محمد عمر
التضليل الإعلامي أو الإعلام الأسود ظاهرة منتشرة على المستوى العالمي ولكنها تزيد في العالم الثالث خاصة على مستوى الدول العربية وتنشط وفقاً للحاجة إليها خاصة عند خلق رأي جماهيري وشعبي عندما يكون للجماهير ثقل ووزن في القضية المثارة وغالباً ما ينشط التضليل الإعلامي أثناء الحروب والانقلابات مثلا فترة ما قبل 67 عندما نعق البوق الاعلامي لجمال عبد الناصر لتغييب وعي الشعب المصري عندما أوهموه أنهم على مشارف تل أبيب في الوقت الذي دمرت الطائرات المصرية وهي على الأرض وراح خيرة شباب مصر في النكسة.
ويدخل التضليل الإعلامي كأهم أداة لكسب الصراع وتحقيق المصالح بين القوى المتصارعة والمتنافسة عند تغيير الأنظمة أو إعادة صياغة الدول واحتدام التنافس وصراع القوى السياسية والاقتصادية والمجتمعية فعلى الصعيد السياسي مثلاً يقول باولو فرير: الحكام لا يلجئون إلى التضليل الإعلامي إلا عندما يبدأ الشعب في الظهور ولو بصورة فجة كإرادة اجتماعية في مسار العملية التاريخية، أما قبل ذلك فلا وجود للتضليل بالمعنى الدقيق للكلمة– بل نجد قمعاً شاملاً إذ لا ضرورة هناك لتضليل المضطهدين عندما يكونون غارقين لآذانهم في بؤس الواقع.
والمال السياسي (الدعم المالي المشروط) والذي يتم توظيفه في خدمة الاجندات الخارجية والتي تلقي رواجاً كبيراً من الاعلاميين العرب سواء في سوريا أو غيرها وعنصر المال والدعم الخارجي كان سبباً في تشكيل فصائل متحركة، تميل حيث تميل كفة المانح مما أدى لخروقات كبيرة وتجييش سوري-سوري في صفوف المعارضة، وكذلك الغوص في اقتتال داخلي هامشي، كان يمكن للمعارضة السورية أن تتجنبه؛ لولا امتداد أيدي الجهات الإقليمية الطامحة بالتوسع كإيران، من خلال تواجد ميليشيات الحرس الثوري وحزب الله على الأراضي السورية، والجهات الإقليمية المتخفية وراءها كل مصلحة تساهم في الحفاظ على أمن الكيان الإسرائيلي. ولا يخفى دور النظام السوري في توطيد أركان التطرف والإرهاب من خلال المساهمة في خلق مجموعات إرهابية أو حتى تسهيل وصول الدعم العسكري والمادي لها.
ولا يمكن التصديق أنّ النظام كان يتجاهل طرق دخول الأموال من الدول المانحة إلى المناطق المحاصرة، وهذا بحد ذاته مفتاح لفهم طبيعة الأحداث على المسرح السوري المعارض اليوم.
أما مايسمى بتنظيم الدولة الإسلامية “داعش” فالتمويل الذاتي هو اللاعب الرئيسي في تحركاته وذلك لسيطرته على منابع النفط في بعض المناطق السورية مما جعل التوغل والتكفير في ازدياد لا ينتهي، حيث يعتبر تنظيم الدولة من الجماعات المسلحة الأكثر تحصناً في الجانب المادي لذلك يدفع رواتب مقاتليه ومريديه من خلال ثروته الخاصة.
وآن الأوان للإعلام أن يكون له وقفة وان يصنع رأي عام تجاه هذه الجرائم التي ترتكب باسم الوطنية الزائفة والزعامة والقيادة الهشة الضعيفة التي ينخدع بها الجمهور حيث يوجد فرق ما بين الزعيم والمهرج فالنوع الأول كما وضحه استاذنا الاستاذ الدكتور مختار التهامي هو القائد المهرج أو الطاغية ويصل الى الحكم عادة في أوقات الأزمات العنيفة وبخاصة في الأزمات الاقتصادية حيث يشيع اليأس وتحين الفرصة لكي يتقدم هذا القائد الانتهازي إلى الأمة ويستولي على قيادتها بالأماني والوعود المعسولة التي يوزعها بلا حساب مستغلاً الحالة النفسية والعقلية للجماهير وسرعان ما ينقلب ويفصح عن حقيقة أمره فيحكم الأمة بالحديد والنار ويسوق سوق القطيع ليحقق رغبته الأنانية أو رغبات أسياده المختفين وراء الستار ويعتبر هذا النوع من القادة وسيلة لا غاية، ويحتقر الجماهير ويخافها ويسوقها ولا يقودها ويخدعها ولا يخلص لها ويكون الرأي العام في ظل هذه القيادة لا وجود له فالنقاش محرم والقائد مؤله والسيف قائم فوق رقاب العباد.
أما النوع الآخر فهو الزعيم حيث أنه لا يدعي العصمة ولا استلهام الوحي يؤمن بالعلم والتجربة والخطأ ويستفيد من الأخطاء التي كشفت عنها التجربة ويضع دائما نصب عينيه أن الشعب هو الزعيم الحقيقي وأن زعامته ليست سوى تفويض من الشعب.
ويعتبر الرأي العام من العوامل الهامة في عملية صنع القرار، فمن المعروف أن تأسيس العلاقة بين الرأي العام وصناع القرار السياسي يؤدي إلى خلق التفاعل الايجابي البناء والآمن؛ الأمر الذي يضمن الحفاظ على الاستقرار السياسي والاجتماعي. فلا يستطيع أحد أن ينكر العلاقة الوطيدة بين الرأي العام وصنع القرار السياسي في مختلف المجتمعات والأنظمة السياسية، وكيف أن الرأي العام يعد من أهم العوامل التي يضعها صانع القرار في حسبانه مهما كان شكل النظام السياسي الذي يسيطر على مقاليد الحكم. ففي النظم الديموقراطية يهتم صناع القرار بالرأي العام من منظور المشاركة في صنع القرار، أما في النظم غير الديمقراطية فيهتم صناع القرار بالرأي العام إما للسيطرة عليه أو توجيهه أو حتى قمعه.
و من المعروف أن الأنظمة الديمقراطية التي تقبل الرأي والرأي الآخر فان صنع القرار فيها يشهد تقدماً ملموساً على أرض الواقع والسبب في ذلك هو توسيع دائرة المشاركة للأحزاب والمنظمات والصحافة والرأي العام عموماً من خلال الكثير من الاجراءات التي تتخذها الدولة من أجل معرفة رد الفعل حول القرار. وعلى العكس منه الأنظمة غير الديمقراطية، نجد أن مساحة الرأي الآخر موجودة شكلاً دون مضمون إن لم نقل منعدمة تماماً عن المشاركة في الحياة السياسة مع وجود الدستور فيها والذي يعطيها الحق في طرح أفكارها واقتراحاتها وآرائها المؤيدة أو المعارضة للنظام القائم .
وتوجد حلول تؤثر تأثيرا كبيرا في القرار السياسي :
- الرأي العام
توجد علاقة بين الرأي وبين مختلف السياسات التي تضع اطرها الدولة او الحكومة حيث أن ما يفكر فيه الجمهور هو ما تفعله الحكومة فهو وجهة نظر الأغلبية تجاه قضية مهمة وتكون مطروحة للنقاش بحثاً عن حل؛ فالرأي العام يملك التأثير في مسارات الحكومة وسياساتها والعكس صحيح وهذه العلاقة تختلف من نظام لآخر كنوع القضية ودرجة تمسك الجماهير وأيضاً عند اتخاذ قرار لا يتلائم مع اهتامامت ورغبات وطموحات الناس مما يحدث معارضة شعبية قوية إن السياسة العامة في الدول الديمقراطية هي من صنع الرأي العام .
- الأحزاب السياسية:
تؤدي دوراً رائداً في توفير قنوات للمشاركة السياسية والتعبير عن الرأي فهي عامل مؤثر في القرار السياسي الصادر من أي جهة كونها تناقش النظام السياسي في مختلف المسائل الأساسية التي تعنى بالمجتمع والدولة داخلياً وخارجياً وتعمل على إثارة الرأي العام وبالتالي تتألف قوة ضاغطة على الحكومة وسياساتها .
- الجماعات الضاغطة :
وهي جماعات مختلفة الهوية ومتنوعة العدد والتنظيم والمكانة والقوة لها هدف إثارة اهتمام الحكومة حول قضية ما تهم هذه الجماعات ويخدم مصالحها ولكي تتمكن من القيام بدورها يلزمها وجود قنوات رسمية مباشرة وغير مباشرة لتوصيل صوتها عن صنع السياسة العامة وتعبئة الرأي العام ويكون لهذه الجماعات دور هام في بلورة الاتجاهات أمام صانعي القرار السياسي .
- الصحافة ووسائل الإعلام :
وجود صحافة حرة ونزيهة ووسائل اعلام فعالة تعبر حقيقة عن آلام وطموحات الشعب. فمن واجب اصحاب القرار الاسترشاد بما تنشره صفحات الاعلام المكتوب والمرئي والالكتروني .