونيّة القائمة على القواعد المشكّلة لبنيتها الماديّة والمعنويّة، والتي تشكّل في ترابطها وتمأسُسِها، كقانون الثُّنائيّة الطبيعيّة لكلّ الموجودات الكونيّة المبنيّة على التّضاد.
ولدى تحليل الواقع المُعاش؛ سنتمكّن أكثر من إثبات صحّة الفرضيّة أو القانون القائم على ثنائيّة التّضاد لكلّ الموجودات في جوهرها. وحسب جدليّة هيجل وثنائيّة التّضاد؛ فهناك التَّضاد المُضاد، والتَّضاد المقابل (تضاد تنافري، تضاد تجاذبيّ)، ووحدة الأضداد وجدليّتها القائمة على مبدأ: أطروحة + أطروحة مضادة = تركيبة جديدة.
إذاً الحقائق الكونيّة مبنيّة على التّضاد في جوهرها، فالذّكاء العاطفيُّ يقابله الذَّكاء التّحليليّ (المرآة، الرَّجل، السّماء، الأرض… الخ)؛ وهو جملة من الثّنائيات المبنيّة في جوهرها على التّضاد لخلق التّوازن. وبما أنَّ لكلّ وجود نقيض، أي ثنائيّة الكون في كلّ شيء ووحدة الأضداد البنيويّة للموجودات الماديّة والمعنويّة؛ سنقدّم تحليلنا وفق هذا القانون، ثُنائيّة الأضداد.
لذا وإن اعتمدنا هذا القانون أساساً في بحثنا؛ سنصل إلى نتيجة متوقّعة وهي: “أنَّ السُّلطَة والإدارة هما أيضا نقيضان طبيعيّان من قانون ثنائيّة التّضاد لكلّ الموجودات الكونيّة، الماديّة منها والمعنويّة”. وأنَّ كلّ ثنائيّة أو موجود يعتمد في طريقة عيشه على القوانين الطبيعيّة الثّلاثة لضمان صيرورة حياته، وكلُّ نقيض أو وجود في الكون، بما فيهما السُّلطَة والإدارة، هما من الموجودات الكونيّة، من الثُّنائيّات (المضادة)، تخوض حرب الوجود لضمان صيرورته على حساب الآخر. وأنَّ كلُّ من الإدارة والسُّلطَة تقومان على المقوّمات الثّلاثة؛ “المأمن، المأكل، والتّكاثر” على حساب شريكها/ نقيضها الآخر، لديمومة صيرورتها الطبيعيّة ككلّ الموجودات الأخرى التي تحافظ على ديمومتها وفقاً لهذه المبادئ الثّلاث، والتي هي قوانين الاحتياجات الضروريّة لضمان استمراريّة الحياة واستحالتها دونها.
إنَّ الصراع بين التّضادين؛ السُّلطَة والإدارة، أدّى إلى إبراز الخلاف ضمن الوسط المُعاش في العلاقات الاجتماعيّة وتحوّل “التّجاذب” إلى “التّنافر”؛ واستغلَّ كلٌّ منهما المبادئ الأساسيّة الثّلاث لضمان صيرورته ضدّ الآخر، بدلاً من ترابطهما وتكاملهما في العلاقات، بسبب تغلّب النَّقيض المضاد “السُّلطَة” على “الإدارة” كذهنيّة مُسيّرة للسلوكيّات العامّة والخاصّة.
فعندما كانت الإدارة هي الأم؛ كانت السُّلطَة مقيّدة تماماً ضمن أطر التكافليّة، لا تتجاوز الكلمة المسموعة المبنيّة على العاطفة والتي استمدّت شرعيّتها من الإدارة الطبيعيّة والدّور الطبيعيّ الذي أفرزته الطبيعة لها كأم وكواهبة للحياة، وأيضا اكتسابها الشَّرعيّة بسبب طريقة تعاملها وتكريس نفسها لخدمة النّاس من حولها، وخصوصاً الأبناء.
لكن دخول جزئيّة السُّلطَة المُقيّدة والشَّرعيّة في مسلك الأنانيّة، والتَحوّل نحو إبراز نفسها كثنائيّة مضادة، أحدثت خللاً في توازن حياة “الكلان/ القبيلة”، خصوصاً بعد معرفة الرّجل لدوره في الحياة إلى جانب المرأة، والذي أدّى إلى ولادة الأسرة المبنيّة على أسس الثنائيّة “الأب/ الأم”، بدلاً من “الكلان” المتمثّل بالأم وحدها. ومع هذا التغيير والتحوّل في الحياة البشرية، تحوّلت وحدة التّضاد بين المرأة والرَّجل من ثنائيّة مكمِّلة إلى ثنائيّة مضادة، خصوصاً في مراحل متقدّمة من الحياة البشريّة.
ومع ولادة الثّورة الزّراعية قبل حوالي /10/ ألف سنة قبل الميلاد، بدأ الخلاف على الإدارة والصراع على السُّلطَة، وسيطرت السُّلطَة المتمثّلة بالرَّجل رويداً رويداً على إدارة المرأة في سياق تطوّر الحياة واختلاف مراحلها، وأحكمت قبضتها تماماً على كلّ تفاصيل الحياة مع ولادة “سومر” وتقاتل الآلهة مع بعضها البعض على السُّلطَة، ومن ثُمَّ في عصر الرّقيق وإلى يومنا هذا، رغم ظهور الحركات الحقوقيّة النّسويّة كـ”الفامينيّة ” وحركات التّحرّر النّسوي وغيرها.. الخ.
وبما أنّنا نناقش الموضوع وفقاً لبراديغما الفيلسوف “عبد الله أوجلان”، والمتمثّلة بالعصرانيّة الدّيمقراطيّة والقائمة على مبادئ وقواعد وقوانين فلسفيّة وعلميّة عدّة، مثل أنّ “لا شيء يُخلق من العدم)، و(أنَّ العدم واللا وجود واحد..!)، واعتماداً على مبدأ الطّاقة والمادّة بجدليّة هيجل؛ نرى بأنَّ السُّلطَة كانت من الموجودات الطبيعيّة كمادة خامّة في العقل الباطن، لكن كان النّقيض المُضاد للسُلطةُ “الإدارة” هو المُحرّك المُسيّر لذهنيّة المجتمع الطبيعيّ، وإلا لما تطوّرت وسيطرت على مفاصل الحياة حتّى الآن لو لم تكن موجودة كمادة.
وهنا كيلا ندخل في جدليّةٍ ونُشرعن السُّلطَة، سنقوم بصياغة المقارنة السّابقة وحلولها.
بداية، نرى بأنَّ هذه القوانين والقواعد بحدِّ ذاتها تحتاج إلى صياغة وتعرية التّعريفات، على مبدأ العصرانيّة الدّيمقراطيّة، وحسب فلسفتها القائمة على النّظرية العلميّة (الكوانتم)، والتي تقوم على مبادئ عدّة، منها: أنَّ كلَّ موجود/ شيء حي لا يموت، بل يعود الى أصله ويتحوّل من مادّة إلى طاقة، وثُمَّ من طاقة إلى مادة (شكل) جديد مرّة أُخرى، وهذا يتوافق إلى حدٍّ ما مع منظور البوذيّة في تناسخ الأرواح.
إذاً وبحسب تلك النّظريّة؛ بإمكاننا تعريف السُّلطَة النّابعة من العقل التّحليليّ، والذي كان سبباً في تحوّلها وانحرافها من سياقها في المجتمع الطبيعيّ الذي كانت فيه الهرميّة التّكامليّة، لضمان صيرورة حياة (الكلان)، عندما كانت الأم توجّه أبناءها نحو القيام بالأعمال المطلوبة منهم.
لكن كان من الخطأ المساواة بين تلك الهرميّة التّكامليّة والسُّلطَة المُتسُلطةُ القائمة، حتّى لو كانت نابعة ومتحوّلة من تلك الهرميّة الطبيعيّة، دون شرح الذّهنيّة والمنظور والجوهر لكلّ منها، ودون كشف النّقاب عن الحقيقة الكونيّة، والتطرّق إلى طريقة عيش الموجودات على مبدأ التّكامل والتّوازن.
فالسُّلطَة خرجت من السّياق وانحرفت عن مسارها الطبيعي لتصبح عبئاً على المجتمع. ولو جرّدنا هذا المفهوم أكثر وعُدْنا إلى طريقة عيش (الكلان) والحياة المشتركة بين الرّجل والمرأة، وطبيعة عمل كلّ منهما، والدّور الذي أفرزته الطبيعة لهما؛ سنتوصّل إلى الحقيقة القائمة وهي بأنَّ السُّلطَة (المُتسُلطةُ) ذكوريّة، وليست كالإدارة الهرميّة للمرأة التي كانت تقوم على مبادئ التّكامليّة والحفاظ على حياة الأفراد، لا التَسلُّط عليهم.
وعند تحليل الواقع المعاش آنذاك؛ سنتمكّن أكثر من إثبات صحّة المقولة: “بأنَّ السُّلطَة المُتسُلطةُ ذكوريّة، وليست كالإدارة الهرميّة”. ولكنَّ السُّلطَة المُتسُلطةُ ذكوريّة بسبب طبيعة عمل الرّجل، الذي كان دوره الصيد والحماية، والذي كان يفرض عليه القتل والتّعامل مع مختلف أنواع الحيوانات المتوحّشة. والانتقال للمواجهة مع الصّعاب في الطبيعة، نتج عنه تطوّر عقله التّحليليّ أكثر من العاطفيّ، وذلك رُبَّما للعاطفة التي تربطه بـ(الكلان) الذي يعيش فيه ومسؤوليّته تجاه أفراده في تأمين الصيد والحماية؛ اضطرّه إلى القتل واستخدام الحنكة، والتي تطوّرت وتحوّلت فيما بعد إلى سُلطةُ خرجت عن مضمونها وجوهرها لضمان صيرورة الحياة؛ إلى الأنانيّة وتفضيل الذّات على البقيّة
كلّ ذلك حصل بسبب العوامل والمتغيّرات التي حدثت تباعاً في الحياة البشريّة مع الثّورات التي انطلقت، بدءاً من ثورة اللّغة ومروراً بالثّورة الزّراعيّة، خاصّة عندما وقف الرّجل إلى جانب المرأة في القيام بالأعمال التي كانت تقوم بها هي، وأيضاً ثورة الصّناعة التي تطوّرت من خلال أدوات الصّيد والزّراعة، وصولاً إلى الرّأسماليّة القائمة على مبدأ النّفي ونفي الآخر. جميع هذه العوامل أخرجت التطوّر الطبيعيّ من سياق الحياة الكونيّة القائمة على مبدأ التّوازن عن جوهرها، وأفرزت السُّلطَة التي ربطت بنفسها مختلف القضايا الاجتماعيّة، واعتبرت نفسها مركزها.
لكن كلّ تلك المُتغيّرات رُبَّما لا تُبرّر للرَّجل هذا التحوّل في ذهنيّته، وبالتّالي فرض السُّلطَة على المرأة، وذلك عندما أقحم نفسه في أعمالها اليوميّة التي كانت من نتاج التطوّر الطبيعيّ لسياق الحياة، وخصوصاً بعد الاستقرار مع انطلاقة الثّورة الزّراعيّة في الألفيّة العاشرة قبل الميلاد، والتي أفرزت تغييرات جذريّة في نمط الحياة آنذاك على المستوى الفرديّ والاجتماعيّ والاقتصاديّ، والتحوّل من حياة التنقّل إلى حياة الاستقرار وزيادة الإنتاج وتريبة الحيوانات.
التطوّر الذي طرأ على (الكلان)، والتي تحوّلت إلى أسرة من ثُمَّ عشيرة وقبيلة، أسوةً بالمجتمعات الوطنيّة في يومنا الرّاهن، مع تغيّر المعتقدات والاعتقادات والظروف المعيشيّة، التي زاد فيها يوماً بعد يوم دور الرَّجل وتأرجح كفّته على كفّة المرأة، بسبب استخدامه الذّكاء التحليليّ أكثر من العاطفيّ، نظراً لطبيعة عمله الذي وقع هو نفسه في فخّه، عندما تجاوز حدوده الطبيعيّة، وفضّلَ نفسه على المرأة وخالف قانون الثُّنائيّة المقابلة مع التطوّر والتقدّم في سياق الحياة عبر التاريخ، ثنائيّة الحياة البشريّة التي مفادها (الإنسانيّة = الرَّجل + المرأة)، واستغلَّ التطوّرات الطبيعيّة في الحياة ووظّفها في خدمته، مستفيداً من فائض الإنتاج وعناصر الحماية التي تشكّلت من الطبقة الشّابّة، والتي تعلّقت به مع مرور الزّمن عبر الصَّيد، وتعليمهم لها نتيجة لخبرته المهنيّة التي اكتسبها من التنقّل، والتعرّف والمراقبة للطبيعة، ممّا جعله مدركاً لمتغيّراتها وعواملها، فاستغلها لفرض سلطته على الشّباب، حيث استطاع أن يجذبهم إلى جانبه، بدلاً من الاصطفاف إلى جانب الأم التي كانت تُدير الأمور الحياتيّة بالذَّكاء العاطفيّ بعيداً عن الذَّكاء التّحليليّ والتي لم تُسخّر خبرتها كالرَّجل في خدمتها، بل كرّستها في خدمة الحياة المشتركة ولم تخالف الثُّنائيّة الطبيعيّة إلى جانب الرَّجل، بل كانت تقوم بتربية وتعليم الفئة الشّابّة وتدرّبهم على كيفيّة الاستفادة من الموجودات الماديّة والمعنويّة، وتُسخّرها لخدمتهم والارتقاء بنمط عيشهم، وكانت هي الرّائدة والمبادرة بالقيام بالأعمال اليوميّة التي تقع على عاتقها، لضمانة صيرورة حياة (الكلان).
لكن رُبَّما لأنَّ جانبها المعنويّ لم يَكن مهمَلاً كالرَّجل الذي كان مُهمِلاً في الحياة بشكله الكلاني، قبل أن يعرف دوره في إنجاب الأولاد، حيث كان يعاملهم – أي الأولاد – كعدد، وبعد أن يكبر في السِنِّ يُقدّمون له الطعام والشَّراب. أمّا المرأة فكانت مقدّسة من قبل (الكلان)، وخصوصاً بعد أن تكبر في العمر لتصبح عرّافةً وسيّدة فيه. بل وبعد وفاتها يوضع رأسها إلى جانب مسكن (الكلان) لحماية أفرادها، نظراً للاعتقاد السّائد ذاك الحين بأنَّ روحها تحمي (الكلان) من الشرّ. ورُبَّما لأنَّها (أمٌ) أيضاً ولم تتحوّل إلى سُلطةُ ولم يتفوّق نقيض الإدارة عندها على الإدارة. وهذا قد يشير إلى صراع منذ الأزل بين الرَّجل والمرأة، لكن الصراع كان بادئ الأمر كان من أجل تأمين صيرورة الحياة للكلان لا من أجل تأمين صيرورتهم على حساب (الكلان). حيث كان الرَّجل إلى جانب المرأة يشكّلان إدارة المجتمع المتمثّل بـ(الكلان) آنذاك. ومع التغييرات تأرجحت كفّة النّقيض للإدارة (السُّلطَة) على الإدارة، وخصوصاً عند الرَّجل، وذلك رُبَّما بسبب الظرف الذي كان يعيش فيه ولإهمال جانبه المعنويّ بسبب ذهنيّة (الكلان)، والجهل الاجتماعيّ الذي عاش فيه.
هنا إن عُدنا إلى الحقيقة الكونيّة القائمة على مبدأ ثُنائيّة التَّضاد، سنرى أنَّ الإنسانيّة أيضاً اُغتُصِبت على يد الرَّجل بسبب الخلاف والتمييز بين الجنسين. ومَرَدُّها الذّهنيّة السُّلطويّة الذّكوريّة والتي لم تكن موجودة في المجتمع الطبيعيّ، ولهذا كان الرَّجل والمرأة معاً يشكّلان مفاصل الحياة والإنسانيّة.
أشكال الإدارة:
1 – الإدارة الذّاتيّة:
وتتمثّل في مشروع الإدارة الذّاتيّة الدّيمقراطيّة، وهي إدارة الشّعب والمجتمع لنفسه بنفسه، وقدرة هذا المجتمع على توجيه نفسه وحلّ قضاياه بنفسه. وهي الهيكل التّنظيميّ وجسد النّظام الدّيمقراطيّ والكومونياليّ (الرّوح الجماعيّة). ويهدف الوصول بالمجتمع إلى حالة يمتلك فيه الإدارة والقرار. أي أن تكون إدارة المجتمع من المجتمع بالذّات وليست من خارجه لكي يتمكن من قيادة نفسه وفقاً لرغباته، نظراً لإدراكها – أي الإدارة – بعاداته ومعتقداته وتقاليده، وبالتّالي تبنّيه للإدارة؛ لأنّها تمثّله. وعلى هذا الأساس يطوّر المجتمع الإدارة ويحافظ عليها، لأنّها تتحرّك وفقاً لمصلحته، لذلك يبدي مقاربات إيجابيّة منه لارتباطه العاطفيّ. وفي هذه الحالة لا يمكن للإدارة أن تتحوّل إلى سُلطةُ/ ولا المجتمع يخرج على الإدارة، وبهذا الشّكل السلس تنتهي المشاكل البشريّة القائمة على مبدأ الإدارة والقيادة، وهذه تمثّل حقيقة المجتمع البشريّ قبل حوالي 3500 عام قبل الميلاد، حيث كان المجتمع آنذاك يعتمد على الإدارة الذّاتيّة والقيادة في طريقة عيشه، قبل تحوّلها إلى الإدارة الرّئاسيّة والسُّلطَة بتغيّر العوامل والظروف.
2 – الإدارة الغريبة:
وهي القريبة من الإدارة الرّئاسيّة، التي غالباً ما تكون من خارج بيئة ذاك المجتمع، وتتحرّك وفقاً لمنصبها المخوّل لها، ولا تربطها بالمجتمع أيُّ علاقة إثنيّة ولا تجمعها معه معتقدات وعادات ذاك المجتمع. فتديره بناءً على المهارات الإداريّة والخبرات العمليّة والذَّكاء التّحليليّ وبما يتناسب مع مصالح الجهة العليا التي تشرف عليها، ما يُسبّب في اندلاع الخلافات والنّزاعات وتأجّج النّعرات الشّوفينيّة والقوميّة لدى المجتمع، والتي في حقيقتها لا تُمثّل حقيقة المجتمع البشريّ، بل هكذا إدارة تَستمدُّ شرعيّتها من فائض القوّة اتي تمتلكها وفرض السُّلطَة. وتاريخها يعود إلى حوالي 3500 عام قبل الميلاد.
أشكالُ السُّلطَة:
للسُلطةُ أشكال كثيرة، نظراً لانغماسها في أدقِّ تفاصيل الحياة اليوميّة وتسلّلها وتسرّبها حتّى إلى الشُّعيرات في جسد الإنسان، وهي متداخلة مع الإدارة وتحاول دائماً التهامها. إنَّ السُّلطَة تفرض نفسها في عصرنا الحالي كإدارة ضروريّة لا يمكن الاستغناء عنها، بل وتوهمنا بحتميّة الفوضى والنّزاعات الأبديّة بين البشر في حال غيابها، وتُسيّر نفسها كحقيقة مطلقة في الواقع الاجتماعي. لكنّها لا تغدو كونها حقيقية واهية، بل ومناهضة للحقيقية في الواقع الاجتماعيّ المُعاش.
قبل أن تُقحم السُّلطَة نفسها في بنية المجتمعات مع ولادة المدنية والرّأسمال للقضاء عليها، ومن ثُمَّ ارتداؤها قناع الإدارة بعد نفيها لها. ومن يومها وإلى الآن نحن مخدوعون بالقناع المزيّف للإدارة على وجه السُّلطَة. لكن بعد التّحليلات الذي قدّمها الفيلسوف عبد الله أوجلان؛ سقط القناع عن وجهها الحقيقيّ، الذي بدأ بالآلهة السّومريّة المقنّعة والآلهة العُراة في عصر الحداثة الرّأسماليّة. ومن هنا سنُقدّم بعض الأفكار لنُحدث هزّة بل ثورة في النّفس البَشريّة وتَهتزُّ معها القناعات المثبّتة بقواعد الإيديولوجيا المتعصبّة، ولتعيد السُّلطَة حساباتها من جديد حول حقيقتها المزيّفة. ولكنّ السّؤال الجوهريّ يمثّل في البديل عنها. كما توجد السُّلطَة الاقتصاديّة والاجتماعية، والكثير من أشكال السُّلطات المتجذّرة والمتداخلة مع الإدارة، وسببها الرّئيسيّ غياب الوعي.
السُّلطَة الفكريّةُ:
إنَّ سُلطةُ الفكر هي السُّلطَة الأخطر على الإطلاق، وهي الأساس والمرجع لباقي أشكال السُّلطَة، لأنَّها تشكّل الذّهنيّة والإيديولوجيّة المُحرّكة والمتحرّكة في النّفس البشريّة، وتحدّد رغباتها وأهدافا، بسبب سيطرتها على جوانبها الماديّة والمعنويّة، فتسيّرها وفقاً لرغباتها وأهدافها نحو الهدف المُراد. مثال: النَصُّ الدّينيّ الإسلاميّ، حيث يُشكّل النَصُّ الدّينيّ الإسلامي إطاراً مرجعيّاً عامّاً للفكر العربيّ الإسلاميّ، فكان له، من حيث هو نَصٌّ، دور محوريٌّ في توجيه التطوّر اللّاحق لذاك الفكر. وشكّل النَصُّ (القرآن والسُنّة) سُلطةُ فكريّة حكمت منذ البداية مُجمل عمليّة الإنتاج المعرفيّ الإسلاميّ في العصرين الأوّل والوسيط، وحدّدت أبعاده المعرفيّة والمنهجيّة وهيمنت على توجّهاته المتعدّدة، لارتباطها المثيولوجي بالخالق الميتافيزيقيّ، والخوف من العقاب والآخرة، فحجّمت تفكير المجتمع ورسمت له الطريق المُسيّر والمُخيّر وفقاً للعقيدة.
إذاً لا يمكن فصل السُّلطَة الدّينيّة هنا عن سُلطةُ الفكر؛ لأنَّ كلّ منها تستخدم الآخر لتحقيق أهدافها. والدّين نفسه هو عبارة فكرة، والفكرة ولّدت الدّين وتجاوزته وعادت إليه مع التكرار، تماماً كـ(الطّاقة والمادّة)، حسب جدليّة هيجل.
ولقد استخدم علماء الاجتماع السُّلطَة الفكريّة لمصلحة السُّلطَة السّياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة، وسيّرت الأفكار إلى الاستسلام والرّضاء والاقتناع بالسُّلطَة، كما فعل الإسلام، بغضِّ النَّظر عن صحّة أو خطأ الفرضيّة في موضوع القدر والقدريّة.
وتنبع من مقولة “ديكارت”، أنا أفكر إذاً أنا موجود، معظم القضايا الاجتماعيّة، لتتطوّر إلى وضع قوانين وتشريعات تكبّل من حُرّيّة المجتمع. وكلّ الاعتقاد أنّ أكثر من مثّل التوجّه الفكريّ في السُّلطَة هو ميكيافيللي، والذي أجرم بقوله: “الغاية تُبرّر الوسيلة”. فإن أردنا نفي السُّلطَة والتحرّر منها، يجب أن نبدأ أوّلاً بسُلطةُ الفكر ونعيد برمجة الأفكار، ونصحّح الجداول المؤرشفة في الذّاكرة المجتمعيّة التي كُتِبَت بيد السُّلطَة منذ حوالي خمسة آلاف عام، وعلينا أن نعتمد في ذلك على العصور القديمة ومراجعة التّاريخ غير المكتوب، من خلال دارسة الواقع المُعاش آنذاك وخصوصاً بشكله الكلاني، وصياغة التّاريخ المكتوب بحياديّة تامّة.
السُّلطَة الدّينيّة:
لا يمكن فصل سُلطةُ الدّين عن سُلطةُ الفكر؛ لأنَّ الدّين نفسه فكرة ولِدت من جديد. وتحتلُّ سُلطةُ الدّين المرتبة الثّانية في هرم السُّلطَة، وهي متساوية مع السُّلطَة السّياسيّة الممزوجة معها. لكن الدّين، وبغضِّ النّظر عمّا إذا كان ديناً سماويّاً أو من صنع البشر، وحسب قانون الثُّنائيّة والتّضاد، قد قدّم مساهمات إيجابيّة للمجتمع البشريّ، وكذلك أثّر عليه سلباً أيضاً، في مختلف مراحل التّاريخ منذ نشوء الأديان، وكذلك اختلاف تطبيق تعاليمها عبر الزّمن، وخصوصاً بعد وفاة الأنبياء الحاملين للرّسالة السّماويّة، والقادة الحقيقيّين لها، حيث دخلت الأديان في منعطفات وخرجت من سياقها الطبيعيّ وتحوّلت إلى سُلطةُ سياسيّة بأيدي الخلفاء والحكّام، ومازالت أداة للسُلطات في عصرنا الحالي عبر الدّول القوميّة. لكن الدّين كفكرة، له تأثير كبير على الفرد والمجتمع، لأنَّه يسيطر على جوارحه من خلال سيطرته على الذّهنيّة عن طريقة الإيديولوجيّة العقائديّة (العقيدة/ الشّريعة) المبنيّة على الميثولوجيا، والمعتمدة على الإله الميتافزيقيّ والخوف من العقاب في الآخرة. لكنَّ هذا الخوف الميتافزيقيّ؛ رسم خطّاً أخلاقيّاً في المجتمع، وكان الرّادع والعاصم عن الأخطاء المنصوص عليها في العقيدة، كما نظّم العلاقات الاجتماعيّة ضمن المجتمع، وخلق التّوازن والاعتدال. ورُبَّما كان هذا هو الهدف من الإله الميتافزيقيّ، قبل أن يتحوّل ويُستغل لصالح الدّين السُّلطويّ والسّياسيّ، وقبل أن يقع الدّين نفسه فيما بعد في المطلقيّة الفرضيّة (الإله الميتافيزيقيّ) المُقترحة لتحقيق الهدف المرجو وهو الأمان والسّلام، وليصبح هدفه النّهائيّ إرضاء هذا الإله الميتافيزيقيّ، والذي رُبَّما صُنِعَ كفكرة ووسيلة، ليبدّل منهجه لاحقاً؛ نظراً لحاكميّة الفكرة عليه فيما بعد، ليغدو المصطنع هو الصانع أي المخلوق هو الخالق.
فالأمثلة عن السُّلطَة عديدة، تناولنا أهمّها، ولسُلطةُ القانون والسّياسة دورٌ رئيسيٌّ ومترابط مع السُّلطَة الفكريّة والدّينيّة أيضاً.
سُلطةُ الأبوين:
هي السُّلطَة المتجذّرة من الدّور الطبيعي الذي أفرزته الطبيعة لهما كأب وأم. وتختلف حجم ممارستها بينهما بسبب اختلاف طبيعة عمل ودور كلّ منهما. وسُلطةُ الأم تكون أقلّ حدّيّة من سُلطةُ الأب غالباً، وذلك من خلال تعاملها مع الأبناء، نظراً للعاطفة الزّائدة باعتبارها أمٌ. ويكون التّعامل بلطف تارّةً وبالعنف تارّةً أخرى حسب الموقف مع الأبناء بهدف تحقيق حياة أفضل لهم.
هنا لو قارنا سُلطةُ الأبوين مع السُّلطَة الدّينيّة الميتافيزيقيّة، والهدف منها، سنجد أنَّها طبيعيّة. لكن لو وقع الآباء في الفخّ الذي وقع فيه الدّين وصدّقوا الميتافيزيقيا، وحوّلوا أنفسهم إلى سُلطةُ ضروريّة وحتميّة لا يُستغنى عنها، حينها سيخروجون عن الطبيعة وتتحوّل حياة الأسرة إلى جحيم لا يُطاق، خصوصاً في حالات الاصطدام بين الأم والأب، وهو شبيه بالاصطدام بين الأديان حول العقيدة. والتّنافر بين الأبوين يخلق طابعاً سلطويّاً في نفس الأبناء، ومنها تبدأ المشاكل الاجتماعيّة فيما بعد. لذا يجب خلق التّوازن بين الذَّكاء العاطفيّ والتّحليليّ في التّعامل مع الأبناء، وتشكيل الثُّنائيّة بين الأب والأم في التربية، فضلاً عن تحقيق مبادئ الحياة الندّيّة الحُرّة ضمن الأسرة.
النتيجة:
إنَّه مع إدراك الفرق بين مصطلحي الإدارة والسُّلطَة، يمكننا من إعادة صياغة وترتيب حياتنا الاجتماعيّة وسلوكيّاتنا اليوميّة، والعيش بطريقة أفضل لتتواءم مع حقيقتنا الإنسانيّة. لذا يجب على كلّ منّا أن يبدأ ثورته الذّهنيّة، ويقوم بترويض الأنا بعيداً عن السُّلطَة وضمن الجماليّات المعنويّة لا الشكليّة، حتّى نعيد التّوازن للثُّنائيّة الطبيعيّة، للوصول إلى الحياة الندّيّة الحُرّة بشكلها الكومونياليّ والإيكونومي.
هنا وبحسب المقاربة السّابقة؛ نرى بأنَّنا نسير حقّاً في تلك الصحراء (السُّلطَة) ولا زلنا نركض خلف السَّراب فيها، في سبيل الوصول إلى الدّيمقراطيّة والحُرّيّة. وما هو مؤكّد في هذه الحالة هو الموت عطشاً قبل بلوغ الحُرّيّة والدّيمقراطيّة. وما إصرارنا على البحث عنهما في غياهب السُّلطَة إلا جنونٌ بحدِّ ذاته؛ لأنَّ الحُرّيّة والدّيمقراطيّة مفقودان أصلاً في ثنايا السُّلطَة، تماماً كما المياه في الصحراء، لذا يجب البحث عن الإدارة والخروج من الصحراء (السُّلطَة)، وإلا سنموت عطشاً فيها.
أشكالٌ أخرى من السُّلطات:
1 – السُّلطَة السّياسيّة:
هي الشكلُ الأكثر رواجاً وشيوعاً. وتُعَبِّر عن وظيفةِ الإدارة والتّشريع والتّنفيذ للدّولة وإسقاطاتها (كنماذجِ الأحزاب ومنظّماتِ المجتمع المدنيّ التي تأخذ الدّولةَ أساساً). وهي الشكلُ المُعَيِّن بنسبةٍ فائقة، إذ طالما رَجَحَت كفّتُه في التركيز عليه واللّجوء إليه على طولِ مِحَكِّ التّاريخ.
2 – السُّلطَة الاقتصاديّة:
وتُعَبِّر عن القوى الاحتكاريّة القائمة على تنفيذِ عمليةِ سلبِ فائضِ الإنتاج والقيمة والاستيلاء عليه. وقد طُبِّقَت الأشكالُ العديدةُ منها في سياقِ التّاريخ.
3 – السُّلطَة الاجتماعيّة:
وتُعَبِّر عن عمليةِ وتقاليدِ القوة التي تُسَلِّطها الشّرائحُ الاجتماعيّة الأساسيّةُ على بعضها البعض. ولها تقسيماتُها العديدةُ الهامّة ذات الأصولِ المتأتيّة من العائلة، الطبقة، الجنس، والإثنيّة. هذا إلى جانبِ تناوُلِ بعضِها الآخر بشكلٍ منفصلٍ بذاته. فمثلاً؛ الأب في العائلة، نَهَّابُ القيمةِ الزّائدة في الطبقيّة، الرَّجلُ في التمييز الجنسيّ، والمضطَّهِد المتحكّم في التمييز الإثني؛ كلّهم يمثّلون السُّلطَة.
4 – السُّلطَة الأيديولوجيّة:
وتعني الذّهنيّةَ الحاكمةَ المُديرةَ لدُفّةِ الحكم. الشخصياتُ والمجموعاتُ رفيعة المستوى في العلاقات العلميّة والثّقافيّة هي في منزلةِ السُّلطَة الأيديولوجيّة.
5 – السُّلطَة العسكريّة:
وهي المؤسّسةُ الأولى في تكافئها مع السُّلطَة. وهي شكلُ السُّلطَة الأكثر تطرّفاً، والأكثر لا اجتماعيّة، والأكثر لا إنسانيّة. إنها أُمُّ جميعِ السُّلطات (أو بالأحرى أبوها).
6 – السُّلطَة الوطنيّة:
وهي السُّلطَة المركزيّةُ السّارية ضمن إطارِ الأمة. وتحرص على التّعبير عن ذاتها على أنَّها واحدةٌ لا تتجزّأ. يمكن نعتها بالهيمنة الوطنيّة أيضاً.
7 – السُّلطَة الكونيّة:
وتُعَبِّرُ عن مستوى هيمنةِ المدنيّة أو الحداثة أو إمبراطوريّتها. والحداثةُ الرّأسماليّة في حاضرنا تستخدم سُلطتها هذه بريادةِ الولايات المتّحدة الأمريكيّة من خلال الاحتكار الاقتصاديّ العالَميّ والدّول القوميّة.