أبحاث ودراساتاسماعيل خالد اسماعيلافتتاحية العددمانشيتملف العدد 58

الاتفاقيات الروسية التركية وتأثيرها على استقرار الشرق الأوسط

إسماعيل خالد

الاتفاقيات الروسية التركية

وتأثيرها على استقرار الشرق الأوسط

إسماعيل خالد

اسماعيل خالد اسماعيل
اسماعيل خالد اسماعيل

منذ ظهور روسيا القيصرية والسلطنة العثمانية، اتسمت العلاقات فيما بينهما بالحدّية والعدائية تارة، وأحياناً بتوافق

مصالحهما، وذلك بسبب الجوار والمحيط الجغرافي والاختلافات الدينية فيما بينهما.

تميزت العلاقات التركية – الروسية منـذ القـدم بأنهـا كانـت تحـت تـأثير قـوي مـن العلاقـات مـع كـل بلـد من البلدان الغربية

مثل بريطانيا العظمى وألمانيا، وإذا كان اللاعبون الدوليون على المسـرح قـد تغيـرت مسمياتهم اليوم، فإن بواعث الصراع

تظل كما هي دون تغيير. وتُعدّ الثروة والموقع الاسـتراتيجي همـا جناحـا القـوة لأي إمبراطورية تطمح في التمـدد والهيمنـة،

ففـي القـرن الخـامس عشـر المـيلادي كانـت المنطقـة (آسـيا الوسـطى والقوقـاز ونهـر الفولكـا) محـلاً لصـراع طويـل بـين

القـوى الكبـرى المهيمنـة فـي ذلـك الوقـت، وهـي الإمبراطوريـة العثمانيـــة والإمبراطوريـــة القيصـــرية، ولـــم ينتصـــف

القـــرن الخـــامس عشـــر حتـــى أصـــبح العثمـــانيون والقياصـــرة يخوضان صراعاً دموياً للانفــراد والســيطرة علــى

المنطقــة، وإعادة صياغة جغرافيتها وتاريخها كلٌّ حسب مصالحه.

لقد دارت حروبٌ ومعارك، وساهم دخول الدولة العثمانية في مرحلة الضعف والسقوط بدايات القرن العشرين في اتساع دور

روسيا القيصرية، ومحاولات قضم أراضيها في القوقاز وآسيا الوسطى، وتقليص نفوذها دون الإجهاز عليها بشكل تام.

في بحثنا هذا نسلط الضوء على أبرز القضايا التي شغلت اهتمام روسيا وتركيا، والتي تمت بعد انهيار وتفكك الاتحاد

السوفيتي، والتي أثرت بشكل أو بآخر على استقرار منطقة الشرق الأوسط دون الخوض في التاريخ القديم لتلك العلاقات

وتشعّباتها، لأنها تحتاج إلى أبحاث ودراسات مطوّلة، وجلّ هدفنا هو إظهار أهم سياسات ومصالح كلّ من الدولتين للقارئ.

يمكـن بداية اعتبار العلاقـات الروسـية التركيـة مـن العلاقـات التاريخية القديمة التـي نـاهز عمرهـا خمسـة قـرون، تخللتهـا

علاقـاتٌ صـراعية وتـوجّسٌ، كمـا حصـل تعـاون وبالتحديـد عـام ١٤٩٢ حينمـا بعـث “إيفـان الثالـث” الأميـر الأكبر وحاكم

روسيا برسـالة إلى السـلطان العثمـاني “بايزيـد الثـاني” تتعلـق بتنظـيم التجـارة البحريـة بـين الجـانبين، أما السفارة الدائمة

للإمبراطورية الروسية بالقسطنطينية فقد افتتحت عام ١٧٠١.

وأقيمت العلاقات الدبلوماسـية بين تركيا وروسيا السوفيتية في عـام ١٩٢٠، واعترفـت تركيـا فـي عـام ١٩٩١ بروسـيا

الاتحاديـة كونهـا وارثـة الاتحـاد السـوفيتي، وهناك ما يزيـد علـى 60 معاهـدة بـين روسـيا وتركيـا تخـصّ التعـاون فـي

المجالات المختلفـة منذ انهيار وتفكّك الاتحاد السوفيتي.

ومـن أهـم الاتفاقيـات التـي عُقـدت فـي السـنوات الأخيـرة، معاهـدة أسـس العلاقـات فى عـام 1992، وخطة الأعمال

الخاصة بتطوير التعاون بـين البلـدين فـي القـارة الأوربيـة عـام ٢٠٠٠، واتفاقيـة التعـاون العســكري عــام ٢٠٠٢،

والبيــان السياســي المشترك حــول تعميــق الصــداقة والشــراكة عــام ٢٠٠٤، ثــم الحــوار السياسي المشترك.

أولاً: المحددات الجغرافية والإقليمية والدولية للعلاقات الروسية التركية

١. المحدد الجغرافي

كان الاتحاد السوفيتي السابق يشغل النصف الشرقي من أوروبا والثلث الشمالي من آسيا، وبذلك كان يمتد من بحر البلطيق

فى الغرب إلى المحيط الهادي في الشرق، وفي الجهات الغربية والجنوبية الغربية كانت تركيا وإيران وأفغانستان تشكل دولاً

مجاورة له، ولكن رغم استقلال الجمهوريات الّتي كانت تحت حكم المركز مازالت روسيا الاتحادية تمثل مساحتها

17075200 كم مربع، وهي بذلك تعتبر أكبر الدول حتى بعد تفكك الاتحاد السوفيتي من حيث المساحة وعدد السكان.

وتضم روسيا الاتحادية ثلاثة أرباع أرض الاتحاد السوفيتي السابق ونصف سكانه، وتمتد الأراضي الروسية في قارة آسيا

من أقصى شرق القارة الآسيوية إلى أقصى غربها مواصلة امتدادها في أوروبا، وهي بهذا الامتداد تمثل ما يمكن تسميته

بسقف القارة الآسيوية، اذ إنها تحتل أقصى الجزء الشمالي منها.

– أما الموقع الجغرافي لتركيا فهي تطل على عدة بحار مثل البحر الأسود، والبحر المتوسط، وبحر إيجا، وبحر مرمرة،

وتقع تركيا في آسيا الصغرى تحدّها من الشرق كل من إيران وأرمينيا، ومن الغرب بلغاريا واليونان، ومن الشمال جورجيا

وشواطئ البحر الأسود، ومن الجنوب العراق وسوريا وشواطئ البحر الأبيض المتوسط. وتبلغ مساحة الأراضي التركية

حوالي 578’814 كلم مربع. تتضح الأهمية الجغرافية للدولة التركية حيث تتوسطّ تركيا قارات العالم القديم الثلاث آسيا

وأوروبا وأفريقيا، وقد منحها هذا الموقع منذ القدم قدرة على التفاعل الحيوي في المحيط الإقليمي، بحيث تؤثّر وتتأثر

بالعناصر السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافيّة القائمة على تخومها.

تقع في قلب المجال الجغرافي المصطلح على تسميته “أوراسيا” وهي بذلك تعتبر المنطقة الوسطيّة المتحكّمة في منطقة قلب

العالم، الأمر الذي يؤهّلها لأن تكون دولة محوريّة أو حاسمة في المجال الجيوسياسي.

وهي دولة قارّية وبحرية في نفس الوقت، وتحدّها ثماني دول، ما يتيح لها اختيار سياسات أو تحالفات أو إقامة تجمّعات في

ظل كون تركيا دولة محورية في مجالها الجغرافي.

كما تحدّها المياه من ثلاث جهات، وتسيطر على ممرّين مائيَّين مهمَّين، مما يعطيها القدرة على التحكّم، وهما البوسفور

والدردنيل.

٢. المحددات الإقليمية والدولية

وسيتم التركيز على نقطة رئيسية وهي منطقة آسيا الوسطى والقوقاز:

حيث تمثل منطقة القوقاز وآسيا الوسطى مجالاً للتنافس بين روسيا وتركيا في حقبة ما بعد الحرب الباردة،

إذ تمثل منطقة آسيا الوسطى والقوقاز قلب العالم، وتتاخم حدودها المباشرة عددًا من الدول الكبرى على الصعيدين الدولي

والإقليمي؛ فهي تقع جنوب روسيا، وغرب الصين، وشمال أفغانستان، وشمال وشرق إيران، وشرق تركيا، ومن ثم فإن هذه

المنطقة مفتاح هام وموطئ قدم استراتيجي لعدد من القوى الدولية والإقليمية، بالإضافة إلى الأهمية الاقتصادية التي تتمتع

بها المنطقة في ظلّ احتوائها على موارد طبيعية وفيرة، واحتياطات كبيرة من مصادر النفط والغاز التي تدفع القوى الدولية

والإقليمية إلى محاولة السيطرة عليها.

لقد أدى انهيار الاتحاد السوفيتي السابق إلى تراجع النفوذ الروسي عن كثير من مناطق الإرث السوفيتي، وتُعتبر آسيا

الوسطى إحدى أهم المناطق الاستراتيجية التي بدأ فيها النفوذ الروسي بالتراجع مباشرة بعد إعلان استقلالها عن الاتحاد

السوفيتي، حيث كانت أول من أعلنت عن استقلالها بعد سقوط الاتحاد السوفيتي. الملاحظ أن السياسة الخارجية الروسية

تجاه هذه المنطقة لا تزال رهينة الخلفيات التاريخية ذات الارتباط بالموقع الجيوسياسي للمنطقة ومتطلبات الأمن القومي

الروسي، فتاريخياً تعتبر منطقة آسيا الوسطى منطقة نفوذ روسـي درجت الأدبيات السياسية على وصفها بالحديقة الخلفية

لروسيا. هذه السياسة تركزت على مجابهة تلك التحديات القادمة من الجنوب (حيث الصين والحركات الإسلامية) بالعودة

إلى إعادة بعث الدور الروسي في المنطقة على جميع المستويات، من خلال استراتيجية بمنظورين، أولهما “أوروبي ـ

أطلنطي” والثاني “أوراسي جديد”.

فطبقاً للمنظور الأول ركزت روسيا على الاندماج مع الحضارة الغربية وتشجيع آسيا الوسطى على السير في ذات الاتجاه،

مع عدم التدخل النشيط لحماية مصالحها في آسيا الوسطى، ولكن منذ 1999 بدأت روسيا تتحول نحو رؤية أوراسية تركز

على التدخل لحماية مصالحها في آسيا الوسطى والقوقاز. لقد شعرت روسيا بعد أحداث سبتمبر أن أمنها القومي يتعرض

لتهديدات جدّية بسبب عدم الاستقرار السياسي، وتنامي الحركات الانفصالية والإسلامية في وسط آسيا، هذه التحديات دفعت

بروسيا إلى الاحتفاظ بقواعد عسكرية في طاجاكستان وكازاخستان وقيرغيزستان وتركمانستان في إطار التنافس الدولي على

عسكرة آسيا الوسطى، وعلى صعيد المسائل المتعلقة بالتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري، تعمل روسيا على زيادة التعاون

الاقتصادي في مجالات الطاقة والنقل والمياه مع دول آسيا الوسطى، خاصة في إطار مبادرات التكامل والتعاون الإقليميين

في منظمة شنغهاي للتعاون الاقتصادي.

إن روسيا تهتم أساساً بحماية مصالحها وعلى رأسها مصير الروس في تلك الدول واستقرار الأمن في تلك المنطقة.

– على الرغم من أن تركيا ليس لها صلات جغرافية مباشرة مع آسيا الوسطى، إلا أنها بمثابة “الوطن الأم” لشعوب تلك

الدول بحكم تراثها التركي، لدرجة أن تركيا لا تطلق على تلك المنطقة مصطلح آسيا الوسطى، وإنما تسميها تركستان تأكيداً

لهويتها الثقافية.

لقد منحت التطورات الجيوسياسية أنقرة فرصة إعادة توجيه سياستها نحو المنطقة، وهذه السياسة الجديدة حظيت بموافقة

ودعم الولايات المتحدة، فبعد الفراغ الناجم عن تفكك الاتحاد السوفيتي، بدأ التغلغل التركي في آسيا الوسطى مستنداً على

صورة تركيا لدى جمهوريات آسيا الوسطى المسلمة (أي النموذج التركي للدولة العلمانية والديمقراطية سياسياً والمتقدمة

والمتطورة اقتصادياً والمنفتحة ثقافياً).

لقد شكل العنصر الثقافي حجر الزاوية في الاستراتيجية التركية في علاقاتها مع مجموعة الدول الصاعدة في آسيا الوسطى،

لكن التطورات التي حدثت في المنطقة مع وجود عوامل عديدة شكّلت كوابح أمام السياسة التركية.

ومن أبرز هذه العوامل الأوضاع الاقتصادية المتدهورة في المنطقة، بالإضافة إلى ضعف الرابطة الثقافية من جرّاء سياسات

العهد القيصري والسوفيتي التي تعرضت لها الهوية الثقافية لشعوب المنطقة، وهو ما أجبر تركيا على اعتماد سياسة جديدة

أكثر واقعية تجاه المنطقة وتجاه إمكانيات الدولة التركية نفسها. 

هناك بعض العوامل التي سبّبت توتراً شديداً بين روسيا وتركيا منها: 

١. قيام روسيا في ديسمبر ١٩٩٤ بشنّ عمليات عسكرية ضد المقاتلين الشيشان، فأثار ذلك ردات فعل عاطفية في تركيا.

٢. ردت تركيا باتهام روسيا التسامح مع الفعاليات والأنشطة الكردية فيما يخص البيت الكردي الذي افتتحته روسيا في

موسكو عام ١٩٩٤، وسماح مجلس دوما الروسي باستضافة البرلمان الكردي في الخارج.

  1. كذلك إصرار روسيا بيع قبرص اليمينية صواريخ استراتيجية.

وقد أدت عدة عوامل إلى تقارب روسي تركي في نهاية التسعينات من القرن المنصرم ومنها: 

١. إدراك روسيا أن التحرك أو النشاط التركي في آسيا الوسطى والقوقاز لا يشكل أي تهديد لنفوذها في المنطقتين.

٢. انتهاء حرب جنوب القوقاز بموجب اتفاقية مايو ١٩٩٤

٣. انتهاء الحرب في البوسنة والهرسك بموجب اتفاقية دايتن ١٩٩٥

٤. انتهاء حرب الشيشان عام ١٩٩٦

٥. تراجع الدعم الروسي للقضية الكردية.

ثانياً: العلاقات الروسية التركية بعد صعود حزب العدالة والتنمية التركي إلى السلطة في تركيا

تمكّن البَلدان من إيجاد أرضية مشتركة لتطوير الفرص المشتركة، خاصة منذ ولاية الرئيس فلاديمير بوتين الأولى في

مارس 2000، وتولي حزب العدالة والتنمية برئاسة أردوغان رئاسة الحكومة في عام 2002، حيث اتجهت العلاقات

الروسية – التركية نحو مرحلة أكثر هدوءاً من شأنها أن تركز أساساً على التعاون بدلاً من الصراع، ولذلك تم توقيع “خطة

العمل المشتركة للتعاون في أوراسيا بين البلدين في 16 نوفمبر2001، وهي الوثيقة الرسمية الأولى التي ذكرت بناء

“شراكة متعددة الأبعاد”، حيث تمثل هذه المنطقة المجال الحيوي لروسيا ومنطقة نفوذها الأساسية.

١. التعاون الاستراتيجي الروسي – التركي ومحدداته الدولية

إن تعريفات التعاون الاستراتيجي متنوعة جداً، والسبب فى ذلك هو حداثة الظاهرة من جانب وانعكاساتها على المشهد الذي

تتميز به الوضعية الاقتصادية من جهة أخرى، وقد اختلف الكثيرون فى تعريف التحالف أو التعاون الاستراتيجي وارتباطه

بالتكامل الاقتصادي.

ويُعرّف التحالف الاستراتيجي بأنه سمة دولة أو أكثر نحو تكوين علاقة تعاونية تبادلية بهدف الاستفادة من الموارد المشتركة

ويُقصد أيضاً بالتحالف الاستراتيجى إحلال التعاون محل المنافسة التي قد تؤدي إلى خروج أحد الأطراف من السوق، فإذاً

التحالف الاستراتيجي يكمن فى التعاون، ويرتكز على العلاقات المتبادلة وتسمح للوصول إلى أهداف محددة باتفاق مشترك،

وهو عبارة عن نمط لعلاقات متينة على الأمد الطويل تتجاوز إطار العلاقات التجارية العادية، فالتحالف الاستراتيجي

ينطوي على مجموعة واسعة من العلاقات التعاونية الّتي تنشأ بين المؤسسات المتنافسة فى دول مختلفة لتحقيق هدف محدد.

بالنسبة إلى رؤية الرئيس الروسي بوتين، فقد كرّس قدراً ملحوظاً من اهتمامه لصياغة اتجاه جديد وقوي للسياسة الخارجية

الروسية يحاول استعادة المكانة التي كان يتبوّؤها الاتحاد السوڤييتي السابق في مرحلة الحرب الباردة، مع إحداث بعض

التغييرات الجوهرية بحيث تتفق مع الوضع الجديد؛ ليمكِّنها من تحقيق طموحاتها في عصر العولمة والفوضى السياسية

الدولية وحرية الأسواق.

ولهذا فقد اعتمدت روسيا في سياستها الخارجية عدة دوائر تعتمد على مراحل نموّها ومدى استقرارها السياسي

والاقتصادي، وفي كل هذه الدوائر كان الهدف الأسمى هو تحقيق الاستراتيجية الأمنية على المدى البعيد، كذلك إضفاء

الطابع القومي على السياسة الخارجية الروسية، والتأكيد على ضرورة استرداد روسيا المكانة التي افتقدتها منذ قيامها،

وإنهاء الانفراد الأمريكي بموقع السيطرة المطلقة على العالم، وكذلك العمل على إنشاء نواة نظام عالمي جديد عبر التحالفات

المختلفة مع الصين والهند وغيرها.

 وقد تمثلت الخطة الروسية في: 

١. السعي إلى علاقات متميزة وتعاون استراتيجي مع أصدقاء الاتحاد السوڤييتي السابقين، لا سيما الهند وإيران والصين.

٢. الاتفاق مع دول الجوار الإقليمي حول كيفية إقرار السلام والاستقرار في المنطقة.

  1. الواقعية في التفكير، وزيادة التعاون وتعزيز العلاقات مع كومنولث الدول المستقلة.
  2. السعي إلى تعزيز النفوذ الروسي في الفضاء السياسي للاتحاد السوڤييتي السابق.
  3. منع انتشار الصراعات السياسية والعسكرية المؤدية لعدم الاستقرار في آسيا الوسطى.
  4. تعزيز قيم الديمقراطية في روسيا.
  5. التأكيد على الأمن القومي وحدودها الغربية مع أوروبا عبر تحالفاتها، خاصة الدول الإسكندنافية ودول بحر البلطيق.

وكان من أهم الخطوات التي اتخذها بوتين لتقوية سياسة بلاده الخارجية في مواجهة القوى العالمية الكبرى الأخرى؛ اندماج

روسيا في العديد من نشاطات السياسة الخارجية مثل مجموعة الدول الصناعية الثماني الكبرى، ومنتدى آسيا- باسيفيك

للتعاون الاقتصادي، ورابطة الأمم لجنوب شرق آسيا، ومؤتمرات القمة الروسية مع الاتحاد الأوروبي، وغيرها.

والشرق الأوسط يمثل حزاماً غير محكم الأطراف يحيط بجمهوريات آسيا الوسطى والقوقاز اللتين تعتبرهما روسيا مجالاً

حيويّاً لها، وتُسخِّر كل إمكاناتها لمنع أي تعدٍّ يهدد تلك المناطق.

لذا كان اهتمام موسكو منذ انهيار الاتحاد السوفييتي بشكل خاص بكلٍّ من تركيا وإيران، ذلك لأنهما أكثر دولتين في الشرق

الأوسط رغبةً في النفاذ إلى هاتين المنطقتين، ومحاولة اختراقهما والسيطرة عليهما، وهذا نظراً لوجود نوع من الارتباط

الديني أو العرقي أو اللغوي الذي بين هاتين الدولتين وبين الشعوب القوقازية وآسيا الوسطى.

كذلك حاولت روسيا الاستفادة من الموقع الجيوسياسي الإيراني لمواجهة التغلغل التركي، في حين بذلت تركيا جهداً هائلاً في

تطوير علاقاتها مع جيرانها، فقد شهدت السنوات الأخيرة تزايد ظهور الدور التركي والاهتمام به في غالبية القضايا

المحورية في الشرق الأوسط، ولاسيما بعد وصول حزب العدالة والتنمية للحكم في 2002 وإعلانه تدشين سياسة تركية

جديدة تجاه المنطقة، قوامها تأكيد حضور تركيا ومكانتها كقوة مركزية وطرف فاعل في الولوج  لمختلف القضايا

والصراعات في المنطقة، والاستفادة القصوى منها عبر انتهاج سياسة انتهاز الظروف والمناخات السياسية الدولية.

كذلك التأكيد على تبنيهم رؤية مختلفة نوعية لسياسة تركيا وعلاقاتها الخارجية في الدوائر المختلفة، وبخاصة في الدائرة

الشرق أوسطية، وعزز من هذا الاهتمام ما شهدته عناصر وظروف دولية وصراعات ساعدت تركيا لاسيما في أبعادها

الاقتصادية.

وصاحب ذلك زيادة حضور الدور التركي ونشاطه في العديد من القضايا المحورية في المنطقة، سواء فيما يتعلق بالقضية

العراقية، أو أزمة البرنامج النووي الإيراني، أو في الملف السوري وليبيا والأزمات التي حصلت في ناغورنو كاراباخ

وقبرص وجنوب السودان والصومال وغيرها من المناطق، أو طرح تركيا كوسيط في قضايا التفاهمات في المنطقة بأبعاده

المختلفة، وغيرها من القضايا.

لقد تبنّت حكومة العدالة والتنمية سياسة متعددة تتمثل عناصرها الأساسية في:

١. تغليب لغة المصلحة التركية القائمة على مبدأ تصدير الأزمات، وتكريس سياسات الحصار والعزل، وتشجيع سياسات

الانخراط السلبي في القضايا كما في ناغورنو كاراباخ وليبيا وشمال العراق وفي سوريا وأوكرانيا وأفغانستان.

٢. الاعتماد على المدخل الاقتصادي لتحقيق المكاسب وإدارة الخلافات، وتعزيز سياسة السيطرة والاستفادة من اقتصادات

المنطقة واستغلال حالة الصراعات الإقليمية، وحالة عدم الاستقرار في البلدان التي تعاني من الأزمات.

٣. التأكيد على العقلية الواحدة في التعامل مع الكيانات والأقليات التي تتميز بطابعها الثقافي المنوّع، وذلك في إطار طمس

الثقافات وتغليب العنصر التركي وتتريك الثقافة.

٤. النظر على أهمية التنسيق الأمني ورفض سياسات الحوار، وتأكيد مفهوم الأمن القومي التركي والذي اتخذته كذريعة

لترسيخ سياساتها، مع عدم استبعاد إمكانية استخدام القوة العسكرية لتحقيق ذلك.

٥. تسريع وتنشيط الدور التركي في المنطقة بما يتجاوز حدودها الجغرافية في المنطقة ومجالها المائي البحري، وذلك عبر

إظهار سياسة القوة المفترسة المدفوعة بالسياسات العليا للدولة التركية.

بالعودة إلى العلاقات الاقتصادية بين تركيا وروسيا؛ فلقد نجحت فيها تركيا بالتغطية على الخلافات السياسية، وتحولت

روسيا إلى أهم شريك تجاري لتركيا، متجاوزة في 2008 بذلك ألمانيا، لا سيما في قطاع الطاقة، ومن جهة أخرى احتلت

السوقُ الروسية المرتبة الثالثة بالنسبة للصادرات التركية، وكان من المتوقع أن يصل حجم المعاملات الاقتصادية بين البلدين

إلى 100 مليار دولار في عام 2015، وكان هناك توجّه من الطرفين وتفاهم يتعلق ببناء أنبوب لنقل الغاز يمر عبر تركيا،

بيد أن تركيا تراجعت في العام 2000 عن المضيّ في هذا المشروع، والانضمام للتعاون مع الغرب في مشروع باكو الذي

جرى إقراره من أجل نقل الطاقة من القوقاز إلى أوروبا عبر التراب التركي، محاذياً لروسيا ثم إيران.

وقد ردت روسيا بمشروع أنبوب الجنوب، الذي ينقل الغاز لأوروبا عبر البحر الأسود.

هذه العلاقات فيما بين روسيا وتركيا ركزت على الاعتبارات الاقتصادية والطاقة، وأصبحت المحور الرئيسي للسياسة

التركية تجاه المنطقة، والتي لقيت بدورها دعماً أميركيا من أجل بناء خطوط أنابيب لنقل النفط والغاز من آسيا الوسطى إلى

ميناء جيهان التركي عبر خط “باكو ـ جيهان” تفادياً لمروره عبر الأراضي الروسية أو الإيرانية فيما يعرف بحرب

الأنابيب، ومع ذلك فإن الاستراتيجية التركية في آسيا الوسطى والمدعومة من الدول الغربية والولايات المتحدة الأميركية،

تواجه عقبات عديدة من أهمها ضعف الاقتصاد التركي، وقلة الإمكانيات المالية التركية في مواجهة المصاعب الاقتصادية

في دول آسيا الوسطى، وتضارب المصالح التركية مع اللاعبين الإقليميين في المنطقة، خاصة إيران وروسيا.

بالنظر إلى أبرز الدوافع التي أدت إلى لتقارب الروسي التركي يمكننا فهم رؤية كلا البلدين على النحو الآتي:

١. محاولات روسيا في إطار مواجهة المخاطر الاقتصادية

هناك العديد من الأزمات المتلاحقة الّتي تواجه روسيا وأثقلت كاهلها المالي، خاصة بسبب العقوبات التي يفرضها

الأمريكيون والغرب عليها بسبب الحرب الأوكرانية، والتي تجاوزت خسائرها مئات المليارات من الدولارات، إضافة إلى ما

تخسره سنوياً بسبب العقوبات الجيوسياسية، كما تخسر من 90 إلى 100 مليار دولار أخرى بسبب تدني أسعار النفط

بحوالي 30%، بالإضافة إلى تراجع احتياطيات النقد الأجنبي في روسيا بنحو 100 مليار دولار بنهاية أكتوبر الماضي

لتصل إلى 428.6 مليار دولار، مقابل 524.3 مليار دولار في نفس الشهر من العام الماضي، بسبب تدخل البنك المركزي

بمليارات الدولارات لدعم الروبل. وتمنع العقوبات التي فرضها الغرب على روسيا من وصول موسكو إلى أسواق المال

الدولية والحصول على التقنيات المتطورة.

تدفع هذه الأزمات روسيا إلى التركيز بشكل أكبر على التعاون الّذي سيحقق نتائج مثمرة للبلدين في مجال رئيسي هو

الاقتصاد، وهو المجال الّذي تزداد فيه العلاقات قوةً بين البلدين، حيث تنظر روسيا إلى تركيا كشريك اقتصادي قد يساهم في

إعادة التوازن للاقتصاد الروسي.

محاولات روسيا استقطاب تركيا وتحييدها:

حاولت روسيا استقطاب تركيا وتحييدها عن السياسات الغربية المتعلقة بروسيا، مثل العقوبات أو أي سياسة احتواء جديدة

باعتبار تركيا حليفاً تقليدياً للغرب، وسعى بوتين فى ذلك بالتركيز على الإغراءات الاقتصادية، وأعلن استقلال تركيا عن

الغرب وتوقيعها اتفاقيات استراتيجية مع روسيا.

كما تسعى روسيا لخلق تباينات بين تركيا وأوروبا، كذلك الدوافع الجيوبولتيكية مثل ربط المصالح التركية في مجالات

استراتيجية كالفضاء والطاقة النووية والاقتصاد والسياحة، بروابط وثيقة تجعل تركيا تعتمد بشكل كبير اقتصادياً واستراتيجياً

على روسيا، مما يجعلها غير قادرة عن التخلي عن روسيا، إضافة إلى تأثير روسي داخل السياسة التركية. كذلك تسعى

روسيا من خلال تعاظم المصالح مع تركيا، للتأثير على السياسة الخارجية التركية في المنطقة العربية فى القضايا الّتي تتعلق

بروسيا ونفوذها، خاصة في ظل تأثير الغرب على تركيا باعتبارها عضواً في حلف الناتو.

٢. الأهداف الاستراتيجية التركية على الصعد الدولية والإقليمية والمحلية، منها:

– التأثير على التوازن الإقليمي:

شكّل اختلال توازن القوى الإقليمية غير التقليدية لمصلحة إيران وإسرائيل في المجال النووي وتقنيات الفضاء، دافعاً قوياً

لتركيا لزيادة شراكتها مع روسيا، حيث تُعدّ روسيا مصدراً مهمّاً و متاحاً لتمكينها من تسريع بناء مشاريع الطاقة النووية

والأقمار الاصطناعية لتضييق هذه الفجوة، حيث قام الرئيس الروسي دميتري مدفيديف يوم 12 مايو عام 2010 بزيارة

تركيا، والتي أسفرت عن توقيع 17 اتفاقية، منها اتفاقيات التعاون في مجال الطاقة وبناء محطة كهروذرية، كما وقّع

الطرفان أيضاً اتفاقية التعاون حول بناء وتشغيل محطة كهروذرية في موقع أككويو قرب مدينة ميرسين التركية.

وأكدت الاتفاقيات الموقّعة في ديسمبر2012 على استمرار هذا المشروع الذي تبلغ تكلفته نحو20 مليار دولار، والذي

سيساهم في خلق نواة جيل من العلماء والفنيين الأتراك في مجال الطاقة النووية، بعد أن أرسلت تركيا أكثر من مئتي طالب

إلى روسيا لتلقّي التعليم في هذا المجال منذ عام2011 في مجال الفضاء، فقد تم إطلاق أول قمرٍ صناعي

تركي”Türksat4A” للاتصالات على متن صاروخ روسي فى فبراير 2014، وأكدت الاتفاقيات الأخيرة ” على عزم

البلدين إطلاق القمر الثاني.B-Türksat”  في عام 2015

كذلك سعت تركيا لتصبح المركز الإقليمي لنقل الغاز الطبيعي والنفط من الدول النفطية الأساسية فى الشرق إلى أوروبا،

حيث تزوّد روسيا تركيا بأكثر من 70% من الغاز المستورد إلى تركيا، وقد بنت روسيا خطّ أنابيب خاص من أجل

صادراتها من الغاز إلى تركيا تحت البحر الأسود يحمل اسم ”بلو ستريم”. فيما بعد تم توقيع اتفاقيات مشتركة في مجال

الطاقة أيضاً، وبناءً على هذه الاتفاقيات تتحول تركيا إلى بلدِ عبورٍ رئيسي للغاز الروسي إلى أوروبا، ويقوم البَلَدان بمشروع

مدّ “السيل التركي” للغاز الطبيعي بأربعة خطوط، أحدها بحجم ستة عشر مليار متر مربع، سيمتد من روسيا إلى تركيا

مباشرة عبر البحر الأسود، ما سيوفر في أسعار الغاز الروسي المورّد إلى تركيا، والخطوط الأخرى بحجم خمسين مليار

متر من تركيا إلى اليونان، لتوصيل الغاز الروسي لأوربا، والذي ستستفيد تركيا منه أيضاً  في لعب دور الموزّع وتوفير

فرص العمل وجذب الأموال إليها. كما وقّعت روسيا وتركيا خلال زيارة مدفيديف كذلك على مذكرة للتعاون في مجال

ضمان النقل الآمن للنفط في منطقة البحر الأسود، ويعطي الطرفان الأولوية لمشروع أنبوب النفط سامسون– جيهان الذي

بدأ بناؤه في أواخر إبريل عام 2010، ويمرّ الخط من شمال تركيا إلى جنوبها التفافاً على مضيقي البوسفور والدردنيل،

وسينقل النفطَ الروسي من حوض البحر الأسود إلى الأسواق الأوروبية.

٣. الصراع الاقتصادي ضمن النظام العالمي الجديد:

عند وصول حزب الحرية والعدالة إلى السلطة في تركيا وعبر حصولها على الكثير من أصوات الأتراك في الانتخابات

المتتالية على أساس التنمية الاقتصادية، عُدّت روسيا هي الخيار الأمثل لتحقيق هذه التنمية الاقتصادية والوصول لهذا

الهدف، حيث يزداد حجم التبادل السلعي بين البلدين من سنة إلى أخرى، وقد بلغ الحجم عام 2004 قيمة 11 مليار دولار،

أما في عام 2008 فبلغ قيمة قياسية قدرها 33.8 مليار دولار.

وسعى البلدان إلى تطوير حجم التبادل التجاري بينهما ليصل مستواه إلى مئة مليار دولار بدلًا من 40 مليار، وبناء مصارف

روسية في أنقرة، وتطوير خطوط النفط والغاز الآتية من روسيا نحو أوروبا عن طريق تركيا، والتي تعتمد على البترول

والغاز الروسيين بالدرجة الأولى، فالشركات التركية التي تعمل في روسيا تصل إلى أكثر من 1500 شركة، ويصل حجم

زوّار تركيا من السوّاح الروس إلى أكثر من خمسة ملايين سائح سنويًّا. ويُذكر أن الشراكة الاقتصادية بين البلدين تعززت

خلال زيارة بوتين الأخيرة لتركيا، إذ اصطحب وفدًا ضخمًا من رجال الأعمال، فوقّع الجانبان 11 اتفاقية تعاون مشترك في

مختلف المجالات الاقتصادية والسياحية والثقافية، واتفاقيات في القطاع المصرفي والصناعي والزراعي، وصولًا إلى

مشروع إنشاء محطة للطاقة النووية كما سبقت الإشارة، كذلك التعاون في قطاع الإنشاءات بالإضافة إلى العديد من اتفاقيات

التعاون بين البلدين.

  1. الأهمية الغربية لتركيا:

تساهم العلاقات الاستراتيجية التركية مع روسيا فى تحقيق هدفين على صعيد سياستها الغربية: الأول تقوية وضع تركيا

التفاوضي مع الاتحاد الأوروبي فى ظل حرمانها من عضويته، لذلك تسعى إلى زيادة قوتها الاقتصادية حتى يزداد الاحتياج

لها، وكذلك توسّع من شراكتها مع روسيا كبديل متاح للاتحاد الأوروبي. والثاني على عكس المتوقع لم تتبع تركيا سياسة

العقوبات الّتي تبنتها الدول الغربية ضد روسيا بعد الأزمة الأوكرانية، بل اتجهت إلى توسيع العلاقات معها، وقد استفادت

تركيا وحظيت بحصة كبيرة من الأسواق الروسية، ومن ناحية أخرى زادت الحاجة الأمنية الغربية لتركيا وأهمية التعاون

العسكري معها.

ثالثاً مستقبل التقارب الروسي التركي: 

لا شكّ في أن طبيعة الموقع الجغرافي لتركيا هي التي حددت عبر التاريخ شكل ومسار علاقاتها مع دول الجوار، وهو ما

ينطبق بصورة جلية على العلاقات التركية الروسية التي شهدت خطوات للتقارب، وأخرى للتباعد، طبقًا لتضارب المصالح

والرؤى بينهما، فإذا كان صحيحاً أن العلاقات بين البلدين من الأهمية بمكان أن يحرص الطرفان على تنميتها والحفاظ

عليها؛ فعلى مدار التاريخ الطويل للدولتين مرت علاقاتهما بموجات من الصعود والهبوط ارتباطاً بتوجهات القيادة السياسية

في الدولتين من ناحية، وبالارتباطات الدولية والإقليمية لكل طرف من ناحية أخرى، حيث يمثل الجانب الاقتصادي حجر

الزاوية في مسار التقارب التركي الروسي، إذ تمثل تركيا سابع أكبر شريك تجاري لروسيا، وتسبق معظم أعضاء مجموعة

“البريكس” لأكبر الأسواق النامية في العالم، كما أنها الوجهة الأولى للسيّاح الروس، وثاني أكبر أسواق التصدير بعد ألمانيا

بالنسبة لشركة غاز بروم المملوكة للدولة الروسية. وعلى الجانب الآخر تشغل روسيا المركز الثاني بين الشركاء التجاريين

الرئيسيين لتركيا، حيث إن حجم التبادل التجاري في نهاية العام الماضي وصل إلى 35 مليار دولار طبقًا للتقديرات الأولية

الرسمية، وكذلك التعاون في مجال الطاقة.

فإذاً؛ يتعزز التعاون بينهما بسبب وفرة المصالح المتبادلة وتنوعها، وبالفعل تسارعَ انفتاح علاقات الدولتين تجاه بعضهما

حتى توصّلتا إلى تأسيس “مجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى” في عام 2012، ثم القمة الروسية – التركية التي

عقدت ديسمبر 2014 شراكتهما في مجالات استراتيجية عديدة، ومنها تطوير القدرات الفضائية التركية، وبناء مفاعلها

النووي الأول، واعتمادها ناقلًا وحيدًا للغاز الروسي إلى أوروبا، وزيادة حجم التبادل التجاري بينهما إلى مئة مليار دولار

في المدى القريب.

خاتمة البحث:

من خلال ما مرّ معنا نجد أن العلاقات الروسية التركية وصلت إلى مراحل متطورة من التعاون مع بداية القرن الحادي

والعشرين، وأخذ الطرفان منحى فاعلَين أساسيَين لحالة اللا أمن واللا استقرار في منطقة الشرق الأوسط، خاصة في سوريا

وليبيا ومنطقة آسيا الوسطى.

وتدعمت هذه العلاقات بشراكة اقتصادية دعمت اقتصاديات البلدين، في وقت شهد فيه العالم أزمة اقتصادية عميقة لا تزال

تلقي بظلالها على العالم إلى اليوم. إنّ تباينَ وجهات النظر بين البلدين بشأن ملفات كثيرة، لم يمنع البلدين خلال السنوات

الأخيرة من اختيار التنسيق والتعاون بشأن قضايا استراتيجية، وتنسيق مواقف مشتركة مكّنتهما من إحداث خلخلة التوازن

في المشهد الدولي، سواء الحدّ من توسع “الناتو” بعد انضمام كلّ من السويد وفنلندا، أو الموقف من الاتحاد الأوروبي، وهي

مواقف حدَّت من هيمنة قوى الغرب على المشهد الدولي.

ومن الطبيعي أن نشهد نوعاً من التنافس وعدم الارتياح المتبادَل بين البلدين، خاصة أن الروس يراقبون الصعود الملحوظ

للقوة التركية في مختلف المجالات، ورغم أن خيار التهدئة واحتواء الأزمة يبدو هو السيناريو الأفضل للطرفين، فإن ما يمرّ

به العالم اليوم من تحوّل كبير طال أهم الفاعلين الدوليين، يجعل سيناريو التصعيد يبقى وارداً بسبب حالة الغليان التي تعيشها

منطقة الشرق الأوسط.

المراجع المستخدمة في البحث:

١. منعم العمار، التوجه الروسي تجاه الجمهوريات الإسلامية، مركز بحوث جريدة الجمهورية، القاهرة، ١٩٩٩م.

٢. عامر علي العلاق، ملامح جديدة فى العلاقات التركية-الروسية، مركز الدراسات الدولية، العدد ٤٠ إبريل ٢٠٠٩م.

٣. السيد صدقى عابدين، السياسة الروسية فى آسيا، “الأهداف والتحديات”، مجلة السياسة الدولية، عدد ١٧٠،

أكتوبر ٢٠٠٧م .

٤. محمد عبدالرحمن العبيدي ، سياسة تركيا الخارجية تجاه منطقة القوقاز، جامعة الموصل، مركز الدراسات

الإقليمية، ٢٠١٢ م.

٥. حنان أبو سكين، بين الصراع والتعاون، التنافس الدولي في آسيا الوسطى، المركز العربي للبحوث والدراسات،

القاهرة يونيو ٢٠١٤ م.

٦. معمر فيصل خولي، العلاقات التركية الروسية من إرث الماضي إلى آفاق المستقبل، المركز العربي للأبحاث

والدراسات السياسية، بيروت ٢٠١٤ م.

٧. فتحية محي الدين طه، تطور العلاقات الروسية التركية، المركز الديمقراطي العربي، القاهرة ،٢٠١٦م.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى