أبحاث ودراساتافتتاحية العددعواس عليمانشيتملف العدد 51 بنية الدولة القبلية في الشرق

بنية الدولة القبلية في الشرق

عواس علي

بنية الدولة القبلية في الشرق

عواس خليل
عواس خليل

بالرغم من تطور العالم إلى هذه المرحلة التي تبدو مرحلة عالية من التقنية والمعلوماتية، إلا أنه مازال محافظاً على بعض العادات والتقاليد التي تبدو أنها من العصور الوسطى، ونرى أن هذا التطور من الناحية الإنسانية مازال يمارس الكذب والنفاق ليغطي على تقصيره في المواضيع الإنسانية، وماتزال الفوارق بين فرد وآخر قائمة على أساس العرق أوالطائفة أوالقبيلة أوالدين أوالعائلة.

فإن نظرنا حولنا بهدوء وتؤدة، نجد أن بعضهم يولد غبياً بأفكاره وقدراته في عائلة أو قبيلة نبيلة، فيصبح نبيلاً وعالماً بكل الأمور، بينما يولد آخر نبيلاً بأفكاره وقدراته في عائلة متواضعة فيتحول إلى آلة شحن يشحن الأول منها قدراته وطاقاته، فيبقى الأول نبيلاً والثاني وضيعاً، فيطلقون على الثاني اسم مستشار.

وفيما إذا أراد هذا الشخص أن يتحول من وضيع إلى نبيل فسنجد أنه بحاجة إلى ثورة ضد الطرف الآخر، وفيما لو انتصر سيُطلق عليه اسم المحرّر ولو أخفق فسيقال عنه أنه متآمر أو إرهابي حسب المصطلح الدولي الحديث.

إنها ليست إلا قوانين الطبيعة بداية وصاغها الإنسان حسب طموحاته الفردية والجماعية، ومن المؤسف أن أوربا التي تُعتبر منبع الحريات العامة والإنسانية، نجدها تحافظ إلى اليوم على بعض العائلات على أنها من سلالة نبيلة، وكأننا في معرض للخيول. وإذا كان الشأن في أوربا هو الحفاظ على بعض العائلات، ففي الشرق الأوسط مازال الحفاظ على العشائر، وضمن العشائر تجد بعض العائلات، وضمن العائلة الواحدة تجد الأفراد الطاغين على الدولة، فالعشائرية ههنا فوق الدولة والقانون، وربما بقاء الشرق الأوسط لعقود تحت ظل الاستعمار جعله يتوقف في مراحل تاريخية ويعيش حالة سبات تاريخي صعُبَ عليه تخطّيها، فبينما كان التاريخ يجوب بخطاه الوئيدة العالم الآخر، نجد أوربا مثالاً تعبر التاريخ بكل مراحله الاجتماعية والسياسية والدينية، ونجد الشرق الأوسط يعيش حالة ركود سياسي واجتماعي، وربما كانت أطول مرحلة عاشها الشرق الأوسط هي مرحلة الولوج في المرحلة الدينية التي تُعتبر مرحلة دمج بين المرحلتين العبودية والاقطاعية، فنجد تلك المرحلة مازالت طاغية على الشرق الأوسط، تلك المرحلة التي جمعت بين مرحلة العبودية ومرحلة الإقطاع، فلا نرى حداً فاصلاً بين مرحلتي العبودية والإقطاع، فالوطن العربي الذي ولج مرحلة العبودية قبل الإسلام انتشرت فيه أنواع مختلفة من القوانين التي تقدّس العبودية، كقانون الشغار أو وفاء الدين مقابل العمل لدى المدين كعبد، ومن المؤسف أن بقايا تلك القوانين مازالت سارية حتى يومنا هذا لدى بعض القبائل، حتى في سوريا نجد العبيد لدى بعض شيوخ القبائل، ناهيك عن دول الخليج العربي وبعض الدول الإفريقية.

ومن المؤسف أنّ الطبيعة هي من تحدد إن كان هذا الإنسان نبيلاً أو عبداً أو من عامة الشعب، فالأمير تشارلز لا يتمتع بذكاء أو بجمال شخص وُلد في إفريقيا أو ولد في عائلة مستعبَدة من قبل شيخ قبيلة أوملك أو أمير، ولذا نجد الأمير يعيش كاليعسوب على حساب الشعب.

وإن أمعنّا النظر في ذلك وجدنا أن الطبيعة هي من تتحكم في منح الإنسان قدَره وقيمته بين المجتمع، فذاك وُلد في قبيلة أوعائلة ذات نسب عريق، وهذا وُلد في قبيلة ذات قيمة متدنية على الرغم من أنّ هذا الشخص لديه الإمكانية والقدرة العقلية أكثر من الأول، فيُعامل الأول على أنه وجيه ونبيل بينما يُعامل الثاني على أنه من رعاع القوم، وهذا التناسب مازال العمل به جارياً حتى يومنا هذا في زمنٍ الكلّ ينادي فيه بشعار (قيمة الإنسان تكمن في ما يقدمه للمجتمع)، بينما الحقيقة غير ذلك بتاتاً، إذ نرى أن المجتمع يقدم لبعض الأشخاص خدماته بينما هم لا يقدمون أي شيء للمجتمع سوى التفاخر بالانتساب لتلك العائلة أو القبيلة، وبعضهم يولد فيجد له منصباً في القبيلة، فابن الراعي راعٍ وابن الشيخ أمير وابن العبد عبد، إنها قوانين صاغتها الطبيعة، وهي قوانين متوارثة أباً عن جد صاغتها القوى مرة، ومرة صاغها الثراء الذي يعود إلى ما وهبته الطبيعة لبعضهم.

إن تلك الفروقات التي صاغتها الطبيعة وفق قوانينها الصارمة تحولت إلى قوانين بُنيت عليها أسس بعض الدول، فنجد الدولة يتحكم بها رجل معتوه أو صُرفت عليه مبالغ طائلة ليكون عارفاً بشؤون الدولة، بينما في الطرف الآخر نرى شخصاً لديه الإمكانات والقدرات التي طوّرها بنفسه وأضحى عارفاً بكل شاردة وواردة في القانون والنظم، فيتحول إلى آلة تمنح كل ما لديها من أجل تطوير شخصية الرجل النبيل، ليظهر بمظهر يليق بالمكان الذي مُنح له كونه من عائلة أو قبيلة مرموقة أو نبيلة.

حتى أنّ بعض الشخصيات التي عملت جاهدةً من أجل خرق هذه القوانين عبر ثورات قاموا بها، وجدوا أنفسهم منساقين مع هذه القوانين، فحوّلوا الدولة القبلية إلى دولة محصورة في العائلة، على الرغم من أنهم ظهروا في البداية ثائرين ضدّ هذه القوانين، والأمثلة في الشرق لا تُحصى؛ من  مصر التي حكمها حسني مبارك إلى سوريا التي سُميت باسم عائلة الأسد مروراً بإقليم كردستان الذي تحولت فيه الدولة إلى دولة عائلة البرزاني، فكل من يلد في عائلة البرزاني يولد مشحوناً بالقدرات التي تؤهله أن يكون رئيساً أو قائداً، ولا نذهب بعيداً عن الأحزاب التي ظهرت في الشرق وتحولت إلى أحزاب احتلت مكان القبيلة أو العشيرة، ففي حزب الطالباني وحزب البرزاني انحصرت القيادة بيد تلك العائلة، وحزب خالد بكداش خاصّ بعائلة خالد بكداش، وهذه القوانين والأعراف في الشرق تُعتبر موروثاً ثقافياً يصعب تجاوزه.

إن الباحث في الشرق يجد أنّ القبائل كانت عبارة عن دولة مصغّرة في الشرق ولها قوانينها وأعرافها، فلكلّ قبيلة قانونها الخاص الذي يُلزِم أفراد القبيلة، وتتّسع الدائرة لتضمّ في بوتقتها عدداً من العشائر التي ترضخ للقانون الخاص بالقبيلة، فتسود بذلك قبيلة على كلّ القبائل، فنجد قريش هي سيدة القبائل العربية “قريش كفؤها قريش” فالرجل القريشي سيّد بحد ذاته على باقي القبائل، ولم يكن الأمر ببعيد عن القبائل الإفريقية، وحتى بين اليهود نجد أنّ الأنبياء كلهم من سلالة داوود، وعُرفوا بآل داوود “مجمع الأنبياء”، بيد أن الأمر كان مختلفاً في بلاد فارس التي كانت تخضع للقادة الأقوياء بعيداً عن القبلية والعشائرية، فنرى أن معظم الممالك في بلاد فارس يقودها الفرسان الأقوياء، وقد يظهرون من بين عوائل فقيرة، ولذلك استدام الوضع في بلاد فارس على ذلك المنوال حتى تحولت القيادة إلى أشخاص ضعفاء، كما في البلاد العربية التي أضحت القيادة في القبيلة بيد الشيخ الذي يرثها عن والده، وعادة تكون القيادة بيد الابن الأكبر للشيخ، الذي عادة ما يتم التمرد عليه من قبل أحد الفرسان فيما لو كان الشيخ ضعيفاً وغير قادر على قيادة الغزوات تجاه القبائل الأخرى.

ومن ذلك مثلاً: نجد أن سعدون العواجي في الصحراء العربية يتمرد عليه ابن عمه بعد أن فقد عزمه وتم إبعاد ابنيه (عقاب وحجاب) عنه، فتعود القيادة له بعد عودة ابنيه الفارسين.

والمتمعّن في تاريخ القبائل يجد أن القبيلة ما زالت تحافظ على بنيتها حتى هذا التاريخ، ومازالت تأتمر بإمرة شيخها.

 

ظهور الإسلام بين القبائل العربية

إن ظهور الإسلام بين القبائل العربية التي كان بعضها يدين بالديانة اليهودية أوالمسيحية، جعل القبائل العربية تقف ضدّ هذا الدين كون المبشّر بهذا الدين ليس من علّية القوم، فالكل وقف بوجهه وحاربه، وأول من حارب الدين الجديد هم علّية القوم من قبيلة قريش، التي كانت تُعتبر سيدة القبائل العربية عبر رجالها الأثرياء بتجارتهم، فتعرّض الرسول “ص” للظلم على يد زعماء قريش، ولم يقبل أحد بالدين الذي بشّر به إلا بعد أن تحوّلت قوة الرسول إلى قوى ضاربة خشيَ منها زعماء قريش.

وعبْر الإسلام انتشر نظام الدولة الدينية إلى أصقاع واسعة في بلاد فارس وحتى أجزاء من أوروبا وشرق آسيا، فبدأت بالظهور الدولة ذات النظام الإسلامي، ففي عهد الرسول”ص” ظهرت بوادر الخلافة على السلطة، فكان الكل يتطلع إلى الإمام علي على أنه الأقرب لرسول الله، بيد أن عليّاً كان من فقراء القوم على الرغم من تمتعه بخصوصية القيادة ـ القوة والمعرفة ـ فذهبت الخلافة إلى أبي بكر كونه من أثرياء قريش.

ولا نعرف الحقيقة التي جرت في بيعة السقيفة، فالبعض يردّها إلى عمر بن الخطاب، فالقول إن عمر هو من عيّن أبا بكر خليفة للرسول “ص “، والبعض يردها إلى أمور إلهية، فانقسم المسلمون في لحظتها إلى سنة وشيعة، فبدأ الصراع صراعاً قبلياً بين آل البيت وهم من أقرباء الرسول “ص” وبين المقرّبين للخلفاء بالتتالي، والمتمعن في باطن الصراع يجد أنه صراع قبلي مبطن، ومستمر حتى تاريخ اليوم، فآل البيت مازالوا يتمتعون بالسيادة بين المسلمين، ونجدهم يتميزون عن البقية بعماماتهم السوداء، ولهم ما ليس لبقية المسلمين، وأكثر ما نراه في إيران الشيعية، فالسيادة تنحصر ضمن آل البيت وهم من أقرباء الرسول، ولو بحثنا في التاريخ الإسلامي نجد أن الصراع بين الأمويين والعباسيين هو صراع قبلي على السلطة، ونجد أن أعته الطغاة ظهروا في تلك الحقبة، واستمر الوضع على ماهو عليه حتّى تحول الشرق الأوسط إلى بقعة ووجهة لكل مستعمر وطامح بالحصول على الثروة، وجلّ من هاجم الشرق استغلّ روحانيته؛ من الإسكندر المقدوني و جنكيز خان حتى نابليون والعثمانيين، فروحانية الشرق أضحت معبراً للغزاة والطامعين.

ونجد حتى الثورات التي قامت ضد الغزاة كانت ثورات ذات طابع قبلي، فثورة الشريف حسين كانت ثورة مبطنة بالقبلية، واتضح ذلك من خلال تنصيب أولاده فيصل وغازي على سوريا والعراق.

وربما كانت بعض الدول في الشرق الأوسط تجاوزت مرحلة العشائرية، ويرجع ذلك إلى سبب تركيبتها الاجتماعية المتنوعة كما هو الحال في العراق وسوريا، فسوريا تجاوزت مرحلة العشائرية، كونها ذات مجتمع يتكون من عدد من المكونات المختلفة، كالعرب والكرد والآشوريين والشركس والأرمن، ونجد بعض التحركات العشائرية ظهرت ولكنها أخفقت أمام التنوع الاجتماعي في سوريا، وكانت تطمح تلك العشائر بالنهج الذي سارت عليه القبائل في شبه الجزيرة العربية.

والصراع ما بين آل الرشيد وآل السعود ليس إلا صراعاً قبلياً على السلطة، وأكثر الدويلات التي تشكلت هي عبارة عن دويلات عشائرية، كالبحرين وقطر واليمن والسعودية، والإمارات العربية ليست إلا اتحاداً بين عدة قبائل.

 

بنية الدولة القبلية:

تتكون الدولة القبيلة من قبيلة تسود على القبائل الأخرى على أساس القوة التي تتجمهر تحت ستار كثرة أفراد القبيلة المسيطرة، وكثرة رجالاتها المتميزين بفنون القتال، وأكثر ما نجده بين القبائل العربية البدوية في شبه الجزيرة العربية، وسيطرة آل سعود على شبه الجزيرة العربية وتوحيد نجد والحجاز، وبناء دولة السعودية كان نتيجة تميزهم بفنون القتال والحنكة والذكاء، فهم يُعتبرون أسياداً أمراء شبه الجزيرة العربية، وباعتبار السعودية تحتوي على مركز مهمّ من مراكز المقدسات الإسلامية ـ مكة المكرّمة ـ نجدها ما زالت متمسّكة بالشريعة الإسلامية كنظام للحكم، وتتخذ من الشريعة الإسلامية دستوراً لها، وكون الدويلات المتناثرة على أطراف شبه الجزيرة العربية عبارة عن إمارات، نجد أغلبها تتّخذ من الشريعة الإسلامية دستوراً لها، وأغلبها تُعتبر إمارات كجزء من المملكة السعودية.

ـ سيد القبيلة أو شيخها في الدولة القبلية يتربّع على عرش السلطة من حيث أنّ العرش هو حقّ من حقوقة التي اكتسبها من نسبه النبيل بين القبيلة، أو انتزعه من قبيلة أخرى بالقوة، فأضحى حقاً له، فقانون القبيلة هو السائد فوق كل القوانين، وغالباً ما يكون سيد القبيلة هو المشرّع للقوانين.

ـ سيد القبيلة يملك الأرض التي تُعتبر إقليم الدولة ويملك كل ما عليها وما تحتها وهو حق مكتسب له ولأفراد عائلته، وكل ما يعود على القبائل الأخرى ـ التي تُعتبر هي الشعب ـ عبارة عن هبة أو مكرمة يمنحها سيد القبيلة للآخرين، وغالباً ما يمتاز سيد القبيلة بالكرم والجود.

ـ عائلة سيد القبيلة فوق القانون، وغالباً ما يمتازون بالشرف والاحترام والابتعاد عن كل ما يلوّث سمعة العائلة، غير أن الحال غير ذلك.

ـ أغلب الدول القبلية تتخذ من الدين دستوراً لها كونه يناسب بنيتها القانونية، ويمنح القدسية للعائلة والقبيلة، فقريش كفؤها قريش، ومازال العمل جارياً على ذلك، ففي إيران التي يحكمها الملالي المعتبَرون من آل البيت يتخذون الإسلام دستوراً للدولة، وكما هي عليه فإن الدين الإسلامي يلبّي مطالب العائلة المالكة التي تتخذ لها عبيداً يقومون بخدمة العائلة وأفرادها، فحتى الآن نجد أن بعض العائلات في الجزيرة السورية يمتلكون العبيد ولكن تحوّل اسمهم إلى حرس أو خدم يقومون بالإشراف على خدمة العائلة وأفرادها.

 

وربما يتبادر إلى الذهن:

لماذا استمرت الدولة القبلية حتى الآن بحكمها بهدوء واستقرار؟

على الأغلب أنّ الثراء الذي جادت به الطبيعة هو الذي جعل تلك الدول تستمر بحكمها حتى الآن، فكلّ ما يهمّ الفرد أن يعيش برفاه، وطالما الدولة القبلية تقدم له الرفاهية فهو ليس بحاجة إلى بعض الغطرسة التي تُدعى الديمقراطية، وهو قادر على ممارستها عن طريق الذهاب إليها في أي مكان كانت عليه.

فنجد المملكة العربية السعودية رفعت رواتب الموظفين إلى مئتين بالمئة في فترة الموجة التي اجتاحت الوطن العربي (موجة ما يدعونه بالربيع العربي) ولم تكن تلك الزيادة إلا عربوناً قُدِّم للمواطنين لقاء سكوتهم وعدم التأثر بتلك الموجة، وربما نجد بعض المعارضات في تلك الدول وهي عبارة عن معارضات عشائرية تطمح في السلطة وليس غايتها التغيير أو الثورة بمعناها الفكري والاجتماعي.

ولكن بالرغم من كل ذلك لو أجرينا مقارنة بين هذه الدول وبعض الدول ذات النظام الديمقراطي التي يأتي حكامها بالانتخابات، وسرعان ما يتحولون إلى دكتاتوريات ويتربّعون على عرش السلطة ويحولونها إلى أنظمة شمولية يُتوارث فيها الحكم من الأب إلى الابن، كما هو الحال عليه في سوريا وكان في مصر، فسنجد شيخ القبيلة أكثر نفعاً لشعبه، كما كان عليه الشيخ زايد حتى أنه لقّب بزايد الخير من كثرة ما قدّمه لأبناء قبيلته والقبائل التي أجرى معها اتحاداً فيدرالياً، فلو أجرينا مقارنة بين الشيخ زايد وما قدّمه لشعبه مع بعض الرؤساء الذين جاؤوا إلى السلطة بالانتخابات، فسترى أن هؤلاء الرؤساء سرقوا ونهبوا خيرات شعوبهم، وحوّلوها إلى بنوك خارجية بأسماء أبنائهم وعوائلهم، وكذلك كما هو عليه الحال فإن الشرق الأوسط في دوله كلها ذو بنية قبلية أوطائفية أوعشائرية، و حتى الذين جاؤوا إلى السلطة عن طريق ثورات نضالية أو قومية كما نراه في إقليم كردستان، سرعان ما تحولوا إلى مثيلاتهم من الدول في الشرق، فإقليم كردستان تحول إلى إقليم خاص بعائلتَي البرزاني والطلباني، والرئيس أو الحاكم حصراً من إحدى العائلتين، وكأنّ هاتين العائلتين هما الوحيدتان اللتان قاتلتا وناضلتا من أجل تحرير إقليم كردستان من الظلم والقهر.

ومع ذلك نجد أنّ بعض تلك الدول القبائلية تحولت في أنظمتها باتجاه الأنظمة الملكية البرلمانية كما هو الحال عليه في دولة الكويت، ويبقى هذا العالم مهما تطوّر، فإن تطوره لا يظهر إلّا في المعدّات الحربية ومعدّات التجسس والمراقبة على الإنسان، ويظل يدّعي الإنسانية خلف ستار الديمقراطية، فالقتل من أجل الحرية والاستعمار من أجل الديمقراطية، وربما يأتي يوم ينظر الإنسان إلى تاريخ البشرية في القرن الواحد والعشرين ويقيّم الغباء الوحشي الذي كان يرتكبه الإنسان بحق أخيه الإنسان.

وتبقى الدولة ذات البنية القبلية ربما أكثر أخلاقاً من بعض الدول التي تدّعي الديمقراطية ولا تعرف من الديمقراطية إلا ما يتوافق مع مصلحتها ومصلحة شعوبها على حساب الشعوب الأخرى.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى