إعداد فاطمة علي
حينما استقر انسان مابين النهرين وبنى المدن الكبيرة وأبدع في الحضارة ووصل إلى درجة الرقي الفكري والعقلي المتنوع وأنشأ دويلات مدنية وممالك تزعمتها فيما بعد أوروك منها (أريدو –أور – لارسا – لكش –نيبور) وغيرها وبالرغم من التنافس بين هذه الدويلات على النفوذ والسيطرة وعدم قيام دولة موحدة بينها أو وحدة سياسية كبيرة استطاعت أن تهيمن بثقافتها وشرائعها وقوانينها ونظمها المتقدمة على جيرانها وأن تنشر شرائعها لمن حولها وتغذي المدن الأكادية بجميع عناصر ثقافتها وعنما ابتدع حمورابي شريعته المشهورة والمهمة في التاريخ القديم والحديث كان قد نهل من تلك الشرائع التي سبقته ومن هذه الشرائع:
تم العثور على جميع نسخ هذه الوثيقة في تنقيبات البعثات الفرنسية في مدينة (لكش) عام 1878م وترجمها لأول مرة العالم الفرنسي(فرانسوا تورو دانجان) ويشير الباحثون إلى أن الملك السومري اوركاجينا ترك كتابات مهمة وسن قوانين وفرت للشعب السومري الحرية والعدالة الاجتماعية الا ان هذه الكتابات لم تصل إلينا، وقد يعثر المنقبون في المستقبل على هذه الكتابات التي يمكن ان تضاف إلى وثيقة الإصلاح. وما من شك في أن هذه الوثائق التي سجل فيها المراسيم تكشف عن أقدم القوانين المعروفة في التاريخ وأقلها لفظاً وأكثرها عدلاً. وفي متحف اللوفر تمثال لمدينة لكش غوديا من حجر الديوريت كتفاه عاريتان وكذلك قدماه وتدل ملامحه القوية على أنه رجل مفكر وعادل وحازم دمث الأخلاق وقد كان رعاياه يجلونه لا لأنه رجل محارب بل لأنه فيلسوف يفكر ويختص بالأمور الدينية والادبية والقانون.
قانون اوركاجينا …أول قانون للاصلاح الحكومي في بلاد سومر
عرف اوركاجينا بمحاربة الفساد، ويعرف قانونه الذي سنه لمحاربة الفساد بانه اول قانون من نوعه في التاريخ، صدر قبل قوانين حمورابي.
في قانونه اعفى الارامل والايتام من الضريبة.
وفرض على حكومة المدينة دفع تكاليف الجنازة والانتقال إلى العالم السفلي بما في ذلك تكاليف طعام وشراب المأتم.
أمر الاغنياء الدفع بالفضة حين يشترون من الفقراء، واذا ما رفض الفقير بيع بضاعته فلا يسمح للغني (او الكاهن) اجبار الفقير على البيع.
يعد قانون اوركاجينا أفضل مثال على الاصلاح الحكومي، قانون يطمح لتحقيق العدالة والحرية.
حدد صلاحية الاغنياء – الكهنة، رجال المعبد – واصحاب الاملاك الاغنياء.
واتخذ خطوات حاسمة ضد الربا، والضرائب الباهظة، والجوع، والسرقة، والقتل، والاستيلاء على أموال الاخرين.
حكم اوركاجينا بين (2380 ق م – 2360 ق م) وتناوب في الحكم باسم اورو اينيم جينا، اواسم اريكا جينا واصبح ملكاً على مدينة لجش، اختارته الآلهة على اثر سقوط الملك الفاسد لوجالاندا.
جاء في اللوح الذي عثروا عليه ما يلي:
هو اورو اينم جينا Uruinimgina حفر القناة إلى مدينة نينا، في بدايتها شيد مدينة اينينو Eninnu وفي نهايتها شيد مدينة ايسيراران Esiraran.
مـُدح اوركاجينا في الشعر السومري باعتباره مصلحاً اجتماعياً في لجش. وترجم صاموئيل نوح كريمر بعض قوانينه عام 1964. واللوح محفوظ في متحف اللوفر / باريس.
شريعة أور نامو:
تعتبر هذه الشريعة من أقدم الشرائع المعروفة وأورنمو مؤسس سلالة أور الثالثة (2111-2003) قبل الميلاد ويعتقد الباحثون ان هناك شرائع أخرى سبقت شريعة أور نمو قد يكشف المستقبل عنها بجهود الباحثين في هذا الميدان وقد احتوت شريعة اور نمو على 31 مادة قانونية كما ضمت هذه الشريعة ما يشبه أصول القوانين الحديثة تعتبر هذه الشريعة من أقدم الشرائع المعروفة وأورنمو مؤسس سلالة أور الثالثة (2111-2003) قبل الميلاد ويعتقد الباحثون ان هناك شرائع أخرى سبقت شريعة أور نمو قد يكشف المستقبل عنها بجهود الباحثين في هذا الميدان وقد احتوت شريعة اور نمو على 31 مادة قانونية كما ضمت هذه الشريعة ما يشبه أصول القوانين الحديثة قانون أورنامو
قانون أورنمو سبق قانون حمورابي بثلاثة قرون، حيث عثر على قسم من الألواح التي تضمنت هذا القانون في مدينة نفر والقسم الآخر منها في مدينة أور، وقد كتب باللغة السومرية، ويقدر تاريخه بحوالي 2100-2050 ق.مأور نمو: هو مؤسس أسرة أور الثالثة (عصر الانبعاث السومري)، وقد استمر حكم هذا الملك سبعة عشر عاماً من الفترة ما بين (2112 إلى 2095 ق.م) تمكن أورنمو من حكم سلالة أور الثالثة بعد القضاء على (أوتو – حيجال) – ويعني اسمه محارب الآلهة نمو – واستطاع إخضاع الكثير من المدن السومرية والأكادية، فلقبوا أنفسهم بلقب (ملك سومر وأكاد) و(ملك الجهات الأربعة)، قام أورنمو في السنوات الأولى من حكمه ببسط سيطرته على جنوب بلاد النهرين، وحكم أورنمو مدينة أور وأريدو والوركاء وأقام عدة مبانٍ في نيبور ولارسا وكيش، كما سنّ التشريعات أو ما يعرف بإصلاحات أورنمو، والتي اعتمدت على مبدأ التعويض وليس القصاص وعلى وجه الخصوص على الجروح التي لا تفضي إلى الموت. كما سعى إلى توحيد المكاييل والأوزان، رغبة في تخليص المواطنين ممن يستغلون ماشيتهم وأغنامهم.تحتوي مقدمة قانون أورنمو على ما قدمه الملك من قرابين إلى إله المدينة وتضمن نظرية التفويض الإلهي وهي أن الإله اختار وفوض أورنمو ليمثله في الأرض وأشادت بمنجزات الملك وإقامة العدل في البلاد والقضاء على الفساد الاقتصادي الذي كان يتمثل في تعرض الحقول والتجارة البحرية ورعاة المواشي والثيران والأغنام للسرقة. واستطاع الملك أن يحقق العدل والحرية في بلاد سومر وأكد أن اليتيم لم يعد يسلم إلى الرجل الغني ولم يعد الرجل ذو الشيقل يسلم إلى الرجل ذي المنا، و لم يصلنا من مواد أورنمو إلا القليل منها حيث جزءاً كبيراً من الألواح التي كتب عليها جاءت متآكل وممسوح، ومن القدر القليل الذي تم التعرف عليه كان يعالج في مسائل قانونية، من أمثلة المواد التي تم التعرف عليها:- المواد من 4 إلى 12، كانت تعالج مسائل الأحوال الشخصية كالطلاق والخيانة الزوجية والخطوبة وتنص المادة الرابعة على حق الزوج في قتل زوجته الزانية وإطلاق سراح الرجل الذي ارتكب معها الزنا. والمادة الخامسة تتعلق بحالة اغتصاب رجل لأمة بكر وكانت العقوبة هي تعويض مالك الأمة بخمس شيقلات من الفضة. والمواد السادسة والسابعة والثامنة كانت تحدد شروط الطلاق. والمادة الحادية عشر تناولت اتهام شخص لأي من الزوجين بالخيانة الزوجية ووسيلة إثبات ذلك الاتهام وكذلك عقوبة الاتهام الكاذب. وتناولت المادة الثانية عشرة حق الخاطب الذي تقدم بهدايا إلى خطيبته ووالدها وعدل الأخير عن الخطبة وقام بتزويجها إلى شخص آخر فكان للخطيب الأول الحق في تعويض يقدر بضعف ما قد دفعه من هدايا. والمادتان الثالثة عشر والرابعة عشر تناولتا مسألة هروب الرقيق. والمواد من 13 إلى 23 تناولت حالات إيذاء الأشخاص الاعتياديين أو الرقيق وحالات اعتداء الرقيق على أسيادهم. وعالجت المادتين الخامسة والعشرون والسادسة والعشرون موضوع شهادة الزور، بالنص على عقوبة توقع على شاهد الزور وهي تغريمه خمسة عشرة شيقلاً من الفضة أما إذا أدلى الشخص في قضية ورفض أن يؤدي اليمين على هذه الشهادة التزم بدفع غرامة تساوي قيمة الحق المتنازع عليه. أما بقية المواد فكانت تتعلق بموضوعات الاعتداء على الأراضي الزراعية وبعض الأمور المتعلقة بالزراعة. وكل هذه المواد مهدت لشريعة حمورابي.
شريعة لبث عشتار:
تتألف شريعة لبت عشتار من أربع كسر ٍ تم العثور عليها في مدينة (نفر) من قبل باحثين من جامعة بنسلفانيا في السنوات الأولى من بداية القرن العشرين وقام بدراستها وترجمتها الباحث الأمريكي (فرنسيس ستيل) ونشرها لأول مرة عام 1947 م وبعد سنتين نشر فرنسيس اضافة لهذه الشريعة التي وجدها في كسرة اثناء التنقيبات تعرف عليها (كريمر) وفيها تكملة لبعض القوانين في هذه الشريعة.
قانون لبث عشتار
الملك لبث عشتار هو خامس ملوك سلالة إيسن وقد أصدر القانون باللغة السومرية ويتكون من مقدمة تتجلى فيها نظرية التفويض الالهي وتمجيداً للآلهة وكيفية إختيار الإلاهان آنو وانليل للراعي الحكيم لبث عشتار لنشر العدل في البلاد والقضاء على الشكاوي والعداوة بالقوة وجلب الرفاهية للسومريين.
يتكون هذا القانون من 37 مادة قانونية، تناول فيها لبث عشتار أكثر من موضوع، بحث في كيفية تأجير القوارب والأراضي الزراعية، وعقوبة من يحتفظ بعبد أو أمة يعودان لشخص آخر، وعقوبة من يتأخر في دفع ضريبة العقار، وفي أنواع الكاهنات، وبحث في أولاد الزوجة الأولى والثانية، وبحث القانون في حقوق الأمة التي تلد طفلاً ومصير أطفالها وأرث أولادها، وكذلك تناول القانون أولاد الزوجة غير الشرعية، وحقوق الزوجة ومرضها، وعقوبة الوالد الذي يزوج ابنته لغير خطيبها، والوصية، وعقوبة المستأجر الذي يسبب اضرار للمأجور.
وتعقب تلك المواد المذكورة خاتمة تتضمن عهداً من الملك لبث عشتار بالقضاء على البغضاء والعنف ونشر الرفاه. كما تتضمن أيضاً استنزال لعنات الآلهة على من يغير نصوص هذا القانون أو يمحوها أو يكتب اسمه عليها.
قانون أشنونا
تم العثور على ألواح من قانون اشنونا في بلاد ما بين النهرين من خلال التنقيبات التي قامت بها المؤسسة العامة للآثار في العراق في موقع تل حرمل الواقع في بغداد وذلك سنة 1945 م وفي نفس العام اعلن الباحث العراقي المعروف والعالم المشهور(طه باقر) عن اكتشاف لوحين خلال التنقيبات المذكورة يدونان شريعة كانت تعرف بقوانين أشنونا وتاريخ هذه القوانين غير معروف على وجه الدقة والتحديد إلا أنه وكما يؤكد الباحثون يسبق شريعة حمورابي بنصف قرن أو أكثر.
مملكة اشنونة Ashnuna هو الاسم القديم لتل أسمر الأثري وهي إحدى ممالك الدولة السومرية وكان مركزها في تل أسمر الواقع حاليا في محافظة ديإلى شمال شرق بلاد سومر قرب مدينة بعقوبة في العراق، وعلى بعد 35كم شمال شرقي بغداد، وتاريخها يعود إلى الفترة (2028 قبل الميلاد) وشيدت بين نهري دجلة وديإلى، وتحيطها سفوح جبال زاغروس الشرقية، حيث كانت عاصمة لدولة تدعى واروم، وبعد زوال حكم سلالة أور الثالثة عام (2003 قبل الميلاد) تحولت إلى قوة عظمى مدة من الزمن في نهاية عصر لارسا، ثم ما لبثت أن اندمجت في دولة حمورابي الذي ضمها إلى دولته في عام 1761 قبل الميلاد.
قانون اشنونا أو قانون بلالاما نحو عام 1930 ق.م هو متقدم على قانون حمورابي بحوالي نصف قرن من الزمن وبلالاما هو ملك لمملكة إشنونة، وعثر على قانون إشنونا في لوحين من الطين في حفريات آثار تل حرمل من قبل عالم الآثار طه باقر.
ولم يكتشف علماء الآثار سوى إحدى وستين مادة فقط من مواد هذا القانون، ويظهر من دراسة هذه المواد أن مشرعها كان قد أهتم ببعض المسائل الاجتماعية ومن ذلك وضع حد أدنى لأجور العمال وتسعير بعض السلع وتقسيم المجتمع إلى طبقات فقد وردت في هذه القوانين أول إشارة إلى تقسيم المجتمع العراقي القديم إلى طبقات ثلاث: الأحرار والمسكينوم والعبيد.
ولقد عثر على هذه الرقم الطينية التي تحتوي على القانون عام 1945 م، في منطقة) تل حرمل (قرب بغداد وتحتوي المواد القانونية التي عثر عليها في تل حرمل على أحكام مختلفة في السرقات والاعتداء والديون والأحوال الشخصية والأجور والأسعار والبيع والشراء إلى غير ذلك من الشؤون القانونية.