استكشاف أبعاد الحرية الفكرية في ظل التأثير الإعلامي
شيراز محمد
شيراز محمد
المقدمة
يعتبر الإعلام أحد أهم العوامل الفاعلة والمؤثرة في هذا العصر للتواصل وإيصال الفكر إلى المجتمعات والشعوب، ويلعب دوراً هاماً في صناعة العقل والوعي والتأثير على العقول وصناعة الأفكار، ولذلك ترتكز وسائل الإعلام على الاهتمام بالجوانب المؤثرة لثقافات الشعوب والمجتمعات وعاداتها للتمكن من التأثير المراد.
وأيضاً يعتبر الإعلام الوسيلة الرئيسية التي تقوم بالاتصال بين البشر من خلال أهداف محددة توضع عن طريق تخطيط متقن بغرض التعريف بما يجري، بواسطة الأخبار والأنباء لفهم ما يحيط بهم من ظواهر. ولإيجاد إعلام ناجح وموصولٍ بالعقول ومستقل وغير تابع لبروباغندات أو نظم أو أجندات؛ فإنه يتطلب الموضوعية والمصداقية في تقديم المعلومات بحيث ترتبط بأطراف موثوقة من حيث إدراج المعلومات والأخبار, بيد أنَّ بعض وسائل الإعلام على اختلاف مشاربها تستغل هذه المبادئ بشكل ضار وممنهج وسلبي و حذر, حيث تتلاعب بالحقائق, وتوجه الرأي العام وفقاً لأجندات موجهة لسياسات خارجية تفي بأغراض سياسية واجتماعية وأخلاقية وأيديولوجية واقتصادية مدروسة من قبل تلك الجهات, بغية التحكم بتوجهات الشعوب وإسفاف عقولها، والسير بها نحو مدارك تتماشى مع مصالح تلك الجهات والأجندات.
مشكلة البحث
تتحدد مشكلة البحث في الأسئلة التالية:
1- ما أهمية الإعلام في المجتمع و ما هي تأثيراته عليه؟
2- ما هي التحديات و الضغوط على الصحافة و الإعلام و كيف يمكن التغلب عليها؟.
3- ما هي آثار الفكر المستقل على حرية التعبير؟ 4. ما هي أبرز قيود و تحديات الفكر الحر؟.
أهداف البحث
تظهر أهداف البحث تناسقًا مع الأهداف التالية:
1- إيضاح مفهوم الإعلام وشرح تأثيراته الإيجابية والسلبية على المجتمع.
2- تحديد بعض المشاكل التي تواجه الإعلام والإعلاميين.
3- تبيين القوانين التي تُسَن للحفاظ على حقوق الصحافيين وأمانهم وحريتهم.
4- شرح التأثيرات الاطّرادية بين الإعلام والفكر المستقل والتعبير عن الراي.
5- التعريف بوسائل تعزيز الإعلام وعمل المؤسسات الإعلامية.
أهمية البحث
تبرز أهمية البحث فيما يأتي:
باعتبار الإعلام يلعب دوراً أساسياً في المجتمعات ويؤثر في التفكير المجتمعي والفردي, وبالتالي يؤثر في مصير الشعوب والأفراد عن طريق تكوين الرأي العام، ويشرح البحث للمجتمع الإعلام الجيد من الرديء بحيث يصبح بالإمكان التحكم بتشكيل النظرة السليمة حول الأحداث والمعلومات الواردة من منصات الإعلام، ويعرِّف بتأثير الإعلام على كافة الأصعدة في المجتمع الأخلاقية والسياسية والاقتصادية والثقافية والفكرية وغيرها.
مصطلحات البحث
أبرز هذه المصطلحات تم حصرها في:
الفجوة المعرفية: والمقصود بها هو وجود تباين بين الأفراد والجماعات في المعرفة نتيجة للتعرض لوسائل الثقافة والإعلام المختلفة الجماهيرية وأثر ذلك في زيادة أو خلق هذا التباين، وقد وضع فروض هذه النظرية (تيتشنور، وألين، ودونوهيو- عام 1970) ويرون فيها أن انسياب المعلومات وتدفقها يزيد في النظام الاجتماعي والاقتصادي الأعلى والذي يميل أصحابه الى اكتساب المعلومات أكثر من الفئات ذات المستوى الاجتماعي والاقتصادي الأقل.
الحرية الفكرية: وتشمل حرية تلقّي الأفكار ونشرها دون قيود, وهي إحدى أهم عناصر هيكلة المجتمع الديمقراطي الحر، وهي تعطي الأفراد حق اعتناق الأفكار واستقبال المعلومات والبحث فيها، وتعتبر الحجر الأساس لحرية التعبير والصحافة والإعلام, و قد تطور مفهوم الحرية الفكرية نتيجة معارضة الرقابة على الكتب. ويعتبر التفكير من أهم الأنشطة التي يزاولها الفرد ولا يمكن الاستغناء عنه, و يتكون التفكير من عدة عمليات نفسية وكيميائية مميزة يتم في نتاجها التوصل إلى ما يعين الإنسان في اتخاذ قراراته وأهدافه.([1])
الإعلام المستقل: يشير مفهوم الإعلام المستقل إلى جميع أشكال الوسائط البعيدة عن نفوذ الدولة والحكومات, وهي الصورة المرافقة للفكر الحر والرأي المستقل. والإعلام بعمومه هو نقل المعلومات والأفكار إلى الآخرين وإبلاغ الأخبار والآراء, وتنطوي حرية الإعلام على عدد من الحريات منها حرية الصحافة، حرية البث الإذاعي والتلفزيوني والمتصل بشبكات المعلومات.([2])
المؤسسة الإعلامية: هي مجموع الوسائط التي تحقق أهدافًا محددة يقوم بها أفراد يمتلكون أفكاراً معينة أو مجموعات ومنظومات لهم أهداف ومبادئ مشتركة يعملون في ضوء تلك المبادئ، ويطمحون لإيصال الفكر المشترك لأكبر فئة من المجتمع, ويقومون بدعم المؤسسات التي تخدم المجتمعات. وقد اكتسب الكثير من الناس قدراً لا بأس به من المعلومات العامة من خلال أجهزة الإعلام, ولا شك أن لنشر المعارف أثر طيب في رفع مستوى الوعي العام لدى الشعوب من خلال مؤسسات تعمل في الشأن الإعلامي ونقل الأخبار والصحافة.([3])
الحماية القانونية: وتعني تلك الوسائل المتّبعة لتقييد القوة التي تُمارَس ضد حرية الأفراد أو حجبها أو منعها أو تقويضها أو التأثير فيها أو تحريفها وتعديلها, ويضع وسائل مدروسة لتعزيز القوانين والحقوق التي تحافظ على تلك الحرية. ويقصد بها كذلك مجموعة القواعد الموضوعة بمقتضى معاهدات دولية مخصصة بالتحديد لحل المشاكل ذات الصفة الإنسانية الناجمة مباشرة عن المنازعات المسلحة الدولية.([4])
الفصل الأول
الحرية الفكرية وحرية التعبير
أولاًـ مفهوم الحرية الفكرية وأهميتها، و حرية التعبير عن الرأي
قبل الخوض في أهمية الحرية الفكرية يجدر بنا شرح مفهوم الحرية الفكرية ألاّ, وهي حرية الأفراد في تبنّي المبادئ والأولويات التي يراها ويقتنع بها ويرى أنها مناسبة، وكذلك حريتهم في التعبير عن تلك المبادئ و ممارستها ضمن إطار الحدود العامة.
وينعكس تأثير الحرية الفكرية على حرية الرأي والتعبير بشكل مباشر وغير مباشر على كافة المنابر سواء علمياً أو ثقافياً أو أيديولوجياً أو دينياً أو عقائدياً في الصحافة أو الكتب, إذ أن من المحال ألا تترافق كلّ من الحريتين الفكرية والتعبيرية؛ فحيثما حلت حرية الفكر وتفتقت عن الإبداع والتقديم, حلّت حرية التعبير.
و يتمثل دور حرية الفكر والتعبير في جميع خصائص المجتمع المعرفية والاقتصادية والاجتماعية, وأيضاً على الصعيد السياسي والإيديولوجي والفكري والثقافي، بحيث يصبح بمقدور الشعوب المطالبة بالإصلاحات اللازمة والإبقاء على ما تجده وافياً لعيش مناسب و كريم .
ويشمل مفهوم الحرية الفكرية العديد من المضامين بإمكاننا أن نذكر منها التالي:
– حرية التعليم: وهو حق الأفراد في تلقّي العلم بكل مراحله وتحصيل الشهادات والبحث والمتابعة واكتساب المهارات والخبرات بالتدريب, وتبادل المعارف والخبرات الأكاديمية والعملية في جميع ميادين العمل الإعلامي .
– حرية الصحافة والإعلام: وهو حق الصحفيين والإعلاميين في حق حرية نقل المعلومات ونشرها وتحصيلها وجمعها دون أية قيود أو معوقات أو ضغوط أو تأثيرات خارجية .
– حرية المبدأ والعقيدة: وهو حق الأفراد في اعتناق المذاهب والعقائد التي يؤمنون بها دون فرض حدود على اعتقاداتهم الدينية والمذهبية والروحية والوجدانية .
– حرية الأمن والشعور بالاطمئنان: وهو الحق الذي يتيح للفرد القدرة على التفكير والتعبير عن الذات بدون أي مؤثرات.
و تتمثل أهمية الفكر في توسيع دائرة الوعي لدى الإنسان وتعميق إدراكه للموجودات التي تحيط به وتمكينه من رسم خطوط عمله وحياته بطرق اقتصادية منظمة ومدروسة ومخططة, وتكثيف التجارب والخبرات, وبالتالي تزيد من الخيارات في الحياة, وكل هذا يتأتّى عن طريق الفكر والبحث والمتابعة، ومن ذلك نستجلي عدة مسوغات أخرى لأهمية الفكر, منها:
1- من حيث قاعدة المقارنة وفي حجم الإمكانات المتوفرة والدعم المقدم, نرى أن المنظومات الغربية تملك منظومات متكافئة على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها, ولها منظوراتها الخاصة على تلك الأصعدة, ولا يمكن في دول منطقتنا أن نشكل ندّاً له إلا في حال إعمال الفكر وإيضاح رؤيتنا من وجهة نظر شاملة وتقديم الحلول الجذرية لبعض المشاكل الكونية المجتمعية والاقتصادية، وكل ذلك لا يتم تحقيقه إلا من خلال الرؤية الواعية للأحداث المؤثرة على مجتمعاتنا الشرقية .
2- الدور الكبير للتفكير في النجاح الدراسي، مما يحسّن مستوى المهتمين والباحثين والطلبة وتطورهم, وتقوي ثقتهم بفكرهم الواعي وتحكمهم باتجاهاتهم وميولهم فيما يخدم مجتمعاتهم .
3- التفكير ومهاراته حاجة تفرضها التكنولوجيا الحديثة على الأشخاص للتمكن من مواجهة تحديات العصر وإيجاد معرفة جديدة ونظرة مستقبلية بعيدة المدى والاستمرار في ركب الحضارة والتغلب على الخوف والتخلف, والدخول على مؤسسات العلم والمعرفة من أوسع الأبواب وأشدها فاعلية.([5])
ثانياً- العلاقة بين الحرية الفكرية وحرية التعبير
هناك علاقة كبيرة وطردية بين الحرية الفكرية وحرية التعبير, إنها علاقة عكسية متقابلة ومتوازية, فحيثما يوجد فكر نيّر ومستقل يستحيل الصمت والسكون, ويصبح الدافع قوياً للتعبير والانطلاق لنقل الأفكار والحديث بها واتخاذ سُبل التأثير بالمحيط والمجتمع كافة.
و تتمثل حرية التعبير على هيئة العمل بالأفكار وتطبيقها في التأثير بالمجتمع, فالفكر هو المرآة التي تعكس لنا وجودنا وهويتنا, وبه نستهدي إلى حوادث الحياة ومسيرها, ونستنبط كل ما يحيط بنا من ظواهر وخفايا, فإذا كان الفكر إيجابياً وسليماً كان تأثيره جلياً وواضحاً على سلوكنا وأدائنا, وكان إنتاجنا حضاريًّا متطوراً، أما إذا كان الفكر رديئاً ومعتلاً جاءت ردود الأفعال رديئة على شاكلته, وانطلاقاً من هذا الباب يُفرض على كل مهتم بالحرية الفكرية أن يكون حريصاً على سلامة أفكاره وشمولية تلك الأفكار وحداثتها بما يتواقف مع المجتمع, وتطوير ودعم تلك المجتمعات ونظمها الصحيحة السليمة والداعمة, وأيضًا صحتها وعدم السماح للمؤثرات السلبية للدخول عليها.
و من أشد عوائق التفكير السليم هو الخوف والتردد اللذان يستلبان الإنسان حرية الإرادة والاختيار, وبالتالي يؤثران في ريادته وعطائه وابتكاراته, وذلك من شأنه التأثير في عمل المجتمع وتراجعه بين الشعوب وزعزعة خطواته على طريق التقدم والتحضّر, ومن هذا المنطلق نلاحظ العلاقة الوطيدة بين الفكر المستنير و حرية التعبير والتطبيق، بحيث يأتي التعبير صورة لا تتجزأ عن الأفكار.([6])
وعن انعكاس التفكير على التعبير عن الرأي يستوجب علينا إدراج تعريف بمصطلح التعبير عن الرأي وشرح بعض الضوابط التي تتحكم في حرية التعبير عن الرأي .
إن حرية التعبير عن الرأي اصطلاحاً في عالمنا الشرقي يفي بغرض حق الإنسان في التفكير المستقل وقدرته على التعبير عن رأيه عن طريق الكلمة المسموعة أو المقروءة, وتلك الحرية تشمل كافة الاتجاهات الدينية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والوجدانية وغيرها, وأيضًا تشمل جميع وسائل الاتصال الفردية والجماهيرية عبر قنوات الاتصال الحديثة المتعددة.
أما مفهوم حرية التعبير في المنظور الغربي فهي حق الإعلامي في الحصول على المعلومات من مصادرها, وقد تكون تلك المصادر عبارة عن وثائق ومستندات حكومية, كما أنه من حق المواطن الإلمام بأعمال الحكومة وتفاصيلها.
و نذكر الآن بعض ضوابط حرية التعبير كالتالي:
- ألا تكون حرية الرأي فرصة للدعوة إلى الفساد أو العنف أو الاعتداء على الناس أو التطرف أو تأجيج خطاب الكراهية أو التمرد على القوانين والنظم المجتمعية، أو التحريض على تبنّي قيم لا تمت للمجتمعات بصلة، أو الدعوة إلى قبول ثقافات متناقضة مع قيم ومُثل المجتمعات.
- التعبير عن الرأي بأساليب راقية غير منافية للأخلاق، ضمن مبدأ قبول الرأي الآخر مهما كان غير متطابق مع رأي الشخص أو الإعلامي.
- مصداقية صاحب الرأي وموضوعيته وعملية نقل المعلومات بشكل موضوعي بعيد عن التحيز أو الخضوع لضغوط من جهة، والموضوعية مهمّة لأن رأيه قابل للنشر بين فئات المجتمع.([7])
ثالثاً- حرية التعبير كحق أساسي للإنسان
يمكننا العودة في هذا الصدد إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي صدر عام 1948 والذي ينص على أن (لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي و التعبير, ويشمل هذا الحق حريته في اعتناق الآراء دون أي تدخّل) المادة19. وبناءً على ذلك فإن من حق الأفراد و الجماعات التعبير عن أفكارهم ومبادئهم ومعتقداتهم دون خوف من أية رقابة أو جهة, والتمتع بإبداء رغباتهم فيما يخص الأسس الفكرية والاجتماعية و الأخلاقية والسياسية ضمن إطار مجتمعاتهم, ولكن السؤال المهم الذي يطرح نفسه هو إلى أي مدى طُبّقت قوانين الحرية الفكرية وحرية التعبير عن الرأي, وهل حقاً تم إزالة الهواجس والموانع التي قد تحدّ من تحقيق تلك الحرية؟.
ووفقاً للمادة السابقة فيما يخص حرية الإنسان على التعبير جاءت أطروحات المنظمات الأممية في عدة أولويات لتأكيد تلك الحرية. نذكر منها:
1- التأكيد على وجود إعلام حرّ منظم قادر على نقل رأي الأفراد وأفكارهم من خلاله.
2- توفر جهات سياسية وقانونية ومجتمعية داعمة للحريات توفر سيادة القانون.
3- المهارات الأكاديمية القادرة على نقل وتداول وجمع المعلومات ونقدها بطرق سليمة ونقلها, ومساءلة وسائل الإعلام فيما يخص أعمالها (الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ـ الأمم المتحدة).
من خلال ما تم ذكره بإمكان الأشخاص تشكيل أفكارهم تبعاً لأنظمة أكاديمية ناجحة, والإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي طرحته الأمم المتحدة ينص على تعزيز هذا الحق.
رابعاً- قيود الحرية الفكرية وتحدياتها
يطول الحديث في هذا المحور لما له من تأثير على تطور الشعوب, فتحديات الفكر وقيودها استمرت على مر العصور والزمن، نذكر منها أيضًا المعوقات التي تحكمت في مصداقية الحريات والأفكار كالتباين الطبقي الذي تعاني منه بعض المجتمعات, وهيمنة الطبقة البرجوازية التي تمتلك رأس المال والشركات, وتحكّمها فيها وتأثيرها بطريقة أو بأخرى على الفكر المجتمعي والطبقة الفقيرة التي تشعر بتبعيتها للطبقة المذكورة آنفًا, ولذلك نجد الفرد مقيّدًا بالفكر الطبقي وخاصة في الدول التي تنتهج سياسات غير مقيدة بقوانين ترعى الإعلاميين وتحميهم.
كما يشكل الفقر عائقاً كبيراً أمام الفرد بحيث يحدُّ من حريته ومن حق تمتعه بحرية التعليم, ويجعل من أولويات الشخص تأمين المقومات الأساسية للعيش بعيدًا نوعًا ما عن التطلع إلى الحقوق في المساواة أو عن حق المبادرة في القيادة, بحيث ينسى حقه في الاعتراض ويكون أمام قيادة مهيمنة ومسيطرة حتى على وسائل الإعلام التي تتحكّم بفكره.
و في ظل تخلف وسائل الاتصال والنشر ومحدوديتها في وقت مضى؛ أصبح التعبير عن الرأي وعن الفكر والمعتقدات حكرًا على النخبة المسيطرة على تلك الوسائط, الأمر الذي أدى إلى التحكم بحرية الأفراد في التعبير وتشكيل حكومات قمعية أو على الأقل مهيمنة على أدمغة شعوبها. غير أن انطلاق المحطات الفضائية وإمكانية القدرة على إبداء الرأي أو التعبير عن المبادئ والمعتقدات, أصبح متاحًا أكثر في وقتنا هذا ولم يعد ذلك عائقًا رئيسيًّا في الحد من حرية التعبير.([8])
الفصل الثاني
تعزيز العمل الإعلامي المستقل
أولاً: أهمية الإعلام المستقل للمجتمع, وسائل الإعلام والمجتمع
يمكننا الحديث ضمن هذا المحور حول الأدوات الجديدة التي باتت تشكل تأثيراً كبيراً على الإعلام, ومن هذه الأدوات والوسائل منصات التواصل الاجتماعي التي أصبحت في الوقت الراهن تلعب دوراً أساسياً في تطوير الوعي الجمعي للمجتمعات, وعبرها يتم التواصل وتقصير المسافات باعتبار العالم أصبح اليوم كقرية صغيرة متداخلة.
كما أنها مفتاح النقاشات البنّاءة و تبادل الرأي واحترام الرأي الآخر, وبذلك يتم بناء الوعي الثقافي الذي يعطي الصورة الحضارية المتكاملة لكل مجتمع, ولذلك يقع على عاتق العاملين في مجال الإعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي, تحمّل مسؤولية الحفاظ على الصورة الأخلاقية للمجتمع وأن تكون رسالتهم ذات معيار أخلاقي رفيع بعيداً عن السقوط والتفاهة. أيضاً للحفاظ على المصداقية في نقل المعلومات عليهم أن يتحلّوا بالأمانة وعدم نشر أخبار مغرضة أو ضبابية من شأنها أن تكون سبباً في هدم كيان المجتمع وبالتالي تؤثّر سلباً على الفرد والمجتمع.
هناك عدة نقاط ارتكاز للإعلام الموضوعي حسب رأي الباحثين في مجال الإعلام نذكر منها:
– أن يكون من الضرورة ربط محتوى وسائل الإعلام بقيم المجتمع، أي أن تكون الرسالة منبثقة وحاملة للأبعاد الثقافية والحضارية التي ينتمي إليها المجتمع.
– أن يكون الاتصال تكاملياً، فيتضمن الاتصال السمعي، الاتصال المكتوب والاتصال الشفوي الشخصي.
– أن يكون الاتصال غير مقيد بعوامل مصلحية تابعة.
– أن يكون الاتصال تعبيراً عن قناعة ذاتية بدون أي مؤثرات أو ضغوط قسرية.
قيود الحرية الفكرية
كانت أول القيود التي تحدّ الفكر في العصور القديمة, تجريد الفكرة من باطنها العلمي وإسباغها بطابع ديني بديهي قابل للعمل به دون جدال أو نقاش, أو حتى تتبّع للأسباب والنواهي، إذ أن العقل البشري بفطرته السليمة يتوق للبحث وفهم المعلومة بتفاصيلها وأسبابها والأهداف منها والغاية التي ترمي إليها, إلا أن مع تقدم الزمن واستمرار استخدام ذات الوسائل, وضع حدًّا للتفكير بكل ذلك والسير على ذات النهج دون الفهم الصحيح لتلك المعطيات, ومثال ذلك العادات والتقاليد المتبعة في مجتمعاتنا الشرقية دون التساؤل عن الأسباب التي رسختها والأهداف التي جعلت منها عادة, كذلك الأمر في العصر الحديث تتجلى تلك القيود على شكل تجميد ظاهر وفعلي لعمل العقول وإقناعها أن كل ما يرِد إلينا من أفكار مُسَلَّمٌ بها ومدروس ولا داعي للبحث والتنقيب عن أصل ذلك الفكر, وعلى هذا تعمل بعض المؤسسات لترسيخ هذا النهج المجمّد الخالي من النقاش, و بالتالي تتم السيطرة على القيم والتحكم به.
هناك أدوار كبيرة لعبتها المنظمات المعنية بالإعلام والثقافة وشكلت دوراً أساسياً في تكوين الأفكار وتناقلها بالكلمة والصوت والصورة، ومن بين المنظمات الأممية التي وضعت قواعد وقوانين ممارسة مهنة الإعلام منظمة اليونسكو، حيث نصّت قوانينها على تعزيز الوضع الحر للصحافة, إذ أنها ذات تأثير في الحوار المستقل والتعبير عن الرأي, واعتبرت ذلك حقاً أساسياً من حقوق الإنسان, وعلى غرار ذلك أصدرت عام 2014 تقريراً يركّز على مهمة الصحافة والإعلام في الحريات الفكرية بالنقاش والتعبير عن الرأي المستقل, انتهى بمسح عام للتحولات الرئيسية في حرية التعبير وتطوير وسائل الإعلام على الصعيد الدولي.
كما أصدرت عام 2015 تقريراً آخر يندرج في نفس السياق, كما أنها نشرت فيما بعد دراسة بوصفها التقرير الثالث عن الاتجاهات العالمية في مجال حرية التعبير, وذلك لأنها ترى أن للفكر المستقل الحر والتعبير عن الرأي دور هام جداً في الحفاظ على سيادة القانون ومشروعيته. وتتطلب المادة 19 في القاعدة الدولية والتي استند عليها هذا التقرير عناصر محددة لتعزيز حرية التعبير على المستوى الإقليمي والدولي, وفي مقدمتها التزام الحكومات بسيادة القانون من خلال إطار قانوني شفاف ونظام يتفق والمعايير الدولية. (كتاب الاتجاهات العالمية على صعيد حرية التعبير وتطوير وسائل الإعلام.([9])
هذا على الصعيد العالمي فيما تناولته اليونسكو, أما على صعيد الشرق الأوسط فنجد ما ذكره علي عبد الفتاح كنعان من نقاط أخرى لأهمية الإعلام التي تتشكل بالنقاط التالية:
1-إلقاء الضوء على مشاكل المجتمع والمساهمة في اقتراح الحلول.
2- إيصال المعلومات المهمة التي تخصُّ المواطنين تحديداً.
3- نقل الخبرات والمعارف والمهارات في مختلف الأصعدة بالتعاون مع كافة القطاعات لتبليغ الرسالة المرجوّة.
4- توفير المعلومات الكفيلة بتشكيل الرأي العام إزاء قضايا الداخل والخارج.
5- يلعب الإعلام دورًا مركزيًّا في رفع مستوى الثقافة لدى المجتمع وتنمية الفكر الفردي.([10])
ومن الأهمية ذكر الخصائص الإعلامية لنظرية الحرية الإعلامية التي تتمثل في:
1. التحرّر من الضوابط الرقابية.
2. حرية التراخيص.
3. التركيز على الجانب المادي.
4. استخدام المعايير المهنية.
5. استخدام المواد الإعلامية.
6. وضع قيود على تملّك الحكومات للصحف.
7. حماية مالكي وسائل الإعلام.
8. التقليل من قيود النشر.
إن غالبية الدراسات المتعلقة بالإعلام والتأثيرات المختلفة تدرس النظريات المختلفة في هذا السياق, ومنها كذلك دراسة النظرية الاجتماعية في الإعلام وأهم خصائصها الإعلامية، فهذه النظرية تعقد صلحاً بين ثلاثة مبادئ، هي: مبدأ الحرية الفردية والاختيار، ومبدأ حرية الصحافة، ومبدأ التزام الصحافة تجاه المجتمع, حيث يراعي النقاط التالية:
1- إن وسائل الإعلام ليست ذاتية بقدر ما هي موضوعية.
2- حيادية وموضوعية وسائل الإعلام تجاه الحكومات والقضايا الخلافية على مستوى المجتمع.
3- تعدد وسائل الإعلام بحيث تعكس تنوّع الآراء والأفكار في المجتمع.
4- التقليل من الأعمال الصحفية المنحرفة، والتي تحارب الأخلاق والقيم.
5- الالتزام بمجموعة من المواثيق الأخلاقية، ليتمّ التوازن بين حرية الأفراد ومصالح المجتمع.
6- تجنّب كل ما من شأنه أن يساعد على حدوث الجرائم والعنف، وسيادة لغة التطرف والعنف.
7- الحفاظ على الثوابت السياسية والمبادئ القائمة.
8- يجب أن يكون الإعلاميون مسؤولين أمام المجتمع.
9- خدمة النشاط الاقتصادي وزيادة مساهمته في الناتج الوطني الإجمالي.
لقد كانت مهمة الإعلام في العقود الأخيرة من القرن العشرين هو تخليص المجتمع من التبعية السياسية للغرب والتوجه نحو الاستقلال ولم تطوّر من أدواتها، وتأثيرها كان محدوداً ومحصوراً في نطاقات بحثية وإعلامية ضيقة بسبب تلك التبعية.([11])
ثانياً- التحديات التي تواجه العمل الإعلامي المستقل:
هناك الكثير من التحديات التي تواجه العمل الإعلامي المستقل، وبعض هذه التحديات هي العناصر التي تساهم في عملية التجميد وترسيخها كأولئك الذين ما يزالون يعيشون في زمن الفتوحات والأمجاد الغابرة التي كان عليها شرقنا الأوسط, وما يزال الافتخار والتمجيد بتلك الآونة من الزمن كأيقونة معلقة وثابتة يصعب إزاحتها قليلًا لإزالة الغشاوة عن الأبصار ومشاهدة ما آل عليه الحال في وقتنا هذا, وبطء حركة التطوير من شأنه التراجع في الفكر والحدّ من تقدمه وانفتاحه, والعيش على أحلام الماضي الوردي, وكذلك الأمر من شأنه الانعكاس سلباً على حرية التعبير, و هكذا على كافة الأصعدة.
وهناك نقطة مهمة جداً يجب التركيز عليها وعدم إهمالها ألا وهي التمسك بالمناصب والسلطة بطريقة تؤثر انعكاسياً على المواطنين, فإرادة الشعب ليست إرادة الحكّام, وقد تطول عودتنا للمربع الأول والبحث فيما بعد رحيل الاستعمار ما لم نكرّس الديمقراطية أسلوبًا ونهجًا لإقامة الدولة العلمانية, وبشكل آخر تعدّ الموثوقية من أبرز التحديات التي تواجه الإعلام المستقل، بحيث برزت بين المثقفين والصحفيين المتذيلين والذين انخرطوا في مؤسسات إعلامية ظاهرة موجهة لسياسات غير مهنية وغير أخلاقية, ولا تتمسك بالعمل الإعلامي الحر والمستقل والشريف.
وأمثال هؤلاء الإعلامين يروّجون لأفكار استهلاكية وتابعة أو منحازة عبر الندوات والخطابات التابعة لسلطة المال والإعلام المستهلك, أو تحقيقاً لأجندات تتبع مؤسسات مهمتها تشويه الحقائق وبث السموم والتأثير في الجمهور.([12]) ونظراً للمخاطر الأمنية التي يتعرض لها الصحفيون يصعب جذب المراسلين والصحفيين لمزاولة مهنة الإعلام, وقد قال يونج “عندما تعمل لصالح وسائل الإعلام المختلطة تكون حياتك المهنية أقل أماناً”, وهو يوضح بذلك صعوبة أن توظف حياتك المهنية لوسائل الإعلام المختلطة, كما قالت دينديكينا أن السؤال البارز الذي يواجه الإعلاميين والصحفيين هو “من أنا؟ هل أنا صحفي في المقام الأول أم مواطن”؟
بإمكاننا أن نذكر أيضاً من تحديات الإعلام بعض الأرقام في عالم الإعلام، وتلك الأرقام عبارة عن إحصائيات اليونسكو وجهات أخرى تُنسب إلى ضخامة المكانة التي احتلتها بعض وسائل الإعلام في بعض الدول، منها 30 دولة وصلت إلى حدّ الإشباع في مجال الصحافة، 48 دولة تشبّعت في مجال الراديو، 22 دولة أُشبعت في مجال التلفزيون, وأيضًا هنالك 21 دولة تشبّعت بكافة وسائل الإعلام من صحافة وإذاعة وتلفزيون, بالإضافة إلى ذلك تنتشر في العالم ما يقارب 116 مكتبة وطنية يصدر عنها 160 مليون مجلد.([13])
أمام هذه الإحصائيات العملاقة تجدنا نتساءل: هل أخذ الإعلام في منطقة الشرق الأوسط موقعه بين نظام الإعلام العالمي؟ وذلك يوازي نظرة وسائل الاتصال الدولية تجاه دول العالم الثالث التي تتمثل بالتبعية والخضوع.
ثالثاً- الحماية القانونية للعاملين في المجال الإعلامي
يتعرض الإعلاميون وعبر تاريخ الإعلام الطويل للكثير من العنف والتهديد والقتل في ظل النزاعات والحروب، فمنذ عام 2012م إلى نهاية 2023 م هناك ارتفاع مطّرد في استهداف الإعلامين والصحفيين وهناك وفاة اثنين أسبوعياً, وما يزال القتل والاستهداف مستمراً في مناطق النزاعات والحروب بنسب عالية جداً وخاصة في دول منطقة الشرق الأوسط التي تشهد نزاعات كثيرة, وممارسة أشكال العنف والخطف والتعذيب والاختفاء القسري ضد الإعلاميين ما يزال في تزايد, على الرغم من القواعد التي سنّها القانون الدولي الإنساني للحفاظ على أمان الصحافيين والإعلاميين.
وفي بؤر الصراعات الحامية مثل شرق أوروبا وأوكرانيا والقفقاس وجنوب آسيا وفي إفريقيا والبحر الكاريبي ودول أمريكا اللاتينية كذلك، والاستهدافات التي تعرض لها الإعلاميون في تلك المناطق والتي اتسمت بالعنيفة والمدمرة، وتنامي القوى المتطرفة والتي تتخذ التطرف والعنف منهجاً، زادت من وتيرة استهداف الإعلامين.
وعلى الرغم ممّا اعتمدته الأمم المتحدة من قرارات ومواثيق دولية خاصة بتأمين الحماية للإعلاميين والصحفيين، ومن ضمن تلك الاتفاقيات اتفاقية جنيف والبروتوكولان الإضافيان؛ إلا أننا نلاحظ أن بعض الاعتداءات ما تزال قائمة، وقد أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة في يوم 2 نوفمبر من كل عام يوماً دولياً لإيقاف الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الإعلاميين، كما اعتمدت تلك الجمعية منذ عام 2012 ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ومجلس اليونسكو 12 قراراً يخص الحفاظ على سلامة الصحفيين. ([14])
وممّا سبق نستشهد أنّ للعاملين في الصحافة والإعلام أجلّ الحقوق لِما لهم من دور في نقل الجيل من قوقعة الجهل إلى الخطوة المعرفية بآخر حركات النهضة وأحداث الشعوب. ([15])
وبالعودة إلى القوانين الدولية وقرارات منظمات دولية، نرى تمخّض عدة قرارات عن مؤتمر لاهاي واتفاقيات، ومشاريع عام 1907 جاء فيها التأكيد على حق الصحفيين في مرافقة القوات المسلحة شريطة أن يحصل الصحفي على تصريح ينص على ذلك من قِبَل السلطات العسكرية.
كما جاء في اتفاقية جنيف الثانية عام 1929 في المادة 81 والتي اختصت بموضوع الأسرى, أن للصحفيين والمراسلين الذين يتم اعتقالهم في الحروب حق المعاملة كأسرى حرب, أيضًا يُشترط في ذلك أن يكون بحوزتهم التصريح العسكري للجيش.([16]) ويستمد العاملون في مجال الإعلام والصحافة مشروعية عملهم من خلال ما تنص عليه القوانين والاتفاقيات, والتركيز على حق تمتعهم بالحرية في دورهم ورسالتهم على أسس قوية ومتينة، وعلى غرار ما سبق يتمتع الصحفيون بحق المعاملة كأشخاص مدنيين وفقًا للاتفاقيات الدولية المنصوصة التي تصبّ في بند الحفاظ على صلاحياتهم ومشروعية تواجدهم في مناطق الحدث, مع ضمان حصولهم على الحرية في التعبير عن الرأي وأيضًا التجاوب مع عملهم دون قيود.
رابعاً – آليات دعم المؤسسات الإعلامية المستقلة
من أجل تطوير أدوات العمل الإعلامي وتحسين ودعم وأساليبه، وكذلك لضمان جودة الإعلام وجودة ما تقدمه وسائل الإعلام، لا بدّ من وضع خطط داعمة للعمل للإعلام الحر والمستقل ووضع آليات تشجع المؤسسات الإعلامية لدفعها نحو الأمام، واتخاذ تلك الآليات كركيزة الدعم المستمر المتطور والمتجدد. نذكر منها:
1- دعم الإعلام بحوافز العمل.
2- اختيار الكفاءات البشرية الكافية لعملية الإعلام “اختيار ذوي الكفاءات”.
3- تحديث الأنظمة والمبادئ التي تسير على أساسها المؤسسة الإعلامية.
4- إيجاد غايات واضحة للعملية الإعلامية كمبدأ أساسي للإعلام.
5- تحديد مسؤوليات الإداريين والموظفين في المؤسسة.
هنالك أيضًا عدة معايير وخطوات تمهيدية لبناء نظام إعلامي مواكب في المؤسسات الإعلامية نذكر منها:
أ. إجراء دورات لتثقيف العاملين في الإعلام وتطوير عقولهم.
ب. عرض المراحل الأساسية التي يشملها تنفيذ نظام الجودة.
ت. ضبط الوثائق والكتب المرجعية.
ث. الإجراءات التصحيحية والوثائقية.
ج. تحديد عناصر إدارة الجودة وهي (مسؤولية الإدارة، نظام الجودة، مراجعة العقود، ضبط التصميم، المشتريات، الخ) ([17])
هنالك مبادئ تعمل على أساسها وسائل الإعلام، ويمكننا تلخيص تلك المبادئ في مجموعة من المفاهيم، نذكر منها:
1- النظام: وهو مجموعة الخطط والمشاريع والأهداف الموحدة التي تعمل على أساسها المؤسسات الإعلامية.
2- العملية الإعلامية: وهي تشمل المناهج والأساليب والسياسات اللازمة لتحقيق العمل الإعلامي المتميز بصورة لافتة وناجحة داخل المؤسسة وخارجها.
3- هيكل المؤسسة: وهو عبارة عن مجموع إداري المؤسسة وأنظمتها الشاملة التي تصبّ في تحقيق أهداف المؤسسة.
4- الأساليب: وهي تعد المنهاج المنظم والوسائل المتعلقة بالإدراك والمعرفة والتكنولوجيا على أسس أكاديمية مدروسة لضمان إنجاح العمل الإعلامي المقرر للمؤسسة. ([18])
وقد ركزت المؤسسات الإعلامية على مجموعة نقاط ارتكاز لإيصال الهدف الإعلامي إلى الأشخاص بطرق ديناميكية عالية الجودة ألا وهي:
1- استيعاب حاجات الأفراد على الأبعاد القريبة والبعيدة، وتقديم المادة التي تخدم المستفيدين من ذلك العمل.
2- العمل على إنجاح التوافق بين المستفيدين وبين أهداف المؤسسة والدمج بين الطرفين، والبحث عن طرق التلاقي بين المؤسسة والمستفيدين بحيث تكون الفائدة متبادلة، والعمل بين كلا الطرفين متبادل من حيث المعلومات والخبرات وحل المشاكل.
3- ضرورة اهتمام المؤسسة بمراقبة ما إذا كانت قد حققت التأثير اللازم في المتلقيين وقدمت ما يرضي المستفيدين، وإجراء مقارنة مع المؤسسات الأخرى سواء داخلية أو خارجية وقياس فاعليتها بالنسبة لفاعلية تلك المؤسسة، ومحاولة الاستفادة من خبرات وتجارب هذه المؤسسات.
الخلاصة والاستنتاجات:
في نهاية هذه الدراسة يمكننا تقييم العمل الإعلامي المستقل من خلال التعرّف على ضوابطه ومعرفة كوامنه، ومن خلال البحث نرى أن الحرية الفكرية وحرية التعبير تتعلقان بشكل كبير بمستويات التأثير الذي يتعرض له الفرد والمجتمع، فهي عملية معقدة يشترك فيها العديد من العوامل والمتغيرات والاتجاهات والقيم، سواء للفرد أو المجتمع، والتي تساهم في مجموعها في إعطاء الصورة الحقيقية لصناعة القرار.
ولأن عالم اليوم هو عبارة عن قرية صغيرة يمكن فيها للمتلقي التأثر والتأثير في صناعة القرار ورسم الواقع المتخيل بفضل التكنولوجيا الحديثة والمحدثة، والتي ساهمت في التأثير الكبير في وسائل الاعلام والاتصال وعلى المتلقّين (الفرد والمجتمع).
والإعلام يتأثر ويؤثر في الفكر ويحدد مسارات الحرية الفكرية والقدرة على التعبير على اعتبارها الوسيلة الرئيسية التي تقوم بالاتصال بين الفرد والمجتمعات، من خلال أهداف محددة توضع عن طريق تخطيط منظم بهدف التعريف بما يجري في المنطقة بواسطة الأخبار والأنباء المختلفة المنوّعة إشباعاَ لميول ورغبات المجتمع والشعوب في فهم ما يحيط بهم من ظواهر، ولإيجاد إعلام ناجح وموصولٍ بالعقول ينبغي التحلّي بالموضوعية والمصداقية في تقديم المعلومات بحيث ترتبط بأطراف موثوقة من حيث إدراج المعلومات والأخبار.
بيد أنَّ بعض وسائل الإعلام على اختلاف مشاربها تستغل هذه المبادئ بشكل ضار وممنهج وحذر، حيث تتلاعب بالحقائق وتوجّه الرأي العام وفقًا لأجندات موجهة لسياسات خارجية تفي بأغراض سياسية واجتماعية وأخلاقية ودينية واقتصادية مدروسة من قبل تلك الجهات، بغية التحكم بتوجهات الشعوب والتأثير على عقولها، والسير بها نحو مدارك تتماشى مع مصالح تلك الجهات.
لذلك لابد من المجتمعات والشعوب أن تتدارك الوقوع في براثن الإعلام الموجه غير المتناسب مع حاجات المجتمع ومواجهة تلك السياسات الرامية لتدمير الشعب بعدة وسائل وأنظمة، والتزام فكرٍ محايدٍ واعٍ وقادر على السير على نهج الحتمية القيمية في الإعلام.
المراجع والمصادر:
1- تعليم التفكير، لمياء ياسين زغير، محاضرة، الجامعة المستنصرية، القاهرة 2020م
2 – حرية الإعلام و القانون، د.ماجد راغب الحلو، الناشر منشأة المعارف بالاسكندرية، 2012م
3 – القواعد الأساسية للقانون الدولي الإنساني، من منشورات اللجنة الدولية للصليب الأحمر_يوليو 1985م
4- أهمية التفكير، مياء ياسين زغير، محاضرة، الجامعة المستنصرية، القاهرة 2020م
5- عالم الفكر _المجلس الوطني للثقافة و الفنون و الآداب، دولة الكويت، نوفمبر العدد 24 ، 2016م
6- حرية الرأي في الإسلام و النظم الحديثة دراسة تحليلية تأصيلية مقارنة ،محمد بن سعود ، الرياض،2009م
7- التقرير العالمي للحرية الفكرية وحرية التعبير، منظمة اليونسكو 2017م
8 – الإعلام والمجتمع، علي عبد الفتاح كنعان، دار اليازوري، عمان الأردن،
9- المخاطر المرتبطة بأخلاقيات العمل الإعلامي، أ.م.د.كاظم المقدادي ، جامعة بغداد 2019م
10- الاتجاهات العالمية على صعيد حرية التعبير وتطوير وسائل الإعلام
11 – حماية الصحفيين أثناء النزاعات، بكايري سمية، مذكرة مكملة لنيل شهادة الماجستير
12- الحماية القانونية للإعلاميين في منظور القانون الدولي، د.سامي محمد عبد العال ، القاهرة ،2017م
13- إدارة الجودة الشاملة في المؤسسات الإعلامية،الأسس المبادئ و آليات النطبيق.أ.د.جمال العيفة،أ.ليلى فقير،جامعة باجي مختارة،عنابة، الجزائر 2019م.
14- إدارة الجودة الشاملة في المؤسسات الإعلامية، أ.د.جمال العيفة، أ.ليلى الفقيري، جامعة باجي مختار، الجزائر 2020م.
[1] – أهمية التفكير، لمياء ياسين زغير، محاضرة، الجامعة المستنصرية، القاهرة 2020م
[2] – حرية الإعلام و القانون، د.ماجد راغب الحلو، الناشر منشأة المعارف بالاسكندرية، 2012م، ص 15
[3] – حرية الإعلام و القانون، د.ماجد راغب الحلو، الناشر منشأة المعارف بالاسكندرية ،2012م، ص8
[4] – القواعد الأساسية للقانون الدولي الإنساني، من منشورات اللجنة الدولية للصليب الأحمر_يوليو 1985،ص15
[5] – أهمية التفكير، مياء ياسين زغير، محاضرة، الجامعة المستنصرية، القاهرة 2020م
[6] – عالم الفكر _المجلس الوطني للثقافة و الفنون و الآداب، دولة الكويت، نوفمبر العدد 24 ، 2016م
[7] – حرية الرأي في الإسلام و النظم الحديثة دراسة تحليلية تأصيلية مقارنة ،محمد بن سعود ، الرياض،2009م،ص 113
[8] – الإعلام العربي أمام التحديات المعاصرة ، علي محمود العاندي ، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية العدد 35،ص 3
[9] – التقرير العالمي للحرية الفكرية وحرية التعبير ، منظمة اليونسكو 2017\2018/ص 19
[10] – الإعلام و المجتمع ،علي عبد الفتاح كنعان ، دار اليازوري، عمان الأردن ،2018 ص8
[11] – الإعلام العربي أمام التحديات المعاصرة، علي محمود العاندي، مركز الإمارات للدراسات و البحوث الاستراتيجية2021 ص 14
[12] – المخاطر المرتبطة بأخلاقيات العمل الإعلامي ، أ.م.د.كاظم المقدادي ، جامعة بغداد 2019،ص34
[13] – التحديات المعاصرة، علي محمود العاندي، مركز الإمارات للدراسات و البحوث الاستراتيجية ص 26
[14] – الاتجاهات العالمية على صعيد حرية التعبير و تطوير وسائل الإعلام ص16
[15] – حماية الصحفيين أثناء النزاعات ، بكايري سمية ،مذكرة مكملة لنيل شهادة الماجستير
[16] – الحماية القانونية للإعلاميين في منظور القانون الدولي عام 2017 ، د.سامي محمد عبد العال ، القاهرة ، ص11
[17] – إدارة الجودة الشاملة في المؤسسات الإعلامية،الأسس المبادئ و آليات النطبيق.أ.د.جمال العيفة،أ.ليلى فقير،جامعة باجي مختارة،عنابة ص26
[18] – إدارة الجودة الشاملة في المؤسسات الإعلامية، أ.د.جمال العيفة، أ.ليلى الفقيري، جامعة باجي مختار، عنابة ص21