نشأة اليمين المتطرف في الشرق الأوسط عبر التشدد الديني، وعلاقته بنشأة التيار الديني القومي
اسماعيل اسماعيل
اسماعيل اسماعيل
المقدمة
لعلّ أشد أنواع المعاناة التي تتعرض لها الشعوب في الفترات العصيبة من حياتها هو ذلك التنافر الشديد في الرؤى الفكرية التي تحاول رسم مسار حياة الأمة نحو الأفضل، تنافر قد يبلغ حداً يُعطل فيه توازن المجتمع، وتشّل حركته، لما يسيطر فيه من حدّةٍ وتعصّب يصلان في أحيان إلى حد التكفير والتجريم الذي يمارسه كل طرف على غيره، وإلى حدّ يُخرج وسيلة العنف من مخبئها لتكون أداة الإقناع الوحيدة وشطب الآخرين [1].
يمكن القول ومن خلال الدراسات المتنوعة إنّ التعصب الديني هو أساس التطرّف، ويعزوها البعض إلى التخلف المستشري في المجتمعات العربية خاصة، والمسلمة منها عامّة.
ما دامت مجتمعاتنا تسمح لفقيه أمّي أن يحشر نفسه بين العلماء، ويقول: ما يشاء باسم الله شخصياً. فلا مفرّ من وقوع الكارثة، ولا مفرّ من أن يغرق مجتمعنا في موجة بعد موجة من خريجي هذه المدارس الذين تم تنويمهم من قبل أن يستيقظ، وعهد إليهم مجمل مسؤولية الهدم والبناء، وهم عزل من كلّ سلاح سوى سيف التعصب الأعمى في أيدي ملايين العميان[2]
عندما يولد الإنسان، ولا خيار له في أمرين، اسمه ودينه، فالغالبية العظمى بل المطلقة من البشر، لم يختاروا دينهم، فمنذ أن يتعلم الإنسان الكلام، تفرض عليه ثقافة تراثية، هي دين الأهل، وتظل تلازمه، هذا إضافة إلى المنابر بأنواعها؛ منابر بيوت الدين، إضافة إلى وسائل الإعلام التي تسير باتجاه واحد.
نشأة اليمين المتطرف في الشرق الأوسط عبر التشدّد الديني
الدين ينتقل بالوراثة، والمشكلة التي لا يستثنى فيها أحد أنّ كلّ إنسان يعتقد أن دينه هو الأفضل، مهما بدا هذا الدين ناقصاً بالنسبة لمعتنقي الدين الآخر، وإلّا كان هجره إلى الآخر. [3]
إني أؤمن إيماناً عميقاً بأنّ الدين علاقة خاصة، بل شخصية بين المخلوق وخالقه، وإنّ ميدانه الأصيل هو: الكنائس والمساجد والجوامع والزوايا والتكايا والخانقاهات والربط وحلقات الذكر وحضرات الصوفية ومجالس دلائل الخيرات والخلاوى والحسينيات والمزارات الشريفة والعتبات المقدسة. وإنّه إذا عاد أحدهم هذه الأماكن تغيرت كينونته، مثل السمكة إذا خرجت من الماء.
هنا تبرز كيفية علاقة الإنسان بالدين فقط، من خلال ما ذكره ولا يربطه إطلاقاُ بالسياسة[4]
وإنّ كمال وتفرد الدين يتضمّنان أنها من وجهة نظر أتباعها بمثابة الديانة الأفضل، لكنّها في الواقع هي هكذا بالنسبة لهم، ولكنها ليست بالضرورة كذلك بالنسبة للأناس الآخرين.
إنّ هذا يجعل الذين يتبعون ديانة محدّدة يتمسّكون بتعاليمها على اعتبار أنّها هي التعاليم الوحيدة الصحيحة، وإنّ الديانات السابقة، أو اللاحقة، بمثابة خروج على الدين الصحيح – في رأيهم – أو هرطقة. وهذا ينفى روح التسامح عن الدين، ذلك أنّه لا يسمح بالتعدّدية – تلك التي ظهرت فقط في العصر الحديث بعد القول بالمساواة بين البشر بغض النظر عن اللون أو الجنس أو الدين[5]
عندما يختلف المسلمون، فلا بد أن يكون هناك طرف مخطئ وآخر مصيب، حسب رأيهم، وعندما تضيق الصدور وتتقطع سبل الحوار ويغيب عن الناس فإن الاحتماء بالنصوص الشرعية في تجريح اعتقاد الآخرين وارد وراجح، وهنا يمكن التمييز بين دوائر ثلاث للخلاف بين المسلمين: فهناك خلاف بين الفرق الإسلامية المختلفة (شيعة – سنة – زيدية – إباضية) وهناك خلاف بين مذاهب السنة، حيث القطاع الأكبر من المسلمين.
وهناك خلاف ثالث يتجاوز الأمور الدينية ليثور حول المسائل الدنيوية، ممّا يفتح الباب للحديث عن أمور هي محل جدل، مثل تعدد الأحزاب السياسية والمعارضة في المجتمعات الاسلامية [6].
اليمين المتطرف وعلاقته بنشأة التيار الديني القومي
شهد القرنان التاسع عشر والعشرون في منطقة الشرق الأوسط تنامي هيمنة إنكلترا وأمريكا والاتحاد السوفياتي وفرنسا. وأصبحت أنظمة السلطات المهيمنة تدار من قبل الدول القومية المشادة خلال القرون الأربع الأخيرة، وتعابير الدول المستقلة شبه المستقلة والتي أسقطتها أيديولوجية البرجوازيات على السلطة.
حيث كانت أهداف الهيمنة الرأسمالية هي احتكار الدولة القومية التي هي وسيلة لتجذّر الأزمات وتعزيزها، وذلك من خلال التطرف الديني ودعم الحركات اليمينية، حيث تمّ استخدام رجال الدين المسيحي في الإمبراطورية العثمانية، ورجال الدين الإسلامي (السني – الشيعي) في الدول العربية ودول غرب آسيا.
لقد عاش التيار السني من الإسلام حالة سكونية معرفية متحجرة، اعتمدت على تناغم مدروس بين المشايخ والحكام: تناغم يضمن فيه المشايخ للحكام أعلى حالات السكونية الاجتماعية – العقلية- المعرفية، وبالتالي – الاستقرار السياسي. مع ذلك، فهذا التناغم عرف في العصر الحديث – وهو ما يهمّنا هنا – هزّتان عنيفتان: الأولى في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين مع ظهور المفكّرين المتأثّرين بالغرب، والذين نادوا بنوع من التحديث في الإسلام: لكن هذه الهزة انتهت (أو أُنهيت) مع زوال الحقبة الليبرالية القصيرة، وبداية ما سمّي بالاشتراكية القومية (وهي طبعاً ليست اشتراكية ولا قومية، بل أصوليّة إسلاميّة محدثة)؛ والثانية بدأت في نهاية السبعينات من هذا القرن (العشرين) مع انحسار المدّ القومي الاشتراكي (انحسار طبيعي؛ لأنه كان مدّاً شاعريّاً، وليس عقائديّاً فكريّاً) وظهور بعض المفكرين النقديين، خاصة في مصر، وإلى حدّ ما في لبنان وسوريا. وما ردّات الفعل المريعة التي تواجه بها الهزة الأخيرة من المدافعين عن متحف السكونية المعرفية (أو أصحابه) إلّا الدليل الدامغ على عمق تأثير الهزّة واتساع نطاقها[7].
لا تزال ثقافة الشرق الأوسط بعيدة عن استيعاب وفهم كيفية غزوها خلال القرنين الأخيرين، وبوسعنا استخلاص ذلك بأكثر حالاته شفافية، فما يزعم أنّها حروب الاستقلال والتي دارت رحاها في القرنين الماضيين سواء باسم الإسلاموية السلفية، أم باسم القومية العلمانية هي في حقيقتها حروب ترمي إلى تصعيد الهيمنة الرأسمالية لا غير، حيث طوّر هذان الأسلوبان الإسلاموية والقومية كنسختين مشتقتين من الإيديولوجيا الاستشرافية، واستخدما تأسيساً على احتلال الذات بالذات، تحت اسم الرأسمالية أي أنه وفيما خلا بضعة من الحروب الريادية، فقد حقّق النظام المهيمن توسّعه ونموّه في واقع الأمر بيد الشرائح النخبوية في ثقافة الشرق الأوسط، عن طريق تلك الأجهزة الأيديولوجية والسياسة (السلطة) وهذه النقطة بالغة الأهمية، ومن دون فهمها لن يكون بمقدور تحليل أو حل الوضع الراهن للشرق الأوسط، وستبقى المنطقة تتخبّط في معمعان الفوضى عبر مشاريع النظام المهيمن (الشرق الأوسط الكبير) سعياً إلى تفكيكها وإعادة بنائها على خلفية المصالح الجوهرية للأنظمة القائمة[8].
ممّا لا شكّ فيه أنّ نشأة التطرف الدينيّ مرتبط بدرجة كبيرة بظهور الحركات الدينية التي رهنت وجدوها واستمرارها بأجندات مخابراتية دولية عبر تنفيذ تلك الأجندات العابرة للحدود في دول بدأت فيها الإضرابات تتصاعد نتيجة ممارسات وضغوط تلك الجهات الدولية.
وتقاطع المصالح المشتركة للتيارات الدينية في الشرق الأوسط والأحزاب اليمينية (القومية) في الدول الكبرى والتي يمكن رؤية ذلك جلياً في القرن العشرين التي تحولت إلى بؤرة تجمع فيها تلك التنظيمات المتطرفة والتي بدأت في مصر بظهور تنظيم (الإخوان المسلمين السنية) بدايات عام 1929 والتي كانت بدعم مباشر من المخابرات البريطانية.
حيث تعتبر أوائل الجماعات الإسلامية في القرن العشرين، وتعتبر مصدر تطرف أغلب الجماعات الإسلامية من بعد، وخرج من تحت عباءتها العديد من المتطرفين، تأسست على يد حسن البنا بالإسماعيلية في مصر عام 1928. وهو أمر لم يتيسر لأيّة جماعة دينية فى المنطقة من قبل، واستطاعت أن تمثل في الانقلابات الدستورية، وفشل المفاوضات مع الإنكليز.
اتّخذت الجماعة منذ تأسيسها العنف وسيلة، وقامت باغتيال عدد من الشخصيات، وتكوين جناح عسكريّ، مهمّته الاغتيالات والقيام بالعمليات الإرهابية، ويتمّ تصنيفها كجماعة إرهابية في عدد من دول العالم مثل: روسيا وكازاخستان، السعودية مصر الإمارات.
وهذه الجماعة أسست فيما بعد تنظيمات انتقلت إلى الأردن والعراق، ومنها إلى سوريا منذ 1948 وتحوّلت فيما بعد في بداية الستينيات (1964) القرن المنصرم إلى ميليشيات دمويّة تنتهج الإرهاب سياسة له، عبر تنفيذ عمليات اغتيال وقتل وتفجير وتخريب وغيرها.
الجماعة الإسلامية: جماعة إسلامية دعوية نشأت في الجامعات المصرية في أوائل السبعينيات من القرن العشرين بحجة “الجهاد” لإقامة “الدولة الإسلامية” وإعادة “المسلمين إلى التمسّك بدينهم وتحكيم شرع الله. عرفت الجماعة بفكرها المتشدد الإسلامي والوهابي، وارتبطت بأشكال العنف في مصر، خاصة ضد قوات الأمن المصري طوال فترة الثمانينيات، وتورّطت في العديد من العمليات الإرهابية.
كان للتدخل السوفياتي في أفغانستان هي دعم الحكومة الأفغانية الصديقة للاتحاد السوفيتي، والتي كانت تعاني من هجمات الثوار المعارضين للسوفييت، والذين حصلوا على دعم من مجموعة من الدول المناوئة للاتحاد السوفييتي من ضمنها الولايات المتحدة الأمريكية، السعودية، باكستان والصين. أدخل السوفييت الجيش الأربعين في 25 ديسمبر 1979. وانسحبت القوات السوفييتية من البلاد بين 15 مايو 1988 و2 فبراير 1989 وأعلن الاتحاد السوفيتي انسحاب كافّة قواته بشكل رسمي من أفغانستان في 15 فبراير 1989.
وقد شارك التدخل السوفييتي بالإضافة إلى أحداث أخرى كالثورة الإسلامية في إيران، والحرب الإيرانية العراقية، الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 التوتر المتصاعد بين الهند وباكستان، وتصاعد الحركات الأصولية المعارضة للغرب والمستخدمة للإرهاب، شارك في جعل الشرق الأوسط منطقة توتر وعنف وتقلب أثناء العقد الثامن من القرن الماضي.
وتأسّس فيما بعد حركة طالبان، والتي تعتبر حركة دينية إسلامية سنية أفغانية، سياسية مسلحة متطرفة، يعتقد قياداتها أنهم يطبقون الشريعة الاسلامية. وقد نشأت عام 1994م وحكمت أجزاء كبيرة من أفغانستان، وسيطرت على العاصمة الأفغانية كابل في 27 سبتمبر 1996م. وقد أعلنت قيام الإمارة الإسلامية في أفغانستان، وهذه حركة إسلامية تأسست بولاية قندهار غرب أفغانستان، على يد ملا محمد عمر مجاهد، حيث رغب في القضاء على مظاهر الفساد الأخلاقي وإعادة أجواء الحكم الإسلامي من وجهة نظره، وهي تنظيم متعدّد الجنسيات، ينتمي إلى السنية الأصولية.
ولعلّ التنظيم من أشهر التنظيمات الإرهابية في العقود الأخيرة، وصاحب العديد من العمليات الإرهابية الكبرى، أبرزها تفجير برج التجارة العالمي، فيما عرف بأحداث 11 سبتمبر في الولايات المتحدة الأمريكية.
وكذلك تنظيم القاعدة، وهو تنظيم سلفي إسلامي سنّي جهادي مسلح، أُنشئ في أفغانستان سنة 1988. قامت القاعدة في إطار حربها على من يصفهم باليهود والصليبين بالهجوم على أهداف مدنية وعسكرية في العديد من البلدان.
التنظيمات اليمينية الشيعية المتطرفة
يمكن وصف الحالة المسلحة للحركات الشيعية كذلك بأنها «جماعات دولة» لكنها موالية إيرانيًا، فهي تدافع من ناحية عن نظام الثورة الإسلامية و«ولاية الفقيه» ومصالحه وولاءاته – ومن ناحية أخرى تجابه وتستنزف الدول المعادية والمعتدلة، وتريد «الانقلاب» عليها وتراها جميعاً نتاجاً لما بعد سايكس بيكو في العالم العربي والإسلامي، وطاغوتًا يحكم بغير ما أنزل الله ويوالي أعداءه! وفي فكرة الانقلاب تتقارب كل الجماعات، سنية وشيعية. وليس ما فعلته جماعة الحوثي (أنصار الله) في اليمن وحزب الله الشيعي في لبنان والميليشيات الشيعية المسلحة في العراق التي تنتهج النهج نفسه[9].
بعد نجاح الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، وتطبيقاً لمبدأ تصدير الثورة، راحت طهران تركّز على الجماعات التي تجمعها بها وحدة الارتباط المذهبي. فالقيادة الإيرانية الجديدة دعت إلى دعم أو قيام ثورات مشابهة للثورة الإيرانية في المجتمعات الإسلامية في الخارج. فقد صار من السهل تمييز أي “نشاط إسلامي” مدعوم من إيران في دول الشرق الأوسط. فشعار حزب الله المستمد من صيحة الاحتشاد “حزب واحد/ حزب الله/ قائد واحد/ روح الله” سيمتد ليشمل أماكن كثيرة لا سيما مناطق النزاعات مثل أفغانستان والعراق ولبنان. علماً أن شعار الذراع القابضة على البندقية بات علامة مسجلة إيرانية تضفي الصبغة الثورية على أبرز الجماعات الشيعية الراديكالية خارج إيران.
ومنها تنظيم “جيش محمد” في باكستان، والذي يدافع عن حقوق الشيعة في باكستان للفئات الطلابية التابعة للحزب، بالتصادم مع الحركات الجهادية مثل عسكر جهنكوي وجيش الصحابة. استخدم التنظيم العنف والاغتيال السياسي، وتعد منطقة ثوكار نياز بيك في ضواحي لاهور في البنجاب معقل التنظيم.
وكذلك تنظيم أفغانستان: طهران التي اعتبر تحالفاً سياسياً يمينياً متطرفاً جمع أكبر ثمانية أحزاب شيعية قاتلت ضد حكومة كابول الشيوعية والجيش السوفياتي خلال الاجتياح السوفياتي لأفغانستان، ومن أهم مكوّناته حزب الله الأفغاني، وحزب النصر، واتحاد المجاهدين الإسلاميين. تلقى التحالف الدعم من حكومة الخميني منذ عام 1979 بهدف توحيد الفصائل الجهادية الشيعية ومنع التنظيمات السنّية المؤتلفة تحت مسمّى “بيشاور 7” من احتكار العمل الجهادي في أفغانستان، وأيضاً لواء “فاطميون” الأفغاني تأسس هذا اللواء عام 2014 من أبناء أقلية الهزارة الأفغانية الشيعية وبعضهم لاجئ في إيران، وذلك في ظل الحرب السورية وبهدف حماية المزارات الشيعة المقدسة في سوريا.
فيلق بدر العراقي الذي تأسس عام 1982 كذراع عسكري للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق الذي أسسه السيد محمد باقر الحكيم بمعاونة مخابراتية إيرانية قضت بتجنيد العراقيين المنفيين في إيران، وأسرى الجيش العراقي خلال الحرب العراقية الإيرانية لمصلحته. ويمتدّ نفوذ المنظمة إلى داخل أجهزة الأمن الداخلي العراقية، وترتبط بشكل وثيق بالقيادة الإيرانية، لا سيما بقائد فيلق القدس في الحرس الثوري، وكتائب حزب الله العراقية التي تشكلت عدة فصائل شيعية مسلحة هدفها مواجهة الاحتلال الأميركي وإقامة دولة إسلامية في العراق. وتوحدت تلك الفصائل عام 2006 لتشكّل حزب الله-العراق الذي صنّفته أميركا عام 2009 منظمة إرهابية.
وكذلك عصائب أهل الحق العراقية التي تعتبر حركة مسلحة قاومت الاحتلال الأميركي منذ عام 2004. تلقت العصائب الدعم والتدريب والمال والسلاح من إيران، وانضمّت إلى تشكيلات “الحشد الشعبي”. وميليشيا “حركة حزب الله النجباء”، التي تأسست عام 2013. وفي الحرب السورية قاتلت الحركة إلى جانب النظام السوريّ.
وأيضاً حزب الله في الحجاز اعتبر الجناح العسكري لمنظمة “الثورة الإسلامية في شبه الجزيرة العربية” التي تأسست في بداية الثمانينيات من القرن الماضي، وهي منظمة شيعية سياسية شاركت في اضطرابات القطيف ثم تخلت عن النهج الثوري عقب اتفاق مع الحكومة السعودية في أيلول 1993. صنّفته الحكومة السعودية منظمة إرهابية في آذار 2014.
حركة الجهاد الإسلامي هي حركة شيعية مسلحة استخدمت العنف الثوري بين عامي 1983 و1992 وأبرز أعضائها عماد مغنية، القيادي في حزب الله اللبناني، والذي اغتيل في شباط 2008. درّب عناصر الحرس الثوري الذين أُرسلوا إلى لبنان لقتال الإسرائيليين بعد اجتياح لبنان، عام 1982.
عناصر الحركة وموالوهم
حركة أمل الإسلامية اللبنانية أنشئت الحركة عام 1982 على يد حسين الموسوي بعد انشقاقه عن حركة أمل.
حزب الله اللبناني تأسس عام 1985 ويُعدّ من أكثر التنظيمات العسكرية انضباطاً ونجاحاً. فالحزب الذي بدأ كرَدّ فعل على الوجود الإسرائيلي في جنوب لبنان، أضحى يمثل أقوى الحركات العسكرية في لبنان وسوريا. انتهج الحزب العمل العسكري ضد إسرائيل في جنوب لبنان، وارتفعت شعبيته في العالم العربي بعد تحرير الجنوب اللبناني في أيار 2000. لكنّه تضرّر شعبياً بشكل لا يُعوّض بعد انخراطه في الحرب السورية.
حركة أنصار الله (الحوثيون) في اليمن هي حركة سياسية مذهبية يمنية أنشئت على يد حسن بدر الدين الحوثي عام 1992 وغيرها من الميليشيات الشيعية اليمينية المتطرفة.
التطرف الديني المسيحي: أدت الظروف الإقليمية إثر هزيمة العرب أمام إسرائيل عام 1967 وطرد جبهة تحرير الفلسطينية من الأردن عام 1970 فيما عرف بأيلول الأسود ونزوحهم نحو لبنان، وتصاعد المعارضة الشعبية لسياسة الحكومة اللبنانية، كانت عوامل أدت إلى اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية عام 1975 والتي سرعان ما أخذت بعدًا طائفيًا بين المسلمين والمسيحيين. حين قامت الميليشيات المسيحية (حزب الكتائب) الماروني المسيحي المتطرف باقتحام منطقة الكرنتينا ذات الأغلبية المسلمة والواقعة تحت سيطرة منظمة التحرير الفلسطينية.
قتلت الميليشيات المسيحية العديد من سكان المنطقة. وردّت الميليشيات الفلسطينية بعدها بيومين باقتحام بلدة الدامور المسيحية وقتل المئات من السكان المسيحين.
هرب الآلاف من السكان بحراً حيث كانت الطرق مقطوعة. حيث أدّت هاتين الحادثيتين إلى هجرة جماعية للمسلمين والمسيحين حيث لجأ كلّ منهم إلى المنطقة الواقعة تحت نفوذ طائفته[10].
الختام
بينما يبدو التنظيم السنّي المتشدّد نظامًا للسمع والطاعة خارج الأطر الرسمية وضد توجّهات الدول في العالم العربي والإسلامي، واستنزافًا وإنهاكًا مستمرا لها، تبدو التنظيمات الشيعية المتشددة في حضن الدولة والنظام الإيراني، وجزءًا فاعلاً وجوهرياً من أولوياته، وتدين لـ«أميره» الذي هو «الولي الفقيه» بالسمع والطاعة كذلك. وبينما تكون مرجعية «الولي الفقيه» رسمية وأساسية وشعبية في شكل تنظيم يشبه الدولة، تمثل سلطة «الأمير» المرجعية الوحيدة لدى التنظيمات السنّية المتشددة.
والجهتان قادرتان على طرد وإقصاء مخالفيها وتحقيق ما تريدانه من عناصرهما وأتباعهما. لكن بينما التنظيمات السنّية ترفض السياسة وتكفر بها وبمفرداتها، وتبدو محشورة ومحصورة في أهداف التنظيم الضيقة، فتضرب خبط عشواء حيثما استطاعت وفي كل مكان، نرى التنظيمات الشيعية جزءًا من استراتيجية دولة وثورة إسلامية عالمية هي الثورة الإيرانية، ومن نزوع سياسي وتوسّعي وتدخلي لا يرفض السياسة بل يوظفها، وبالتالي فهي لا تمتلك أهدافًا خاصة، ولا تستنزف جهودها وأعداءها إلا فيما يخدم مصالح إيران وحلفائه وتوجهاتهم، كما هو ماثل اليوم في سوريا واليمن والعراق ولبنان وغيرها.
المراجع
[1] – فاطمة المرنيسي ، السلطانات المنسيات ، دار الحصاد للنشر والتوزيع ، دمشق ، 1994 ، ص 5
2- الصادق النيهوم ، إسلام ضد الإسلام ، رياض الريس للنشر ، المكتبة البريطانية ، بيروت ،1994 م ، ص 256
3 – مهدي حسن صادق ،الاختراق ،دار الطليعة ، بيروت ، ص 15
4- خليل عبد الكريم ، الجذور التاريخية للشريعة الإسلامية ، سينا للنشر ، القاهرة ، ص 106
5- الإسلام والديمقراطية ، فهمي هويدي ، مركز الأهرام للنشر ، القاهرة ، 1993 م ، ص43
6- صالح الورداني في مجلة روز اليوسف، ع 3602، 23/6/1997، ص 62 – 63.
7 – مانفيستو الحضارة الإنسانية ، عبد الله اوجلان ،المجلد الخامس 2014 م ، ص 122
8- أمين نصر ، الميليشيات المدعومة من إيران ، موقع “ناو ليبانون”، بيروت 2016 م ، مقال
9- Northbourne, Lord: Religopn in The Modern world, J.M. Dent & Sons LTD, 1st pulished, London, 1963, p. نورثبورن ، اللورد: الدين في العالم الحديث ،لندن ، 1963 ، صفحة 5
[1] – فاطمة المرنيسي ، السلطانات المنسيات ، دار الحصاد للنشر والتوزيع ، دمشق ، 1994 ،
[2] – الصادق ، النيهوم ، إسلام ضد الإسلام – شريعة من ورق ، رياض الريس للنشر ، المكتبة البريطانية ، بيروت ،1994 م ، ص 256
[3] – مهدي حسن صادق ،الاختراق ، ص 15
[4]– خليل عبد الكريم ، الجذور التاريخية للشريعة الإسلامية ، سينا للنشر ، القاهرة ، ص 106
Northbourne, Lord: Religopn in The Modern world, J.M. Dent & Sons LTD, 1st pulished, London, 1963, p.[5]
نورثبورن ، اللورد: الدين في العالم الحديث ،لندن ، 1963 ، صفحة 5
[6] – الإسلام والديمقراطية ، فهمي هويدي ، مركز الأهرام للنشر ، القاهرة ، 1993 م ، ص43
[7] – صالح الورداني في مجلة روز اليوسف، ع 3602، 23/6/1997، ص ص 62 – 63.
[8] – مانفيستو الحضارة الإنسانية، عبد الله أوجلان، المجلد الخامس 2014 م، ص 122
[9] – أمين نصر ، الميليشيات المدعومة من إيران ، موقع “ناو ليبانون”، بيروت 2016 م ، مقال
[10] – أمين نصر ، الميليشيات المدعومة من إيران ، موقع “ناو ليبانون”، بيروت 2016 م ، مقال