العقد الاجتماعي السوري؛ دستور سوريا التوافقي ومبادئه الأساسية
سيهانوك ديبو
العقد الاجتماعي السوري؛ دستور سوريا التوافقي ومبادئه الأساسية
سيهانوك ديبو
لمحة عامة عن تاريخ سوريا ودساتيرها
انتهت الحرب العالمية الأولى رسمياً في 11 نوفمبر تشرين الثاني 1918. لتنهي الحكم العثماني في عموم المنطقة كما سوريا، وتبدأ مرحلة جديدة من الاستعمار. عهدت بريطانيا للواء علي رضا باشا الركابي من قادة الجيش التركي حتى العام 1914 ومن أبناء دمشق بأن يكون حاكماً عسكرياً للمدن الداخلية دمشق وحلب. فكان أول رئيس للوزراء وبقيت وزارته في الحكم حتى أول آذار مارس 1920 ليتم تسليمها إلى الأمير فيصل بن الحسين، بين أيلول 1918 وحتى تموز 1920، حيث أعلن الأمير نفسه ملكاً على سوريا، وأسس من خلال المؤتمر السوري العام الذي وضع دستوراً فيدرالياً للمملكة السورية. لكن وبموجب الاتفاقات التي وقعها الحلفاء تم الغاء المملكة السورية التي لم تحظَ بكسب الاعتراف. وتم وضع مخططات وخرائط جديدة تتقاسمها فرنسا وبريطانيا، فوضعت سوريا تحت حكم الانتداب الفرنسي الذي قرر وقتها تشكيل عدة دول تحت دواعي الخصوصيات القومية والدينية والمناطقية. دولة لبنان ودولة الدروز ودولة العلويين ودولة دمشق ودولة حلب ومنطقة اسكندرون ذات الحكم الذاتي. علما بأن تعداد سكان سوريا في ذلك الوقت كان بحدود 1.200.000 نسمة. وكان ذلك في نهاية 1920.
ولضمّ حوض الفرات والجزيرة/ شرقي الفرات – كمنطقة خارج الخريطة الجديدة وقتها – إلى منطقة الانتداب المتفق عليها مع البريطانيين، شكل الجنرال غورو قوة من الكرد (الاتفاقية موقعة في 31 من شهر كانون الأوّل عام 1920) من تبقى من الألوية الحميدية التي كانت تحت إمرة المليين وفخذ من عشيرة العنزة (بزعامة شيخها مجحم) وسرية من السريان، واستطاعت هذه القوة المشتركة ضمّ حوض الفرات الى منطقة الانتداب التابعة لدولة حلب. وفي الوقت نفسه دخلت فرنسا في مفاوضات مع تركيا، وتنازلت لها عن بعض المناطق (كليس وعنتاب وأورفا) لقاء التوصل الى اتفاقية وقف إطلاق النار في 11 أذار عام 1921. توصل الطرفان الى اتفاقية رسم الحدود في 20 اكتوبر 1921، وهذه كانت الاتفاقية الأولى للحدود، بين سوريا الفرنسية وتركيا. بعد مغادرة غورو واستلام مكسيم فيغان المفوضية السامية، تم في عام 1922 تشكيل فيدرالية الدول السورية من دول حلب ودمشق وجبال العلويين، بخلاف كبير بخصوص تحديد العاصمة الاتحادية، وأخيراً تم الاتفاق أن يكون بالتناوب بين حلب ودمشق. وفي 5 ديسمبر 1924 تم إلغاء الاتحاد السوري وإنشاء (الدولة السورية) من دولتي حلب ودمشق، اعتباراً من اليوم الأول من عام 1925. وبذلك تحولت عائدية إقليم دولة حلب سابقاً إلى الدولة السورية، بينما بقت دولة العلويين ودولة الدروز وسنجق إسكندرون خارج إقليم هذه الدولة.
كان الكرد يطالبون منذ 1924 بإنشاء دولة كردية على غرار ما تشكل في المناطق السورية الأخرى. لكن تركيا كانت تضغط على الفرنسيين لمنعهم من إعطاء أيّة حقوق قومية لهم، مثيرة مشاكل بغية التعديل المستمر للحدود. ويذكر هنا بأنّ تركيا لم تتقيد بوقف إطلاق النار رغم توقيعها اتفاقية الصداقة وحسن الجوار التي وقعت في 22 حزيران 1926. كما يذكر بأنّ منطقة منقار البطة كما كانت تطلق عليها في الوثائق الفرنسية (كامل شرقي الفرات حتى ديريك) تدار من قبل المكونات الكردية السريانية والعربية حتى اتفاقية الحدود الموقعة في 1929.
واستمرت عمليات تحديد الحدود السورية التركية حتى 1933. وفي عام 1937 تم التحالف بين الكرد والسريان، وبعض الزعامات العربية، وتمّت المطالبة بحكم ذاتيٍّ ومن ثم بدولة أسوة ببقية المناطق الخاضعة للانتداب. وعندما مانعت السلطات المركزية، قابل ذلك عصياناً أدى إلى إخماده عن طريق استخدام الطيران الحربي الفرنسي على عامودا عام 1937.
توالت الاحداث المناهضة للانتداب الفرنسي. وأثناء الحرب العالمية الثانية كانت سوريا ضمن منطقة نفوذ الحلفاء. في 1943 تم تنظيم انتخابات أسفرت عن تولي شكري القوتلي رئيساً. وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية اندلعت انتفاضة الاستقلال التي أفضت إلى نيل سوريا استقلالها الكامل في 1946 هذه الانتفاضة التي تضافرت فيها جهود كافة المكونات السورية. لتدخل سوريا من بعدها في سلسلة من الانقلابات بدأت من 1949 إلى 1970.
دساتير سوريا
*في 19 يونيو 1919 عقد المؤتمر السوري العام أول جلسة له وانتخب محمد فوزي باشا العظم رئيساً له وبعد اعتكافه أصبح هاشم الأتاسي رئيساً للمؤتمر، وفي 8 مارس 1920 أعلن المؤتمر دون التنسيق مع الحلفاء “استقلال سوريا” وقيام المملكة السورية العربية وعيّن فيصل الأول ملكاً عليها، غير أنّ هذا الكيان لم يحظ بأي اعتراف دولي، رغم ذلك فقد شكل المؤتمر لجنة خاصة برئاسة هاشم الأتاسي مهمتها صياغة دستور المملكة، وجاء الدستور باثني عشر فصلاً و147 مادة، ومن أهم ما جاء فيه أن سوريا “ملكية مدنية نيابيّة، عاصمتها دمشق ودين ملكها الإسلام”. كما نصّ الدستور أيضاً على أن البلاد تدار على القاعدة اللامركزيّة وأن لكل مقاطعة مجلسها النيابي وحكومتها الخاصة وحاكمها المعيّن من قبل الملك ولا يتدخل أحد بإداراتها وشؤونها الداخليّة إلا في الأمور العامة التي هي من اختصاص الحكومة المركزية.
* أعلن في 28 يوليو 1922 “القانون الأساسي للاتحاد السوري” بمثابة الدستور الاتحادي لمقاطعات/ دول دمشق وحلب والعلويين كما نصّ القانون على استحداث “المجلس الاتحادي” ليكون السلطة التشريعية العليا في البلاد، وهو مكون وفق القانون من 15 عضواً، خمس عن كل مقاطعة من المقاطعات الثلاث وله صلاحية انتخاب رئيس الاتحاد ولمدة عام واحد ولا يجوز لرئيس الاتحاد اتخاذ أي قرار دون مصادقة المجلس، وإليه ترفع اقتراحات الحكومات المحلية الفيدرالية الثلاث ليتم تدقيقها وإقرارها، كما أنّ للمجلس الاتحادي الحق في وضع بعض القوانين كالعقوبات والأحوال الشخصيّة واعتماد الموازنة العامة للدولة.
* في 14 فبراير 1928 كلّفَ الشيخ تاج الدين الحسني رئاسة الدولة داعياً لانتخابات جمعية تأسيسيّة جرت لاحقاً في أبريل 1928 وعقدت الجمعية التأسيسيّة أول اجتماع لها في 9 مايو 1928 في دار الحكومة، وانتخبت هاشم الأتاسي رئيساً لها بالإجماع وفوزي الغزي وفتح الله آسيون نائبين للرئيس، خاضت الانتخابات قائمتان أساسيتان هما قائمة الوطنيين الأحرار وقائمة المعتدلين الموالين للانتداب، وتكوّنت من 68 عضواً منتخباً يمثلون دولتي دمشق وحلب دون دولتي الدروز والعلويين، وانتخبت الجمعية لجنة وضع الدستور في 9 يونيو برئاسة إبراهيم هنانو وعقدت اللجنة خمسة عشر جلسة أتمّ خلالها وضع الدستور في 11 أغسطس حين تمّ التصويت عليه وإقراره في الجمعيّة. أكد ذلك الدستور الفصل بين السلطات، واعتبر بأن سوريا “جمهورية نيابية عاصمتها دمشق ودين رئيسها الإسلام”، وأن “البلاد السوريّة المنفصلة عن الدولة العثمانية هي وحدة سياسيّة لا تتجزأ.
* في عام 1939 استقال الأتاسي وعطّل العمل بالدستور نتيجة الحرب العالمية الثانية حتى 1941 حين أعيد العمل بالدستور غير أنّه لم تجر انتخابات، وعيّن تاج الدين الحسني رئيساً للجمهورية، وقد جرت الانتخابات عام 1943 وأفضت إلى فوز الكتلة الوطنية، ووصول شكري القوتلي إلى الرئاسة، وفي عام 1947 عدّل الدستور، وعدل مرّة ثانية عام 1948 للسماح بانتخاب القوتلي لولاية ثانية مباشرة بعد ولايته الأولى، وفي 30 مارس 1949 انقلب حسني الزعيم على شكري القوتلي وعلّق العمل بالدستور، وسرعان ما انقلب عليه سامي الحناوي في أغسطس 1949 ونظمت انتخابات جمعية تأسيسيّة لوضع دستور جديد للبلاد.
* دستور 1950
تم تشكيل لجنة صياغة الدستور المعروف بدستور 1950 في 28 ديسمبر 1949 وأنهت عملها في 15 أبريل 1950 وأقرت رسمياً في 5 سبتمبر من العام نفسه، وبدأت الجمعية مناقشة المسودة في الدورة الصيفية في 22 يوليو. كانت المسودة تتألف من 177 مادة، خلال المناقشات طويت 11 مادة (لم يتسّنَ لنا حتى اللحظة معرفتها علماً هناك تأكيدات بأنها متعلقة باللامركزية والحكومات المحلية) وخرج الدستور بصيغته النهائية مؤلفاً من 166 مادة. ناصاً على دين رئيس الدولة بالإسلام وباللغة العربية الرسمية للبلاد أي أنها أخلت من خلال ذلك ومقاربات أخرى بمبدأ المواطنة والسعي لتكريس مركزية ثقافوية ولغوية. بالرغم من أنه جاء محافظاً بشكل ظاهري على طبيعة الحكم البرلمانية وتحديد صلاحيات رئيس الجمهورية وسحب حق نقض القوانين والمراسيم منه بإمهاله عشرة أيام فقط للتوقيع عليها. غير أنه حافظ على اختصاصه بالتصديق على المعاهدات الدولية وتعيين البعثات الدبلوماسية في الخارج وقبول البعثات الأجنبية ومنح العفو الخاص وتمثيل الدولة ودعوة مجلس الوزراء للانعقاد برئاسته وتوجيه الخطابات للسوريين.
كما أن الدستور زاد حينها من صلاحيات البرلمان من خلال تمكينه من منع التنازل عن صلاحياته التشريعية للحكومة ولو مؤقتاً كما أوجب على الحكومة الاستقالة في بداية كل فصل تشريعي، كما عزز من سلطة القضاء باستحداث المحكمة الدستورية العليا. أما مواد الحقوق العامة في دستور 1950 فقد تم توسيعها وصونها حتى بلغت 28 مادة تختصّ وحدها بالحقوق والحريات. تم تعطيل الدستور في وقت أديب الشيشكلي أولاً والمرة الثانية ما بين 1958 و1961 خلال الفترة التي كانت فيها سوريا جزءاً من الجمهورية العربية المتحدة، إذ استبدل بدستور مؤقت وضعه رئيس الجمهورية المتحدة جمال عبد الناصر، وبعد الانفصال عن الجمهورية أعيد العمل بالدستور المذكور بعد إجراء تعديلات ملفتة للنظر، طالت تغيير الاسم الرسمي للجمهورية من الجمهورية السورية إلى الجمهورية العربية السورية، بعد اخضاعه لاستفتاء شكلي واعتماده حتى 1963 حين انقلب حزب البعث على النظام الدستوري القائم.
* كانت أولى قرارات (مجلس قيادة الثورة) برئاسة لؤي الأتاسي تعطيل العمل بالدستور واعتقال رئيس الجمهورية ناظم القدسي ورئيس الوزراء خالد العظم وفرض حالة الطوارئ التي استمرت 48 عاماً ليتم (رفعها رسمياً) في أبريل 2011. أصدر المجلس عام 1964 دستوراً مؤقتاً للبلاد، ثم عاد وأصدر دستوراً آخر في 1 مايو 1969، وأما آخر دستور مؤقت أصدره بعد وصول الرئيس حافظ الأسد إلى السلطة في 9 ديسمبر 1971 واستمرّ معمولاً به حتى 1973. فيما بعد تتشكل لجنة برئاسة محمد فاضل لصياغة “دستور دائم للبلاد” أقرّ (باستفتاء) يوم 12 مارس وأصدره رئيس الجمهورية في 13 مارس بمرسوم جمهوري، وفرض من خلاله فكر حزب البعث على الدولة. صدرت عدة قوانين في وقت سلطة البعث أنهت الحياة السياسية؛ منها: -قانون الطوارئ لعام 1963: الذي يحظر التظاهر ويتيح الاعتقال والتنصت رغم أنها كانت مقرة في الدستور 1950 ضمن الحقوق الدستورية.
- قانون حماية الثورة: صدر بالمرسوم التشريعي رقم 6 لعام 1965.
- قانون المحاكمات العسكرية رقم 109 لعام 1968: شرّع تقديم المدنيين للمحاكمات العسكرية.
- قانون إحداث محاكم أمن الدولة الذي صدر بالمرسوم التشريعي رقم 47 لعام 1968.
- قانون إعدام كل منتسب أو ينتسب للإخوان المسلمين رقم 49 لعام 1980: على خلفية أحداث الثمانينات.
*دستور 2012
في 15 أكتوبر 2011 أصدر الرئيس بشار الأسد المرسوم الجمهوري رقم 33 القاضي بتأليف لجنة إعادة كتابة الدستور برئاسة مظهر العنبري واضع دستور 1973 ذاته، ومكونة من 29 عضواً، مقتصراً على ممثلين عن أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية ومستقلين وخبراء حقوقيين، وحدد عمل اللجنة بأربعة أشهر.
في 15 فبراير 2012 سلّمت اللجنة المسودة إلى الأسد الذي أصدر مرسوماً بدعوة الهيئات الناخبة للاستفتاء عليها في 26 فبراير. وبحسب وزارة الداخلية السوريّة بأن 57% من الناخبين شاركوا في الاستفتاء وأنّ 89.4% أيدّوه، وفي اليوم التالي أي 27 فبراير صدر المرسوم 94 القاضي باعتماد الدستور الجديد الذي جاء محافظاً على أغلب بنود ومواد الدستور السابق.
*العقد الاجتماعي للإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال وشرق سوريا
بتاريخ 28 نيسان 2013 تدعو حركة المجتمع الديمقراطي TEV DEM لاجتماع حضره 48 أكاديمي من مناطق روج آفا وشمال سوريا. هدف الاجتماع إلى وضع عقد اجتماعي للإدارة الذاتية الديمقراطية. تشكلت وقتها ثلاث لجان: لجنة صياغة العقد الاجتماعي، لجنة المتابعة، ولجنة الإعلام. أنهت لجنة الصياغة من كتابة العقد الاجتماعي بتاريخ 24 تموز 2013 بعد عقدها 31 اجتماعاً بمعدل خمس ساعات لكل اجتماع.
عقد سوريا الاجتماعي في دستورها الديمقراطي
مجموع الأزمات التي نعيشها تؤكد بأنه يجب أن يهدف الدستور السوري إلى:
تحقق التعايش السلمي والودي مع الشعوب الأخرى، دعم مؤسسات المجتمع المدني وتفعيلها، بناء نظام القانون والديمقراطية الذي يؤمن أولوية القوانين باعتبارها إرادة الشعب، توفير مستوى حياة كريمة للمواطنين في مجالات السياسة والاقتصاد والاجتماع العادل بعيداً عن مفاهيم الدولة القوموية والعسكرية والدينية، إلغاء كافة أشكال التمييز القائمة على أساس العرق أو الدين أو العقيدة أو المذهب أو الجنس، البلوغ بالنسيج السياسي والأخلاقي في المجتمع السوري إلى وظيفته المتمثلة بالتفاهم المتبادل والعيش المشترك ضمن التعددية، وإعلاء حق المشاركة وتوسيعها، والالتزام بمبادئ الشرعة الدولية لحقوق الإنسان وكافة الاتفاقيات والمواثيق ذات الصلة، احترام مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها، وضمان حقوق المرأة والطفل، وتأمين الحماية الذاتية والدفاع المشروع، واحترام حرية الدين والمعتقد.
مبادئ الدستور السوري الأساسية
العقد الوطني السوري المرتكز على مبادئ بناء سوريا الجديدة يجب أن يتضمن جملة مبادئ أساسية دستورية، وفوق دستورية تؤخذ بها وتعتمدها في دستور سوريٍّ جديد يليق بالتنوع القومي والاثني والديني والتعدد الثقافي السوري:
1- الشعب مصدر التشريع. ومصدر كل سلطة.
2– سوريا جمهورية موّحدة ديمقراطية. نظامها (مختلط) رئاسي- نيابي. وذات سيادة وشخصية قانونية. ولا يجوز التخلّي عن أي جزء من أراضيها.
3- رئيس/ة سوريا مواطن/ة سوريٌّ/ة. لا يتحدد توليّ منصب الرئاسة على أساس انتماء قوميٍّ كان أو ديني.
4- تلتزم الدولة السورية العمل بميثاق الأمم المتحدة وبمبادئ الشرعة الدولية لحقوق الانسان والمواثيق والمعاهدات الدولية وقواعد القانون الدولي، وعليها ملائمة كل القوانين مع هذه المواثيق والمعاهدات ولا يجوز إصدار أي تشريع أو قانون ينتهكها.
5- سوريا دولة متنوعة قومياً ودينياً وطائفياً. تصون اللامركزية الديمقراطية هذا التعدد وتعتبر المعيار له في الوقت نفسه. وتعتبر الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا مثال ذلك ونموذجاً فعالاً على هذه اللامركزية.
6- السيادة للشعب ولا يجوز لفرد أو لجماعة أو لحزب احتكارها أو ادعائها وتقوم على ممارسة الشعب لسيادته عبر أساليب الانتخاب الديمقراطية التي تتمثل بقانون انتخاب عادل وشفاف يعتمد النسبية بالانتخاب إضافة إلى التوافقية ويعتمد نظام الدوائر الانتخابية ومع اعتماد اللامركزية الديمقراطية وفصل السلطات.
7 – عاصمة الدولة دمشق.
8- شعب سوريا يتألف من قوميات وثقافات، يحق أن تكون لغاتها أساسية في أماكن تواجدها.
9- القضية الكردية في سوريا هي قضية وطنية وديمقراطية. يجب إيجاد حل عادل ديمقراطي على أساس الاعتراف الدستوري بالحقوق القومية المشروعة للشعب الكردي. ورفع الظلم عن كاهله. وإلغاء كافة السياسات التمييزية ونتائجها، والتعويض على المتضررين ضمن إطار وحدة سوريا وسيادتها.
10- الاعتراف الدستوري بالوجود والهوية القومية للسريان الآشوريين، واعتبار لغتهم السريانية لغة وطنية رسمية.
11- تمكين المرأة سياسياً ثقافيا واقتصاديا واجتماعيا، وزيادة وتعزيز مشاركة المرأة في عمليات صنع واتخاذ القرارات، وتمكينها من المشاركة بالعمل في مجالات الدفاع المشروع والأمن.
12- الرجل والمرأة متساويان بالحقوق والواجبات، ولجميع المواطنين السوريين الحقوق والواجبات نفسها دون أي تمييز.
13- محاربة الجماعات الإرهابية التكفيرية بمختلف مسمياتها وتجفيف منابعها المالية والمادية والمعنوية.
14- تعتبر الثقافات الشرقية الإسلامية والمسيحية والدرزية والإيزدية تراثاً مشتركاً في الوطن السوري لكل مكوناته يؤكد عليها في الدستور الجديد.
15- اعتبار الشباب القوة الفاعلة في المجتمع والعمل على تمثيلهم النوعي في النظام الديمقراطي المنشود.
16- ضمان حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة وبشكل خاص ضحايا الحرب المدمرة التي عاشتها وتعيشها سوريا في السنوات الثمان الأخيرة.
17- حماية الطفولة. ووضع مشاريع خلاقة لإنقاذ أطفال سنوات العنف من تبعات التهجير والعسكرة والأمية.
18- وجود هيئات قضائية مستقلة نزيهة تتمتع بالحرية غير المقيدة في عملها وتمنح الحصانة القضائية والدستورية لحمايتها من عوامل خارجية قد تؤثر على عملها ووظيفتها الرقابية الدستورية.
19- الاقتصاد في الجمهورية السورية اقتصاد تشاركي ينحو إلى السوق المجتمعي ويحقق العدالة المجتمعية. ويتأسس هادفاً إلى تحقيق مبدأ الاكتفاء الذاتي.
20- الحفاظ على البيئة وحمايتها من مصادر التلوث ومن استنزاف الموارد والعمل على تحسينها وضمان استدامتها، حفاظا على حقوق الأجيال القادمة.
في مقترح الحد من سلطة الاستبداد المركزي، ومن أجل تشاركية السلطات، وتصورات عامة عن صلاحيات المركز والإدارات السورية الذاتية والصلاحيات المشتركة بينهما
أولاً. صلاحيات الحكومة المركزية
– شؤون الجنسية في سائر سوريا
– السياسة الخارجية للحكومة السورية وتعيين السفراء والقناصل والبعثات الدبلوماسية للدولة.
-توقيع المعاهدات الدولية على ألّا تتعارض مع حقوق الإدارة الذاتية الديمقراطية لشمال وشرق سوريا.
– شؤون إصدار العملة وصك النقود والمقاييس والأوزان وتحديد التوقيت.
– وحدة المناطق التجارية ومعاهدات الملاحة البحرية والتجارة وحرية حركة البضائع وحرية تبادل البضائع والمدفوعات مع الخارج.
– إعداد الموازنة العامة لسوريا. وإعطاء حصة عادلة للإدارة الذاتية الديمقراطية لشمال وشرق سوريا منها.
– حماية الإرث الثقافي لسورية. وضمان حقوق التعليم بلغات الأم للشعوب في سوريا.
– النقل البري والبحري والجوي ضمن سوريا ومع الخارج.
– خدمات البريد والاتصالات ضمن الدولة.
– العلاقات القانونية للعاملين في سوريا والعاملين في هيئات الإدارة الذاتية بموجب القانون العام.
– التكريم بالأوسمة والميداليات والشارات ذات القيم الوطنية.
ثانياً. الصلاحيات المشتركة ما بين الحكومة المركزية والإدارات الذاتية السورية
– الإجراءات لتشكيل هيئات سلطات الدولة.
– تشكيل قيادة مشتركة للجيش، والقوات المسلحة في سوريا.
– إعلان السلم والحرب.
– إصدار القوانين، والمراسيم التشريعية.
– حرية التنقل وشؤون جوازات السفر، وشؤون التسجيل، والهويات الشخصية، وشؤون الهجرة.
– تنظيم المعابر، ووضع النظام الجمركي للمنافذ الحدودية وينظم ذلك بقانون.
– التشريعات المدنية والجزائية، تنظيم المحاكم وتخصصها.
– نشاط الجمعيات العامة، والمنظمات غير الربحية.
– ما يتعلق بشؤون الأجانب، ومنح الإقامات، واللاجئين، والنازحين.
– التعليم والصحة والرياضة.
ثالثاً. الصلاحية الحصرية للإدارات الذاتية الديمقراطية
– تقوم بوضع عقد اجتماعي يحدّد إجراءات تشكيلها؛ هيكل سلطاتها، وصلاحياتها، وآليات ممارسة تلك الصلاحيات، على ألا يتعارض مع الدستور.
– تؤسس مكاتبٌ لها في السفارات والبعثات الدبلوماسية، لمتابعة الشؤون الثقافية والاجتماعية والإنمائية.
– إصدار القوانين والمراسيم التشريعية، التي لا تعد من الأهلية الحصرية للمركز، وليس من الأهلية المشتركة ما بين المركز والإدارة الذاتية.
– تشكيل وحدات حماية تعدّ جزءاً من مؤسسة الجيش الوطني وفق صيغ وآليات متوافق عليها، وتأسيس قوى الأمن الداخلي التي تحافظ وتدافع عن الأمن والاستقرار فيها.
– إدارة الموارد الطبيعية الواقعة في حدودها الإدارية؛ توافقاً والمركز والإدارات الأخرى.
– إعداد وتنفيذ خطط التنمية الاقتصادية والمستدامة لها على أساس الاكتفاء الذاتي.
– إعداد النظام الضريبي الخاص بها، والسياسة المالية والائتمان؛ بشكل لا يتعارض مع قوانين الحكومة المركزية في ذلك.
– إعداد وتنفيذ السياسة الثقافية. وحماية التراث ذات الأهمية المحلية.
– التكريم بالأوسمة والميداليات والشارات ذات القيم المحلية.
موجز مكثف وخلاصة
أما سلّة الدستور السوري. الدستور السوري الجديد؛ فإنه لن يكون على طريقة تنطلق بالأساس من تعديل طفيف على دستور سوريا الحالي الذي جاء بدوره في ظروف استثنائية لا يعبّر عن إرادة شعب سوريا. إذا لم يستطع السوريين إنجاز دستورٍ يكون بالعقد الاجتماعي السوري فيعني بأنّنا أمام إنتاج الأزمة، وتكريس التبعيّة وتداعيات الأزمة وصولاً إلى التقسيم والتفتيت. دون أن يفهم من ذلك بأنه اختلاف على المسمى بقدر ما هو إصرار على إنهاء الخلاف. وبأنه فرصة مناسبة ضمن هذه الفوضى منْ أن يتمم العقد بنحوٍ ينحو إلى استقدام العهد السوري الجديد. فمن خلال الدستور التوافقي يتم التخلص من التركة المفروضة على السوريين لمئة عام منصرمة. التركة الكريهة: الدستور المفروض والهوية المفروضة ضمن الكيفيات المفروضة. وأن العقد الاجتماعي السوري يكون بمثابة فك الارتباط أو الانسلاخ من وشائج القوموية والدينوية. إنها المسألة الأكثر الأهمية في تحقيق الانتماء وتحقيق الهوية الديمقراطية السورية.