أبحاث ودراساتجيهان عبدومانشيتملف العدد 58

هجرة الشباب السوري

جيهان عبدو

هجرة الشباب السوري

تاريخها… آثارها… هل تتكرر الأسباب والنتائج؟ وحاجة القارة الأوروبية لمهاجري الشرق الأوسط، والأسباب.

 جيهان عبدو

 جيهان عبدو
جيهان عبدو

بعد أكثر من عقد أدت الاضطرابات والحرب الأهلية في سوريا، نتيجة الربيع العربي، إلى إحدى أكثر الحروب الأهلية دموية في الشرق الأوسط مع عواقب وخيمة على حياة الجميع ومن ضمنهم الشباب، بالإضافة إلى إحداث تغيير اجتماعي هائل على المستوى الهيكلي للأنظمة القانونية، الاجتماعية، التعليمية، الصحية والاقتصادية، وأهمها الانهيار الاقتصادي وتفشي البطالة في قلب الحياة الأسرية اليومية. بالنسبة للشباب السوريين النازحين واللاجئين، أدت الحرب الأهلية إلى دمار بشري؛ مما أعاد التنمية في البلاد ٢٥ عاماً إلى الوراء. منذ عام ٢٠١١ تسبب العنف السياسي في سوريا في حدوث أكبر أزمة لاجئين في العالم، حيث عبَرَ أكثر من ٥،٥ مليون لاجئ سوري الحدود الوطنية إلى تركيا ولبنانوالأردن والعراق ومصر ومنها إلى أوروبا، ويشكل الشباب نصف هؤلاء السكان النازحين، وبحلول عام ٢٠١٩، وُلد أكثر من مليون طفل سوري لاجئ في بلدان المنطقة.

إن إعادة التوطين الإقليمي بالنسبة للعديد من اللاجئين السوريين هو وضع محدود، حيث اضطر الكثير منهم

إلى الانتقال بصورة متكررة غير قادرين على العودة إلى ديارهم، ويُمنعون أو لا يرغبون في جعل مكان

إقامتهم الحالي موطنهم الطويل الأجل. في عام ٢٠١٩ نقلت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين

٢٤٧٠٠ لاجئ من تركيا ولبنان والأردن إلى دولة ثالثة في كندا وأستراليا وأوروبا، ويتم منح هؤلاء الأفراد

الحماية القانونية الكاملة كلاجئين رسميين، سواء في المنطقة أو في البلدان ذات الدخل المرتفع في الغرب،

يواجه الأطفال والمراهقون السوريون اللاجئون مسار حياة متغيراً عن الحياة التي تخيلوها هم وأولياء

أمورهم. إن المواقف تتغير كإعادة تشكيل ديناميكيات الشخص – العالم الاجتماعي والبيئة. تأخذ هذه المقالة

منظور هجرة الشباب السوري: تاريخها، آثارها، هل تتكرر الأسباب والنتائج، وحاجة القارة الأوروبية

لمهاجري الشرق الأوسط والأسباب.

تاريخ هجرة الشباب السوري وآثارها عليهم:

من شمال إفريقيا إلى الشرق الأوسط، أحدثت الانتفاضات العربية عام ٢٠١١ تحولات غير مسبوقة، وعلى

عكس الأنظمة التي أطيح بها في الربيع العربي، ظل النظام السوري في زمام القيادة للإشراف على صراع

تحول من احتجاج محدود إلى صراع سياسي شامل يتسم بمخاطر نشوب حرب أهلية عرقية – طائفية. يستمر

العنف بلا هوادة داخل سوريا، أكثر من ١٦ مليون شخص في حاجة ماسة للمساعدات الإنسانية، ١٢،٢ مليون

منهم داخل سوريا وحدها. ٥،٦ مليون من هؤلاء هم من الأطفال، وبالإضافة إلى ذلك، نزح أكثر من ٧،٦

مليون شخص داخليًا، يقيم حوالي ٤،٨ مليون منهم في مناطق يصعب الوصول إليها، بما في ذلك ما لا يقل

عن ٤٤٠ ألف شخص محاصرين في مناطق محاصرة من قبل القوات الحكومية أو المعارضة.

تبلغ المتطلبات غير المستوفاة داخل سوريا حوالي ١،٥ مليار يورو، وقد أجبر هذا العديد من الجهات الفاعلة

الإنسانية على تقليل دعمهم داخل البلاد، فكان لا بد من قطع الحصص الغذائية؛ حيث عانى ما يصل إلى ٥

ملايين شخص، نصفهم من الأطفال من انقطاعات كبيرة في إمدادات المياه، مما أدى إلى مخاطر كبيرة

للإصابة بالأمراض نتيجة لذلك. يُعدّ نقص المساعدات الإنسانية التي تصل داخل سوريا سببًا رئيسيًا آخر

لمغادرة السوريين لبلادهم التي هي في حالة حرب، علاوة على انعدام الأمن الذي يواجهونه يوميًا. لقد تحول

ما يصل إلى ٢ أو ٣ ملايين نازح داخلي إلى لاجئين في البلدان المجاورة خلال أشهر قليلة أثناء فرارهم من

الفقر والعنف ونقص المساعدة. تُعتبر الاحتياجات الإنسانية شديدة الأهمية بشكل خاص في المناطق التي تشهد

أعلى معدلات نزوح ناتجة عن القتال المستمر، ولا سيما في مناطق حلب ودرعا ودير الزور وريف دمشق،

وكذلك في المحافظات التي تدعم أكبر عدد من النازحين. تظل قطاعات التدخل ذات الأولوية هي الصحة

والغسيل والحماية والغذاء، ولا تزال الصحة هي أكثر القطاعات إثارة للقلق في سوريا. إن وصول المساعدات

الإنسانية إلى الأشخاص المحتاجين في سوريا مقيّد بشدة بسبب انعدام الأمن والعوائق الإدارية والبيروقراطية،

فضلاً عن الحرمان المنهجي من الوصول، وبالإضافة إلى ذلك، يساهم انعدام الأمن والضغوط المتزايدة على

الجهات الفاعلة الإنسانية للعمل في وعبْرَ المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعات المسلحة المختلفة، في حدوث

فجوات وتأخيرات في المساعدة الإنسانية مقارنةً بالحجم المتزايد للاحتياجات في سوريا.

لقد أودى هذا الوضع بحياة أكثر من ٢٠ ألف شخص وأجبر ما يقرب من ٤٠٠ ألف سوري على الفرار من

وطنهم. إن أعداد المتضررين مذهلة، فبحسب إحصائيات عام ٢٠١٥ فقد تضرر ما يقرب ٣ مليون شخص

من الأزمة، و ٢،٥ مليون بحاجة إلى المساعدة، و١،٥ مليون شُرِّدوا.

رحلة إلى الأمل

بالإضافة إلى الاحتياجات المتزايدة داخل سوريا، سعى أكثر من أربعة ملايين سوري إلى الأمان في البلدان

المجاورة مثل تركيا ولبنان والأردن والعراق ومصر، ولكن تواجه حكوماتهم ضغوطًاً أمنية واجتماعية

واقتصادية وسياسية هائلة في استضافة هذا العدد الكبير من اللاجئين، مع تصاعد التوترات تجاه مجتمعات

اللاجئين، ونتيجة لذلك، تم تشديد القيود الحدودية على الأشخاص الفارّين من الصراع والاضطهاد في سوريا.

تتنوع أسباب الهجرة بين كل منطقة في سوريا على اختلاف جهات السيطرة، فسوريا أصبحت مقسّمة إلى عدة

أقسام داخلية، حيث إن كل منطقة عائدة إلى مجموعة معينة تسيطر عليها.

 

هناك أسباب مشتركة للهجرة خارج أو داخل سوريا، من أهمها تردّي الأوضاع المعيشية والتضييق الأمني،

ونذكر مثالاً عن حالة من الحالات هي أن نسبة الطلب تزداد على جوازات السفر في مناطق سيطرة النظام،

والتأشيرات في الدوائر الحكومية للسفر إلى دول مختلفة من أبرزها الدول التي تسّهل حركة دخول السوريين

مثل مصر. الأسباب الإضافية الأخرى هي التجنيد الإلزامي حيث أن مناطق سيطرة النظام شهدت تزايداً في

عمليات الخروج هرباً من الواقع الحالي المعاش من غلاء المعيشة والتضييق الأمني، عبر طرق التهريب

بأسعار باهظة الثمن، وهذا أيضاً بسبب التجنيد الإلزامي الذي يلاحق الشباب، حيث إنه يستمر من سنة إلى

عشر سنوات دون أمل العودة إلى عائلاتهم وحياتهم الطبيعية. إن مناطق الحدود السورية التركية تشهد حركة

هروب مستمرة وبشكل شبه يومي لمدنيين شباب للدخول إلى تركيا، ومنها إلى دول أوروبية مع مواجهة

الشباب الكثير من الصعوبات والتحديات والمتاعب ليتمكنوا من الخروج، حيث إن من لا يستطيع الخروج أو

السفر عبر الطرق الرسمية كالطيران أو عن طريق البرّ بالمرور من الحدود بشكل نظامي، وجب عليه التوجه

إلى الشمال السوري والوصول إلى الحدود السورية التركية عبر طرق التهريب المليئة بالمخاطر وبمبالغ

كبيرة.

تبلغ المتطلبات غير المستوفاة في البلدان المجاورة لسوريا ٢ مليار يورو، وهناك حاجة إلى مزيد من

المساعدات الإنسانية لتغطية الاحتياجات الأكثر إلحاحاً للاجئين في البلدان المجاورة، ولا سيما اللاجئين الجدد

وكذلك الفئات الأكثر ضعفًا بين اللاجئين. هناك حاجة إلى مزيد من المساعدة طويلة الأجل والموجّهة نحو

الصمود لتحسين الدعم لسبل العيش، والوصول إلى الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم. في تركيا عدد

المهاجرين وصل إلى أكثر من ٣ مليون لاجئ سوري مسجل. يستضيف لبنان أكبر معدل للاجئين لكل فرد في

العالم، حيث يشكل اللاجئون السوريون واحداً من كل أربعة مقيمين، وفي الأردن تضاعف تقريباً عدد

اللاجئين المصابين بالحرب الشديدة.

أدى الصعود السريع لداعش أو الدولة الإسلامية في العراق والشام إلى زيادة تعقيد الوضع، وتغيير

الديناميكيات والخطوط الأمامية الجغرافية للصراع، فالهجمات الانتقامية واسعة النطاق ضد السكان المدنيين

في المناطق المحررة حديثًاً بدعم من التحالف الدولي تبعث على القلق الشديد، وبالمثل، فإن تصاعد العنف

العشوائي في المناطق المتنازع عليها له تأثير كبير على السكان المدنيين. منذ بداية عام ٢٠١٥، نزح أكثر من

٢٥٠٠٠٠ شخص داخل وعبر محافظات الحسكة وإدلب ودرعا والقنيطرة في أعقاب الهجمات العنيفة

والقصف الجوي، لقد تم تهجير العديد منهم عدة مرات، مع وجود عدد غير معروف من الأشخاص الذين

يعيشون في ترتيبات مليئة بالمخاطر ومؤقتة في حلب وأجزاء من ريف دمشق، وهذه الاتجاهات تحثّ على

تعزيز التخطيط للطوارئ الإنسانية.

 

أظهرت جميع أطراف النزاع باستمرار تجاهلًا تامًا للقانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان، مع

تجاهل الأطراف المتحاربة للتمييز الإلزامي بين المدنيين والمقاتلين، ولا يزال العنف بما في ذلك الاستخدام

العشوائي للبراميل المتفجرة والسيارات المفخخة وقذائف الهاون والقصف، يتسبب في سقوط قتلى وجرحى في

صفوف المدنيين. الصحة هي القطاع الأكثر إثارة للقلق في سوريا، لقد انهارت المرافق ولم يعد بإمكان السكان

الحصول على العلاج الجراحي وإعادة التأهيل بعد العملية وما إلى ذلك، وهناك نقص واضح في الأدوية

والطاقم الطبي في البلاد. يُصاب ما معدله ٢٥٠٠٠٠ شخص كل شهر، ويعاني عدد متزايد منهم من

مضاعفات بسبب النقص الحادّ في الإمدادات الجراحية. يؤثر تدمير البنية التحتية للمياه والكهرباء في المناطق

المتنازع عليها على آلاف الأشخاص، ليس فقط من حيث الوصول إلى المياه النظيفة، ولكن أيضًا في زيادة

مخاطر انتشار الأمراض. وبالمثل، دمرت الهجمات والقصف عددًا من المدارس والمستشفيات والأسواق، مما

أدى إلى تعطيل الخدمات الأساسية النادرة بالفعل والمطلوبة لبقاء الناس. تتعرض قدرة المجتمعات المضيفة

لضغوط هائلة، إذ تفيد التقارير بوجود قيود متزايدة على بعض الطرق والوصول إلى المدن والقرى، لمنع

وصول أعداد المشرَّدين داخلياً الذين يفوق عددهم في بعض المناطق عدد السكان المحليين. إن توفير المأوى

المناسب لهؤلاء السكان المهجَّرين هو مصدر قلق كبير، وبالإضافة إلى الاحتياجات المتزايدة داخل سوريا،

سعى ما يقرب من أربعة ملايين سوري إلى الأمان في البلدان المجاورة، فهجرة الشباب السوري هي نتيجة

كل هذه الأسباب مما يؤدي إلى زيادة وتكرار عمليات الهجرة والعيش في سوريا، بالأخص مناطق الحرب.

حاجة القارة الأوروبية لمهاجري الشرق الأوسط، والأسباب:

 

حكمة “مصائب قوم عند قوم فوائد” يمكن تطبيقها وبشدة في أزمة اللاجئين، حيث أنّ القارة الأوروبية بحاجة

إلى اللاجئين لتعويض تباطؤ النمو السكاني، والحاجة إلى اليد العاملة لتطوير البلاد أكثر، وتحسين الاقتصاد،

ولكن لا يوجد معطيات تساعد على ادّعاء ذلك. يمكن توقّع ذلك من خلال متابعة الإعلام بمختلف انحيازاته

السياسية، بالإضافة إلى تتبّع وسائل التواصل الاجتماعي، ويمكن الوصول إلى النتائج التالية: أولها وجود

مصلحة قومية واقتصادية لأوروبا، حيث تعتبر هذه من أهم الأسباب والأكثر منطقية، لأن بعض الدول

الأوروبية ـ أولها ألمانيا ـ كانت من أكثر الدول كرماً واندفاعاً في استقبال عدد كبير جداً من اللاجئين لحاجتها

إلى اليد العاملة الشابة أو الرخيصة، بالإضافة إلى زيادة عدد الشباب في البلاد لتقوية الاقتصاد. يتم ربط ذلك

بحقائق إحصائية عن تدني مستويات النمو السكاني في أوروبا بسبب ارتفاع نسبة الأوروبيين ممن هم في سن

التقاعد والشيخوخة، حيث إن ارتفاع نسبة الشيخوخة أو المتقاعدين في البلاد يؤدي إلى انهيار اقتصاد البلاد

بشكل تدريجي. بعض الدول الأوروبية مثل النرويج والدنمارك والسويد وبولندا وغيرها، ترفض استقبال

اللاجئين بسبب العنصرية، ويتوقعون أن اللاجئين يأخذون مكان سكان البلاد الأصليين في أماكن العمل، ولولا

ضغط بعض دول الاتحاد الأوروبي لما استقبلوا اللاجئين. يمكن تقديم بعض الأمثلة بخصوص هذه القضية

وهي أن دولة النرويج تتمتع بمساحة كبيرة ذات طبيعة جميلة، وهي بلد غني ويمكن لهذا البلد قبول المزيد من

اللاجئين، ونتيجة هذه الضغوطات من دول الاتحاد الأوروبي وافقت على استقبال نسبة معينة من اللاجئين،

حيث إن دولة النرويج تعتقد أن هناك ما يكفي من المهاجرين في النرويج، لأنه من المكلف دفع ثمن ما يحتاجه

السكان الجدد، كما يمكن أن يخلق عنصرية لأن المواطنين يشعرون أنهم يدفعون لأشخاص ليسوا من النرويج،

ويعتقد البعض الآخر أن اللاجئين يحصلون على كل شيء مجانًا دون عمل.

عندما يصل اللاجئون إلى بلد جديد، يتغير البلد قليلاً، فاللاجئون لديهم لغات مختلفة ويخشى بعض النرويجيين

من دخول الإرهابيين إلى البلاد، حيث بعضهم لا يحب مقابلة أشخاص جدد، وهذه الموافقة تكون مقابل عمل

الشباب في البلاد ودفع الضرائب. وهذا تفكير غالبية الدول الأوروبية التي قبلت استقبال اللاجئين.

دولة الدنمارك بعد قبول نسبة جيدة من اللاجئين، بدأت بترحيل بعضهم إلى سوريا بحجة أن هذه المناطق

أصبحت آمنة للعيش فيها. دولة السويد خلقت بعض المشاكل وهي حرمان بعض اللاجئين من أولادهم وأخذهم

إلى دار حماية الطفل لأسباب بسيطة. يرى العديد من الخبراء الاقتصاديين أن تدفق هذا العدد من المهاجرين

إلى أوروبا، الذين يشكل الشباب النسبة الأعظم منهم، على دول صناعية كبرى مثل ألمانيا، سوف ينعش

اقتصادها بشكل ملحوظ، إضافة إلى ذلك هي نظرية المؤامرات وأولها تكون مؤامرة على المسلمين حيث أن

هناك عدد لا بأس فيه من المهاجرين المسلمين منتشرين في أوروبا وهذا مرتبط بنظرية المؤامرة الغربية

هدفها إجبار المسلمين على الهجرة واللجوء إلى أوروبا لكي يقوموا ببنائه بأسعار رخيصة وحرفهم أو إبعادهم

عن الدين الإسلامي. الهدف الآخر هو المؤامرة السكانية الطائفية حيث أنّ هدف أوروبا هو إحداث تغيير

ديموغرافي في سوريا والعراق بهدف إخلاء المسلمين منها وتحويل هذه المناطق إلى شيعية وعلوية. حيث أن

البعض يعتقد بأن اللاجئين السوريين هم نتيجة لمؤامرة طورانية وهابية صهيونية غربية هدفها القضاء على

الأقليات العلوية والشيعية والمسيحية والدرزية والإسماعيلية وغيرها. علاوة على ذلك مؤامرة على مسيحيي

الشرق الأوسط حيث أن الهدف من الأزمة السورية والعراقية هو إخلاء الشرق الأوسط من المسيحيين. إن

الغاية من الأزمة السورية وهرب السوريين وترحيب أوروبا بهم هي ضرب قوة سوريا بوصفها دولة ممانعة

مقاومة لإسرائيل بقيادة عائلة الأسد وحلفائها النظام الإيراني وحزب الله اللبناني، يمكن تسميتها بالمؤامرة على

الممانعة والمقاومة. هناك سبب آخر يمكن إضافته وهو أن بعض الأوروبيين يعتقدون أن هجوم اللاجئين على

أوروبا هو جزء من مؤامرة إسلامية ضد أوروبا لأسلمتها. هذه هي غالبية الأسباب التي توضح هدف أو حاجة

أوروبا إلى اللاجئين الشباب السوري أو لاجئي الشرق الأوسط. اللاجئون بأغلبهم يسافرون هرباً من أوضاع

معيشية صعبة جداً، أوضاع حرب دموية مدمرة، أو أوضاع فقر شديد وافتقار إلى التعليم والرعاية الصحية

والحقوق القانونية؛ أي أنهم جماعات بشرية اضطرّتها متغيرات قاهرة وخطرة إلى أن يكونوا في حالة نفسية

وصحية ومادية سيئة جداً، ومن ثم ستتكلف الدول المضيفة كثيراً في عمليات تأسيس برامج مساعدة وإعادة

تأهيل اللاجئين.

في بعض الأحيان يضطر الناس إلى مغادرة البلاد هرباً من ظروف معيشية لا تُطاق، بسبب الحرب أو العنف

أو الجوع أو المرض أو المناخ السياسي، فهناك حاجة ماسة إلى توسيع نطاق العمليات عبر الحدود لمساعدة

ما يُقدّر بنحو مليوني شخص محتاج يمكن الوصول إليهم من خلال إيصال المساعدات عبر الحدود. من

المعلوم أن الشاب السوري يُعرف بطموحاته دائماً وتطلعه لمستقبل جميل يرسم ملامحه منذ بداية المراحل

الأولى من حياته، فالبحث عن هذا المستقبل وتحديد مسار لحياته هو الدافع الأكبر الذي جعل الشاب السوري

يسافر من سوريا، خلال هذه المرحلة بعد كل ما عانته البلاد من دمار على جميع الأصعدة.

يحق لكل فرد أن يغادر المكان الذي لا يجد فيه طمأنينة وتحقيق طموحاته وأحلامه، بل ويقيّده عن إنجاز أي

شيء في حياته مثل ما يحدث في سوريا حقيقة، فبعض الشباب أصبح الزواج بالنسبة له هاجساً بسبب عدم

توفر المال، وأصبحت الدراسة ليست بالمستوى المطلوب وخصوصاً فيما يتعلق بالجامعات في الشمال

السوري التي لا تحظى باعتراف دولي، وأصبح العمل والوظيفة حلماً بالنسبة للشاب السوري، ناهيك عن

التضييق الأمني والملاحقة والنزوح الداخلي لآلاف الشباب. هذه البيئة ليست بالبيئة المناسبة ليكمل أو يؤسس

فيها الشاب السوري حياته بشكل جيد، بعيش حياة كريمة تتماشى مع تطلعاته، فأصبحت الهجرة هي الملاذ

الوحيد والحل الأمثل لهؤلاء الشباب. ومع هجرة الملايين من الشباب والعائلات السورية خارج القطر يبقى

مشروع الهجرة غاية وهدفاً يطمح إليه الكثير من الناس الذي لا زالوا موجودين في الداخل السوري، حيث إنه

لم يعد هناك ما يشجّع على البقاء في سوريا، لأن كل شيء بحاجة إلى تأهيل وترميم لتصبح الحياة الكريمة

تتناسب مع تطلعات الشاب السوري. ويصبح السفر والهروب من الحرب هو سقف أحلام الشاب السوري

ليتمكن من تأمين مستقبله، بعد سنوات من الحرب المدمّرة ولعدم وجود بوادر أو أمل بحل قريب يمكن التعلق

به للبقاء.

 

 

 

 

 

 

المصادر
أبو الطير، م. (17. سبتمبر،2021). الهجرة إلى أوروبا حلم الشباب السوري في الزعتري. البيان. عمان
https://www.albayan.ae/world/arab/2021-09-17-1.4249229
SYRIA CRISIS. (02. أكتوبر ، 2015). HUMANITARIAN IMPLEMENTATION PLAN (HIP). ص. 1- 4. https://ec.europa.eu/echo/files/funding/decisions/2015/HIPs/syria_en.pdf
Fargues، P. Fandrich، C. (2012). The European Response to the Syrian Refugee Crisis What Next? . MPC – Migration Policy Centre. Co-financed by the European Union. ص، 1_3. https://cadmus.eui.eu/bitstream/handle/1814/24836/MPC_RR2012-14.pdf?sequence=1&isAllowed=y
صالح، ه. (10 سبتمبر، 2021). من المسؤول عن هجرة شباب سوريا؟ https://shaamtimes.net/349008/%D8%A5%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D8%B3%D8%A3%D9%84-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%A4%D9%88%D9%84-%D8%B9%D9%86-%D9%87%D8%AC%D8%B1%D8%A9-%D8%B4/
Larsson، R. K. (2020). «I hvilken grad er kultur- og verdi utveksling ved norske integreringsarenaer enveis eller toveis. S. 3_5. https://ntnuopen.ntnu.no/ntnu-xmlui/bitstream/handle/11250/2672258/no.ntnu:inspera:55712439:34951776.pdf?sequence=1

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى