عبدالرحمن محمد
كانت بدايات توسيع حدود الدولة العثمانية بعد وفاة عثمان الأول عام1326م. وتسلم ابنه السلطان أورخان الحكم ومعاركه مع البيزنطيين ومن ضمنها هجومه على القسطنطينية واخفاقه في الاستيلاء عليها، ومن ثم سادت فترة من الاستقرار النسبي، وامتدت سلطنته من مدينة أنقرة إلى البلقان، واتخذ شعار نشر وحماية الدين الإسلامي متستراً خلف هذا القناع.
أما المحطة التالية فكانت في عهد بايزيد الأول الذي سيطر على آخر مدن الروم في آسيا” آلاشهر”، واخضاعه لبلغاريا عام1393م, مما أدى لاستنفار العديد من دول أوروبا واخفاقها في ردعه، ومن ثم سقوط السلطنة بيد المغول، ومن ثم وصول محمد الثاني “الفاتح” للحكم واستعادة السيطرة على القسطنطينية وتسميتها “إسلام بول” واتخاذها عاصمة، واحتلال أجزاء من ألبانيا والبوسنة والهرسك واليونان. ووصول بايزيد الثاني للحكم بعد قضائه على شقيقه المنافس له على الحكم.
وصل السلطان سليم الأول سدة الحكم عام 1512م. وسيطر على رقعة واسعة من الشرق الأوسط وبخاصة بعد معركة مرج دابق عام 1516م. ثم كان سليمان القانوني عام 1520م. الذي توسعت في عهده السلطنة وازدهرت اقتصادياً وعسكرياً وسياسياً، ومن بعده استمرت التناقضات والتناحر على السلطة، وبعد فترة جمود للتوسع بدأت بعض الأقاليم بالانفلات من القبضة العثمانية وكانت بداياتها عام 1830مز باحتلال الجزائر من قبل فرنسا، وأصبح الاتحاديون حكام البلاد الفعليين، فعمدوا على تكريس القومية التركيّة في البلاد وعمدوا إلى تعميم الهويّة التركيّة في البلاد المجاورة. خلال الحرب العالمية الأولى، كانت الدولة التركية جزءًا من دول المحور التي أصيبت بالهزيمة واضطرت إلى إخلاء جميع أراضيها غير التركيّة مع “هدنة مودروس” عام 1918م.
سلطنة الجماجم وجمهورية الدماء:
كانت بدايات نشأة السلطنة العثمانية وتوسعها قائمة على الدم والغزوات والحروب، مع كل من جاورها والحكم بالنار والدم، وتوسعها منذ الربع الأول من القرن الرابع عشر حتى استولت على تلك المساحات الشاسعة من البلقان وآسيا الصغرى والبلاد العربية، وارتكبت العشرات من المجازر و المذابح التي غيبها التاريخ واستطاعت أن تخفيها، لكنها من جانب آخر لم تستطع إخفاء حقائق صارخة أخرى مع بداية انهيارها، فبنهاية القرن التاسع عشر و بدايات القرن العشرين وفي الفترة بين عامي 1894-1896 كانت مجازر ديار بكر التي حدثت في ولاية “آمد” ديار بكر ضمن الدولة العثمانية ضمن المجازر الحميدية التي استهدفت سكان المنطقة من المسيحيين، التي استهدفت الأرمن بداية بتحريض من بعض رجالات الدولة والدين العثمانيين بحجة رغبتهم بتفكيك الدولة، ثم شملت كل المسيحيين، ومع بدء الحرب العالمية الأولى وظهور التحالفات الدولية، كانت المجازر الكبرى المنظمة المنضوية تحت اسم “مذابح سيفو”، بين عامي 1914 و1923، في كل المناطق التي كانت تضم المسيحيين من طور عابدين إلى نصيبين وحتى دير الزور التي لجأ إليها من فروا من ظلم ومذابح تركيا وطغيانها، وقتل ما لا يقل عن مليون ونصف من المسيحيين من الأرمن والسريان، ولاحقت الفرق الحميدية المسيحيين إلى دير الزور التي ارتكبت فيها أبشع الجرائم من قتل واغتصاب وحرق للأحياء وبقر للبطون، وكانت الحرب التركية اليونانية التي لم يسلم فيها اليونانيون في مناطق البحر الأسود فقتلت وهجرت وأحرقت مئات الآلاف، وبخاصة من “اليونان البنط”، وكانت وما زالت معاناة اليونانيين الذين هجروا قسراً من مناطق البنط وأيونيا وتراقيا بين عامي 1914 و1923م.
ولم يستطع اليونانيون المسيحيون “الأرثوذكس” العودة إلى مناطقهم مع العلم إن المسلمين الأتراك عادوا إلى تركيا حسب “معاهدة لوزان” التي قضت بتبادل المكونات.
وفي مقال للكاتب خورشيد دلي يقول: “حيث اقتلع نحو 1.5 مليون من اليونانيين في تركيا في مقابل أقل من نصف مليون مسلم من اليونان اقتلعوا من ديارهم”، ووفقا للمؤرخة دينا شيلتون: “أنهت معاهدة لوزان النقل القسري لليونانيين من البلاد”. وكان ذلك من فصول الشوفينية الكمالية التي سعت لإقامة وطن عرقي نقي، على حد تطلعاته، وكانت الجمهورية التي أعلنها مصطفى كمال أتاتورك نسخة محدثة من السلطنة الدموية، وتجلت وحشيتها ودمويتها في القضاء على جميع الثورات والانتفاضات الكردية بوحشية متناهية، وبداية بما حدث من مشاورات بين مصطفى كمال أتاتورك والهيئة الوزارية الكردية التي تشكلت عقب الحرب العالمية الأولى، وما قدمته من مقترحات كان منها مقترح بالاستقلال الذاتي لكردستان كحل للقضية الكردية، ويورد الكاتب خورشيد دلي أيضاً ما يلي: “ومع أن هذه المقترحات وجدت طريقها إلى طاولة المفاوضات بين الحكومة التركية والدول المنتصرة في الحرب حيث تم التوقيع على اتفاقية سيفر عام 1920 التي كانت أول اتفاقية دولية أقرت بإقامة كيان كردي، إذ نصت في بنودها 62- 63- 64 على إقامة دولة كردية، على الرغم من هذا فان الزعيم التركي مصطفى كمال أتاتورك نجح في الالتفاف على هذه الحقوق”، واستطاعت تركيا التنصل والالتفاف على الاتفاقية وعمدت إلى الترويج في الداخل باسم الدين والأخوة الاسلامية وفي الخارج أقنعت الأوربيين بصرف النظر عما جاء في الاتفاقية.
أنكر اتاتورك كل ما جاء في اتفاقية لوزان، ليس فيما يخص الكرد وحدهم بل وفيما يخص الأقليات كالعرب والأرمن والآشوريين، وحصل أتاتورك على دعم الغرب له، وكان إلغاء صيغة الدولة الإسلامية للحكم، وظهرت أولى ردّات الفعل الرافضة لتنكره للاتفاقية بأن بادر “الشيخ سعيد بيران” إلى إعلان الثورة ضد أتاتورك في عام 1925 ولكن الأخير سرعان ما قمعها بشدة وأعدم كبار قادتها بمن فيهم الشيخ سعيد. وتلاحقت الثورات الكردية ضد أتاتورك ولم تتوقف، فبعد ثورة الشيخ سعيد اندلعت “ثورة آكري” بقيادة الجنرال إحسان نوري باشا الذي كان ضابطاً في الجيش العثماني ودامت ثورته من عام 1926 إلى غاية عام 1930 م.
وكان القمع والتنكيل من نصيبها، بعد أن حاصرها جيش أتاتورك في المناطق الجبلية وقطع عنها الإمدادات، بعد ذلك اندلعت ثورة وانتفاضة “ديرسيم” وقادها “سيد رضا” واستمرت حتى عام 1938 م. لتتجلى وحشية ودموية تركيا مرة أخرى فقد قمعت الثورة بالطائرات التي كانت ابنة أتاتورك بالتبني “صبيحة كوكتشين” هي أول من قامت بقصف ديرسم بالطائرات، وقصفت بالدبابات مما أدى لمقتل أكثر من “70 ألف” شخص من الكرد جلهم من العلويين” بعد هذا التاريخ توقفت الثورات الكردية في تركيا، وأخمدت كل الثورات وأصبح كل من في تركيا تركياً حسب الدستور التركي، وباتت الشعارات من قبيل (أنا سعيد لأني تركي)، تعلق على مداخل المدن التركية وساحاتها وأصبح يطلق على الأكراد صفة أتراك الجبال، وبات القتل والاعتقال والنفي مصير كل من يتحدث عن الهوية الكردية أو يطالب بها، وخضعت المناطق الكردية لحكم الطوارئ.
واستمرت الحال حتى كانت انطلاقة ثورة التحرر الكردستانية، وانطلاقتها المسلحة عام 1984م. بعد أن عملت آلة الحرب التركية مرة أخرى على إحراق الآلاف من القرى الكردية وتهجير سكانها وتصفية أبنائها وبثت الفرقة والضغينة بين مكونات شعوبها، بالإضافة إلى العديد من الانقلابات العسكرية التي كانت تعود بالعسكر الى سدة الحكم وتطلق يدهم في القتل وسفك الدم.
تركيا….المستفيد الأول من عسكرة الثورة السورية وتأجيج الصراع الداخلي:
منذ انطلاقة حركة التحرر الكردستانية وتركيا تناصب كل دولة أو حزب أو جماعة تنظر بعين الرضا إلى الحركة؛ الضغينة والعداء، وكانت دوماً تستميت في سبيل إيجاد مسوغات للتدخل في شؤون دول الجوار بل والتدخل في أراضيها في سبيل المضايقة على حركة التحرير الكردستانية والقيام حتى بعمليات عسكرية وكانت العمليات الدنيئة العديدة التي قامت بها وارتكبت عن طريقها مجازر عدة كما في ” مجزرة روبوسكي ومجزرة آل كابرش ومجزرة باريس” وغيرها. من العمليات التي استهدفت الكرد بكل انتماءاتهم ووظائفهم ومناصبهم، وكانت السبب في الاقتتال الكردي الكردي في إقليم كردستان عام 1996م. ولم يمر ولو شهر واحد خالياً من قتل جماعي وتهجير وصهر، وتوَّجت استهدافها للكرد عام 1999 م. باعتقال القائد والرمز الكردي عبدالله أوجلان إثر مؤامرة اعتقال دولية، لكن مرة أخرى دارت عليها الدوائر وبات أوجلان قائداً أممياً وباتت حركة التحرر الكردستانية حركة تحرر عالمية.
أما في سوريا ومنذ انطلاقة الشرارة الأولى للثورة السورية عام 2011م. كانت التصريحات النارية التي أطلقتها الشوفينية التركية، لتذكي نار الفتنة بين مكونات سوريا وسرعان ما دعت إلى عسكرتها وتحويلها إلى ثورة مسلحة اقتتال داخلي وعادت لسياستها المتوارثة “فرق تسد”، وفي الوقت الذي أذكت فيها الاقتتال فتحت حدودها أمام اللاجئين تحت ذرائع انسانية، ولكنها كشرت عن أنيابها بأن هددت أوروبا بفتح أبواب الهجرة إليها ما لم تدعمها مالياً، وبدأت بتطويق النازحين وتدريبهم وابتزازهم وتجنيدهم وأدلجتهم و تنسيبهم إلى جماعات وحركات ومؤسسات مرتبطة بسلطتها، وحرضت المنشقين من جيش النظام ليفروا إليها ومن ثم بدأت بترويضهم وإغرائهم وتدريبهم ليكونوا بالاسم فقط “الجيش السوري الحر” بينما أصبحوا في الحقيقة الجيش التركي الرديف، وعمدت إلى تصفية الضباط والأفراد المخلصين والثوريين الحقيقيين، لتجند من تبقى منهم وتساهم بهم في تحالفها مع داعش أو في ضمهم تحت فصائل وجماعات مرتزقة تكون رهن اشارتها، وظهر في السنة الأخيرة من عمر الثورة السورية حقيقة ذلك الجيش الموالي لتركيا و أن مقولة “الجيش السوري الحر” لم تكن إلا اسماً فارغا من كل معنى، بل بات رأس الحربة التركية الموجهة إلى صدر الكرد السوريين وكل سوريا.
الأوراق التركية والدولية وورقة التوت العفرينية
لم تكتف تركيا بمجرد توسيع البون بين المعارضة والنظام فحسب، بل كانت بيد أخرى تحاول ضرب سوريا ككل تحت ذريعة الخوف من النفوذ الكردي، وحماية حدودها الجنوبية، وعمدت إلى دعم كل الجماعات المتطرفة داخل سوريا وفي أراضيها وكانت فرصتها السانحة بالتدخل عبر جماعات من المرتزقة والسراق في البداية عبر أحداث سري كانية ، ومن ثم في دخول مرتزقة داعش إلى كوباني والسيطرة على الموصل، وبدا للعيان الدعم التركي الاقتصادي واللوجستي لداعش بل وبصنوف العتاد والمقاتلين الذين كانت تركيا صلة الوصل لهم، وكانت تستفيد من النفط المسلوب ومن سرقة الآثار وبيعها، بل ووصلت بها الأمر إلى شراء المعامل ومعدات المشافي وكل ما يخطر على بال من مرتزقتها، وكانت تبث سمومها بين شعوب المنطقة في محاولات يائسة لبث الفتن والنعرات الطائفية والقومية.
وضعت تركيا كل ثقلها في المنطقة لتكون لها حصة الأسد من الكعكة السورية لكنها خسرت الكثير وأفلست من فرص عديدة؛ منها إفلاسها في توسيع قواعدها العسكرية في إقليم كردستان بحرمانها من المشاركة المباشرة في تحرير نينوى والموصل في العراق من داعش، أيضا فضح علاقاتها الوثيقة بدعمها لداعش ونهاية أملها بالانضمام إلى السوق الأوربية المشتركة، واستحواذ روسيا وإيران على إدارة أمور النظام في المناطق التي يسيطر عليها، وانزعاجها من نمو الدور الروسي والأمريكي والإيراني على حسابها، وبخاصة بعد إفلاسها من المشاركة في تحرير الرقة التي كانت ستكون نقطة ثقل لها، ولأشد ما أقلقها أن من قام بكل تلك الانتصارات هم الكرد خصومها الأزليين، وحصولهم على الدعم المعنوي واللوجستي من التحالف وبخاصة أمريكا حليفها في الناتو من جهة أخرى، وبالتزامن مع إعلان النظام الفيدرالي بعد نجاح تجربة الإدارة الذاتية مناطق شمال سوريا، وإحساسها بأن اللاجئين السوريين باتوا وبالاً عليها و المجموعات المرتزقة يجب أن تسدد فواتير إقامتها ورعايتها، فكان لابد من لعب الورقة الأخيرة بالزج بهم في عفرين لكن عفرين لا شك ستكون من تسقط ورقة التوت التركية.
الورقة الروسية والأمريكية والخيارات المغلقة أمام تركيا
تتصادم العلاقات التركية والروسية في كثير من اتجاه وتتلاقى كما مصالح الكثيرين عندما تخص المسألة الكرد، ولكنها في ذات الوقت تتعارض في ناحية المصالح والأطماع في المأدبة السورية، فالعلاقات السورية الروسية ليست وليدة الساعة فمنذ عام 1925م. كانت هناك علاقات ثقافية عبر جمعية العلاقات الثقافية السوفييتية، وجمعية الصداقة السورية الروسية، واعتباراً من عام 1944م. توطدت العلاقات أكثر وكانت سوريا كتعويض للانسحاب السوفييتي من مصر، وفي عام 1963م. تم إنشاء مركز الدعم المادي والتقني للأسطول الروسي في طرطوس على الساحل السوري، ثم تحولت إلى قاعدة للإمداد والصيانة عام 1971م. ومنها إلى قاعدة ثابتة للسفن النووية الروسية في الشرق الأوسط منذ عام 2008م.، وكانت من أضخم المشاريع مشروع سد الفرات عام 1966م. وبميزانية وصلت حينئذ إلى 120 مليون روبل، وأعقبها العشرات من الاتفاقيات التي وصلت أحجام التبادل التجاري فيها الى مليارات الدولارات، وفي عام 2015م. أنشأت “قاعدة حميميم” العسكرية جنوب شرق اللاذقية وتحولت من قاعدة صغيرة للمروحيات إلى قاعدة عسكرية رئيسية.
أيضا تعتبر روسيا المزود الرئيسي لسوريا بالسلاح، وقد بلغت حجم مديونية روسيا على سوريا 13.4″ مليار دولار” عام 1992م. وشطبت روسيا منها 75% عام 2005 م. لتعود وتمد سوريا بمختلف الطائرات والنظم الصاروخية والدفاعات الجوية، كما أن سوريا كانت تحتل المرتبة السابعة في استيراد الأسلحة من روسيا قبل الثورة، وكذلك فقد بلغ حجم الاستثمارات الروسية في سوريا”20 مليون دولار” عام 2009م.
من حجم المبادلات الاقتصادية والاتفاقيات العسكرية وسوق السلاح وعشرات الاتفاقيات العسكرية والاقتصادية والثقافية، ووجود قاعدة للأسطول البحري الروسي في سوريا والعديد من القواعد شبه الثابتة في العشرات من المراكز العسكرية، ولوضع حد للنفوذ الايراني والتركي فإن روسيا تستميت في سبيل الحفاظ على علاقات ووجود دائم في سوريا، بل إن النظام السوري جعل منها الممثل والناطق واللاعب الرئيسي في القضية السورية، وكانت روسيا أول وأكثر دولة استخدمت حق الفيتو ضد قرارات أممية بخصوص القضية السورية، ولا شك إن تمسك روسيا و رغبتها بالإبقاء على “سوريا موحدة” إنما لرغبتها بوضع يدها على مقدرات سوريا بكامل خيراتها ومقدراتها، ولذلك فهي غير مرتاحة من مشروع فيدرالية شمال سوريا الذي قد يخرج مناطق الفيدرالية من نطاق نفوذها وامتيازاتها، وقد يوصل بأمريكا إلى شواطئ المتوسط عبر علاقاتها مع النظام الفيدرالي الجديد وهذا ما لا يمكن أن تقبله روسيا حتى لا يشاركها أحد في سواحل المتوسط السورية.
ومع تعارض المصالح الروسية التركية على الأرض السورية، ولأن مناطق تضارب المصالح بينهما في الغالب هي المناطق الكردية في شمال سوريا، فلا عجب أن يلجأ القيصر الروسي الجديد إلى المساومات، وأن يتنازل لمن يدفع أكثر لخزينته الجائعة دوماُ، وكما في كل مره ظهر التواطؤ الروسي مع تركيا في بداية محاولة احتلال الأخيرة لعفرين.
بينما الموقف الأمريكي المتباين والذي يحوي على الكثير من التناقضات، فإن المسألة الأساسية فيه أن أمريكا لم ولن تجد أصدق وأنسب وأكفأ من القوات الكردية وقوات قسد التي تشكل عمودها الفقري، وهي بحاجة ماسة إليها في سعيها في مكافحة الجماعات المسلحة والفصائل المتطرفة التي باتت تعج بها سوريا ومناطق الشمال السوري التي تسيطر عليها تركيا، وبخاصة إن القضاء على داعش لم يتم بشكل نهائي، وبينما تصر على دعم قوات سوريا الديمقراطية شرق الفرات فإنها لم تقف ضد رغبة تركيا الملحة في عدوانها على عفرين؛ ولا شك إن صفقات تسوية كثيرة تجري خلف الكواليس، لأن الكرد وقوات سوريا الديمقراطية ومشروع الفدرالية المطروح يحمل الكثير من الأمل لأمريكا بإيجاد علاقات متينة وتحقيق مصالح لها؛ قبل تحقيق مصالح للكرد في المنطقة.
ضربت تركيا بجميع القيم الإنسانية عرض الحائط، وتحت حجج واهية حشدت جيوشاً جرارة على حدود عفرين المدينة الصغيرة، ونفذت تهديدها وتحركت لتقوم بخطوتها الأولى، لكنها ورغم مرور شهر على عدوانها لم تتقدم إلا أمتاراً في أراضي عفرين، وما زالت تهديداتها مستمرة لكنها لم تستطع أن تحمي حدودها كما ادعت؛ لأنها هي التي كانت وما زالت تنتهك الحدود بنقل المرتزقة بين مناطق سيطرتها، ولم تُسكتْ صوت عفرين ولا صوت وحدات حماية الشعب ولا صوت قوات سوريا الديمقراطية، بل زادت من روح المقاومة ورفع من معنويات أبناء شمال سوريا ونالت استهجان جميع شعوب سوريا والعديد من شعوب العالم المحبة للسلام، ربما بعض الضالين فقط والمنحرفين سياسياً وأخلاقيا أيدوا أردوغان وجيشه في احتلال مدينة آمنة وشعب مسالم، وما تزال المقاومة تتصاعد ولعلها تقلب الغازي إلى هارب جبان فإرادة الشعوب تصنع أكثر من المستحيل.
المراجع:
1ـ موسوعة الإبادة الجماعية والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية.
2ـ ويكيبيديا الموسوعة الحرة.
3ـ ـمقالة للكاتب خورشيد دلي “القضية الكردية في تركيا من أتاتورك إلى أردوغان”