افتتاحية العدد 16: مناجاة الشرق
هيئة التحرير
بمجرد التفكير بحرب السلطة تنتهي مصالح الشعوب، حتى وإن توجت مراسيم هذا الصراع تحت ستائر القومية والدين والطائفة والجنس الذي تحول الى مرض هذا العصر، لذا لن نرحل الى البعيد مادامت ذاكرة الشرق الاوسط مليئة بصور كادت تطبع بنقوشها على جدران كل غرير من ابناء شعبه وبجميع قومياته واطيافه، كون هذه الحرب حولت هذه المنطقة الى خزينة استهلاك جميع القيم التي كانت ومازالت الصدارة في حيوية هذه الذاكرة. اما الان نرى بان كل القيم تتحول الى مسنن لخدمة القوموية وصراعاتها البليدة بعد افراغها من خصائصها السياسية والاخلاقية بقيادة الحداثة الراسمالية.
كثيرة من البلدان تحولت الى عنوان للصراع القوموي والطائفي والعلموي، وكثير هم اعواد تاجيج هذه الحروب كما في البعض من البلدان العربية وايران وتركيا. كما يبدو سيبقى الحل بعيد المنال اذا لم تنتهي حرب مصالح الانظمة التي اصبحت كسحاب ضلال تغطي السماء من ادنى الشرق الى اقصاه، وبالتالي انشاء قيم اجتماعية كومينالية، لان البنية الاجتماعية الحالية تعاني من ازمة متفاقمة بقدر النظام نفسه. لم يعد للكلمات المعسولة او الشعارات البراقة اية مكانة في قاموس متطلبات العصر لان الحلول القائمة على اسس مصالح الانظمة السياسية والاقتصادية والثقافية تذوب في حال اصطدامها مع مصالح الشعب بالرغم من سياط الترويض والترهيب والقتل والتشريد القائم.
تاتي تركيا من اوئل الدول التي بات الخلاص من هذا المازق لا مفر منه بالنسبة لها بعد الان، القناع الاسلامي لحكومة العدالة والتنمية يحمل مخاطر اكثر مما تتوقعه هذه الحكومة لانها من اكثر الدول التي تواجه الازمات داخليا وحتى خارجيا بالرغم من خبرة ادارية تقارب تسعين عاما. قد تكون هذه الحكومة من احنقها وفق معتقد الكثيرين بسبب هلعها وراء استحواذ اكثر الفوائد في المنطقة سياسيا واقتصاديا، ولكن كما يبدو من المؤشرات الراهنة بانها تفقد هذا الوزن وذلك من جراء التفرقة العنصرية بين ابناء شعبها التركي والكردي والارمني والتركماني وتوهمها بنجاح سياسة تصفير المشاكل مع الجوار. جاء نضال الحركة التحررية الكردية كحقيقة كشف النقاب عن وجهها الحقيقي امام منظور العالم الكردي والعربي والعالمي ايضا. فهل وجدتم دولة تغتصب وتحرق وتنهب من ابناء عمومتها وتمثل بجثمان ابناءها وتجعل من كل ام ان تتجاوز الخنساء في حزنها بعد استخدام الكيماوي مثلما تفعله تركيا بابناء الشعب الكردي الان، ألا من خجل اردوغاني امام هذا العار، وفوق كل هذا تدعي الاسلام فهل من مسلم يصدق هذا في الشرق الاوسط!!؟.