مفهوم التكامل الاقتصادي في الشرق الأوسط
خليل القاضي
يُعتبر الاقتصاد المؤشر الفعلي وانعكاس عملي لتطور المجتمعات من عدمه، فكلما كان الاقتصاد قوياً ومتماسكاً نعِمَ المجتمع بالرخاء والرفاهية، وبالتالي يؤدي ذلك إلى منح الدولة ذات الاقتصاد القوي قوة وحضوراً فاعلاً في السياسة, حيث يرى المراقبون والباحثون أن هناك علاقة وثيقة بين السياسة والاقتصاد، فالدولة القوية اقتصادياً يمنحها مناعة من التدخلات السياسية وفرض أجندات لا تلائم توجهاتها، هذا على صعيد الدولة الفرد بوصفها شخصية معنوية وما يمنحها الاقتصاد القوي من مكانة، فما بالكم بمجموعة دول تنتمي إلى ذات المحيط الاقتصادي, وهناك نوع من التجانس السياسي فيما بينها ولو في حدوده الدنيا، وقبل الخوض في تناول التكامل الاقتصادي بين مجموعة الدول وتحديداً في الشرق الأوسط لا بد لنا من الوقوف على تعريف الاقتصاد عموماً, ومن ثم التعرف على مفهوم التكامل الاقتصادي، لنتناول بعدها ما للتكامل الاقتصادي في الشرق الأوسط وما عليه.
فالاقتصاد علم من العلوم الاجتماعية يدرس السلوك البشري والرفاهية كعلاقة بين المقاصد والأهداف التي لها استعمالات بديلة، وبين الموارد المتاحة المحدودة والنادرة.
ومصطلح (اقتصاد) لغوياً يعني التوسط بين الإسراف والتقتير(جاء في مختار الصحاح: “القَصْدُ بين الإسراف والتقتير, يقال: فلان مُقْتِصدٌ في النفقة”)، وتعددت التعاريف لمصطلح (اقتصاد) إلا أن التعريف الأكثر رواجاً واعتماداً والأشمل لخصائص الاقتصاد الحديث المعاصر هو تعريف (ليونيل روبنز) في مقالة نشرها عام 1932 حيث يقول: «الاقتصاد هو علم يهتم بدراسة السلوك الإنساني كعلاقة بين الغايات والموارد النادرة ذات الاستعمالات المتعددة”.»
فالندرة: تعني عدم كفاية الموارد المتاحة لإشباع جميع الاحتياجات والرغبات الإنسانية, وغالباً ما يشار إلى الندرة بأنها (المشكلة الاقتصادية) وبمعنى آخر نجد أن المشكلة الاقتصادية هنا تدور حول الاختيار وما قد يؤثر بانتقاء هذا الخيار من محفزات وموارد.
ونظراً للتطور الذي يشهده العالم على الصعيد الاقتصادي، وبروز اقتصادات مغايرة للاقتصادات التقليدية التي ارتكزت على القطاعات التقليدية في الاقتصاد، إلا أن الاقتصادات الحديثة والتقليدية خلقا نوعاً من العلاقات الاقتصادية التي أصبحت تميز الاقتصاد العالمي، ونتيجة تطور تلك العلاقات برز اتجاه إلى أيجاد صيغة تقوّي تلك العلاقات؛ فكان الاتجاه نحو التكامل, وزيادة الترابط والتشابك بين الاقتصادات، والاتجاه نحو تشكيل تكتلات اقتصادية إقليمية، فكان قيام تجمعات اقتصادية مثل الاتحاد الأوروبي، ومجموعة البريكس وغيرهما من التكتلات الاقتصادية، إضافة إلى قيام تكتلات اقتصادية، سواء في إطار ثنائي أو شبه إقليمي أو إقليمي.
وعليه تعددت التعاريف التي تناولت التكامل الاقتصادي حيث لم يتفق المفكرون الاقتصاديون على تعريف واحد، لكن قبل التطرق إلى مفهوم التكامل الاقتصادي، لابدّ من التعريف بمصطلح التكامل والذي بدأ استعماله في سنة 1620 في قاموس أكسفورد وتعريفه ب “جعل الأجزاء المتفرقة كلاً متكاملاً”.
فالتكامل الاقتصادي يعرف: “بأنه عبارة عن عملية تحقيق اعتماد متبادل بين اقتصاديات مجموعة من الدول بدرجات مختلفة قائمة على أسس معينة، مستخدمة في ذلك مداخل مختلفة بهدف زيادة وتدعيم القدرة الاقتصادية والاجتماعية للدول الأعضاء”.
وعرّفه الاقتصادي “بيلا بالاسا” بأنه “عملية إلغاء تام للحواجز الجمركية بين وحدات اقتصادية قومية مختلفة”. ورغم التعدد والاختلاف في تعريف التكامل الاقتصادي إلا أنه برز اتجاهان حيال التكامل، الأول هو اتجاه عام يعرّف التكامل على أنه أي شكل من أشكال التعاون أو التنسيق بين الدول المختلفة دون المساس بسيادة أي منهما، ويُنتقد هذا التعريف لاتساعه. فيما الثاني هو اتجاه أكثر تحديداً, إذ يعتبر التكامل عملية لتطوير العلاقات بين الدول وصولاً إلى أشكال جديدة مشتركة بين المؤسسات والتفاعلات التي تؤثر على سيادة الدولة.
هنا تجدر الإشارة إلى أنه قبل الحرب العالمية الثانية لم نشهد قيام اتحادات جمركية بين الدول، ولكن بعد أن وضعت تلك الحرب أوزارها شهد العالم قيام عدد من التكتلات الاقتصادية على طريق التكامل الاقتصادي في أوروبا وأميركا اللاتينية والقارة الإفريقية، وبدا غياب هذا المفهوم عن منطقة الشرق الأوسط واضحاً لجهة بذل جهد جدي لقيام مثل هكذا تكامل أو تكتل, واكتفى ميثاق جامعة الدول العربية بطرح الفكرة نظرياً على الورق دون جهد جدي في هذا الخصوص, على الرغم من أن المكونات الأساسية لهكذا تكامل متوفرة.
فماهي أسس التكامل الاقتصادي؟
يحدد الاقتصاديون أسس التكامل الاقتصادي بتوفر مجموعة من المعطيات, ومنها استفادة التكتل من ميزة التخصص وتقسيم العمل الاقتصادي على أفراد المجموعة الاقتصادية (الدول)، إضافة إلى توجه المؤسسات الإنتاجية الاقتصادية نحو الاندماج للاستفادة من مزايا الإنتاج الكبير, مما يشكل عاملاً ديناميكياً يوفر القدرة على تطوير الإنتاج وتحديثه ومواكبته للتطور التكنولوجي. وكل ذلك مستند إلى خطة واضحة تكون مشتركة من أجل التنمية تؤدي إلى استغلال كافة الموارد الاقتصادية وتوظيفها بما يخدم التكتل الاقتصادي، وبالتالي هذا سيؤدي إلى تذليل المعوقات التي يمكن أن تعترض تنفيذ المشاريع المشتركة.
إضافة إلى ذلك لابد من قيام التكتل بوضع مخطط اقتصادي يتلاءم مع احتياجات وإمكانيات الدول المنضوية في التكامل الاقتصادي، الأمر الذي سيؤدي حكماً إلى قيام صناعات واقتصادات متكاملة ومترابطة على أسس اقتصادية واضحة، ما سيسمح بإقامة مشاريع على أسس عصرية تعتمد على التكنولوجيا والمعرفة، ما سيعكس تطوراً متوازناً للقوى الاقتصادية والإنتاجية في الدول التي تشكل التكتل الاقتصادي.
وبالتالي فإن نجاح التكامل الاقتصادي بين دولتين أو أكثر يتوقف على كون هذه الدول ذات أنظمة اجتماعية واقتصادية متجانسة، وهذا الأمر متوفر في دول الشرق الأوسط عموماً، فما يجمع الدول الشرق أوسطية على الصعد الاجتماعية وحتى الاقتصادية الكثير من المقومات التي يمكنها إنجاح أي تكامل اقتصادي، ولكن قبل الخوض في تفاصيل النجاح والإخفاق لهكذا تكامل اقتصادي؛ يجب علينا بداية تحديد الأهداف العامة للتكامل الاقتصادي.
حيث إن أهداف التكامل الاقتصادي لا تختلف من حيث المبدأ بين الدول النامية والدول المتقدمة، إلا أن أهمية كل منها تختلف بالقياس إلى الدول النامية عنها بالنسبة للمتقدمة، وتجدر الإشارة إلى أنه و إن كانت الاعتبارات الاقتصادية أقوى ما تكون إلى تبرير التكامل الاقتصادي بالنسبة للبلاد النامية, فهناك جوانب غير اقتصادية، ويمكن أن نوجز أهم تلك الأهداف في ما يلي:
_ إن تحقيق طفرات في الإنتاج تقف في مقدمة الدوافع الاقتصادية، وتزداد أهمية هذا الدافع بالنسبة لمستقبل التصنيع في الدول النامية, فاتساع حجم السوق يشجع على توجيه الاستثمارات توجيهاً اقتصادياً سليماً، وإعادة تكوين الحركة الحرة للسلع ورأس المال, والعمل من دولة إلى أخرى من خلال إزالة العوائق التي تحول دون ذلك.
_ الاستفادة إلى أقصى حدّ ممكن من المنافع الناجمة عن التخصص على صعيد المنطقة التكاملية، ومن ناحية أخرى لما كان يتوقع أن ينجم عن اتساع نطاق السوق الذي يتحقق بفضل التكتل عن ازدهار التوقعات الاقتصادية بالنسبة للمستقبل، فإن من المتوقع أن يتمخض التكتل ليس فقط عن ارتفاع مستوى تشغيل المقدرة الإنتاجية بل ربما يؤدي ازدهار هذه التوقعات إلى دفع الاستثمارات الخارجية للولوج إلى منطقة التكامل الاقتصادي، ما سيؤدي إلى الارتقاء بمستوى الاستثمار.
_ كما أن التكامل الاقتصادي سيساهم في عملية التنمية الاقتصادية؛ كونها ستصبح أيسر وأسهل بالتزامن مع قيام التكامل الاقتصادي، وبالتالي الاستفادة من اتساع السوق ووفرة عنصر العمل ما سيؤدي إلى خلق فرص جديدة تعمل على النهوض بالإنتاج والاستثمار والدخل والتشغيل.
_ فالتكامل الاقتصادي سيؤدي إلى تنويع الإنتاج بطرق اقتصادية، وهذا سيحمي اقتصاديات الدول الأعضاء من بعض الانتكاسات والتقلبات والسياسات الأجنبية.
_ كما أن التكامل الاقتصادي سيرفع مستوى رفاهية المواطنين في دول منطقة التكتل الاقتصادي، و سيمكّنهم من الحصول على السلع الاستهلاكية بأقل الأسعار الممكنة نظراً لإزالة الرسوم الجمركية من ناحية وإلى تخفيض تكاليف الإنتاج الناتجة عن توسيع رقعة السوق من ناحية أخرى.
_ والتكامل الاقتصادي سيساهم في التقليل من اعتماد دول التكتل على الخارج, وبالتالي من تأثيراته الاقتصادية والسياسية, فالتكامل يؤمن الاستقلالية السياسية والاقتصادية، ولكي تتحقق أهداف التكامل الاقتصادي لا بدّ من توفر مقومات اقتصادية وسياسية وثقافية، و بخصوص المقومات الاقتصادية فإنها تتمثل في:
ـ توفر الموارد الطبيعية: حيث إن عدم توفر تلك الموارد بشكل كافٍ لدى بعض الدول قد يحفّزها للدخول في تكامل مع غيرها من الدول التي تتوفر لديها تلك الموارد .
ـ توفر عناصر الإنتاج اللازمة للعملية الإنتاجية: ويُبرز هذا الجانب أهمية عنصر العمل الاقتصادي والفني الماهر لأهميته بالنسبة إلى العملية الإنتاجية وتحقيق الكفاءة فيها.
ـ توفر البنية الأساسية: ويُقصد بها الطرق ووسائل النقل والاتصال وغيرها ، ويُعدّ هذا المقوّم عنصراً مهماً في نجاح أي تكامل اقتصادي، وبدونه يبقى التكامل محدوداً.
وتجدر الإشارة إلى أن هناك أشكالاً عدة للتكامل الاقتصادي هي:
1ـ منطقة التجارة الحرة: حيث تعمد البلدان الأعضاء إلى تحقيق الرسوم الجمركية والقيود الكمية بالتدريج حتى النزول بشكل تام و تحقيق حرية انتقال السلع، ولا تتضمن منطقة التجارة الحرة هذه بالضرورة حرية انتقال الأسواق والأشخاص، ويحتفظ كذلك بموجبها كل بلد بتعريفاته الجمركية تجاه البلدان غير الأعضاء.
2ـ الاتحاد الجمركي: ويتميز بإلغاء جميع أصناف التمييزات والحواجز فيما يتعلق بحركة البضائع داخل نطاق الاتحاد، وتوحيد التعريفات الجمركية للدول الأعضاء تجاه العالم الخارجي, ولا يتضمن ذلك بالضرورة حرية انتقال الأموال والأشخاص.
3ـ السوق المشتركة: التي تشكل درجة أعلى من السير نحو الوحدة الاقتصادية, لأن الإلغاء لا يشمل التعريفات الجمركية و القيود فقط؛ أي المبادلات التجارية, ولكن أيضاً القيود المفروضة على حرية تنقّل عوامل الإنتاج ورؤوس الأموال والأشخاص.
4ـ الوحدة الاقتصادية: التي إلى جانب زوال القيود على انتقال السلع وعوامل الإنتاج تهدف إلى تنسيق السياسات الاقتصادية القومية بين الدول الأطراف بغية إزالة التمييز الناشئ عن اختلاف هذه السياسات.
ولنجاح هذه الأشكال لا بد من توفر عدة شروط تتلخص بالتالي:
تنسيق السياسات القومية الاقتصادية: يقتضي التنسيق في مسألة التعرفة الجمركية والنقدية والسياسة التجارية تجاه الدول خارج التكتل وشؤون النقد، وبعض العناصر الضريبية والأوضاع الاجتماعية وسياسات الاستثمار، وتستدعي عملية التنسيق التشريعات والسياسات الاقتصادية القومية ووجود أجهزة متخصصة ومؤسسات تتمتع بالصلاحيات المطلوبة للعمل، مسايرة للظروف الاقتصادية الوطنية وسياساتها الاقتصادية.
توفر الأيدي العاملة المدربة: إذ يُعتبر من العوامل المؤدية إلى نجاح التكامل الاقتصادي، ويتيح للدول الأعضاء استخدام مواردها الإنتاجية بطريقة فعالة مستمرة، كما يمكنها في الوقت نفسه تنمية هذه الموارد وزيادة حجمها، وتكون النتيجة زيادة الإنتاج الكلي ومستوى المعيشة في الدول المتكاملة, وبالتالي زيادة التعاون الاقتصادي فيما بينها.
تجانس الاقتصاديات القابلة للتكامل: يجب أن يكون التكامل بين الاقتصاديات ذات الهياكل المتجانسة والمتماثلة والقابلة للتكامل، وتكاملها يعني خلق فضاء حقيقي متضامن من حيث لا وجود للاختلافات الاقتصادية بين الدول الأعضاء، وإلا سيسيطر اقتصاد بلد ما على اقتصاديات الدول الأخرى.
وضع شبكة إقليمية ملائمة للنقل والموصلات: إذ إنه من الضروري توفر شبكة واسعة للنقل والمواصلات بين الدول الواقعة في إطار التكتل الاقتصادي، فتوفر هذه الشبكة يُعتبر عاملاً حاسماً في ضمان تأثير حقيقي لإلغاء الحواجز التي تعترض التبادل التجاري بين الدول المتكاملة.
ضرورة التدرج والآلية: يجب أن يكون التكامل تدريجياً وآلياً بشكل يسمح للاقتصاديات المختلفة التأقلم مع حجم السوق الجديد، لأن التحولات الداخلية للبضائع والأموال تخلق بعض المشاكل بحيث لا يمكن تجاوزها إلا في المراحل الأخيرة من التكامل، كما يجب الاتفاق على صيغة تدريجية وآلية تأخذ بعين الاعتبار الأوضاع الخاصة لكل بلد.
وتجدر الإشارة إلى أنه يتطلب نجاح التكامل بين الدول الأعضاء توفر الثقة بينهم، واقتناع الرأي العام والهيئات الاقتصادية القومية مثل الحكومات, بأن هذا التكتل سيحافظ على التزامه بأمانة في بذل الجهود المطلوبة لإنجاح التكتل.
التكامل الاقتصادي يمنح مزايا مختلفة للدول المنضوية فيه, إلا أنه ينطوي على عيوب وتكاليف، فتحقيق الاتحاد الشامل عملية صعبة وليست مجانية, بل تقتضي تحمّل العديد من التضحيات والمصاعب منها:
ـ تحويل التجارة: وتتمثل في تبديل المستوردات ذات الأثمان المنخفضة من دولة غير عضو، بمستوردات ذات أثمان أغلى من دولة عضو.
ـ الآثار على ميزانية الدولة: قد يؤدي إلغاء الرسوم البينية إلى حدوث عجز على مستوى الميزانية العامة للدولة الناتجة عن خفض إيراداتها المتأتية من الرسوم الجمركية من شريكاتها، وتؤثر كذلك على سياستها المالية.
ـ توزيع المكاسب وتعويض الخسائر: المشكل الذي قد يقع بين الدول المتكاملة اقتصادياً هو كيفية توزيع الإيرادات المحصَّلة, وتطرح مشكلة عدم العدالة في تقسيم المكاسب وكذلك تحمّل بعض الدول خسائر ناجمة عن آليات التوزيع.
انتقال الأزمات: وفقاً لمبدأ الآثار التبادلية للتجارة الخارجية وتشابك الاقتصاديات، والتغذية العكسية للأزمات التي قد تتعرض لها دولة عضو على بعض الدول الأخرى، كما حصل خلال أزمة اليونان وانتقالها إلى دول الاتحاد الأوروبي.
ـ اختلاف درجة نمو اقتصاديات الدول الأعضاء: إن اختلاف درجة نمو اقتصاديات الدول الأعضاء وكذلك اختلاف المصالح الاقتصادية للمشروعات والصناعات المحلية لدول التكامل، يؤدي إلى اختلاف درجة الحماية الجمركية للمشروعات القائمة في كل بلد عضو، وعليه فإن إلغاء الحواجز الجمركية والتخلي عن سياسة الحماية لهذه المشروعات وفقاً لسياسات التكامل، يعرّضها لمنافسة خارجية قد تؤدي إلى القضاء عليها، وبالتالي يمكن القول إنه يصعب التخلي عن الحماية الجمركية لبعض المشروعات في بعض دول التكامل.
ـ مشاكل التعرفة الموحدة: من أهم الأمور الأساسية لقيام التكامل الاقتصادي بين مجموعة من الدول, هو إزالة الحواجز الجمركية مع الاتفاق مسبقاً على وضع تعرفة جمركية موحدة لمواجهة السلع الواردة من العالم الخارجي، إلا أنه من الصعب وضع تعرفة موحدة تُفرض على مجموعة الدول الأعضاء, وهذا يعود إلى صعوبة التوفيق بين المصالح المختلفة للدول الأعضاء في التكتل الاقتصادي.
وعلى الرغم من أهمية ظاهرة التكامل الاقتصادي كون الدول تحتاج إلى بعضها البعض, شرعت العديد من الدول إلى تشكيل تكتلات عديدة على أساس تحرير التبادل التجاري بين أعضاء التكتل، وتعزيز التعاون و التكامل الاقتصادي وتبادل الأفضليات التجارية وتنسيق القواعد التي تحكم التجارة فيما بينها, مثل الإجراءات الجمركية وقواعد المنشأ، و ذلك لتنال الدول العديد من الامتيازات الاقتصادية خاصة.
وعليه واستناداً إلى ما تقدم نجد أن التكامل الاقتصادي في الشرق الأوسط يملك المقومات النظرية لقيامه، غير أن هناك عقبات سياسية تحول دون قيامه على الرغم من اعتماد دول الشرق الأوسط الاقتصاد الحر وخصوصاً بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، إلا أن هذا لا يكفي، خصوصاً وأن هناك فجوات اقتصادية بين الدول إضافة إلى التوزيع غير العادل نظرياً للموارد الاقتصادية, ما سيجعل بعض الدول عالةً على دول أخرى، ناهيكم عن التوجهات السياسية داخل الدول حيث لا يوجد توافق تام يدفع نحو التكامل, فالحسابات القومية مازالت تطغى وتتقدم على ما عداها, وبالتالي يصبح من الصعب قيام تكامل اقتصادي, أضف إلى ذلك وجود كيان غاصب في فلسطين المحتلة يعمل جاهداً لتعطيل أي تكامل اقتصادي شامل، ولا ننسى أن منطقة الشرق الأوسط هي منطقة غير مستقرة سياسياً وتشهد توترات على الدوام, والتكامل الاقتصادي يحتاج إلى استقرار, وهذا ما ينقص الشرق الأوسط، غير أن التكامل الاقتصادي إذا تم بشكل تدريجي وثنائي قد يؤتي ثماره, وهذا ما يجب على دول المنطقة العمل عليه، حيث إن التطور الاقتصادي في العالم يحتّم الذهاب إلى التكامل الاقتصادي, وإلا لن تكون لاقتصادات المنطقة مكن على رقعة الشطرنج الاقتصادية لا في الإقليم ولا في العالم.