افتتاحية العدد 32: الأزمة ما بين الحرب والسلام
هيئة التحرير
في خضم أجواء الأزمة البنيوية التي يعاني منها منطقة الشرق الأوسط، يعلو صوت قرع طبول الحرب على السلام ومناخ الفوضى على النظام، ولكن هذه المرة على ما يبدو بأن التوجه نحو بر السلام يشبه أخذ الكحل من العين. ان الحروب والصراعات والنزعات التي اهلكت مساعي الشعوب في البحث عن السلام، أوصلت إلى حد تكرار موجز ولكن يوميا لما عاشته تاريخ الشرق الأوسط من أكبر الحروب والغزوات “الملك سارغون وهولاكو والغزوات الصليبية والحربيين الكونيتين وصولاً إلى داعش التي تعتبر لبة هذه الذهنية ونتيجتها” والذي يمكننا وصفها وبدون مبالغة بحرب لا أخلاقية وذلك لابتعادها عن كافة المقاييس والمبادئ التي كانت تتقيد بها الأطراف المتحاربة قديماً. وقد كانت المدينة الصغيرة بجغرافيتها والكبيرة بمقاومتها “كوباني” المشهد الحي لمدى شراسة هذه الحرب التي لم يشهدها حتى العصر الجاهلي.
يشتد الوتر ما بين الحرب والسلام الذي فقد الكثيرون آمالهم في استتبابه، ولكن السلام الحقيقي يمر بحرب الحرية على عكس ما تفرضه نظام الحداثة الرأسمالية في الشرق الأوسط الذي يهدف إلى الاحتلال والمزيد من هدر الدماء تحت يافطة الدين هذه المرة، لإدراكها العميق بمدى رفع المستوى العقائدي والتعددي الغني لشعوبنا بأديانه وطوائفه التي تعبر كل واحدة منها عن جزء من حقيقة وجودنا كمجتمع مهد للإنسانية الولادة الأولى. السلام الحقيقي يمر من حرب حقيقية ضد كافة أنواع الظلم والجور والوحشية التي ترتكبها قوى الحداثة الرأسمالية بتواطؤ مع القوى الإقليمية التي تحتضر على عرش السلطة الدولتية.
السلام أصعب من الحرب ولا يمكن لأية قوى تحقيقه سوى قوة الشعب المطالب بالديمقراطية، لأن قوى السلطة لا تتناسب والسلام المجتمعي وما نعيشه اليوم تثبت هذه الحقيقة. السلام بحاجة إلى وعي ديمقراطي حر نابع من صميم المجتمع القادر على التعبير عن ارادته بحرية ويمتلك كافة المقومات التي تؤهله في الدفاع عن نفسه حتى يستطيع تحقيق سلام دائمي بحيث لن تتمكن أية قوة من القضاء على ديناميكياته أو فرض الاستسلام عليه باسم السلام. وبالطبع بعد كل حرب حقيقية سلام حقيقي. والشعب الكردي من أكثر الشعوب الذي يقود عملية السلام عبر التصدي لقوى الارهاب مثلما يحدث في روج آفا وكذلك تصديه لممارسات الدولة التركية في باكور كردستان وتركيا من خلال الاعلان عن ذاتيته.