افتتاحية العدد 8: أخوة الشعوب بديلاً عن “الأنا” المعولمة
هيئة التحرير
ابتلت منطقة الشرق الأوسط ومنذ عدة قرون بالحكام المنغلقين على أنفسهم والذين لا همَّ لهم سوى إدامة استبدادهم وسيطرتهم على عرش السلطة وإن كانت الشعوب هي الضحية الأولى والأخيرة من هذه الظاهرة التي عرقلة تطور المجتمع الشرق أوسطي ولو بالحدود الدنيا. ففي الوقت الذي تم فيه إغلاق باب الاجتهاد ووسم كل من كان يقوم بذلك بالزنديق “سابقاً” والإرهابي في “راهننا”، استفحل المرض أكثر فأكثر، ولم يعد هناك أي هم للحكام سوى كيفية القضاء المبرم على هذه الشخوص ومنع نشر فكرها واحتكار كل شيء تحت كرسي العرش. كأنهم يريدون القول: بأننا، أي نحن الحكام فقط وفقط، “من يقوم بالإجتهاد ونقرّ بالصواب من الخطأ، الخير من الشر، الصالح من الطالح، الزندقة من الإيمان، المقاومة من الإرهاب”. وبذلك اختلطت هذه المصطلحات ولم يعد يُعرف من هو على صواب أو على خطأ ومن هو الإرهابي من المقاوم… الخ.
وفي راهننا باتت مصطلحات من قبيل “الدين، القوموية، الجنسوية” استمرار ليكون الداء أكثر عضالاً وتبتلى هذه الشعوب بيوتوبيا هذه الشعارات التي لم تخلف وراءها سوى ملايين الضحايا من البشر تحت شعار حماية القوموية أو الإسلام السياسي والكل يخدم صون وحماية وجود الدولة والتي هي في النهاية تمثل ظل الرئيس المفدى الذي أنزله الله على البشر. القومية والدين السياسي هاتين الكلمتان الخفيفتان على اللسان والثقيلاتان على البشر لأنهم هم ضحاياها الأقربون، حصدت ما تبقى من كرامة للبشر وباتوا سكارى وما هم بسكارى من جراء من لاقوه من ويلات ومظالم وتعذيب واعتقالات واغتصاب لكل شيء، على أيادي الأجهزة الأستخباراتية التي تسهر ليل نهار من أجل صون وجود الرئيس “ظل الله على الأرض” والدولة المتمثلة في شخصه.
لذا بات على شعوب الشرق الأوسط أن تدرك جيداً أن هذه المصطلحات فُرضت علينا فرضاً وأننا لم ولن نستسيغها البتة، لأن إرادة الشعوب هي فوق كل شيء وكذلك كرامته وحريته. وعلى شعوب المنطقة أن تعي تماماً أن أخوة الشعوب هي أساس حل مشاكل المنطقة، وكذلك إعتماد الشعب على ذاته في بناء مجالسه الشعبية الديمقراطية ومؤسساته المدنية المبنية على أساس المواطنة الحرة غير الملقحة بحقنة العولمة. لأن الرأسمال المالي الاحتكاري يرغب قبل كل شيء أن يفرض ثقافاته وهيته وحتى مأكله ومشربه علينا. لذا يتوجب مقاومة ذلك بشتى السبل والطرق التي تصون كرامة وإرادة الإنسان من جهة، وتحترم وجوده كإنسان وهوية ثقافية مستقلة توفر الغنى في مجتمع فسيفسائي يحتضن بداخله كل ما هو جميل.
لذلك نقول “كفى” لكل شيء يقوض الانسان ولا يحترمه ولا يقرّ بوجود كينونته وهويته، والعمل بشكل مشترك على بناء أخوة شعوب الشرق الأوسط التي هي الدواء الأنجع لكل ما نعانيه.