ﭼﻠﻨﮒ عمر
بعد أن تمكّنت قوات سوريا الديمقراطية مدعومة بغطاء جوي ودعم أرضي من مستشارين عسكريين من قوات التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب، من السيطرة على مدينة الطبقة ذات الموقع الإستراتيجي، في إطار حملة (غضب الفرات) التي انطلقت في نوفمبر 2016، وتوجّه هذه القوات لتحرير مدينة الرقة معقل التنظيم الإرهابي (داعش)، تتعزز معها مكانة الكرد السوريين في المعادلة السورية، وتزيد معها إمكانيات تحوّل الفيدرالية التي أعلنوها مع شركائهم من العرب والسريان الآشوريين وباقي المكونات في مناطق روجآفا وشمال سوريا إلى حالة أمر واقع مستندة إلى إمكانيات وموارد اقتصادية كبيرة في رقعة جغرافية تقارب مساحتها 50 ألف كيلو متر مربع، أي ما يعادل ربع مساحة سوريا.
فبعد انقضاء ثلاث سنوات على إعلان حزب الاتحاد الديمقراطي وحلفائه للإدارة الذاتية في ثلاث كانتونات كردية منفصلة جغرافياً شمال وشمال شرقي سوريا، وتقع تحت سيطرة وحدات حماية الشعب، توسّعت مساحة هذه الإدارة لتشمل مناطق سورية أخرى ذات أغلبية عربية جرى انتزاع السيطرة عليها من أيدي تنظيم (داعش)، وترافق ذلك مع انضمام المزيد من القوى والأطراف العربية وغير العربية إلى مشروع مجلس سوريا الديمقراطية (تحالف سياسي يضم ممثلي مختلف المكونات السورية ويعتبر المظلّة السياسية لقوات سوريا الديمقراطية الفيدراليّة)، الذي تمّ الإعلان عنه نهاية 2016 في مدينة رميلان تحت مسمى؛ الفيدرالية الديمقراطية لشمال سوريا، وذلك بعد حذف مصطلح- روجآفا- الذي يعني (كردستان الغربية) من التسمية لتستوعب مساحات جغرافية أوسع خارج المناطق الكردية، ولتضمن مشاركة وقبول بقية مكونات الشمال السوري من غير الكرد، حيث ترتكز هذه الفيدرالية على أساس جغرافي وليس قومي أو عرقي كما أكد القائمون عليها مراراً.
إنّ الجغرافية التي يديرها أصحاب المشروع الفيدرالي في شمال سوريا تعطيهم ميزة التحكم والإشراف على خطوط عبور أنابيب الغاز إلى أوروبا سواء من الخليج جنوباً أو من إيران شرقاً، وهي تضعف كذلك الدور التركي والإيراني ومشاريعهما التوسعية في المنطقة على السواء، فالسعي المحموم لكل من أنقرة وطهران لتشكيل المحور السني، أو الهلال الشيعي، بات يصطدم بحاجز جغرافي غير خاضع لتوجهاتهما الطائفية، إضافة إلى ذلك تشكل البنية الفكرية والتوجه القيمي للمشروع (الفيدرالي الديمقراطي) القائم على أخوّة الشعوب وتشارك المكونات ديمقراطياً والذي يتم بناؤه في شمال سوريا، سداً منيعاً أمام محاولات التغلغل التي يسعى إليها الطرفان الإقليميان الساعيان للهيمنة عبر محاولاتهما إعادة إحياء أمجادهما في السلطنة على حساب الشعوب التواقة للتحرر، ولعل المشروع الفيدرالي هذا ينطوي على مصلحة مشتركة مع كل من روسيا الساعية للاستفراد بسوق الغاز الأوروبية وإيجاد موطئ قدم لها في المياه الدافئة، والولايات المتحدة الأمريكية الراغبة بإعادة هندسة الشرق الأوسط، وهو يصبّ بلا شك في خانة إمكانية حدوث توافقات مع بعض الدول العربية التي درج على تسميتها بـ ”دول الاعتدال“ كمصر والأردن والإمارات العربية المتحدة وغير بعيد عنها المملكة العربية السعودية، وهي الدول التي تقف بالضد من المشروع التركي في دعم تنظيم الإخوان المسلمين والإسلام السياسي عموماً، وترفض السياسات الإيرانية الساعية للتمدد في الفضاء العربي.
إضافة إلى ذلك فإنّ سيطرة قوات سوريا الديمقراطية على الموارد الاقتصادية في الشمال السوري، وفي الوقت الذي توفر فيه فرص النجاح الاقتصادي للاتحاد الفيدرالي في شمال سوريا عبر تأمين الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي لمواطنيها لا بل تحقيق فائض يزيد عن حاجاتها، فإنّ هذه الموارد تضع في يد ممثليهم السياسيين ورقة رابحة تمكنهم من التحكم بالديناميات الاقتصادية المحتملة للحل أو الصراع في سوريا. وعلى الرغم من أن الإمكانيات الاقتصادية وإن كانت تعتبر سنداً قوياً للمطلب الفيدرالي وجني مكاسب سياسية، إلّا أنها وفي الوقت ذاته تفتح الباب أمام تنافس أو حتى صدام مع السلطة المركزية؛ أي حكومة دمشق، سواء أكانت النظام الحالي أو أية سلطة مستقبلية، فعلى مدى عقود ومنذ تأسيس الدولة السورية بقيت مناطق الجزيرة عموماً والمناطق الكردية على وجه الخصوص على هامش خطط التنمية الاقتصادية ومصدراً للمواد الأولية الخام التي تُغذّي المركز الصناعي والتجاري في الداخل السوري. وبالتالي ليس من السهولة بمكان أن تتخلّى حكومة المركز عن موارد اقتصادية وثروات ترى فيها امتيازات لسلطتها ودعامة لتثبيت حكمها، أو أن تقبل التشارك فيها مع حكومة الشمال الفيدرالي المعلنة من جانب الكرد وشركائهم. ومع ذلك؛ يمكن لممثلي فيدرالية الشمال استخدام إمكانياتهم الاقتصادية للوصول إلى توافقات عبر استخدام هذه الموارد كوسيلة للضغط للحصول على مكاسب واعتراف بمطالبهم السياسية من قبل الأطراف السورية الأخرى في أية تسويات محتملة للأزمة السورية. فلطالما كانت إعادة الإعمار وتأهيل البنية التحتية وعودة النازحين للمدن والأرياف المدمرة هدفاً رئيسياً يصبو إليه السكان بعد الحرب.
ففي أراضي فيدرالية الشمال تتركّز مجمل حقول النفط ومكامن الغاز في مقاطعة الجزيرة شمال شرقي سوريا (رميلان، سويدية، قره تشوك، الشدادي والجبسة) والتي تقدر طاقتها الإنتاجية بحسب أرقام إحصائية تعود لما قبل الأزمة السورية؛ أي عام 2010، بحوالي 250 ألف برميل نفط/ يومياً، وهذا يعادل ثلثي إنتاج سوريا من النفط الذي بلغ 385 ألف برميل/ يومياً بحسب نشرة شركة البترول البريطانية، وفيها احتياطي نفطي يعادل 75% من مجمل الاحتياطي النفطي في سوريا والبالغ 2.4 مليار برميل، أما الغاز الطبيعي فيبلغ إنتاج المنطقة 3.8 مليون متر مكعب غاز طبيعي/ يومياً، ويبلغ الاحتياطي الغازي أكثر من 63 مليار متر مكعب أي 26% من مجمل احتياطيّ الغاز في سوريا البالغ 241 مليار متر مكعب.
ومع انتزاع قوات سوريا الديمقراطية السيطرة على أحد أكبر سدود منطقة الشرق الأوسط؛ أي سدّ الفرات، قرب مدينة الطبقة الإستراتيجية من يد التنظيم الإرهابي يكون بذلك أغلب مصادر المياه في الشمال السوري قد وقعت أيضاً في يد هذه القوات، وهو ما يؤمّن متطلبات إقامة زراعة مستدامة في المنطقة بين نهرَي دجلة والفرات والتي تعتبر ”سلة الغذاء“ السورية ويتركز فيها أكثر من ثلثَي إنتاج سوريا من المحاصيل الزراعية الأساسية كالقمح والقطن والشمندر السكري، إذ أن تحرير سدّ الفرات القريب من مدينة الطبقة غربيّ الرقة والمُقام على نهر الفرات والذي يحتجز خلفه بحيرة عظيمة تمتد على طول 80 كم تبلغ سعتها التخزينية 14.1 مليار متر مكعب، يعتبر السدّ الثاني الذي يسيطر عليه التحالف الكردي- العربي في قوات سوريا الديمقراطية من أصل ثلاثة سدود مقامة على نهر الفرات في سوريا، وذلك بعد تحريرها لسدّ تشرين نهاية عام 2015، والذي مهّد إلى انتقال هذه القوات إلى الضفة الغربية لنهر الفرات وتحرير مدينة منبج صيف 2016، ومع تمكّن القوات من تحرير سدّ الحرية ”سدّ البعث“ جنوبي الرقة من سيطرة تنظيم (داعش) باتت السدود الثلاثة المقامة على نهر الفرات في قبضة قوات فيدرالية، لتضاف إلى بقية السدود والموارد المائية للأنهار الثمانية التي تجتاز جغرافية الشمال السوري من نهر دجلة شرقاً وحتى سهل العمق في الغرب.
تعتبر موارد الطاقة والمياه والزراعة التي يستحوذ عليها دعاة الفيدرالية في الشمال السوري مصادر ضرورية لجهة تمويل موازنة حكومة دمشق والتي ستتولّى إعادة الإعمار وتأمين متطلبات السكان وتوفير احتياجاتهم الأساسية، فلو تناولنا سدّ الفرات ومن خلفه البحيرة التي تعتبر الخزّان الرئيس الذي يزوّد جزءاً كبيراً من شمال سوريا وشرقها بالمياه. يمكننا القول بأنّ عودة مدينة حلب العاصمة الاقتصادية لسوريا للعب دورها الصناعي والتجاري يتوقف على هذا السدّ، فمن بحيرة السدّ تمتد أربع أقنية بطول 80 كم تنقل كمية 650 ألف متر مكعب/ يومياً من المياه إلى مدينة حلب تؤمن 96% من استهلاكها (بحسب المؤسسة العامة لمياه الشرب والصرف الصحي في حلب)، كما أنّ السدّ يولّد كميات كبيرة من الطاقة الكهربائية تبلغ 880 ميغا واط/ساعي عبر المحطة الكهرومائية المؤلفة من 8 مجموعات توليد كل منها باستطاعة 110 ميغا واط/ساعي تضاف إلى قدرة التوليد في سدّ تشرين والبالغة 630 ميغا واط/ساعي.
أما النفط والغاز، ففي ضوء خروج جميع الآبار والحقول الواقعة في وسط وشرق سوريا في محافظتي دير الزور وحمص والواقعة تحت سيطرة تنظيم (داعش) عن الخدمة بسبب القصف والعمليات الحربية، تبقى حقول مقاطعة الجزيرة المصدر الوحيد سواء لإنتاج المشتقّات النفطية من مصفاتَي حمص وبانياس غربيّ سوريا أو لتغذية محطات توليد الكهرباء العاملة بالعنفات البخارية (الفيول والغاز) وأكبرها محطة حلب الكهربائية والتي تبلغ قدرتها 1065 ميغا واط/ساعي إضافة لمحطات توليد الكهرباء في المنطقة الوسطى والساحل في الغرب ودمشق.
إنّ القائمين على الفيدرالية الديمقراطية في شمال سوريا يدركون حجم وأهمية الجغرافية الاقتصادية لمناطقهم وموارد الطاقة والمياه والزراعة التي يحوذون عليها، لذلك تراهم يسعَون إلى ترسيخ دعائم اقتصادهم الذاتي بالاعتماد على نموذج اقتصادي تشاركي أو تضامني يتفادى استنساخ النمط الاشتراكي التقليدي في البلدان الشيوعية وذلك لجهة الحفاظ على الملكية الخاصة والحرية الاقتصادية وتشجيع المبادرات الجماعية ضمن إطار التعاونيات أو الكومونات، والسعي إلى إيلاء مسائل العدالة الاجتماعية وحماية البيئة الاهتمام اللازم، دون نفي مناهضتها العلنية للرأسمالية التي يفسرونها على أنها احتكار فائض القيمة ونهب الموارد التي يستحوذ عليها قلة تريد فرض هيمنتها على الاقتصاد الذي يُراد له أن يكون مجتمعياً، هذا التفسير يتجلّى في مسودة العقد الاجتماعي لنظام الفيدرالية الديمقراطية، حيث ورد في المادة /11/ ما يلي: ”تقوم الفيدرالية الديمقراطية لشمال سوريا على مبدأ جعل الأرض والماء والطاقة كوموناً، وتعتمد الصناعة البيئية والاقتصاد المجتمعي أساساً، ولا تسمح بالاستغلال والاحتكار وتشيئ المرأة، وتحقيق الضمان الصحي والاجتماعي لكل الأفراد“.
ممّا لا شك فيه أن هذا النموذج في الاقتصاد التشاركي المستند لفلسفة الأمة الديمقراطية الساعي لإبراز القيم الديمقراطية والمجتمعية والأخلاق والإيكولوجيا في (الاقتصاد المجتمعي)، تعترضه العديد من العقبات، فعلى الرغم من أنّ محاولات إيجاد بديل ديموقراطي لكل من العولمة الرأسمالية واشتراكية الدولة عبر مشروعات اقتصادية تعاونية (كومينالية) قائمة على أساس المجتمعات المحلية كعناصر أساسية للتنظيم الاقتصادي البديل تعيد لمجتمع فيدرالية الشمال حاكميته على موارده الاقتصادية التي تمّ نهبها طوال عقود من قبل سطلة الدولة القومية ”البعثية“ في المركز، بما يسمح بوضع خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة الكفيلة بتلبية احتياجات مكونات المنطقة خصوصاً وسوريا عموماً، حيث الهدف الأساس للنشاط الاقتصادي هو تلبية احتياجات الناس وليس تحقيق الحدّ الأقصى من الأرباح التي كانت تتمّ مراكمتها من قبل متنفذي السلطة وحاشيتها عبر استنزاف الموارد دون أدنى اعتبار لمتطلبات التنمية في الأطراف والمجتمعات المحلية، فالنموذج الاقتصادي لفيدرالية الشمال يُسخّر الأدوات الاقتصادية لخدمة غايات اجتماعية، أهمّها الرفاه والنمو للجميع وحماية البيئة. لكن في المقابل يمكن الحديث عن أنّ العقبة الأساسية التي تواجه اقتصاد فيدرالية الشمال هي افتقارها للإمكانيات المالية الكافية لتوظيف الكوادر الفنية عالية الكفاءة، واستيراد التكنولوجية اللازمة لاستثمار وتطوير مواردها لاسيما في قطاع النفط والغاز، وهذا يستدعي منها البحث عن سبل لتجاوز هذه العقبة، عبر فتح الطريق لعودة الشركات الأجنبية التي كانت تعمل في هذه الحقول والآبار قبل فرض العقوبات الأمريكية والأوروبية على الاقتصاد السوري بعيد اندلاع الأزمة، وإعادة العمل بالعقود التي كانت مبرمة بين الشركات الأجنبية والحكومة السورية بعد الوصول لتسوية وإجراء مقاصة لتحصيل حقوق فوات المنفعة بما يضمن حصص ومصالح مختلف الأطراف وفقاً للوقائع المستجدة على الأرض، آخذين بالحسبان أن الحكومة في دمشق تفتقد هي ذاتها قدرة تشغيل هذه الآبار، كما ويمكن اللجوء إلى توقيع شراكات واتفاقيات نفطية جديدة وفقاً لعقود اقتسام الإنتاج أو عقود الخدمة مع شركات من الدول التي تشارك في التحالف الدولي الداعم لقوات سوريا الديمقراطية.
وكما تمّت الإشارة سابقاً فإنّ الموارد الاقتصادية في الشمال تفتح الباب لحصول توافقات مفترضة بين حكومة فيدرالية الشمال والحكومة في دمشق، وهي توافقات إن تمّت ستكون مبنية على أساس المصالح الاقتصادية المشتركة لمرحلة إعادة الإعمار والتسوية السياسية للأزمة، والتي تزيد من فرص الوصول إليها في ظل توافقات الروس والأمريكيين، وتصبح أكثر إمكانية للتحقق إذا ما أخذنا في الاعتبار الخلاف التاريخي بين سوريا وتركيا في مسالة تقاسم مياه نهري دجلة والفرات والسعي التركي المحموم للتحكم بتدفق مياه النهرين عبر تشييد عشرات السدود عليهما، ما يهدد الأمن المائي ليس في سوريا فحسب بل في العراق (بلد المصبّ) أيضاً. ويُضاف ذلك إلى الموقف التركي من القضية الكردية والتي تعتبر من أكثر الملفّات الشائكة في العلاقات السورية- التركية، فالمسؤولون الأتراك كانوا قد أكدوا مراراً أنّهم يعارضون أي توجّه لفدرلة سوريا، وأنهم سيقفون بالضدّ من أي مشروع أو كيان يحمل الصبغة الكردية في الشمال السوري، وهذا الأمر يفرض على كرد الشمال السوري التوجه نحو الداخل السوري لتصدير مواردهم وتسويقها وتأمين فرص استثمارها وتشغيلها وإعادة صيانتها ووضعها في الخدمة لتعود إلى قدراتها الإنتاجية قبل الأزمة، ففي ظلّ الممانعة التركية للصعود الكردي والحصار الخانق وإغلاق الحدود من الصعوبة بمكان أن تتكرّر تجربة إقليم كردستان العراق من حيث الشراكة التجارية مع تركيا بالنسبة للكرد السوريين، حيث تنظر أنقرة إلى الكرد السوريين على أنّهم امتداد لحزب العمال الكردستاني الذي تحاربه تركيا منذ 33 عاماً، ويطالب بالكونفدرالية في المناطق الكردية جنوب شرقي تركيا (كردستان الشمالية)، وعليه فإنّ خيار التشارك مع حكومة دمشق هو الأرجح طالما ظلّ الصراع بين أنقرة وحزب العمال الكردستاني مستمراً وبقيت عملية السلام بينهما معطلة، ليبقى هناك خيارٌ آخر؛ وهو الانفتاح على إقليم كردستان العراق، وإيجاد نوع من التكامل الاقتصادي بين فيدراليتَي شمال سوريا وشمال العراق، بيد أن إمكانية ذلك تبقى ضئيلة نتيجة الخلافات الكردية البينية والعلاقات الاقتصادية القوية بين كرد العراق وتركيا التي لن ترضى بهكذا انفتاح يمكن أن ترتفع معه الطموحات الكردية في إعلان الاستقلال وانعكاس ذلك على القضية الكردية في داخل تركيا.
خلاصة القول: إنّ الكرد السوريين وشركاءهم في فيدرالية الشمال يحوزون اليوم على موارد وثروات اقتصادية كبيرة ويديرون جغرافية تعتبر مفتاح شكل الشرق الأوسط الجديد والتحالفات الدولية والإقليمية التي يمكن أن تتم فيه، وهذا يمكّنهم من تحقيق أهدافهم السياسية المتمثلة بالنظام الفيدرالي لشمال سوريا، وفي سبيل الوصول لمبتغاهم، يتحتم عليهم إيجاد توافقات سياسية- اقتصادية قائمة على المصالح المتبادلة مع أية حكومة تتولى السطلة في دمشق، وذلك عبر تمويل موازنتها وسد الحاجات التي ستبرز في اليوم التالي لانتهاء الأزمة، في مقابل تسوية تضمن تثبيت دعائم سلطتهم الفيدرالية والحصول على اعتراف دستوري بها، وفي هذا مصلحة مشتركة لكل المكونات السورية التي أنهكتها حروب الآخرين على الأرض السورية.