افتتاحية العدد 30: السلطة… بين الجمود والعقُم
هيئة التحرير
لم تقف السلطة عن قرع طبولها منذ أنْ تعرف المجتمع الإنساني على المفهوم المهيمن الدخيل هذا. تطفل مفهوم السلطة على قيم المجتمع الديمقراطي إلى اللحظة، لتستمد من الاستبداد والهيمنة أسباب استمرارها، رغم شهادة التاريخ المكتوب والغير مكتوبة على عقمه فوق أراضي معروفة بخصوبتها. حيث اتخذت السلطة أشكال عديدة ومختلفة منذ ولادة الطبقية التي بدأت بأول تصدع شهده المجتمع في العلاقة بين الجنسين واستطاعت الذهنية الذكورية إعلان نجاحها في صراعها ضد القيم الكومينالية للمجتمع الطبيعي والذي كان متمثلا بـ “الآلهة الأم” بعد صراع سلطوي مرير امتد لقرون عديدة. ولم تتغير حقيقة السلطة وبقيت على حالتها في كافة مراحل تحولها الحلزوني أو المستقيم.
تسربت السلطة كورم سرطاني ضمن المجتمع وخاصة بعدما اتخذت شكل آلية لإدارة المجتمع، والذي كان بعيداً عن هذه الحقيقة سواءً أكان متجسداً في ذات الرجل الشامان، القائد، الإمبراطور أو الدولة كأحدث الأشكال. عندما اتخذت السلطة شكل الدولة القومية التي تعتبر من أقوى دعائم الحداثة الرأسمالية وخاصة بشكلها الدوغمائي في الشرق الأوسط وكأنها قوة إلهية لا يمكن الاستغناء عنها، فقد المجتمع قدراته الإدارية ليحتل هذا المصطلح مكان الإدارة التي لم يقف مساعي المجتمع في العودة إليه بشكل إدارة ذاتية، كون السلطة قائمة على ثني إرادته على عكس أدارته الذاتية التي تنمو على خصائصه وأرادته المجتمعية الحرة.
تعود كافة أشكال التمرد والعصيان الاجتماعي في أصلها إلى بحث المجتمع عن إدارة ذاتية ديمقراطية يعبر من خلالها عن حريته المفقودة تحت نير الهيمنة السلطوية، وقد شهدت منطقتنا هذه الأزمات لتشهد أوائل القرن الحادي والعشرين أكبر حراك شعبي حطمت المجتمعات من خلاله جدار الخوف ضد هذا الشكل السلطوي المتمثل بالدولة القومية بعد أصابتها بهذه العدوى. عبرت الشعوب عن استيائها لهذا العملاق الكاسر عبر المطالبة بتحقيق نظام أداري ديمقراطي وقدمت التضحيات الجسام في سبيل تحقيق هذه المطالب. وبما إن كل شيء ينمو على جذوره مجدداً فان تحقيق إدارة ذاتية ديمقراطية على أرض الثورة النيولوتية “موزبوتاميا”، سيكون انبعاث جوهري في هذه المرحلة المسماة بالحرب العالمية الثالثة على حد تعبير قائد الشعب الكردي “عبد الله أوجلان”.
أن نموذج الإدارة الذاتية الديمقراطية في روج آفا وسوريا نموذج لضمان التصدي لكافة أشكال السلطة وبما فيها الدولة التي تتوجه صوب الجمود والعقم وخاصة في منطقة الشرق الأوسط التي اتخذت فيها شكل الدولة القومية آلة للقتل والدمار، لتكون الإدارة الحقيقية بيد المجتمع الذي بات يثق بقدراته على ترسيخ نظام أداري ديمقراطي حر.