افتتاحية العدد 13: إطلالة السلام
هيئة التحرير
الشرق الأوسط يدق أبواب السلام مجدداً، ومازالت الأنظمة قابعة ولكن بخوف في هذه المرة على عرش مهالك هي نفسها لا تدري إلى أين ستتجه بها المطاف. كما يبدو لا تكتفي بالذهنية التقليدية أو الحداثة العالمية مثلما يفكر الكثيرون فحسب، لعلها أخطر بكثير في عصرنا هذا، لأنها ترمي بكافة القيم التاريخية المكتسبة إلى ما وراء ظهرها، متخيلة بالنجاح والظفر على حساب لحم أكتاف المجتمع، فهي خير عليم من أين تأكل اللحم. التحكم بالسيادة المجتمعية لا تمر عبر مضيقات الذهنية التحكمية والسلطوية التي تنتهك حرمات الشعوب ومصالحها كما تزعم السادة، بل بتحقيق نظام تكون بمثابة مرآة لكافة فئات وأطياف وأجناس المجتمعات وليست لأقلية متصنعة آخذة من القومية الواحدة واللغة الواحدة والعلم الواحد قناعا ودرعا تحمي بهم نفسها من فوهات مطالب الإنسانية, لأن الأنظمة لم تعد صاغرة ولكن تحسبا للخسارة تلتهم كل ما هو يابس وطري.
ماذا كانت النتيجة في الاستمرار بمداعبة الشوفينية والنزعات القومية التعصبية منذ ظهور المجتمع الطبقي وإلى راهننا سوى إضافة أزمات عقيمة وانكسارات أخرى إلى تاريخ الشعوب “وخير مثال على ذلك الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي” لتتكرر أمام ناظرنا هذه المشاهد كل يوم كلما أردنا العبور إلى طرف السلام الذي ما هو إلا حلم كل إنسان أوسطي وعالمي. من يجمع في حقيبته الدبلوماسية تواقيع الاتفاقيات على إنكار وإمحاء الشعوب يكون قد أخطأ في الحساب على مراهنة خاسرة سلفاً. فاليوم الازدحام السياسي والعسكري والدبلوماسي يتجاوز أكثر المراحل في الشرق الأوسط كثافة وجرياناً.
بالرغم من مطالبة الشعوب بالسلام والحرية وفتح سبل الديمقراطية، لكن تبدو الخطوات المتخطية نحو الانفتاح مترددة وهزيلة أو حتى قناع من نوع مغاير للاستمرار بما تخزنها من الذهنية السلطوية التحكمية، مثلما نراه في تركيا اليوم. حيث نادت بأسماء وتعابير عديدة للانفتاح على القضية الكردية ولكن لم تحصل في مضمونها سوى على الاستمرار في سياسة الإنكار والإمحاء، وبالتوازي مع حلفائها في الخارج والداخل. فهنا السؤال الهام من أين تنبع كل هذا الدهاء في استخدام المصطلحات وبدون أية خطوة عملية؟ كوننا نعلم جيداً بأن السلام والحرية من أهم مبادئ شعوب الشرق الأوسط وضحت بالكثير ومازالت تضحي في سبيل تحقيقها. من يستطيع إنكار مقاومة الحجارة والسلام في فلسطين وتضحيات الشعب اللبناني واليوم الشعب الكردي الذي يبدي أسمى آيات البطولة في الحرب والسلام.
لطالما كانت هذه الأرض خصبة لإحياء السلام، ولكن من ينكر بأنها كانت شاهدة على أكبر الحروب والصراعات إلى يومنا الراهن. أكدت حركة التحرر الكردستانية بإرسال مبعوثي السلام إلى تركيا مرة أخرى على عمق هذه الثقافة التاريخية والتي لم تشهد الشرق مثيلها. جسارة لم تشهدها التاريخ القريب وعودة إلى الجذور الثقافية الحية لنبضات شعب الشرق الأوسط. واثبت مرة أخرى بأن السلام تتطلب الجدية والجسارة أكثر من الحرب