افتتاحية العدد 40
أضحى صراع القوى العالمية على الشرق الأوسط على أشدّه، ففي بداية هذا القرن الحادي والعشرين مع انهيار برجَي التجارة العالميتين في نيويورك، توجّه الغرب إلى الشرق الأوسط، وعلى وجه الخصوص الولايات المتّحدة الأميركيّة، لتغيّر هذا الشرق أو لتغيّر نفسها عبر أطروحة الشرق الأوسط الجديد، لكن هذه المرّة بوحشية فظيعة، وبدمار هائل ودماء كثيرة، وسحق وتدمير شرسَين لكلّ القيم الشكلية التي كانت الدول القومية تنادي بها، دون أي مراعاة للقوانين الشكليّة التي تنادي بها هذه الدول عبر المنابر.
إنّ المتتبع لتاريخ الحروب يمكنه أن يستنبط مدى شراسة هذه الحرب، وبالمقابل مدى التناقض ما بين الدول المتصارعة، حتّى أنّ أعظم المحلّلين الاستراتيجيين لا يستطيعون أن يستنبطوا ويستقرؤوا ما سيحصل بعد يوم، أو يكتشفوا ما الذي تريده أمريكا أو روسيا أو إيران أو سوريا أو إسرائيل أو الخليج العربيّ أو السعودية…
ومن بين كل هذه الدول أضحت الدولة التركيّة عبر قيادة حزب العدالة والتنمية الذي يرأسه رجب طيّب أردوغان تقود هذه الفوضى، عبر تغذية الفصائل المسلّحة الجهاديّة التكفيريّة، من خلال لبوس الرشد والوعظ، فبات أردوغان يمثّل السلام والحرّية والديمقراطيّة، بالمقابل ينفّذ مخطّطه السلجوقيّ العثمانيّ الهيمنيّ في إعادة العثمانيّة بحلّة جديدة، عبر دماء جديدة ووحشيّة متجدّدة.
إنّ المترقّبين لحالة الحداثة التي باتت سمة القرنين السابقين، تأملوا خيراً فيها عبر تحديث ورقي الشكل الذي من المفترض أن يؤثّر على المضمون، لكنّ هذه الحرب قد شوّهت كل شيء جميل.
لقد كانت الأتاتوركيّة مفتاحاً لتغيير خارطة الشرق الأوسط على أساس الدولة القوميّة، إلى أن بات الحل التدميري لهذه الخارطة بيد الأردوغانيّة، وقد كان كلاهما وسيلة بيد الغرب في سبيل تمريق مشاريعهم العالميّة، وهذا دليل على أن الأردوغانيّة والأتاتوركيّة بيد إسرائيل لتغيير طريق الحضارة العالمي، وهذا ما سيوضّحه مقال المفكّر الثوريّ عبد الله أوجلان عبر مقاله؛ “دور حزب العدالة والتنمية في الشرق الأوسط” وحوار بعنوان: في مقاومة عفرين يتمّ التأسيسُ للحلّ الديمقراطي للأزمة السورية، وسنعرض أيضاً في هذا الملف التخبّط العالمي من خلال الحرب على عفرين وجرائم الحرب التركية في عفرين، وعفرين عروسة كردستان، وعفرين في سطور، وعفرين تاريخيّاً واجتماعيّاً، وعفرين والثورات السورية، وكيف أنّها تدفع ثمن الاتفاقيات الدولية، وحكاية أرض وشعب عفرين، ولعنة الزيتون على عفرين، وتقرير شامل لتاريخ الاعتداءات التركية على الشمال السوري وروجآفا، وكيف أنّ تركيا على خطا داعش في استهداف التراث.
وسنستعرض في هذا العدد مؤامرة استنزاف القوة الكردية، وكيف أنّ العثمانية.. إمبراطورية شيدت على جماجم الشعوب، ورحلة الموت التي بدأتها تركيا، ومصر والعلاقات الكردية العربية بين أطماع أردوغان وإيران، والعلاقات العربية الكردية، وملفات أخرى أيضاً ليست بعيدة كثيراً عن هذا الملف مثل؛ الإرهاب وآثاره.. نظرة موضوعية، والعلبة السوداء لتنظيم البغدادي، وآثار منبج تاريخ يروي وحاضر يشهد، وأخيراً سنختتم هذا العدد بمدينة سنجار عبر العصور.