افتتاحية العدد 11: قضية الاتحاد الديمقراطي
هيئة التحرير
حاولت الذهنية السلطوية الحاكمة عدم ترك ثغرة في نظامها القائم على جماجم المجتمعات والشعوب والتي طالما لم تتوقف عن سيلانها الجارف، محاولة ان تبعثر كل ما بنته هذه المجتمعات ومنذ نشأتها الاولى من وحدة ديناميكية مجتمعية تطيل بمخلفاتها حتى يومنا الراهن، وغض النظر عن ارادة الشعوب ومطالبها في تحقيق الوحدة الديمقراطية. لا ننكر الكل في تداول هذا المصطلح، ولكن هل اسلوب البحث عن الحقيقة تتحلى بكل هذا التسلط والانحراف والتشتت التي مثلت اهم العوامل في تكوينها وترسيخها في يومنا الراهن، احيانا باسم العلم واخرى باسم الحداثة لتكون الرداء الواقي لقيم الرأسمالية الحديثة وكسب مشروعيتها، تتالت هذه التسميات بعد عصر الحداثة أكثر من أي وقت مضى. تتلكأ الأنظمة المتسلطة بحجرة المقاومات والنضالات الشعبية ومن كافة النواحي محاولة الحفاظ على وجودها في وحدة متكاملة. وهنا السؤال المهم هل نجحت هذه الانظمة في تجزئة الوحدة، وماذا كانت نتائجها بعد هذا المد التاريخي ونحن في بدايات القرن الحادي والعشرين.
تأتي قضية الوحدة الديمقراطية من اهم القضايا الحيوية والحياتية في الشرق الاوسط، لذا ينبغي التأمل طويلا في اسلوب حقيقة البحث عنها وكيفية التئام جراح الشعوب بعد كل هذا الحرب والدمار والقتل الذي وصل الى درجة اعتيادية من قبل اصحاب المصالح الفردية من خلال هذه الوحدة. بات الشرق ومنذ نشوء الانسانية على هذه الارض اهم ثغرة لم تستطع الذهنية التحكمية ان تسد هذا الانشقاق التي تهز عرشها والى هذه اللحظة بالرغم من الاحتلال والتفرقة والتعسكر والاغتصاب. فمثلما كانت الشرق الاوسط موزاييك الشعوب وروحها النابضة، اليوم ايضا ومن خلال مقاومات شعوبها يتبين التحامها مع حقيقتها التاريخية والوحدة المجتمعية القائمة على ارادة شعوبها في الكثير من المناطق، بدا من الشعب الكردي بقيادة الحركة التحررية الكردستانية والى الشعب العربي في فلسطين والعراق. بقدر ما حاولوا تحويل الشرق الاوسط الى صورة حية عن ممارساتهم مثلما نراه من خلال ازدحام الطرق السياسية والدبلوماسية بعد المستجدات السياسية الاخيرة في المنطقة، الا انه وامام انظار الجميع تجر الانظمة التسلطية والقوى الخارجية ازيال الهزيمة امام صرخات الشرق التي تنادي بالوحدة الديمقراطية.
تنادي كافة الانظمة بالوحدة ولكن من الاهمية البالغة تحديد المنهج والاسلوب المستوجب اتباعه لتحقيقها. الوحدة التي لن تتكون على اساس ارادة الشعوب وغير ممزوجة بديناميكياتها الطبيعية وبفكر ايديولوجي حر، لن تنال النجاح لأنها لن تكون أكثر من قوى احتياطية للأنظمة الدولتية العقيمة والسائدة في الشرق الاوسط. تتميز الشرق الاوسط أكثر من وحدة الدول بوحدة شعوبها وثقافاتها الممزوجة على مر التاريخ والتي تربيت وكبرت في نفس المهد بدأ من كردها وعربها وتركها وفارسها وكافة الاقليات والاثنيات الموجودة فيها، فكيف لها ان تقطع اواصر هذا الترابط العميق عمق التاريخ بسهولة كما تتوقعها الانظمة الاستبدادية وحتى مهما قاموا بتلفيق اسامي براقة وواهية. ان غنى الثقافات في منطقتنا تكسبها جمالا باهرا وليس كما يعرفوها البعض بانها جملة مستعصية الحل لكثرة تنوعها، ويحاولوا تحويلها الى صراع الكرد بالترك والعرب باليهود، والسني بالشيعي…الخ، ليستفيدوا من زرع روح الشوفينية والتعصب هذا لصالح نظامهم التسلطي ويستخدموها ضد شعوب المنطقة. بات الشعب في الشرق على دراية ووعي كامل بمدى احتياجه الى وحدة ديمقراطية يمثل كافة مطالبه في تحقيق الديمقراطية والسلام، وبالتالي تمثيل ارادته دون الاستناد لأية قوة خارجية، كما اكدها قائد الشعب الكردي “عبد الله اوجلان” بقوله “ستتحقق الوحدة الديمقراطية من خلال وحدة الشعوب في الشرق الاوسط اعتمادا على قوته الذاتية، فمثلما يقال الاتحاد الاوروبي فأننا نقول وحدة الشرق الاوسط”. ان نضال الحركة التحررية الكردية خير مثال لأجل تمثيل ارادة الوحدة الديمقراطية والقوة الريادية في تحقيق دمقرطة الشرق الاوسط.