روشن مسلم
مقدمة
في الآونة الأخير ظهرت مفردات تتحدث عن الهوية والاندماج والتعايش المشترك، وبدت هذه المفردات جديدة على القارئ وعلى الكثير من المجتمعات. في الحقيقة إن هذه المفردات وما تحملها من فكر ليست جديدة, فهي تعود إلى زمن بعيد وظهرت مع الأحداث التي شهدها العالم من غزوات وحروب وصراعات سياسية واجتماعية، وتطورت كحاجة ملحّة لعلاج ما حدث داخل المجتمعات, وفي ما بعد بدأ البحث عن ثقافة وقيم تعالج صراع البشر بالفكر وليس بالسلاح, فظهرت الحاجة لتفسير معنى الهوية والتنوع ومظاهره وأهمية تحول هذه الأفكار إلى ثقافة مجتمعية تضمن التعايش السلمي بين أبناء الوطن الواحد والجماعات, وفي نفس الوقت تصون حقوق الاختلاف والتفرّد. ومن الضروري أن يعترف الناس بأنهم ليسوا متشابهين، وأن ثقافاتهم ليست واحدة، إلا أنهم يجب أن يدركوا أن هذا الاختلاف والتنوع يمكن أن يكون عاملاً للوحدة والبناء والعيش المشترك، وليس سبباًّ للصراع .
ومن المؤكد أن اختلاف ثقافة عن أخرى هو ظاهرة محسوسة يشهد عليها اختلاف اللغة والمعتقدات والتاريخ والتقاليد، وكذلك أنماط السلوك وطرق التعبير، وعندما نتحدث عن الثقافة فإننا نتحدث عن ثقافات، وليس ثقافة واحدة, ويقتضي منطقياً أن تتسم بقدر كاف من الاستقلال أو الاختلاف. لكن في الوقت نفسه لا شك أن الاختلاف أو التباين ليس على قدر واحد تماماً مثلما أن التجانس ليس على درجة واحدة, فالاختلاف أساسي لوجود الثقافة لكنه يزيد وينقص تبعاً لعوامل كثيرة منها التاريخية والجغرافية.
ودراسة التنوع الثقافي ينبغي أن تنطلق من الوعي بالاختلاف أو التشابه وليس العكس, أي أن لا تكون هناك اتجاهات تسعى للانغلاق و رفض الآخر, و تعتبر أن ثقافتها هي الثقافة الوحيدة التي يجب أن تسود، وهذه خطورة على المجتمعات.
وفي هذا البحث سنتناول دراسة التنوع والهوية ومظاهره وأبعاده بالإضافة إلى أهمية التنوع الثقافي وقيمته الكبرى للبشرية.
أولاً: التنوع الثقافي والهوية:
يمكن تعريف مفهوم التنوع الثقافي بأنه الذي يمكن من خلاله الكشف والتعرف على ما يختلف به مجتمع عن آخر، وما يتميز به هذا المجتمع عن ذاك, فالثقافة تفسّر الاختلاف والتمايز بين المجتمعات وجاءت لكي تكون بديلاً عن مفاهيم التفرقة بسبب اللون والعرق والبيئة الطبيعية, وتقوم بدورها في الفهم والتحول في فكر المجتمعات والتخلص من تلك المفاهيم القديمة التي ثبت قصورها وفشلها. و لا شك أن الثقافة هي أقدر من تلك المفاهيم في تحليل و تفسير الاختلاف والتمايز بين المجتمعات، ذلك باعتبار أن الثقافة تُعرف بأنها طريقة الحياة الشاملة لكل مجتمع، أو أنها تعبّر عن النمط الكلي لحياة شعب ما عبر اللغة والمعتقدات والعادات والفن، ويؤثر هذا الأسلوب في خلق ثقافة الأفراد وتصرفاتهم و سلوكهم الحياتي.
وفي الأنثروبولوجيا الثقافية، يجب فهم الثقافة بشكل أساسي على أنها نظام من المفاهيم والمعتقدات والمواقف وتوجهات القيمة التي تصبح مرئية في سلوك الناس وأفعالهم وكذلك في منتجاتهم الفكرية والمادية. وبعبارة بسيطة: الثقافة هي الطريقة التي يعيش بها الناس وما يفعلونه بأنفسهم وبعالمهم. (مالتزكي 1996: 16)١
– الهوية الثقافية
يمكن أن نسميها الشيفرة التي عن طريقها يمكن للفرد أن يعرف نفسه في علاقته بالجماعة الاجتماعية التي ينتمي إليها، والتي عن طريقها أيضاً يتعرف عليه الآخرون باعتباره منتمياً إلى تلك الجماعة. وهي شِيفرة تتجمع عناصرها العرقية على مدار تاريخ الجماعة (التاريخ) من خلال تراثها الإبداعي (الثقافة)، وطابع حياتها (الواقع الاجتماعي).
وتحدد الهوية الشعور العميق بالوجود الأساسي للإنسان، والشعور العميق الخاص بانتمائه الذي ينتقل بالوراثة، وتظل الهوية محتفظة بوجودها وحيويتها.
ثانياً: مظاهر التنوع وأبعاد الهوية
إنّ قدرة الإنسان على إنتاج الثقافة هي أهم خاصية تميزه عن باقي المخلوقات, فالعادات والتقاليد والأفكار التي يشارك فيها أفراد المجتمع، والتجارب التي يمر بها الإنسان تستقر في أعماقه، ويستخدمها المجتمع جيلاً بعد جيل، ويحرص كل مجتمع متمثلاً في أفراده على الحفاظ على الإرث الثقافي والحضاري الذي يشكل الهوية الثقافية الخاصة بهم، ويميزهم عن المجتمعات الأخرى، وتتشكل تلك الهوية على المستوى الظاهر من مجموعة عوامل منها اللغة والدين والموروثات الثقافية المادية، وعلى المستوى الأعمق نجد أن الهوية لا تتشكل إلا من مجموعة القيم الفكرية والأعراف وطرائق التفكير والسلوكيات المجتمعية.
النتاجات الثقافية لمكان ما مهما اختلفت تنسجم مع قواعد بناء مشتركة تمثّل بنى عقلية متحدة، فالثقافات الإنسانية هي بمنزلة تنوع على موضوع واحد، فكلها متساوية ولها القيمة الثقافية عينها، وبهذا يصبح مفهوم المشاركة في ظل التنوع الثقافي الذي يحدث في المجتمع مدخلاً رئيساً يؤثر بصور مباشرة وغير مباشرة على الهوية المحلية أو الثقافية العامة للمجتمع، وذلك التأثير يمكن أن يحدث التوازن والجودة المطلوبة لتقدم المجتمع و رفعة شأنه وسط بقية المجتمعات، ويحدث ذلك بشرط وجود الانسجام بين الفئات المتنوعة في ثقافتها وهويتها.
وبما أن الإنسان كائن اجتماعي، فإن سلوكه يصدر في أشكال وأنماط منتظمة، فيها شيء من الاستمرار والتتبع, والواقع أن صفة الاستمرار والتتبع في الظواهر الإنسانية تشكل حقائق لا يمكن التغاضي عنها، فلولا ملاحظتها، و دراستها، لما نشأت العلوم الاجتماعية ولما وصلت إلى قواعد عامة أو قوانين تمثل خصائص سلوكية تميز علاقات الناس ومعاملاتهم في حياتهم المشتركة.
اهتم الباحثون بدراسة هذا الاستمرار والتتبع في السلوك الإنساني، و في الحياة الجماعية، واستخدموا لذلك ثلاثة مفاهيم مازالت تفعل فعلها كمتغيرات أساسية وهي: المجتمع والثقافة والشخصية.
فالثقافة لا توجد إلا بوجود المجتمع، وعناصر المجتمع الأولى هي الأفراد، و الفرد كائن اجتماعي، والمجتمع لا يقوم و يبقى إلا بالثقافة، وفيه تتكون شخصية الإنسان و تحمل سماته, وعليه فإن الثقافة طريق خاص ومتميز لحياة الجماعة، ونمط متكامل لحياة أفرادها, إنها تعتمد على وجود المجتمع ومن ثم تمدّه بالأدوات اللازمة لاستمرار الحياة فيه، بدائية كانت أم حديثة.
ويعدّ التنوع والتعدد في الهويات والثقافات والقيم غنى وثراء للجنس البشري على العموم، ودافعاً إلى الإنتاج والإبداع في مختلف المجالات، ولوحظ أنه غالباً ما يطرح سؤال الهوية في المجتمعات التي تتسم عناصرها بالتنوع والاختلاف، أكثر من المجتمعات التي ينتمي أفرادها إلى هوية واحدة, وذلك لا يمنع من أن تشكل الهوية الثقافية خطراً على المجتمع، يحدث هذا عند حصر الهوية الثقافية في نطاق ضيق ومنغلق على ذاته يمنع الفرد من أن يقدّر ويحترم الفرد المختلف عنه.
ثالثاً: أهمية التنوع الثقافي:
بعد التغييرات الجوهرية التي طرأت على الحياة المعاصرة، وحلول عصر العولمة الذي نعيش تفاصيله وتطوراته يوماً بعد يوم، لا بد من الاعتراف بأن هناك آخر مختلف، هناك أبيض وأسود، عادات تقاليد مختلفة تفرض علينا الترحيب بها، بالإضافة إلى التعاون مع الشعوب الأخرى في إطار تبادل العلم والمعرفة، وتبادل طرق التفكير الجديدة والخبرات المختلفة، وفهم وجهات النظر مع بناء جسور الثقة والتفاهم والاحترام بين الثقافات المختلفة، للوصول إلى الرقي والتطور في المجتمعات التي تعزز التسامح، و تقلل من الجهل والتحيّز.
إنّ أهمية التنوع الثقافي تبرز من خلال التفاعل مع أشخاص من ثقافات مختلفة، وفهم قيمهم وعدم فرض قيم أخرى قد تتعارض مع قيمهم، فالتفاهم الثقافي والتقارب بين الأفكار هو الذي يحلّ تعقيدات اختلافات القيم. إن الاستماع لقيم الآخر، وفهم تاريخ هذه القيم، وفهم أسبابها ومناقشتها؛ كل هذا سيقدم مساهمة إيجابية للمجتمع ويجعله أقوى، كما أنها ستعطيه الطاقة والحيوية من أجل البقاء والاستمرار على المدى الطويل.
النماذج التاريخية التي واجهناها أكّدت هذا المعنى, فظهور الفاشية والنازية في أوروبا أدت إلى حرب عالمية كانت من أكبر وأضخم الصراعات تدميراً في التاريخ, وكانت نتيجتها قهر شعوب وقتل ملايين البشر، كما أن ظهور القوى الاستعمارية أدّى إلى إبادة شعوب بالكامل، وحرمان قارات من التطور والنمو.
إن عدم احترام التنوع الثقافي تسبّب في إبادات جماعية في إفريقيا وآسيا وقبلهما في أمريكا الشمالية وأستراليا، والعكس صحيح, فعندما امتزجت حضارات معينة وتعاونت وتفهّمت طبيعة التطور التاريخي دون صدام مسلح؛ عاش الجميع في سلام وتطور العالم بشكل كبير.
وفي هذا السياق فإن أي أيديولوجية تريد أن تلغي الآخر هي معتقد يحمل كراهية الآخرين، ولهذا كان النقيض أن يعيش الجميع متعاونين وأن يقبل الجميع الاختلاف ويصبح الحب والسلام والبناء والتعاون بين الناس بديلاً عن الكراهية، مما يقلل من الصراعات والتوترات الاجتماعية والسياسية، حيث يشعر الأفراد بالانتماء والاحترام في بيئة تقبل الاختلافات والتعايش في أمان.
باختصار يمكن القول إن التنوع يعد سياقاً حيوياً لتعزيز الفهم المتبادل والتعاون والسلام في العالم المعاصر، وهو ضروري لمكافحة التطرف السياسي والديني.
رابعاً: القيمة الكبرى للتنوع الثقافي:
باعتبار أنّ التنوع الثقافي سمة إنسانية عميقة الوجود في حياة البشرية، وثراء ثقافي لكل البشر، ومصدر للتبادل والتجديد والإبداع بين مكونات المجتمع، ودعامة قوية لبناء ثقافة السلام واستراتيجيات التنمية في المجتمعات الحديثة، مما يعني أن تنوع الثقافات والتقاليد والعادات يشكل جزءاً أساسياً من تجربة البشرية ككل في كل زمان و مكان, لأنه يسهم في غنى الحياة الإنسانية وتعزيز التفاعل الثقافي والاحترام المتبادل بين الشعوب والثقافات, وبالتالي يجب على الناس أن يحترموا ويقدّروا هذا التنوع ويسعوا على المحافظة عليه وتعزيزه بدلاً من القضاء عليه, فبروز حركات فكرية وسياسية في العقود الخمسة الأخيرة التي كانت تقودها مجموعات مختلفة وشعوب أصلية، أقليات وطنية، دول وأمم ثقافية، مهاجرون جدد، حركات نسوية، أنصار للبيئة, كلها عبرت عن ممارسات طرق وأنماط حياة مختلفة نسبياً عن الثقافة السائدة في العديد من المجتمعات التي يمكن أن ننطلق منها نحو التعددية الثقافية التي لا يمكن فصلها عن الإطار الديمقراطي تمهيداً للتبادل الثقافي وازدهار القدرات الإبداعية التي تغذي الحياة السياسية في أي مجتمع.
وعليه فإنّ التنوع الثقافي هو إرث الإنسانية المشترك ومصدر للتبادل والإبداع، وينبغي الاعتراف به وإحسان التعامل معه كنظام متكامل تتميز به كل ثقافة بعينها لصالح الأجيال الحاضرة والمستقبلية, فمِن شأن التنوع الثقافي رغم التحديات المُحدِقة به أن يوفّر مجالاً أوسع للحوار المتكافئ بين الثقافات، وإزالة الحواجز لاسيما في الألفية الثالثة، بفضل ما أتاحته تكنولوجيا وسائل الاتصال لشعوب العالم من الانفتاح، وتحقيق مساحة أكبر للتقارب وقبول الآخر على أسس أخلاقية.
خامساً: من التنوع الثقافي إلى التعددية الثقافية
يجب أن لا نخلط بين التعددية الثقافية ومجرد الاعتراف بوجود مجتمع متعدد الثقافات, فلقد وُجدت دائماً مجتمعات متعددة الثقافات, ويمكن من وجهة نظر ما أن نؤكد عملياً أن كل الدول والأمم سواء اعترفت بذلك أم لم تعترف فهي مجتمعات ذات تعدد ثقافي بفعل تنوع المجموعات والسكن المكونين لها.
ووفقاً لـ ( مينتزل) فإن مفهوم التعدد الثقافي يشير إلى حقيقة اجتماعية وأي شيء يعتمد على الحقائق التجريبية، وهي حقيقة أن هناك عدة ثقافات تتعايش داخل مجتمع محلي أو مجتمع منظم دولياً، سواء بسلام أو في نزاع، سواء كان ذلك بجانب بعضها البعض أو بتكامل. يشير التعدد الثقافي بالتالي إلى خاصية اجتماعية وثقافية للمجتمع وتنوعه الثقافي المتعدد، أياً كانت أسباب هذا التعدد الثقافي.
لقد بدأ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عام ١٩٤٨ حقبة جديدة نأت بنفسها من حيث المبدأ عن أفكار ما قبل عام ١٩٤٥ المتعلقة بالتفوق والدونية من النواحي العرقية والقومية، التي جسدها وارتبط بها كفاح الشعوب الأصلية والأقليات الوطنية ضمن كفاح واسع النطاق من أجل تحقيق المساواة بين البشر عقب نهاية الحرب العالمية الثانية، ويؤكد مفهوم التعددية الثقافية على أهمية فهم واحترام وتقدير الثقافات والتقاليد والمعتقدات المختلفة, علاوة على ذلك تعزيز فكرة أن المجموعات الثقافية المختلفة يجب أن تتعايش بانسجام داخل المجتمع دون صراع أو انصهار، وتعد التعددية من أهم ملامح المجتمعات الحديثة، وربما تعد مفتاحاً لتقدم العلم والمجتمع والتنمية الاقتصادية, حيث أن السلطة واتخاذ القرار في مجتمع أحادي الثقافة تكون محصورة بيد قلة من الناس، وتكون ثمار الملكية فيها محتكرة من طرف الأفراد الذين يمثلون الثقافة الأكثر انتشاراً. أما التعددية الثقافية فتضمن المشاركة الواسعة والشعور القوي بالانتماء عند جميع أعضاء المجتمع, لهذا تكون التعددية الثقافية مهمة في مجالات متعددة مثل الشركات والجمعيات السياسية أو الاقتصادية والمجتمع العلمي.
سادساً: الحقوق الثقافية:
يؤدي التنوع الثقافي إلى سلسلة من الأسئلة الهامة التي يحتمل أن تكون مثيرة وسبباً للانقسام, حيث تزداد حدة الصراع بين الأقليات والأغلبية في كثير من القضايا مثل الحقوق اللغوية والاستقلالية الإقليمية والتمثيل السياسي، و مناهج التعليم والمطالبات المتعلقة بالأراضي سياسة الهجرة والتجنيس، وحتى على الرموز الوطنية، مثل اختيار النشيد الوطني أو العطل الرسمية.
إنّ إيجاد الإجابات المجدية أخلاقياً وذات الجدوى السياسية لهذه القضايا، يُعتبر هو التحدي الأكبر الذي تواجهه الديمقراطيات اليوم, ففي أوروبا الشرقية والعالم الثالث، تقوّض الصراعات القومية العنيفة محاولات إنشاء مؤسسات ديمقراطية حرة, وفي الغرب تعتبر النزاعات المتقلبة بشأن حقوق المهاجرين والشعوب الأصلية، والأقليات الثقافية الأخرى، مثيرة للكثير من الافتراضات التي تحكمها الحياة السياسية على مدى عقود, فمنذ نهاية الحرب الباردة أصبحت الصراعات العرقية الثقافية هي المصدر الأكثر شيوعاً للعنف السياسي في العالم. وقد اعتبر المهتمون بهذه القضايا أن الحقوق الثقافية والحفاظ على التراث الثقافي للشعوب والمجتمعات، وضمان وصول الأفراد إلى مواردهم الثقافية بحرية؛ جزءاً مهماً من مبادئ حقوق الإنسان التي تحمي حق الفرد أو المجموعة في حرية التعبير والمشاركة الثقافية، وحق التعليم والوصول إلى المؤسسات الثقافية، حيث تساهم الحقوق الثقافية في التنمية الشخصية للأفراد ورفاهيتهم, والتي بدورها تساهم في الاحترام المتبادل والحوار المنفتح بين الثقافات.
الخاتمة:
وفي النهاية وبشكل عام، فإنّ ذلك يؤكد على أهمية التنوع الثقافي والحاجة إلى التفكير وتحليل الاختلافات الثقافية والوعي بالتنوع, كأسلوب حياة شاملة من التاريخ والتراث الثقافي والواقع الاجتماعي والحفاظ على الهوية داخل المجموعة و ضرورة الانسجام بين الفئات المختلفة, من أجل تقدم ومكانة المجتمع مقارنة بالمجتمعات الأخرى, بالإضافة إلى تعزيز الإبداع والابتكار في مختلف المجالات. لقد تأكد أن عدم الاعتراف بالتنوع الثقافي يسبّب نتائج مدمّرة للمجتمعات، فالتنوع يعزز الاحترام والتعاون والسلام، ويوفر مساحة للحوار العادل بين الثقافات وخلق فرص أكبر للتقارب وقبول الآخر على أسس أخلاقية, لذلك فإن حماية الحقوق الثقافية ضرورة لأي مجتمعٍ يبحث عن العدل، مجتمعٍ يرى في الحوار والتفاهم بين مكوناته طريقاً للتقدم في إطار الاحترام المتبادل لثقافة وتراث من يعيش فيه، و تعتبر هذه المبادئ والقيم ركناً أساسياً من أركان مبادئ حقوق الإنسان.
المراجع:
1- Astrid Erll / Marion Gymnich, Interkulturelle Kompetenzen, S.20 (2007)
2- Astrid Erll / Marion Gymnich, Interkulturelle Kompetenzen, S.33 (2007)