افتتاحية العدد 15: الحرب وما بعد…
هيئة التحرير
لا مبررات للأسباب التي تكتنفها الأنظمة المنطقية في استمرارية حرب المصالح والمقنعة بالاتفاقيات والمصالحات الوطنية، مادامت المطالب تفيد عن ذاتها وجوهرها من أقصى الشرق إلى أدناه. فكل ما آلت اليه هذه الارض لم تكن سوى مزيد من سياسة الاضطهاد والقمع والانكار ضد شعوبها من قبل النظام الراسمالي العالمي احيانا وبعض الانظمة المتواطئة معها في أخرى. كل نظام على أهب الاستعداد لمواجهة الاخر والتحكم به كما المشهد الحالي للرباعي التركي، الايراني، السوري والعراقي. قد يكون هناك تغير في نوعية المواجهة الحالية ولا تشبه شكل الصراع التقليدي كما في القرون الغابرة، وذلك نظرا لسياسة الحداثة السرطاني المتوغلة الى الجسد الشرقي محاولة القضاء عليه، ومن اهمها سياسة التمويل الاقتصادي والغزو الثقافي الذي لا يعبر سوى عن ثقافة الاغتصاب المتمثل في النظام السلطوي الذكوري الحاكم. هناك علاقة تكافؤية جدة وطيدة بين القوى الحاكمة، وقد تحاول البعض منها خداع العالم وشعب المنطقة بما تتبعه من سياسة ماكرة ولكن وقعت القبعة وبانت الصلعة.
بمكاننا القول بان تركيا خير مثال على هذه السياسية وخاصة فيما ادعته بتقديم المساعدات الى الشعب الفلسطيني في غزة، لان السياسة التركية الحالية تعتمد على تصفير المشاكل مع دول الجوار وذلك لكسب مساندتهم في توطيد نفوذها في الشرق الاوسط وتكون الاولى في حكمها، ولكن هذا ليس سوى استعراض اردوغاني، إن كان هذا التقرب جادا فلماذا لا يلف الى ما يدور بداخله ويقوى على الحل، لانها من اكثر الدول التي تعاني قضايا داخلية الان وفي مقدمتهم قضية الشعب الكردي وحركته التحررية الوطنية. والانكى من ذلك هو تحوله الى بطل في نظر البعض من الاجندة العربية باستعراضه هذا، فان كان صميميا لماذا العلاقات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية الوطيدة مع اسرائيل؟. الهدف من الغزو الثقافي والاجتماعي والاقتصادي التركي لسوريا ومحور الاتفاقيات مع ايران وبالذات في هذه المرحلة والضغط على امريكا هو لتصفية الحركة التحررية الكردية. بالطبع لا ندعي الشك في رغبة كل انسان شرق اوسطي صاحب وجدان حي وكرامة وعزة بتركه وعربه وفرسه وكرده وجميع الاقليات الاخرى في مساندة كل شعب مضطهد ويطالب بحقوقه الانسانية الحرة، ولكن ينبغي ان لا تكون دماء الشعوب ثمن لهذه السياسة.
مازالت القضايا الحقيقة تاركة لموجة الاحتقان ومخاوف الانظمة تتلبد بين الحين والاخر، فاذا هبت بالنهوض ستتلاشى كل هذه الاتفاقيات المزورة، إلا وهي تصعيد وتيرة النضال التحرري والديمقراطي للشعوب وتمتين العملية الديمقراطية التي تبرز نفسها على الساحة واكثر من اية وقت مضى في تاريخ الشرق الاوسط، لذا فالشرق امام ابواب ثورة ديمقراطية حقيقية. وحرب الابادة العرقية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية التي تلف شعوب المنطقة لم تنجح في مآربها لانه ما من قوة تستطيع أن تسد طريق مقاومة شعب الشرق الاوسط في تحقيق حريته. نضال الشعب الكردي وقضيته الوطنية بقيادة الحركة التحررية الكردية خير مثال لهذه المقاومة التي نشهدها يوميا ضد الهجمات السياسية والعسكرية التركية المتصاعدة في هذه المرحلة. ما تتمخض عن الحرب ليس سوى مزيد من الدماء والدمار والعنف وغرس روح الشوفينية والعنصرية بين الشعوب، قد شهد التاريخ انتصارات لحروب وغزوات عسكرية ولكن لم يشهد على انتصار حروب الانظمة الدموية وغزواتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ضد قيم الشعوب والمجتمعات ولن يشهد بذلك. لذا فان بناء نظام كونفدرالي هو التعبير الاصح لوضع نقطة النهاية لجميع آلام الشعوب ومآسيهم وصد كافة هجمات الحداثة الراسمالية في الشرق الاوسط.