افتتاحية العدد 14: قضايانا
هيئة التحرير
تترجم قضايانا الى مشاهد حافلة بالعملية والنداء في كل حين وأمام كل الطرق المؤدية الى الحل الديمقراطي، لأن الشعوب على دراية ووعي في ترجمة آلامها ومحترفة في معرفة مكامن سر الخلاص من مخلفات الانظمة التي تنهش بكيانها. حيث تعبر عنها في كل مناسبة وكل يوم دون هوادة، ولكن يكمن لب الموضوع في ترجمتها الى العملية الهادفة الى تحقيق الحرية والمساوة والعدالة، وكذلك في ايجاد السبل المؤدية الى تحقيق وحدتها الوطنية والديمقراطية حتى تعيش في كنف نظام قادر على التئام جراح كبده النازف منذ آلاف السنين. فأكثر من السعي الى مطالبة تحقيق الأهداف في التآخي والوحدة والسلام، ينبغي بالمثل معرفة منهاج وطرق تحقيقها للوصول الى هذه الحقيقة، وتاريخ الشرق الاوسط غني بتجارب ودروس في هذا المضمار. كونه الأرض البكر في ولادة المجتمع الطبيعي وأم للحضارات الانسانية. فلا يمكن التغاضي بأنه منبع لسير نهري الحضارة الدولتية والديمقراطية على حد سواء.
ان احياء قيم الحضارة الديمقراطية تأتي في مقدمة مهامنا الانسانية، وشعوب الشرق الاوسط كفيلة بريادة هذا الدور في كافة الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لكن لا يمكن ذلك بذهنية الحداثة التي تصب في حوض الليبرالية ولا بالذهنية الدوغمائية التي تنخر بعظام المجتمع حتى النخاع. ان تأمين صيرورة حياة مجتمع ديمقراطي يعتمد على وحدة وطنية وديمقراطية تشمل كافة القوميات والأثنيات والأديان والأطياف والمذاهب ومن دون تمييز. فالتعددية والفروقات لايمكن أن تكون سببا في إثارة قوام البعض على الآخر، كما تستغلها الحداثة الراسمالية من خلال سياسة الحداثة الليبرالية التواقة الى التهام الشعب الشرقي بظفر سياسة التغريب بقيادة الرأسمالية العالمية.
يحتاج الشعب الشرقي الى التحرر من براثن الانظمة الدولتية القوموية وتحويل الأرضية الثقافية الغنية الموجودة لديه الى أعمدة لبناء مجتمع سياسي أخلاقي وذلك من خلال بناء وحدة وطنية وديمقراطية. وهنا يدعو قائد الشعب الكردي “عبدالله اوجلان” الى عقد مؤتمر وطني ليكون الحجر الاساس في انطلاقة ديمقراطية ليس للشعب الكردي فحسب بل لكافة شعوب الشرق الاوسط، بتُركِه وعُربِه وفُرسِه. ويعتمد ذلك على الرأي والإرادة الحرة غير الخاضعة لهمينة قوى أخرى، لأنه طالما وما زلنا شاهدين على وقائع خارج ارادتنا ورغبتنا سواء على المستوى الداخلي او الخارجي. ان عدم البحث عن حل القضية في منبع ظهورها هي كمن يقع في غفوة الحالم على سرير الغير. ولتجنب هذا الوضع ينبغي الايمان بالقوة الذاتية والاعتماد على الاكتفاء الذاتي في اقامة صرح الوحدة الوطنية الديمقراطية. والشعب الكردي يتوجه بمقاوماته ودفاعه المشروع على درب الوحدة الوطنية، مخلفا وراءه الخلافات والنزاعات القوموية والطائفية والمذهبية والدينية، ليكون مثالا يحتذى به شعوب المنطقة في بناء مجتمع سياسي أخلاقي.