افتتاحية العدد 17: تغيير من نوع آخر
هيئة التحرير
إذا ما عاد التاريخ الى محطة تأن بجرح الشرق الذي يرفض الالتئام، سينحني امام كل ما تنادي به حماة اكباده -وفق ادعائهم- وراء المنصات الخطابية المكثفة بالشعارات امام شعبه الذي إن فعل لغير وجه صفحات التاريخ الرسمي. بُردةٌ من الحملات السياسية تغطي سماء الشرق الاوسط من الخارج والداخل، وكأنها زوبعة عاصفة محتقنة شارفت على البوح بكل خفاياها.
لا تكتفي السياسيات الخارجية المبرمجة على كافة الاصعدة بالاتفاق الضمني مع الانظمة الاقليمية التي كانت لها حوض النجاة في كل زمن للسعي الى التجزئة والابادة من نوع آخر فحسب، بل تتوجه الان صوب رؤى تبدو ظاهرياَ ديمقراطية موحدة ومسالمة، اما جوهريا ماهي إلا زمجرة دوافع تحكمية سلطوية لا تعرف السكون من غير التربع على قيم المجتمع وتجزئته. كما الحداثة المتوغلة فرضاَ الى اصغر خلايا البدن الشرقي المانع لهذا المرض السام بقيمه الاخلاقية والسياسية والاجتماعية. لا نرسم لوحة من تضارب في السياسيات المتبعة على الاصعدة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لأن البادي يشير الى ماهو اخطر من فعل ابادة عرقية بالرغم من استمرارها في الكثير من البلدان في المنطقة، بل اشارة الى ابادة اجتماعية ثقافية ايضا. فاليوم الاسهم التهديدية الموجهة صوب ايران واسر سوريا بطوق تهديدات دفعتها الى تنازلات مخجلة لاسرائيل واثارة النعرات الطائفية والدينية في مصر، إلا صورة حقيقية عن هذا الواقع.
والانكى من ذلك تركيا بإمرة اسلاموية اردوغان المعتدلة تبحث عن طريق التدخل احيانا بدور المنقذ كما في قضية اسطول الحرية احيانا وباسم الاخوة والاسلام لتدغدع عواطف المجتمع وتدق على وتره الحساس، مثلما تفعله مع سوريا وايران والاردن باسم التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية. لاجديد في هذه السياسة سوى تغير الاقنعة وبقي الوجه الحقيقي كما هو.
لن تتوارى مقاومة شعوب الشرق الاوسط في مناهضة سياسيات الانظمة الخارجية والداخلية بقيمه الاخلاقية والسياسة وبوسائله الدفاعية الخاصة في اي وقت من الاوقات، واليوم مطالبة الشعب الكردي في بناء ادراة ذاتية ديمقراطية تحت ظل نظام كونفدرالي جاء كنموذج اداري ديمقراطي في تعبير المجتمع عن نفسه بارادته الحرة من الناحية السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وبمثابة قدوة لمجتمعات الشرق الاوسط.