كلمة العدد 56
ها هو عددُنا السادس والخمسون، في خضمّ الأزمات والحروب التي تجتاح العالم، حيث الحرب الروسيّة على أوكرانيا، وتأثيراتها على الشرق الأوسط، وعودة التحالفات والمؤامرات والأفخاخ، وجرّ الدول إلى الحروب، وعودة الدول التي خسرت الحرب العالميّة الثانيّة إلى الساحة، وانضمام الدولة التركيّة إلى صفّ الأوكرانيين، وصفّ الاتّحاد الأوروبي والناتو، وتأثيراتها على الأزمة السوريّة، والشرق الأوسط عامّة.
إنّ سلسلة الحروب لم تتوقّف ما بعد الحرب العمالية الثانيّة، لكنّ هذه القارة الأوروبيّة الهادئة التي انتهت من شبح الحروب، عادت إلى الساحة بقيادة الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا، لتكمل مسيرة تعطّش الحداثة الرأسماليّة للدماء التي تغيّر بها خرائط العالم، حيث ينحو العالم باتّجاه تغيير الخارطات السياسيّة، وإعادة تقسيم الأدوار، بعد مرور مئة عام على اتفاقية لوزان وغيرها من الاتفاقيات التي غيّرت الشرق الأوسط.
إنّ الحرب هي لغة هذه الإمبراطوريّات الجديدة، والتي انتهجت الرأسماليّة الجديدة، أو الحداثة الرأسماليّة التي اعتمدت على الصناعوية التي تدمِّرُ البيئة الطبيعيّة بكلِّ معانيها، والدولة القوميّة التي هي السبب في كلّ هذه الحروب، وفائض الإنتاج الذي يمزّق اقتصاد المجتمع، من خلال ظهور طبقة الحيتان التي ترسّخ هذا النظام الرأسماليّ وتعضّ عليها بكلّ نواجذها، فتستخدم الإعلام الذي تسيطر عليه للسيطرة على العقول، وتزييف الحقائق.
لابدّ لشعوب الشرق الأوسط أن تتوحّد ضدّ تهوُّرات قادة الدول التابعين لنظام الهيمنة، والذين لا يستطيعون أن يحيدوا عن أوامر هذا النظام العالمي، فارتأينا في هذا العدد أن نعالج بعض القضايا البيئيّة أو الإيكولوجيّة، فعالج كتّاب المجلّة الأعزّاء قضايا إيكولوجيا مهمّة مثل معالجة الفلسفة البيئية من تيودور أدورنو إلى المفكر عبد الله أوجلان، وتحليل فكر موراي بوكتشين، وكيفية إنقاذ الحياة على الأرض.
بالطبع تحاول مجلّة الشرق الأوسط الديمقراطيّ البحث في القضايا المصيريّة المهمّة في الوصول إلى مجتمع شرق أوسطيّ ديمقراطيّ، من خلال تحليل النظام الرأسماليّ والبحث عن الحلول الموضوعيّة لتلاحم شعوب الشرق الأوسط الديمقراطيّ الباحثة عن حلول قانونيّة للتوافق ما بين الشعوب والدول، فعالج أدباؤنا قضايا فكريّة وقانونيّة مهمّة مثل: العقد الاجتماعي السوري؛ دستور سوريا التوافقي ومبادئه الأساسية، وكيف أنّ دول الشرق باتت رهينة الجيوش النظاميّة وغير النظاميّة، بالطبع لا بدّ من معالجة أصول الأفكار التي تخدم هذه الحداثة الرأسماليّة، مثل معالجة أصول الفكر الإرهابي لجماعة الإخوان المسلمين، والقوى الناعمة ودورها في السياسة الدولية.
لا ريب أنّ القضيّة الجوهريّة لوضع حلول جذريّة لقضايا الشرق الأوسط عب القضيّة الكرديّ، فلماذا يتمرد الكردي؟ وتصوير التلاحم ما بين الشعب الكردي والشعب العربيّ من خلال الحلقة الثالثة لموضوع العلاقات الكردية العربية، والقضيّة الكُرديّة في خِضمِّ الحرب الباردة بين الشَّرق والغرب، وكان من الضروريّ معالجة قضايا أخرى كالصراع والعداء التركي الفرنسي تاريخه، وأسبابه، وجبهة التحرير الوطني لفيتنام «الفيتكونغ»، وداعش وماذا بعد سجن الصناعة؟ والدروس والعبر المستفادة من الحرب الروسيّة على أوكرانيا.