الاستراتيجية الأميركية في الشرق الأوسط وكيفية تعاملها مع الملفات الشائكة في المنطقة
فؤاد منصور
فؤاد منصور
إن الولاياتِ المتحدة الأمريكية تمتلك استراتيجيةً مرنة قادرة على التغيير والتعديل، وذلك حسب مصالحها، حيث لها إمكانيات عالمية من حيث القوة العسكرية والخطط الاستباقية والتطور التكنولوجي والعلمي والقوة الاقتصادية والتفوق في كافة المجالات والميادين، وهي اليوم تتزعم العالمَ بقدرتها الكثيرة والكبيرة والذي جعلها تتصدر كلّ الميادين، فهي دولة لا مثيل لها في التاريخ من حيث السيطرة والتفوق العالمي.
إن السياسةَ الأمريكية قائمةٌ على وضع خطط واستراتيجيات قبل عقود، وهناك أمثلة تاريخية على هذه الاستراتيجية، فقد كان المحفز الاستراتيجي بعد الحرب العالمية الثانية والذي تمثل بالتهديد السوفيتي والخطر الشيوعي، وبعد القضاء عليها اتجهت السياسة الأمريكية إلى تصوير الأصولية الإسلامية “الإرهاب “ كتهديد ليس فقط للولايات المتحدة بل أيضا للغرب والعالم، وبذلك تم وضع الاستراتيجية الجديدة المتمثلة بالخطر الاصولي وذلك لاستمرار التأييد والدعم الشعبي للسياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية.
ﺟﺎﺀﺕ ﺃﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﺤﺎﺩﻱ ﻋﺸﺮ ﻣﻦ ﺳﺘﻤﺒﺮ ﻟﺘﻤﺜﻞ ﻧﻘﻄﺔ ﺗﺤﻮﻝ ﻓﻲ ﺻﻴﺎﻏﺔ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻟﻠﻘﺮﻥ ﺍﻟﺤﺎﺩﻱ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺃﺗﺎﺣﺖ ﺍﻟﻔﺮﺻﺔ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﻣﻌﺎﻳﻴﺮ “ﺍﻟﻤﺤﻔﺰ ﺍﻻﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻲ الأصولية الإسلامية“ ﺍﻹﺭﻫﺎﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻣﻦ ﻭجهة ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ، ﻭﺍﻟﺬﻱ ﺗﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ﻓﻲ ﺳﻴﺎﺳﺎﺗﻬﺎ ﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻴﺔ وخاصة في الشرق الأوسط، والذي سمح بذلك للتوسع والتدخل للولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط، حيث تعتبر منطقة الشرق الأوسط منطقة ﺍﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠية ﻫﺎمة، ويعود ذلك لتوسطها ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻭﻟﻤﺎ ﺗﺤﺘﻮﻱ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﻣﺨﺰﻭﻥ ﻧﻔﻄﻲ ﻫﺎﺋﻞ، ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻞ ﺍﻟﺘﺤﻜﻢ ﺑﻤﻮﻗﻌﻬﺎ ﻭﻧﻔﻄﻬﺎ ﻭﺃﻳﻀﺎ ﺑﺴﻮﻗﻬﺎ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﻮﺍﺳﻌﺔ ﻣﺼﺪﺭ ﺗﺤﻜﻢ ﺑﺎﻟﻘﺮﺍﺭ ﺍﻟﺪﻭﻟﻲ ﻭالهيمنة على السوق العالمية، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﺤﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﺑﻘﺎﺀ ﺃﻣﺮﻳﻜﺎ ﻓﻲ ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻭﺍﻟﺤﻴﻠﻮﻟﺔ ﺩﻭﻥ ﻇﻬﻮﺭ ﻗﻮﻯ ﻣﻨﺎﻓﺴﺔ ﻟﻬﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﺪﻓﻊ ﺑﺎﺗﺠﺎﻩ ﻧﻈﺎﻡ ﺛﻨﺎﺋﻲ ﺍﻟﻘﻄﺒﻴﺔ ﺃﻭ ﻣﺘﻌﺪﺩ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﻤﺘﻜﺎﻓﺌﺔ.
حيث أن الاﺳﺘﺮﺍتيجية الأﻣﺮيكية ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﺍﻻﻭﺳﻂ تأخذ بعين الاعتبار على العمل في الحفاظ على مكانتها في المنطقة كقوى عظمى وتأمين مصادر الطاقة والمحافظة على نفط المنطقة بوصفه شريان الحياة الاقتصادية في العالم، وهذا ما عملت عليه من خلال السيطرة على نفط العراق بعد أن كانت تسيطر على نفط الخليج العربي وتأمين استمرار بيعها الأسلحة وخاصة لدول الخليج وضمان أمن وحماية دولة إسرائيل. وبعد القرار الأمريكي بالانسحاب من العراق والذي تسبب لهم بخسائر عسكرية واقتصادية، اعتمدت الولايات المتحدة الأمريكية الاستراتيجية الجديدة وهي إدارة الصراع دون التدخل فيه بشكل مباشر ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺗﺮﻙ ﺍﻟﺼﺮﺍﻋﺎﺕ ﺍﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ﺗﺄﺧﺬ أبعادها ﺍﻟﻘﺼﻮﻯ ﻭﺗﻮﺟﻴﻬﻬﺎ ﺑﻤﺎ ﻳﺨﺪﻡ ﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭﻳﺔ ﺳﻴﻄﺮﺗﻬﺎ، وذلك ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻭالأﻓﻜﺎﺭ ﺍﻟﻤﺆﺛﺮﺓ ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﺤﺼﺮ ﻓﻘﻂ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻮﺟﻬﺎﺕ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﻭﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ.
ﻭﺑﻌﺪ ﺣﺪﻭﺙ ﺍلحراك الشعبي ﺍﻟﻌﺮبي ﻭﺗﺼﺪﺭ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ الإﺳﻼﻣﻴﺔ (ﺍﻟﺪﻋﻮﻳﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﺍﻟﻤﺴﻠﺤﺔ) ﻭﺍﻟﺘﺒﻌﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ أﻋﻘﺒﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﻓﻮﺿﻰ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﺳﻮﺭﻳﺎ ﻭﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻭﺩﺧﻮﻝ أﻃﺮﺍﻑ ﺩﻭﻟﻴﺔ وﺍﺳﺘﺸﻌﺎﺭ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻟﻠﺨﻄﺮ ﺍﻟﺮﻭﺳﻲ، ﻭﺍﻟﺘﺪﺧﻞ ﺍﻟﻤﺘﺰﺍﻳﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﺍﻷﻭﺳﻂ، ﻣﻤﺎ دفعها ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻮﺩﺓ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ وﺍلاﻧﻬﻤﺎﻙ ﻓﻲ ﻗﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﺍﻷﻭﺳﻂ، ﻭﺫﻟﻚ ﻟﻌﺪﺓ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺃﻫﻤﻬﺎ، ﺧﻄﺮ ﺍﻹﺭﻫﺎﺏ ﺍﻟﻤﻨﺘﺸﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﺍﻷﻭﺳﻂ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻣﻦ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻲ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ، ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻣﻦ ﺍﺳﺮﺍﺋﻴﻞ، ﺃﻳﻀﺎً ﺣﻤﺎﻳﺔ ﻣﺼﺎﻟﺢ ﺣﻠﻔﺎئها ﻣﺜﻞ ﺍلاﺗﺤﺎﺩ ﺍﻷﻭﺭﻭﺑﻲ ﻭﺍﻟﻴﺎﺑﺎﻥ، ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺯﻳﺎﺩﺓ ﺍﻟﻨﻔﻮﺫ ﺍﻟﺮﻭﺳﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻭﻣﺤﺎﻭﻻﺕ ﺗﻮﺳﻊ ﺭﻭﺳﻴﺎ ﺍلاﺗﺤﺎﺩﻳﺔ، ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺠﻌﻠﻬﺎ ﻛﺴﺎﺑﻖ ﻋﻬﺪﻫﺎ ﻛﺎلاﺗﺤﺎﺩ السوفيتي، مما اضطر أمريكا للتدخل مرة أخرى في سوريا وذلك تحت غطاء دولي لمحاربة الإرهاب، والهدف الآخر وهو التقليل من النفوذ الإيراني في سوريا وأيضا مساومة روسيا والتخفيف من وجودها في منطقة الشرق الأوسط، ومنذ بدء الحراك الشعبي في سوريا وحتى اليوم مازالت أمريكيا تدير الصراع السوري دون قيامها بإنهاء نظام بشار الأسد رغم الضربات التي شنتها الطائرات الأمريكية على عدة مواقع سورية فإنها تتعامل مع الملف السوري بحذر، فالمهمة الأساسية للقوات الأمريكية هي القضاء على داعش وتقليل النفوذ الإيراني في سوريا وبعدها تتسم الاستراتيجية الأمريكية تجاه سوريا بخلق مناطق آمنة مأهولة للعيش فيها دون صراعات ورسم مستقبل سوريا ونظام الحكم فيها من خلال عدة خيارات إنهاء نظام بشار الأسد على طريقة القذافي وصدام حسين، وهذا مستبعد برأيي للتكلفة الباهظة ووجود معارضة من قبل قوى دولية متل روسيا والصين، والخيار الثاني هو إجراء انتخابات ديمقراطية يكون فيها الأسد مستبعداً أو إبعاد الأسد عن الحكم لتورطه بجرائم حرب ضد الإنسانية.
ورغم تصريحات الرئيس ترامب بالانسحاب الأمريكي الكامل من سوريا إلا أن الاستراتيجية الأمريكية في سوريا تتطلب وجود قوات أمريكية في سوريا لفترة طويلة وخاصة في منطقة التنف وذلك لعدم توسع النفوذ الإيراني مع المحافظة على أمن واستقرار إسرائيل والخليج من النفوذ الإيراني، وأيضا عدم ترك سوريا للنفوذ الروسي فإن سوريا تعتبر منطقة هامة واستراتيجية في الشرق الأوسط، فمن خلال سوريا يتم رسم ملامح الشرق الأوسط الجديد وبالتالي يتم صياغة نظام عالمي جديد من خلال سوريا.
ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻡ أﻥ ﺇﻳﺮﺍﻥ ﻋﻤﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﻐﻼﻝ ﻣﺎ ﺧﻠﻔﻪ ﺍلتحرك الأمريكي في ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻣﻦ ﻓﺮﺍﻍ ﺍﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻲ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﺨﻠﻴﺞ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ، ﻭﻣﺎ ﺗﺮﻛﻪ ﺍﻧﻬﻴﺎﺭ ﺍﻻﺗﺤﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺘﻲ ﻣﻦ ﻓﺮﺍﻍ ﻓﻲ ﺃﺳﻴﺎ ﺍﻟﻮﺳﻄﻰ ﻭﺍﻟﻘﻮﻗﺎﺯ، ﻟﻔﺮﺽ ﻣﻜﺎﻧﺘﻬﺎ ﻛﻘﻮﺓ ﺇﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ﺑﻐﻴﺔ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻃﻤﻮﺣﺎﺗﻬﺎ ﺍﻷﻳﺪﻟﻮﺟﻴﺔ ﻭﺃﻃﻤﺎﻋﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻬﻴﻤﻨﺔ ﻭﺗﺨﻮﻳﻒ ﺟﻴﺮﺍﻧﻬﺎ ﻛﻬﺪﻑ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺪﻯ ﺍﻟﻘﺮﻳﺐ، ﺛﻢ ﻓﺮﺽ ﺳﻴﻄﺮﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻛﻬﺪﻑ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺒﻌﻴﺪ
ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓإﻥ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ﻭﺍﻟﻐﺮﺏ ﻋﻤﻮﻣﺎً ﺗﺮﻯ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻮﺟﻪ ﺗﺤﺪﻳﺎً ﻟﻬﺎ ﻭﻓﻲ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﻮﻗﻊ، ﻭﺇﻧﻬﺎ ﺭﺑﻤﺎ ﺗﺴﻌﻰ ﺇﻟﻰ ﺻﻴﺎﻏﺔ ﺩﻭﺭ ﻣﺮﻛﺰﻱ ﻟﻬﺎ ﻛﻘﻮﺓ ﺇﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ، ﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻓﺮﺽ ﺗﻐﻴﻴﺮ ﺟﺬﺭﻱ ﻓﻲ ﻣﻴﺰﺍﻥ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﻹﻗﻠﻴﻤﻲ ﻟﺼﺎﻟﺤﻬﺎ.
إن ﻗﻠﻖ ﻭﺍﺷﻨﻄﻦ والقوى الأوروبية والخليج العربي ﺣﻴﺎﻝ ﻃﻤﻮﺣﺎﺕ ﺇﻳﺮﺍﻥ بالتوسع وامتلاك ﺍﻟﻨﻮﻭي ﻟﻪ ﻣﺎ ﻳﺒﺮﺭﻩ ﻟﺪﻯ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺍﻹﺩﺍﺭﺍﺕ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻷﻧﻪ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺳﻮﻑ ﻳﺠﻌﻞ ﺇﻳﺮﺍﻥ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﺎﺗﻬﺎ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺗﺼﺒﺢ ﻗﻮﻯ ﺇﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ﺫﺍﺕ ﻭﺯﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ، ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺗﺼﺒﺢ ﻗﻮﻯ ﻛﺎﺑﺤﺔ ﻟﻠﺴﻴﻄﺮﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺷﺆﻭﻥ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ، ﻭﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻓإﻥ ﻧﺠﺎﺡ ﺇﻳﺮﺍﻥ ﻓﻲ ﺗﺨﺼﻴﺐ ﺍﻟﻴﻮﺭﺍﻧﻴﻮﻡ ﻭﺣﻴﺎﺯﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﻧﻮﻭﻱ ﺳﻮﻑ ﻳﺸﺠﻊ ﺩﻭﻝ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﺩﺧﻮﻝ ﻣﺠﺎﻝ ﺍﻟﺤﻴﺎﺯﺓ ﺍﻟﻨﻮﻭﻳﺔ ﺧﺎﺻﺔً ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻝ ﺍﻟﻘﺪﺭﺍﺕ ﺍﻟﻨﻮﻭﻳﺔ ﺍﻟﺴﻠﻤﻴﺔ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﺒﺤﺜﻴﺔ، ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻨﺘﺞ ﻋﻨﺔ ﺗﺄﺛﻴﺮﺍﺕ اﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ ﺧﻄﻴﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻻ ﺗﻘﻞ ﻋﻦ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﺍﻟﻨﻮﻭﻳﺔ، ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻳﻤﻜﻦ ﻭﺻﻒ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺠﺎﻝ ﺑﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﻜﻴﻞ ﺑﻤﻜﻴﺎﻟﻴﻦ، ﻓﻤﻦ ﺟﻬﺔ ﺗﻀﻐﻂ ﻋﻠﻰ ﺇﻳﺮﺍﻥ ﻭﺗﻨﻌﺘﻬﺎ ﺑﻜﻮﻧﻬﺎ ﺩﻭﻟﺔ ﺗﺴﺎﻧﺪ ﺍﻹﺭﻫﺎﺏ ﻭﺗﻀﻌﻬﺎ ﻓﻲ ﺩﻭﻝ ﻣﺤﻮﺭ ﺍﻟﺸﺮ، ﻭﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻧﺠﺪﻫﺎ ﺗﻐﺾ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﺣﻠﻴﻔﻬﺎ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ( ﺇﺳﺮﺍﺋﻴﻞ ) ﺑﻞ ﻭﺗﻘﺪﻡ ﻟﻬﺎ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﻟﻼﺯﻡ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﻮﻗﻊ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎﻫﺪﺓ ﺣظﺮ ﺍﻧﺘﺸﺎﺭ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﺍﻟﻨﻮﻭﻳﺔ ﻭﻟﻴﺴﺖ ﻋﻀﻮﺍً ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻛﺎﻟﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﻟﻠﻄﺎﻗﺔ ﺍﻟﺬﺭﻳﺔ ، ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻭﻓﻲ ﻇﻞ ﺍﻹﺻﺮﺍﺭ ﺍﻹﻳﺮﺍﻧﻲ ﻋﻠﻰ أﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﻨﻮﻭﻳﺔ ﻫﻲ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻭﻟﻦ ﺗﺘﻐﻴﺮ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻀﻐﻮﻁ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻭﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻋﻤﻮﻣﺎ،ً ﺗﺒﻘﻰ ﺍﻟﺨﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻣﻔﺘﻮﺣﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﺪﻡ ﺍﺳﺘﺒﻌﺎﺩ ﺃﻱ ﺧﻴﺎﺭ ﻟﺮﺩﻉ ﺇﻳﺮﺍﻥ ﻋﻦ ﻃﻤﻮﺣﺎﺗﻬﺎ ﺍﻟﻨﻮﻭﻳﺔ، ﺣﻴﺚ ﺗﺆﻛﺪ اﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ ﺍﻷﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﻣﻲ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺠﺎﻧﺐ ﻋﻠﻰ “ﺇﻥ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ﻣﻠﺘﺰﻣﺔ ﺑﺈﺑﻘﺎﺀ أﺧﻄﺮ ﺃﺳﻠﺤﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﻌﻴﺪﺓ ﻋﻦ ﺃﻳﺪﻱ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ﺧﻄﻮﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ”، وفي هذا المجال تم إدراج الخيار ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﺿﻤﻦ ﺍﻟﻮﺛﻴﻘﺔ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ لاﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ ﺍﻷﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﻣﻲ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ، ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻮﺛﻴﻘﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺣﻴﺖ ﻣﺎ ﺳﻤﻲ “ﺑﻌﻘﻴﺪﺓ ﺑﻮﺵ“ ﻭﺣﻖ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ﺑﺎﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﻀﺮﺑﺔ ﻋﺴﻜﺮﻳﺔ ﻭﻗﺎﺋﻴﺔ ﺿﺪ ﺃﻱ ﺗﻬﺪﻳﺪ ﺣﺎﻟﻲ ﺃﻭ ﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻲ ﻟﻠﻘﻮﻯ ﺍﻟﻌﻈﻤﻰ، ﻛﻤﺎ ﺳﻌﺖ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ﻓﻲ ﺍﺗﺠﺎﻩ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺎﺕ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭﺍﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻣﺠﻠﺲ ﺍﻷﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻟﻲ، ﻓﻀﻼً ﻋﻦ ﺇﺣﺪﺍﺙ ﺗﻐﻴﻴﺮ ﺩﺍﺧﻠﻲ ﻟﻠﻨﻈﺎﻡ ﻓﻲ ﻃﻬﺮﺍﻥ، ﺣﻴﺚ ﺧﺼﺼﺖ ﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻴﺔ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻣﺒﻠﻎ (75) ﻣﻠﻴﻮﻥ ﺩﻭﻻﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻮﻧﻐﺮﺱ ﻟﺪﻋﻢ ﺍﻟﺨﻄﻮﺍﺕ ﺍﻟﺪﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﻓﻲ ﻃﻬﺮﺍﻥ ﻭﻭﺿﻌﺘﻬﺎ ﺿﻤﻦ ﺇﻃﺎﺭ ﺍﻟﺨﻄﻮﺍﺕ ﺍﻟﻔﻌﻠﻴﺔ ﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺗﻐﻴﻴﺮ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ، ﻭﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺬﻟﻚ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺮﺩ ﺍﻹﻳﺮﺍﻧﻲ ﻣﻮﺍﺯﻳﺎً ﻟﻠﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺣﻴﺚ ﺃﻋﻠﻦ ﺍﻟﻨﺎﻃﻖ ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﻹﻳﺮﺍﻧﻴﺔ ﻏﻼﻡ ﺣﺴﻴﻦ ﺍﻟﻬﺎﻡ “إﻥ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺤﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﺍﻟﻨﻮﻭﻳﺔ ﻻ ﻋﻮﺩﺓ ﻋﻨﻪ، ﻭﺍﻥ ﺍﻟﺘﻬﺪﻳﺪﺍﺕ ﻟﻦ ﺗﻜﻮﻥ ﻗﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺇﺑﻌﺎﺩ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﻋﻦ ﺍﻷﻫﺪﺍﻑ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺴﻌﻰ ﺇﻟﻴﻬﺎ” ، ﻛﻤﺎ ﺗﻮﻋﺪ ﻏﻼﻡ ﻋﻠﻲ ﺭﺷﻴﺪ ﻧﺎﺋﺐ ﻗﺎﺋﺪ ﺍﻟﻘﻮﺍﺕ ﺍﻟﻤﺴﻠﺤﺔ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺇﻳﺮﺍﻥ “ﻣﻘﺒﺮﺓ ﻏﺰﺍﺓ“ ﺑﻘﻮﻟﻪ “ﺇﻥ ﺍﻟﻘﻮﺍﺕ ﺍﻟﻤﺴﻠﺤﺔ ﺍﻹﻳﺮﺍﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺧﺒﺮﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﺳﺘﺤﻮﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺭﺽ ﺇﻟﻰ ﻣﻘﺒﺮﺓ ﻟﻠﻐﺰﺍﺓ ﻭﻟﻜﻞ ﻣﻦ ﻳﻌﺘﺪﻱ ﻋﻠﻴﻬﺎ“.
ﻭﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻣﺘﺎﺑﻌﺘﻨﺎ ﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺇﻳﺮﺍﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺎﻝ ﺍﻟﻨﻮﻭﻱ ﻧﻼﺣﻆ ﺃﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺫﻛﻴﺔ ﻓﻲ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ، ﻓﻬﻲ ﻟﻢ ﺗﻐﻠﻖ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﺪﻋﻮﺍﺕ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻟﻠﺪﺧﻮﻝ ﻓﻲ ﻣﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﺣﻮﻝ ﻣﻠﻔﻬﺎ ﺍﻟﻨﻮﻭﻱ، ﻭﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺠﺎﻧﺐ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻔﺎﻭﺿﺎﺗﻬﺎ ﻣﻊ ﺍﻻﺗﺤﺎﺩ ﺍﻷﻭﺭﺑﻲ ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﺍﻟﺜﻨﺎﺋﻴﺔ ﻣﻊ ﺭﻭﺳﻴﺎ ﺇﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﻔﺎﻭﺿﺎﺗﻬﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﻮﻛﺎﻟﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﻟﻠﻄﺎﻗﺔ ﺍﻟﺬﺭﻳﺔ. ﻭﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻓإﻥ ﺇﻳﺮﺍﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻛﺴﺐ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻟﻠﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﺤﺎﺳﻤﺔ ﻣﻦ ﺑﺮﻧﺎﻣﺠﻬﺎ ﻭﺍﻟﻤﺘﻤﺜﻠﺔ ﺑﺘﺨﺼﻴﺐ ﺍﻟﻴﻮﺭﺍﻧﻴﻮﻡ ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﺗﻢ ﻓﻌﻼ.
ﺑﻨﺎﺀً ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗﻘﺪﻡ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺇﻥ ﺍﻟﺒﺮﻧﺎﻣﺞ ﺍﻟﻨﻮﻭﻱ ﺍﻹﻳﺮﺍﻧﻲ ﺩﺧﻞ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﻼﻋﻮﺩﺓ، ﺑﻤﻌﻨﻰ ﻻ أﺣﺪ ﺑﺎﺳﺘﻄﺎﻋﺘﻪ ﺇﻳﻘﺎﻑ ﺍﻟﺒﺮﻧﺎﻣﺞ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻷﺳﺎﻟﻴﺐ ﻭﺍﻟﻀﻐﻮﻁ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻤﺎﺭﺳﻬﺎ، ﻭقد توصلت إيران ﻣﻊ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ “1+5” لاتفاق ﻳﻨﻈﻢ ﺭﻓﻊ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺎﺕ ﺍﻟﻤﻔﺮﻭﺿﺔ ﻋﻠﻰ ﻃﻬﺮﺍﻥ ﻣﻨﺬ ﻋﻘﻮﺩ، ويسمح لها بتصدير واستيراد أسلحة ﻣﻘﺎﺑﻞ ﻣﻨﻌﻬﺎ ﻣﻦ ﺗﻄﻮﻳﺮ ﺻﻮﺍﺭﻳﺦ ﻧﻮﻭﻳﺔ، ﻭﻗﺒﻮﻟﻬﺎ ﺯﻳﺎﺭﺓ ﻣﻮﺍﻗﻌﻬﺎ ﺍﻟﻨﻮﻭﻳﺔ، ﻭﻳﺄﺗﻲ ﺍﺳﺘﻜﻤﺎﻻ ﻻﺗﻔﺎﻕ ﻟﻮﺯﺍﻥ والذي امتدت المفاوضات على مدى اثنا عشر عام، ولكن الرئيس ترامب أعلن في مساء الثامن من أيار لعام 2018 خروج الولايات المتحدة الأمريكية من هذا الاتفاق كطرف واحد، كان بدوره حدثاً تاريخياً.
ولم ﻳﻘﺪﻡ ﺗﺮﺍﻣﺐ ﺑﺪﻳﻼً ﻟﻼﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻨﻮﻭﻱ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺃﻋﻠﻦ ﻣﺴﺎﺀ ﺍﻟﺜﻼﺛﺎﺀ، ﺧﺮﻭﺝ ﺃﻣﻴﺮﻛﺎ ﻓﻮﺭﺍً ﻣﻨﻪ، ﺑﻞ ﺍﺳﺘﻌﺠﻞ ﺍﻟﺸﺮﻛﺎﺕ ﺍﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ ﻹﻧﻬﺎﺀ ﻋﻘﻮﺩﻫﺎ ﻣﻊ ﺇﻳﺮﺍﻥ ﻓﻲ ﻏﻀﻮﻥ 90 ﺇﻟﻰ 180 ﻳﻮﻣﺎً ﻓﻘﻂ، ﻣﻊ ﺃﻥ ﻓﻲ ﺍﻻﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﺬﻛﻮﺭ ﺑﻨﻮﺩﺍً ﻻ ﺗﺴﻤﺢ ﻷﻱ ﻃﺮﻑ ﺑﺎﻟﺨﺮﻭﺝ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﺎﻫﺪﺓ ﻗﺒﻞ 45 ﻳﻮﻣﺎً ﻣﻦ ﻣﻮﻋﺪ ﺻﺪﻭﺭ ﻗﺮﺍﺭ ﺍﻻﻧﺴﺤﺎﺏ.
ﺑﺪﺃﺕ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ، ﻓﻲ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﻣﻦ ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ / ﺗﺸﺮﻳﻦ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ 2018، ﺑﺘﻄﺒﻴﻖ ﻋﻘﻮﺑﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺇﻳﺮﺍﻥ ﺍﻟﻐﻨﻴﺔ ﺑﺎﻟﻨﻔﻂ ﻓﻲ ﻇﻞ ﺃﻭﺿﺎﻉ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﺻﻌﺒﺔ ﺗﻤﺮ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﺒﻼﺩ
وﺗﺸﻤﻞ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺎﺕ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺍﻟﻘﻄﺎﻋﺎﺕ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ، ﻭﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻬﺎ ﻗﻄﺎﻉ ﺍﻟﻨﻔﻂ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻣﺼﺪﺭ ﺍﻟﺪﺧﻞ ﺍﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﻠﻌﻤﻼﺕ ﺍﻟﺼﻌﺒﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﺎﺟﻬﺎ ﺇﻳﺮﺍﻥ، ويرى ﺗﺮﺍﻣﺐ ﺃﻥ ﺍﻟﻀﻐﻂ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﺳﻴُﺠﺒﺮ ﺇﻳﺮﺍﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻮﺍﻓﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﻘﺪ ﺻﻔﻘﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻭﻋﻠﻰ ﻭﻗﻒ ﻧﺸﺎﻃﺎﺗﻬﺎ “ﺍﻟﺨﺒﻴﺜﺔ”، وأن توسع نفوذ إيران في المنطقة يزيد من عداء العرب لها مما يشكل عامل إيجابي بالنسبة للإسرائيلين من تخفيف الكراهية تجاههم وتحول أنظار العرب واهتماماتهم بالقضية الفلسطينية وبدل ذلك مواجهة تزايد النفوذ الإيراني في المنطقة. وقد نجحت الاستراتيجية الأمريكية بهذ الاتجاه من خلال التقارب العربي الإسرائيلي والذي تكلل بزيارة رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتانياهو لسلطنة عمان، ومن غير المستبعد في المستقبل تشكيل تحالف إسرائيلي عربي تجاه توسع إيران في المنطقة، ومع توسع نفوذ إيران في المنطقة فإن المخاوف الخليجية تتصاعد رغم أن ﺃﻫﻤﻴﺔ ﺍﻷﻣﻦ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﺨﻠﻴﺞ ﻟﻠﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻻﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ، وذلك يعود لأسباب اقتصادية.
ﺑﺎﻷﺳﺎﺱ. . ﺇﺫ ﻳﻘﻊ %54 ﻣﻦ ﺍﺣﺘﻴﺎﻃﻲ ﺍﻟﻨﻔﻂ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ، ﻭ %40 ﻣﻦ ﺍﺣﺘﻴﺎﻃﻲ ﺍﻟﻐﺎﺯ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﺨﻠﻴﺞ ﻭﺑﺴﺒﺐ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻻﻗﻠﻴﻤﻴﺔ، ﻓﺜﻤﺔ ﺍﺭﺗﺒﺎﻁ ﺑﻴﻦ ﺍﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﺍﻟﺴﻮﻕ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻠﻴﺞ ﻭﺗﻌﺎﻓﻲ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﺸﺮﻳﻚ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ، ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻃﺮﺡ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ﻣﻊ ﺩﻭﻝ ﻣﺠﻠﺲ ﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﻟﺘﻌﺰﻳﺰ ﺍﻹﺻﻼﺡ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭﺍﻟﺘﻨﻮﻳﻊ، ﻓﻀﻠًﺎ ﻋﻦ ﺯﻳﺎﺩﺓ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ والعسكرية ﻟﻤﺴﺎﻋﺪﺓ ﺩﻭﻝ ﺍﻟﺨﻠﻴﺞ ﻓﻲ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺪﻳﺎﺕ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ والأمنية المتزايدة في ظل أطماع إيران التوسعية. إلا أن هذه الاستراتيجية لن تدوم طويلاً في ظل الطوفان الشعبي الذي يجتاح العالم العربي والذي قد يهز عروش أمراء الخليج والذي يتطلب منهم ضرورة التغيير وفتح مناخ الحريات والديمقراطية، وأن مسألة بقاء القواعد الأمريكية في الخليج قد لن يبقى في الفترة المستقبلية، بحيث أن الاهتمام الأمريكي أصبح باتجاه الصين كونها قوة اقتصادية قادمة تجتاح العالم، مع بقاء استراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية في إدارة الصراعات في الشرق الأوسط. ولا استبعد أيضاً قيام الولايات المتحدة الأمريكية ببناء قوى عسكرية واقتصادية قوية في الشمال السوري وذلك لمواجهة مخاطر إيران وتركيا المستقبلية مما يفسر أن بقاء القواعد الأمريكية في الخليج لن يدوم طويلاً إلا إذا وجد عامل اقتصادي جديد مثل استثمار الصحراء الخليجية في إنشاء الطاقة الشمسية
والتي تعتبر بالمستقبل إحدى أهم عوامل مصادر الطاقة، ولا يمكننا ذكر الاستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط دون أن نوصف العلاقات الأمريكية التركية، حيث يرى الكثير من الباحثين والمحللين العلاقات الأمريكية التركية بالتحالف الاستراتيجي المبني على أسس راسخة بفعل تشعب المصالح، ويرى آخرون أن هذا التحالف قلق لا يتميز بالثبات والاستقرار بفعل حالات الصعود والهبوط التي مرت بها العلاقة بين البلدين في حقب مختلفة، وان الولايات المتحدة الأمريكية تنظر إلى تركيا في إطار التوازن الدولي واستراتيجية الهيمنة، وبالمقابل فإن
تركيا تنظر إلى الولايات المتحدة بأكثر من عين، فهي حليف لا يمكن الاستغناء عنه.
إن ﻗﻮﺓ ﺗﺮﻛﻴﺎ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﻭﻣﻮﻗﻌﻬﺎ ﺍﻟﺠﻐﺮﺍﻓﻲ ﺍﻻﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻲ ﻛﺠﺴﺮ ﺑﻴﻦ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ ﻭﺁﺳﻴﺎ ﺗﺠﻌﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﻛﻨﺰﺍً ﻻ ﻳﻘﺪﺭ ﺑﺜﻤﻦ ﻟﻜﻞ ﻣﻦ ﺍﻻﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ ﺍﻟﺪﻓﺎﻋﻴﺔ ﻟﻠﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ﻭﺣﻠﻒ ﺍﻟﻨﺎﺗﻮ. ﻭﻣﻦ ﺛﻢ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺤﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻨﺰ ﻫﻮ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻣﺼﻠﺤﺔ ﻗﻮﻣﻴﺔ ﺃﻣﺮﻳﻜﻴﺔ وخاصة أن تركيا تكون بمحاذة روسيا، فتاريخياً تم استثمار موقع تركيا الجغرافي للحدّ من النفوذ الشيوعي حتى انهيار الاتحاد السوفياتي.
ولم تكن التبعية ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺔ ﻟﻠﻐﺮﺏ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻓﻘﻂ، ﺑﻞ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﻳﻌﻤﻞ ﺃﻳﻀﺎ ﻋﻠﻰ ﺿﻤﺎﻥ ﺗﺒﻌﻴﺔ ﺗﺮﻛﻴﺎ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺎ ﻟﻪ، ﻭﺍﻋﺘﻤﺎﺩﻫﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﺩﺍﺋﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻮﻧﺎﺗﻪ ﻭﻣﺴﺎﻋﺪﺍﺗﻪ ﻭﻋﺪﻡ ﺍﻣﺘﻼﻛﻬﺎ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺑﻨﺎﺀ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩ ﻗﻮﻱ ﺃﻭ ﻗﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺎﻓﺴﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺎﺕ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ، فقد شكلت تركيا ﺑﺤﻜﻢ ﻣﻮﻗﻌﻬﺎ ﺍﻟﺠﻴﻮﺳﻴﺎﺳﻲ ﺍﻟﻤﺘﻤﻴﺰ ﺭﺃﺱ ﺣﺮﺑﺔ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻓﻲ ﺃﻭﺍﺳﻂ ﻭﻏﺮﺏ ﺁﺳﻴﺎ ﻭﺍﻟﻘﻮﻗﺎﺯ ﻭﻋﻤﻮﻡ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﺍﻷﻭﺳﻂ، ﻭﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﻓﻲ ﺩﻭﺭﻫﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﺘﺤﺎﻟﻒ ﺍﻟﺪﻭﻟﻲ ﺿﺪ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻓﻲ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﺘﺴﻌﻴﻨﻴﺎﺕ ﻭﺍﺷﺘﺮﺍﻛﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺤﺎﻟﻒ ﺍﻟﺪﻭﻟﻲ ﺿﺪ ﺍﻹﺭﻫﺎﺏ ﻓﻲ ﺃﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎﻥ، ﺣﻴﺚ ﺃﺭﺳﻠﺖ 1200 ﻣﻦ ﺟﻨﻮﺩﻫﺎ ﻟﻠﻤﺸﺎﺭﻛﺔ ﻣﻊ ﻗﻮﺍﺕ “ﺍﻳﺴﺎﻑ“ ﻫﻨﺎﻙ، ﻭﻻ ﻧﻨﺴﻰ ﺃﻳﻀﺎ ﺍﻟﻤﻮﻗﻒ ﺍﻟﺘﺮﻛﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺩﻱ ﻣﻦ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﺍﻹﻳﺮﺍﻧﻴﺔ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺳﺘﻤﺮﺕ ﺛﻤﺎﻥ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻗﺪﺭﺓ ﺃﻧﻘﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﻟﻌﺐ ﺩﻭﺭ ﻣﻬﻢ ﻓﻲ ﻭﻗﻒ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺮﺏ، ﺇﻻ ﺃﻥ ﺳﻴﺎﺳﺘﻬﺎ ﺣﻴﺎﻝ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻉ ﺗﻄﺎﺑﻘﺖ ﻣﻊ ﺍﻷﺟﻨﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺒﺪﻭ ﺭﺍﻏﺒﺔ ﻓﻲ ﺇﻃﺎﻟﺔ ﺃﻣﺪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﺇﻟﻰ ﺃﻃﻮﻝ مدة زمنية، إلا أنه في عام 2003 رفضت تركيا السماح للقوات الأمريكية اجتياح العراق ورفضت أيضاً المشاركة في هذه الحرب، وتعود أسباب عدم مشاركة تركيا لهذه الحرب لعدة أسباب وأهم هذه الأسباب أنها لا تريد خسارة موقعها الجغرافي والسياسي والاقتصادي تجاه دول وشعوب المنطقة العربية.
إلا أن المسألة الكردية ﻛﺎﻧﺖ ﻭﻻﺗﺰﺍﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﻤﺴﺘﻌﺼﻴﺔ دون التوصل إلى حلّ أو اعتراف بالوجود الكردي، وقد تجسد ذلك في دستور الجمهورية التركية المعروف ﺑﺪﺳﺘﻮﺭ ﻋﺎﻡ 1924 ﺍﻟﺘﻮﺟﻬﺎﺕ ﺍﻟﻜﻤﺎﻟﻴﺔ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﻭﺍﺿﺤﺔ، ﻓﻘﺪ ﺗﺠﺎﻫﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻜﺮﺩﻱ ﻭ ﺣﻘﻮﻗﻪ، ﻭ ﻟﻢ ﻳﺸﺮ ﻣﻦ ﻗﺮﻳﺐ ﺃﻭ ﺑﻌﻴﺪ إﻟﻰ ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻨﻴﻦ ﺍﻟﻜﺮﺩ. ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺆﺳﻒ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻮﻗﻒ ﻟﻢ ﻳﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭ ﺍﻟﺘﺮﻛﻲ ﺍﻷﻭﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻗﺮ ﺑﻌﺪ أﻗﻞ ﻣﻦ ﻋﺎﻡ ﻣﻦ ﻗﻴﺎﻡ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻼﺩ، ﺑﻞ ﺃﻥ ﺩﺳﺘﻮﺭﻱ ﻋﺎﻡ 1961 ﻭﻋﺎﻡ 1982، ﻭ ﻻ ﺯﺍﻝ ﺍﻷﺧﻴﺮ ﻣﻌﻤﻮﻻً ﺑﻪ ﺣﺘﻰ ﻳﻮﻣﻨﺎ ﻫﺬﺍ ﺭﻏﻢ ﺍﻟﺘﻌﺪﻳﻼﺕ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺟﺮﺕ ﻋﻠﻰ ﺑﻨﻮﺩﻩ، ﻋﺎﻣﻼ ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻨﻴﻦ ﺍﻟﻜﺮﺩ ﺑﻨﻔﺲ ﺍﻟﺮﻭﺣﻴﺔ، ﻓﻜﻞ ﻣﻦ ﻳﻠﻘﻲ ﻧﻈﺮﺓ ﺳﺮﻳﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﺑﻨﻮﺩ ﺍﻟﺪﺳﺎﺗﻴﺮ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺔ ﻻ ﻳﺮﻯ ﻓﻲ ﺗﺮﻛﻴﺎ ﻏﻴﺮ ﺍﻷﺗﺮﺍﻙ ﺭﻏﻢ ﻭﺟﻮﺩ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ 32 ﺃﻗﻠﻴﺔ ﻗﻮﻣﻴﺔ ﻭﺩﻳﻨﻴﺔ، ﺑاعتراف ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻴﻦ ﺍﻟﺮﺳﻤﻴﻴﻦ ﺍﻷﺗﺮﺍﻙ، فالمادة (88) ﻣﻦ ﺩﺳﺘﻮﺭ ﻋﺎﻡ 1924 ﺍﻋﺘﺒﺮﺕ ﺳﻜﺎﻥ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺃﺗﺮﺍﻛﺎً، ﻓﻴﻤﺎ أﻋﻠﻨﺖ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ (2) ﻣﻦ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭ ﻧﻔﺴﻪ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺔ ﻟﻐﺔ ﺭﺳﻤﻴﺔ ﻭﺣﻴﺪﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻼﺩ، ﻭﺃﻧﻜﺮ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭ ﺑﺬﻟﻚ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﻜﺮﺩ ﻛﺜﺎﻧﻲ ﻗﻮﻣﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻓﻀﻼً ﻋﻦ أﻗﻠﻴﺎﺕ ﻗﻮﻣﻴﺔ ﻣﻬﻤﺔ ﻛﺎﻟﻌﺮﺏ ﻭ ﺍﻟﻼﻅ ﻭﺍﻟﺸﺮﻛﺲ ﻭﺍﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﻴﻦ ﻭ ﺍﻟﺴﺮﻳﺎﻥ ﻭﺍﻷﺭﻣﻦ ﻭﻏﻴﺮﻫﻢ، ﻛﻤﺎ ﺗﺘﺤﺪﺙ ﺑﻨﻮﺩ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻋﻦ (ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻦ ﺍﻟﺘﺮﻛﻲ) ﻓﻘﻂ ﺑﺪﻳﻼً ﻋﻦ (ﻣﻮﺍﻃﻦ ﺗﺮﻛﻴﺎ). ﻭﺗﺜﻴﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺇﺷﻜﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﺍﻟﻌﺮﻗﻴﺔ ﻟﻠﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﻨﺎﻗﺾ ﻛﻠﻴﺎً ﻣﻊ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺿﻤّﻬﺎ ﻷﻭﻃﺎﻥ ﻭﺷﻌﻮﺏ ﻭﺛﻘﺎﻓﺎﺕ ﻋﺪﻳﺪﺓ ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﺍﻟﻜﺮﺩ ﻭ ﺍﻷﺭﻣﻦ ﻭ ﺍﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﻴﻦ ﻭ ﻏﻴﺮﻫﻢ، ﻭﺗﺒﺮﺯ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﻔﺮﺽ ﺍﻟﻈﺎﻟﻢ ﻟﻠﻬﻮﻳﺔ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺔ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪﺓ ﻭﺑﺼﻮﺭﺓ ﻗﺴﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺠﻐﺮﺍﻓﻴﺎ ﺍﻟﻮﺍﺳﻌﺔ ﺍﻟﻐﻨﻴﺔ ﺑﺎﻟﺤﻀﺎﺭﺍﺕ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺎﺕ الإﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﻷﺻﻴﻠﺔ، وكل ذلك في ظل صمت دولي عن القضية الكردية والشعب الكردي الذي انظلم لأبعد حدود الظلم والقهر.
ولم يكن ذلك على مستوى تركيا بل امتدّ إلى العراق وسوريا وإيران، وقد عارضت تركيا الولايات المتحدة الأمريكية لدعمها قوات سوريا الديمقراطية التي إحدى فصائلها قوات الحماية الكردية والتي تصنفها تركيا بالإرهاب، ليبدأ بذلك بذور خلاف تركي أمريكي. وقد استمر الدعم الأمريكي لهذه القوات رغم قيام تركيا باحتلال عفرين وفي ظل هذا الدعم المقبول نوعاً ما للقوات سوريا الديمقراطية من قبل بعض الأطراف الغربية مما يجبر تركيا على تغيير التحالفات في المستقبل، فقد نجد تحالفاً من قبل الأتراك مع النظام السوري بشكل مباشر مع وجود تصريحات تركية لوجود تعاون أمني مع النظام السوري في سبيل إنهاء قوات سوريا الديمقراطية في ظل وجود شبه تحالف تكتكي ما بين تركيا وروسيا وإيران، وقد يصبح تحالفاً استراتيجياً بالمستقبل إذا توسعت الخلافات الأمريكية مع تركيا؛ على أنني أرى أن تركيا هي حليفٌ أساسي للولايات المتحدة الأمريكية لا يمكن الاستغناء عنه، وبالتالي تركيا هي طفلٌ مدلل للولايات المتحدة رغم ما بينهم من اختلافات، ومن هذه الخلافات قضية القسّ الأمريكي الذي تم اعتقاله ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ 9 ﻛﺎﻧﻮﻥ ﺍﻷﻭﻝ / ﺩﻳﺴﻤﺒﺮ 2016 في تركيا بتهمة ﺍﻟﺘﺠﺴﺲ ﻭﻣﺴﺎﻋﺪﺓ ﺍﻹﺭﻫﺎﺏ، ﻭﻭﺟﻬﺖ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺔ ﺍﻟﺘﻬﻢَ ﺇﻟﻰ ﺑﺮﻭﻧﺴﻮﻥ ﺗﺘﻀﻤﻦ ﺭﻭﺍﺑﻂ ﻣﺰﻋﻮﻣﺔ ﻣﻊ ﻧﺸﻄﺎﺀ ﺃﻛﺮﺍﺩ ﻭﺃﻧﺼﺎﺭ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺽ ﺍﻟﺘﺮﻛﻲ ﻓﺘﺢ ﺍﻟﻠﻪ ﻏﻮﻟﻦ، وجاء ذلك بعد محاولة الانقلاب الذي حصل في تركيا، لتفرض الولايات المتحدة الأمريكية ﻋﻘﻮﺑﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺆﻭﻟﻴﻦ ﺑﺪﻭﻟﺔ ﺣﻠﻴﻔﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺗﻮ. ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ، ﺍﻟﺬﻱ ﺻﺪﺭ ﻳﻮﻡ ﺍﻷﺭﺑﻌﺎﺀ ﺍﻷﻭﻝ ﻣﻦ ﺃﻏﺴﻄﺲ / ﺁﺏ لعام 2018، ﻳﻔﺮﺽ ﻋﻘﻮﺑﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﻭﺯﻳﺮ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺤﻤﻴﺪ ﻏﻮﻝ ﻭﻭﺯﻳﺮ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﺳﻮﻳﻠﻮ ﻋﻠﻰ ﺧﻠﻔﻴﺔ ﺍﺣﺘﺠﺎﺯ ﺍﻟﻘﺲ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﺃﻧﺪﺭﻭ ﺑﺮﺍﻧﺴﻮﻥ ﻓﻲ ﺗﺮﻛﻴﺎ
ﻭﻟﻢ ﻳﺘﺄﺧﺮ ﺭﺩ ﺃﻧﻘﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ، إﺫ ﺳﺮﻋﺎﻥ ﻣﺎ ﺃﺻﺪﺭﺕ ﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻴﺔ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺔ ﺑﻴﺎﻧﺎً ﺩﻋﺖ ﻓﻴﻪ الإﺩﺍﺭﺓ الأﻣﺮﻳﻜﻴﺔ “ﻟﻠﺘﺨلي ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﺍﻟﺨﺎﻃﺊ ﻭأﺿﺎﻓﺖ ﺃﻧﻪ “ﺳﻴﻜﻮﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺭﺩ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻮﻗﻒ ﺍﻟﻌﺪﺍﺋﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻦ ﻳﺨﺪﻡ ﺃﻱ ﻫﺪﻑ.”
ﻭﺟﺎﺀ ﺍﻟﺨﻼﻑ ﺍﻷﺧﻴﺮ ﺑﻴﻦ ﺃﻧﻘﺮﺓ ﻭﻭﺍﺷﻨﻄﻦ ﺗﺘﻮﻳﺠﺎً ﻟﺴﻠﺴﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻼﻓﺎﺕ ﺣﻮﻝ ﻋﺪﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻠﻔﺎﺕ ﺍﻟﻬﺎﻣﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﺤﺴﻢ ﺑﻌﺪ، ﻭﻳﻨﺘﻈﺮ ﺃﻥ ﺗﻈﻞ ﻣﺼﺪﺭﺍً ﻟﻠﺘﻮﺗﺮ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺠﺎﻧﺒﻴﻦ ﻟﻔﺘﺮﺓ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻗﺎﺩﻣﺔ، أولى هذه الملفات مثل ما قمنا بذكره أعلاه ﻫﻮ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻟﻠﻤﻘﺎﺗﻠﻴﻦ ﺍﻷﻛﺮﺍﺩ ﻓﻲ ﺳﻮﺭﻳﺎ، ﻭﺗﺤﺪﻳﺪﺍً ﻭﺣﺪﺍﺕ ﺣﻤﺎﻳﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻤﺜﻞ ﺍﻟﻘﻮﺓ الأﺳﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ ﻗﻮﺍﺕ ﺳﻮﺭﻳﺎ ﺍﻟﺪﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻴﺔ، ﻭﻳﺮﺟﻊ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻋﻢ إﻟﻰ ﺍﻋﺘﻤﺎﺩ ﻭﺍﺷﻨﻄﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻘﺎﺗﻠﻴﻦ الأﻛﺮﺍﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺼﺪﻱ ﻟﻤﺎ ﻳﻌﺮﻑ ﺑﺘﻨﻈﻴﻢ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ الإﺳﻼﻣﻴﺔ ( ﺩﺍﻋﺶ ) ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ، ﻭﺣﺎﺟﺘﻬﺎ إﻟﻰ ﻗﻮﺍﺕ ﻣﻮﺍﻟﻴﺔ ﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺷﻤﺎﻝ ﺳﻮﺭﻳا ﺗﺘﺼﺪﻯ ﻟﻠﻨﻔﻮﺫ ﺍﻟﺮﻭﺳﻲ – ﺍﻻﻳﺮﺍﻧﻲ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ ﺁﺧﺮ، وهناك ملف آخر مرتبط بسوريا يشكل فيه تباين لوجهات النظر بين ﺃﻧﻘﺮﺓ ﻭﻭﺍﺷﻨﻄﻦ، ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺘﻨﺴﻴﻖ ﺑﻴﻦ ﺗﺮﻛﻴﺎ ﻭﺭﻭﺳﻴﺎ ﻭﺍﻳﺮﺍﻥ ﻓﻲ إﻃﺎﺭ اﺗﻔﺎﻕ ﺁﺳﺘﺎﻧﺎ ﻟﺨﻔﺾ ﺍﻟﺘﺼﻌﻴﺪ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻣﺤﺪﺩﺓ ﻓﻲ ﺳﻮﺭﻳا، ﻫﺬﺍ ﻋﻼﻭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻘﺎﺭﺏ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ ﺑﻴﻦ ﻣﻮﺳﻜﻮ ﻭﺃﻧﻘﺮﺓ ﻓﻲ ﻣﺠﻼﺕ ﺣﻴﻮﻳﺔ ﻣﺜﻞ ﻣﺸﺎﺭﻳﻊ ﺍﻟﻄﺎﻗﺔ ﻭﻣﺸﺘﺮﻳﺎﺕ ﺗﺮﻛﻴﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻼﺡ ﺍﻟﺮﻭﺳﻲ، ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺜﻴﺮ ﺣﻔﻴﻈﺔَ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻴﻦ الأﻣﺮﻳﻜﻴﻴﻦ، وتبقى ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻣﻌﻠﻘﺔ، ﻭﻫﻲ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺍﻟﺪﺍﻋﻴﺔ الإﺳﻼﻣﻲ ﻓﺘﺢ ﺍﻟﻠﻪ ﺟﻮﻟﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺘﻬﻤﻪ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺔ ﺑﺎﻟﻀﻠﻮﻉ ﻓﻲ ﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﺍﻻﻧﻘﻼﺏ ﺍﻟﻔﺎﺷﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﻗﻌﺖ ﻓﻲ 15 ﻳﻮﻟﻴﻮ / ﺗﻤﻮﺯ. 2016 ﻭﺗﻄﺎﻟﺐ ﺃﻧﻘﺮﺓ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺑﺘﺴﻠﻴﻢ ﺟﻮﻟﻦ، ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﻴﻢ ﻓﻲ ﻭﻻﻳﺔ ﺑﻨﺴﻠﻔﺎﻧﻴﺎ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ، ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﺗﺮﻓﻀﻪ ﻭﺍﺷﻨﻄﻦ. ﻭﺍﻗﺘﺮﺡ ﺃﺭﺩﻭﻏﺎﻥ ﻣﺒﺎﺩﻟﺔ ﺟﻮﻟﻦ ﻣﻊ ﺍﻟﻘﺲ ﺍﻻﻣﺮﻳﻜﻲ، ﻭﻫﻮ اﻗﺘﺮﺍﺡ ﺗﺮﻓﻀﻪ ﻭﺍﺷﻨﻄﻦ.
ﻭﻋﻨﺪ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﺍﻻﻧﻘﻼﺏ ﺍﻟﻔﺎﺷﻠﺔ، ﻻ ﻳﺘﻮﻗﻒ ﺍﻟﺨﻼﻑ ﺣﻮﻝ ﺩﻭﺭ ﺟﻮﻟﻦ ﻓﻲ ﺩﻋﻢ ﺍﻻﻧﻘﻼﺏ، ﺣﺴﺐ ﻣﺎ ﺗﻘﻮﻝ ﺃﻧﻘﺮﺓ، ﺑﻞ ﺗﻜﺮﺭﺕ ﺍﻻﺗﻬﺎﻣﺎﺕ ﻓﻲ ﻭﺳﺎﺋﻞ الإﻋﻼﻡ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺔ ﻟﻠﻤﺨﺎﺑﺮﺍﺕ الأﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻭﺭﺍﺀ ﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﺍﻻﻧﻘﻼﺏ ﺍﻟﻔﺎﺷﻠﺔ، ﻭﺃﻥ ﻗﺎﻋﺪﺓ “ﺃﻧﺠﻴﺮﻟﻴﻚ“ ﺍﻟﺠﻮﻳﺔ، ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺓ ﻓﻲ ﺗﺮﻛﻴﺎ ﻭﺍﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﺤﻠﻒ ﺍﻟﻨﺎﺗﻮ، ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻟﺘﺨﻄﻴﻂ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻻﻧﻘﻼﺏ.
أمّا ﻛﻞّ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺨﻼﻓﺎﺕ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺒﻠﺪﻳﻦ، ﻭﺍﻟﻤﻠﻔﺎﺕ ﺍﻟﺸﺎﺋﻜﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﺒﺎﻳﻦ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﻮﺿﻮﺡ ﺭﺅﻳﺔ ﺃﻧﻘﺮﺓ ﻭﻭﺍﺷﻨﻄﻦ، ﻻ ﻳﺘﻮﻗﻒ ﺍﻟﺠﺪﻝ ﺣﻮﻝ ﻋﻼﻗﺔ ﺍﻟﺠﺎﻧﺒﻴﻦ ونطرح بعض الأسئلة عن مستقبل هذه العلاقة، هل تحولت ﻋﻼﻗﺔ ﺗﺮﻛﻴﺎ ﻭﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ﻣﻦ ﺗﺤﺎﻟﻒ ﻣﺴﺘﻘﺮ ﺍﻟﻰ ﺧﻼﻑ ﻣﺘﺼﺎﻋﺪ؟
ﻫﻞ ﺍﻟﺘﺒﺎﻳﻦ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺠﺎﻧﺒﻴﻦ ﺣﻮﻝ ﻣﻠﻔﺎﺕ ﻫﺎﻣﺔ، ﻣﺜﻞ ﺩﻋﻢ ﻭﺍﺷﻨﻄﻦ ﻷﻛﺮﺍﺩ ﺳﻮﺭﻳا، ﺳﻴﺆﺩﻱ إﻟﻰ ﺗﻌﻤﻴﻖ ﺍﻟﺨﻼﻑ؟وﻫﻞ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﺘﺠﻪ ﺗﺮﻛﻴﺎ ﺃﻛﺜﺮ إﻟﻰ ﻣﻮﺳﻜﻮ، ﻭﺗﺨﺮﺝ ﻣﻦ ﺣﻠﻒ ﺍﻟﻨﺎﺗﻮ؟ وﻣﺎ أﺛﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺨﻼﻑ ﻋﻠﻰ الأﻭﺿﺎﻉ ﻓﻲ ﺳﻮﺭﻳا ﻭﺍﻟﻌﺮﺍﻕ؟ وهل سنرى تحالفاً تركياً مع النظام السوري؟ وما هو مستقبل العلاقة التركية مع أوروبا ؟ وماهي نظرة الدول العربية لتركيا إذا تحالفت مع النظام السوري ؟ وما هو موقف المعارضة السورية من العلاقة التركية مع إيران وروسيا؟ وفي حال حصل تحالف تركي مع النظام السوري ما هو موقف المعارضة السورية من هذا التحالف ؟
تبقى هذه الأسئلة مجرد جدلية في مستقبل علاقات تركيا مع الدول الإقليمية والدولية وذلك مبنية على مستقبل العلاقة التركية الأمريكية.
في الختام :
ﺗﻨﻔﺮﺩ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﺍﻷﻭﺳﻂ ﺑﺄﻫﻤﻴﺔ ﻗﺼﻮﻯ ﻓﻲ ﺣﺴﺎﺑﺎﺕ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ، ﻟﻤﺎ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﺍﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺸﻬﺪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺍﻹﻗﻠﻴﻤﻲ ﻭﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ، ﻭﻟﻤﺎ ﺗﺘﻤﺘﻊ ﺑﻪ ﻣﻦ ﻏﻨﻰ ﻣﻮﺍﺭﺩﻫﺎ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻭﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻬﺎ ﺍﻟﻨﻔﻂ ﻭﺍﻟﻐﺎﺯ ﻭﻣﻮﺍﺭﺩ ﺍﻟﻄﺎﻗﺔ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ، ﻭﻫﻲ ﻣﻦ ﺃﻫﻢ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﺠﺬﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻘﻄﺐ ﻧﻔﻮﺫ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﻭﺻﺮﺍﻋﺎﺗﻬﺎ، ﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﺍﻷﻭﺳﻂ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺟﻐﺮﺍﻓﻴﺔ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﻭﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﺍﻟﻤﺘﻤﻴﺰ ﻓﻲ ﻭﺳﻂ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ، ﻭﻣﺎ ﻳُﺸﺮﻑ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﻣﻤﺮﺍﺕ ﻣﺎﺋﻴﺔ، ﻓﻘﺪ ﺷﻜﻠﺖ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻧﻘﻄﺔ ﺍﺳﺘﻘﻄﺎﺏ ﺍﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ ﻣﻨﺬ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﻨﺎﻓﺲ ﻓﻲ ﺳﺒﺎﻕ ﻣﺤﻤﻮﻡ ﻓﻲ ﺻﺮﺍﻉ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺎﺩﺭ ﺍﻟﻄﺎﻗﺔ ﻭﻣﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﻨﻔﻮﺫ ﺍﻹﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ.
ﺑﻌﺪ ﺷﻌﻮﺭ ﺭﻭﺳﻴﺎ ﺑﺘﻘﻠﺺ ﺩﻭﺭﻫﺎ ﻋﻘﺐ ﺍﻧﻬﻴﺎﺭ الاﺗﺤﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺘﻲ، ﻭﻭﻻﺩﺓ ﻧﻈﺎﻡ ﺩﻭﻟﻲ ﺟﺪﻳﺪ ﺑﺰﻋﺎﻣﺔ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺼﺮﻓﺖ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﻷﻋﻈﻢ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺣﺘﻰ ﺍﻵﻥ، ﻭﻗﺪ ﺑﺪﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﻔﺮﺩﻳﺔ ﺟﻠﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺧﻼﻝ ﺗﺴﻌﻴﻨﻴﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ، ﻭﻟﻜﻦ ﻣﻨﺬ ﺗﻮﻟﻲ ﺑﻮﺗﻴﻦ ﻣﻘﺎﻟﻴﺪ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﻟﻠﻤﺮﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ، ﺑﺪﺃﺕ ﺗﺘﺠﻠﻰ ﺍﻟﻐﻴﻮﻡ ﻋﻦ ﺍﻟﻄﻤﻮﺣﺎﺕ ﺍﻟﺮﻭﺳﻴﺔ، ﻭﺗﺘﺠﻪ ﺇﻟﻰ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺍﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻗﺮﻳﺒﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﺇﻗﻠﻴﻤﻴﺎً، ﻟﻔﺮﺽ ﻧﻔﻮﺫﻫﺎ ﻭﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﺍﻟﺴﻴﻄﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺯﻣﺎﻡ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﻭﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻛﺔ ﻓﻲ ﺣﻞ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﻭﺍﻷﺯﻣﺎﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ.
ﻭﻗﺪ ﺍﺳﺘﻐﻠﺖ ﺭﻭﺳﻴﺎ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﺍﻷﻭﺳﻂ ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺻﺮﺍﻋﺎﺕ ﺩﺍﺧﻠﻴﺔ، ﻭﺗﻄﻮﺭﺍﺕ ﺑﺴﺒﺐ ﺛﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﺮﺑﻴﻊ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ، ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺳﻴﺎﺳﺔ الاﻧﺴﺤﺎﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺗﺒﻌﺘﻬﺎ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ، ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻟﻤﺸﻜﻼﺕ ﺍﻹﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ والخسارة التي منيت بها في العراق والذي جعل أمريكا تغير من استراتيجيتها بإدارة الصراع من الخارج دون التدخل فيه بشكل مباشر، وكذلك صعود الصين كقوة اقتصادية مرعبة تهدد الولايات المتحدة الأمريكية، ﺍﻟﺘﻲ ﺟﻌﻠﺘﻬﺎ ﺗﺘﺠﻪ ﺇﻟﻰ ﺩﻭﻝ ﺷﺮﻕ ﺁﺳﻴﺎ ﻭﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﻣﻌﻬﻢ، ﺑﻌﻴﺪﺍً ﻋﻦ ﺻﺮﺍﻋﺎﺕ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﺍﻷﻭﺳﻂ، ﻭﺍﻟﺘﺪﺧﻼﺕ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﺍﻟﻄﺎﺣﻨﺔ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﻣﺜﻞ ﺳﻮﺭﻳﺎ. ﻭﺑﺪﺃﺕ ﺭﻭﺳﻴﺎ ﺑﺎﻟﺘﻘﺮﺏ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﺍﻷﻭﺳﻄﻴﺔ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﻌﻘﻮﺩ الاﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ، ﻭﺻﻔﻘﺎﺕ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ، ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﺪﺧﻞ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﻓﻲ ﺳﻮﺭﻳﺎ ﺇﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ الاﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭﺍﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻲ، ﺭﺍﺟﻴﺔ ﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺗﺠﺎﻩ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﺍﻷﻭﺳﻂ، ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺪﺧﻞ ﺍﻟﺮﻭﺳﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﺍﻷﻭﺳﻂ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳُﺤﺪﺙ ﺗﻐﻴﺮﺍﺕ ﺟﺬﺭﻳﺔ ﻓﻲ ﻫﻴﻜﻞ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺪﻭﻟﻲ، وقد نشهد ولادة نظام عالمي جديد وخاصة مع صعود الصين كقوى اقتصادية قادمة.