عبد الباري أحمه
حكاية عفرين تبدأ من عمق التاريخ، مثلها مثل باقي مناطق شمال سوريا وجنوب تركيا، أما سبب التسمية فتعود إلى عدة احتمالات منها، أن منطقة كراداغ مأهولة كلياً بالأكراد، والكلمة مؤلفة من مقطعين هي كرد وتعني القومية الكردية وداغ وتعني جبل أي جبل الأكراد، ونسبة الكرد فيها تتجاوز 99%، واسم عفرين بالأصل Av ren (آف رين) وتلفظ بـ (آبّ رين) Ab ren ويمكن اختصارها بـ (آفرى) Av re وكلا الاسمين تعني
(الماء الجاري)
بعض المؤرخين يردون تاريخها إلى العهد الحوري والميتاني 3000 قبل الميلاد، لكن بشكل أدق يصعب على الكثير من الباحثين والمؤرخين تحديد تاريخ الكرد فيها، ولكل باحث ومؤرخ رأيه الخاص فيه، وبكل الأحوال تؤكد الدراسات بأن الكرد هم أول من سكنوا فيها، لكن التنقيبات أكدت بأن في الألف الثالث قبل الميلاد باتت المنطقة مجموعة ممالك مثل أوغاريت وكركميش وآلالاخ في سهل العمق وسميت بـ (آموروـ الغرب)
ما يميز في الاكتشافات أن شكل البناء في آلالاخ يشبه تماماً شكل البناء في بلاد ما بين النهرين، وكذلك شكل ونوعية الفخار، بخلاف البناء والفخار في ممالك سوريا، وهذا يؤكد بأن سكان المنطقة من جذور منطقة بلاد ما بين النهرين، ومن جهة أخرى وقبل نهاية الألف الثاني قبل الميلاد وصلت للمنطقة الحوريين (الهوريين ـ الخوريين) وانتشروا من هناك لمنطقة وادي الخابور والجزيرة وغرباً حتى البحر الأبيض المتوسط، وعرفت المنطقة باسم (خورو).
وتبعهم فيما بعد ملوك اورارتو حتى 600 قبل الميلاد حين قصدتها شعوب ميديا، ثم الأخمينيين واليونانيين(الاسكندر) وتبعهم الرومان والبيزنطيين ثم المسلمين في 635 ميلادي، والكرد هم من سلالات الحوريين والميديين.
ففي رواية للبدليسي يقول فيها أنها كانت إقطاعية تابعة لكلس في القرن السادس عشر ميلادي، وكان يحكمها أمير اسمه (ماند ـ Mand) وبقيت هكذا حتى بدايات القرن العشرين، حين رسمت الحدود بين تركيا وسوريا أثناء الانتداب الفرنسي.
إلى جانب هذا التاريخ المتجذر تتمتع عفرين بأرض خصبة، وسهول ووديان وسلسلة جبلية تصل ارتفاعها إلى 1270مترفي قمة جبل (الجبل الكبيرـ Gire Mez in ) ويمر فيها نهر عفرين وروافده، هذا النهر مصدر مائي مهم للزراعة، وتشتهر عفرين بأشجار الزيتون إلى جانب أشجار التفاح والرمان والعنب، عفرين الآن إدارياً تتبع محافظة حلب السورية، تبعد عنها 63 كم ويبلغ عدد سكانها 50 ألف نسمة، وتتبع عفرين 7 نواح هي| شران ـ شيخ الحديد ـ جنديرس ـ راجوـ بلبله ـ معبطلي.
دور الكرد في مقاومة الفرنسيين
منذ أن وطئ قدم أول جندي فرنسي عفرين، كان للكرد دور هام في الثورة العربية الكبرى والثورة السورية، وقد ارتبطت هذه المقاومة بثورة إبراهيم هنانو.
ففي نهاية عام 1919 تسلمت فرنسا من الإنكليز ولاية حلب، ومنها دخلوا مناطق جبل الأكراد وكلس، لكن هذه القوات لم تستكين ولم تهنئ بدخولها لأن الكرد أعلنوا الرفض والمقاومة، حين اجتمعوا حول (محو ايبو شاشو) الذي أطلق أول رصاصة في وجه الاحتلال، وانضم إلى صفوف الثوار وجوه معروفة من المنطقة منهم (عبدو خوجه ـ حج حنان شيخ إسماعيل ـ سيدو ديكوـ أحمد روتو) وغيرهم.
أغلب هؤلاء الثوار من الكرد، الذين أعلنوا المقاومة بكل بطولة، وفيما بعد تم تعيين عبد الرحمن جان بولات رئيساً لكلس، وعبد الرحمن هذا من الثائرين أيضاً وهو من العائلة المندية الكردية وهم حكام كلس القدماء.
في مواقع كثيرة جرت معارك بين الطرفين، وعلى أثرها استشهد محو ايبو شاشو، هذه المقدمات البطولية لأبناء عفرين أدت إلى ظهور إبراهيم هنانو وتسلمه القيادة، هنانو من قبيلة رشوان الذي أعلن في البداية عن تشكيل حكومة وطنية وتأسيس جيش في شمال سوريا، وجعل من أريحا نقطة ارتكاز لعمله السياسي والعسكري، قاتل وحارب الاحتلال في أكثر من 25 معركة، لكن مجيء الملك فيصل أنهى مشواره، بعد أن حل جيش هنانو بأمر من الملك فيصل غادر هنانو المنطقة إلى فلسطين لكن الإنكليز اعتقلوه وسلموه إلى قوات الانتداب.
رغم هذا لم تتوقف عمليات المقاومة في وجه الفرنسيين، حيث اجتمع زعماء ووجهاء العشائر الكردية وغيرهم لكل المناطق منها(بيان ـ شيخان ـ أمكا) وشكلوا قوة عسكرية كبيرة، قاموا من خلالها بمحاربة الانتداب في مواقع عدة أهمها ( وادي النشاب Geli Tina) و(حساري Hesare ) في هذا الوقت لجأ الفرنسيين إلى إقناع بعض قادة المقاومة بالمال والألقاب بينما الآخرون تابعوا القتال حتى لجأت فرنسا إلى استخدام المدفعية والطيران بدك القرى في عفرين، وبعد مقاومة دامت أكثر من 3 سنين أي حتى عام 1923 دخل قوات الاحتلال عفرين وفق شروط بين الطرفين، منها العفو عن كل الثوار والمجاهدين وتشكيل قضاء باسم جبل الأكراد.
بعد أكثر من 15 عام تجددت المقاومة مرة أخرى من خلال (حركة المريدين) المسلحة بقيادة الشيخ إبراهيم خليل سووق أوغلوا التي استمرت حتى عام 1939 بعد أن استخدمت قوات الاحتلال المدفعية والطيران، للوهلة الأولى ومن خلال هذه الأحداث نجد بأن الكرد هم أول من حملوا السلاح وقاوم الاحتلال، لكن لا يدرك البعض بأن الكرد في عفرين وما حولها تعرضوا للقتل والهجرة جراء ملاحقة الجيش الفرنسي للكرد، في ذات السياق تعرضت قراهم وبيوتهم للدمار والخراب وكذلك أرزاقهم وحقولهم وبساتينهم للحرق والدمار.
الأهم من كل هذا وذاك أن من يشكك بوطنية وانتماء الكرد لسوريا، فليقرأ ويتابع ما عملت عليه تركيا وقت ذاك من استخدام القوة والمكر والخديعة ومن خلال الدين أن يقنعوا الكرد بالانضمام لتركيا، الا أنهم رفضوا كل الامتيازات وأعلنوا عن انتمائهم لسوريا.
كل هذا لا يعني بأن هناك بُعد تاريخي ولغوي وثقافي بين عفرين وروج آفا فكلا المنطقتين من سلالة الميديين والحوريين وحتى الكوتيين وإلى العصر النيوليتي، وما يجمعهما أكثر بكثير ما يفرقهما، فاللغة التي تجمعهما هي لغة واحدة (اللهجة الكرمانجية) وهي واحدة من اللهجات الرئيسية التي يتكلم بها أغلب الكرد، أما ما يشتركان به من انتماء للكرد فلا نقاش فيه، والإحساس المشترك بالمصير الواحد هي ثقافة لا تتجزأ، وما نراه الآن في عفرين خير تأكيد على المصير المشترك.
وبنفس الوقت نجد القرى الكردية في منطقة شهبا تحمل ذات الهم والمصير، والمشهد المجتمعي التاريخي والثقافي منبعه واحد، وهذا ما يدفع أبناء الكرد بالمشاركة معاً في حالة السلم والحرب، وهذا يؤكد على وحدة المصير للكرد، والعيش مع بقية الشعوب والمكونات السورية بسوية اجتماعية في ظل فيدرالية ديمقراطية تشمل كل السوريين.
هذه اللحمة الوطنية السورية بين كافة المكونات، وخاصة في الشمال السوري، الذي يعيش فيه الكل في ظل الإدارة الذاتية من خلال المؤسسات المجتمعية، دفعت تركيا بقواتها ومرتزقتها وبكل وحشية باجتياح منطقة عفرين كي تنهي هذا المشهد المجتمعي، ودكت القرى والنواحي الآمنة بمدفعيتها وطيرانها، تقتل وتحصد أرواح الأطفال والنساء، وتهدم البيوت والمؤسسات الخدمية، تحت انظار المجتمع الدولي والصمت الروسي والامريكي، وكأنهما يشتركان مع تركيا في جمع الغنائم.
لا يخفى على أحد الغايات التي تضمرها تركيا تجاه الكرد ومشرعهم الديمقراطي في شمال سوريا، ناهيك عن العداء التاريخي للكرد بشكل عام، والتاريخ يحمل في ذاكرته المآسي والويلات التي سببتها السلاطين والحكومات التركية المتعاقبة منذ ألف سنة وحتى الآن، فهم دائماً سبب مباشر لإنهاء كل الثورات الكردية وفي كل الأجزاء، وملاحقة الكرد واعتقالهم وقتلهم وبكل وحشية. وما نراه في عفرين جزء من سياسات وغايات تركيا التي تعمل وبكل الوسائل اللاأخلاقية لإجهاض مشروع الكرد الوطني (الفيدرالية الديمقراطية).
أما الصمت الروسي والأمريكي فلم يأت من فراغ، فلكل منهما مصالحه وأجنداته، ومن أولى هذه الأجندات تقاسم مناطق النفوذ بينهما، فشرق الفرات هي منطقة نفوذ واشنطن وغربها منطقة نفوذ موسكو، وحتى تغرق أنقرة في أوحال عفرين دفعتاها لاجتياحها، وقد تعملان على تفعيل منطقة حظر جوي أوقد يسمحان لتركيا بنفوذ في إدلب، بكل الأشكال هناك خلط في أوراق اللعبة السياسية لمستقبل سوريا، موسكو من جهتها تعلم جيداً أن واشنطن تعمل على إخضاع روسيا وتجعلها دولة تابعة لها، لكن المسؤولين الروس يؤكدون بأنهم لاعب أساسي في الأجندة الدولية، والانتصارات التي حققتها في سوريا تخدم التسوية السياسية للشعب السوري، وقد كانت اتصالات بوتين وأردوغان الدائمة حول تثبيت مواقع مراقبة جديدة في إدلب في إطار منطقة خفض التوتر.
مهما تلاعب المجتمع الدولي بالأوراق السياسية في سوريا، ومهما أطالوا من عمر هذه الأزمة لا بد أن يكون الكرد جزء من المشهد السياسي في سوريا، لأن العلاقات المجتمعية ووحدة المصير بين الكرد من عفرين إلى المالكية (ديركا حمكو) سوف تحطم كل قوة تريد النيل من الكرد، ما عاشه وشاهده العالم في كوباني من ملاحم بطولية انتهت إلى دهر وهزيمة داعش، فها هي عفرين كأختها تسطر تلك البطولات في وجه الغازي أردوغان، ولم ولن تكون عفرين ككوباني إذ لم تمتزج دماء الشهداء، والعلاقات بين المدينتين تاريخية كونهما قريبتان جغرافياً وتتميزان بثقافة ولغة واحدة، وهذا ما يجعلهما يعيشان مصيراً مشتركاً واحداً.
من أطماع تركيا في هجمتها الوحشية على عفرين، لا تقل وحشية عن سلخ وضم لواء اسكندرون، فبعد أن تم تعيين حاكم فرنسي على اللواء، عمل هذا الحاكم عام 1937 على تهيئة الوضع لتنفيذ هذا المخطط وفي عام 1938 اقتحمت قوة عسكرية تركية اللواء وتم احتلالها رسمياً، ومن ثم انسحبت فرنسا إلى انطاكية مقابل ضمان وقوف تركيا بجانب الحلفاء في الحرب العالمية الثانية، وبعد سنتين ضمت تركيا هذا الجزء من سوريا لخارطتها السياسية بشكل رسمي من خلال لعبة سياسية بين الطرفي حين لجأوا إلى استفتاء كاذب، و موجبها بات اللواء جزء من تركيا.
السياسة الطورانية العثمانية دائماً تعمل على تأجيج الصراعات القومية والطائفية كي تستفرد بتطبيق أجنداتها، وما نراه اليوم من خلال زرع الخلاف بين الكرد والعرب جزء من هذا التأجيج، وهذا النوع من الخلافات كانت تعمل عليها تركيا منذ مئات السنين، لكن وعي الإنسان السوري وثقافته وتمازج الثقافات لدى كل المكونات أخفقت هذه السياسة التركية، لأن اللحمة الوطنية كفيلة بفشل هكذا مخططات التي تعمل على مبدأ فرق تسد، وكل المكونات باتت مقتنعة بأن العيش المشترك وأخوة الشعوب ضمانة لوحدة الأرض والمصير.
منذ تواجد الأتراك في المنطقة (القرن العاشر الميلادي) وهم يعملون على طمس المعالم الحضارية لكافة الشعوب، كونها لا تمت بصلة لأي حضارة أو ثقافة، بل كانوا غزاة يعيشون على السلب والنهب، وبعد استقراهم في المنطقة وحتى الآن دمار الآثار الحضارية للشعوب، ولا يمكن حصر ما عملوه في مجلدات، فلو عددنا الآثار التي غمرتها بحيرة سد اتاتورك في مقاطعة شانلي في أورفا 1990 لاتضح للقاصي والداني بأن البحيرة ابتلعت في جوفها كل الدلائل والآثار التي تتعلق بحضارات الكرد وغير الكرد في المنطقة، كون هذه المنطقة كانت النواة الأولى للديانة التوتمية 12 ألف عام قبل الميلاد، بالإضافة إلى آثار حقبة سيدنا إبراهيم عام 1800 قبل الميلاد.
كان داعش رسول سيئ كالدولة التركية، عندما عمل على سرقة الآثار وهدمها وبكل وحشية، كونهم برابرة في ثقافتهم وسلوكهم مع الإنسان والطبيعة، والآن الجيش التركي يعمل على طمس هذه الآثار من خلال ضرب الأماكن الأثرية، وقد قصفت تلة (عين دارا) التابعة لناحية(شيراوا) جنوب عفرين 5 كم ، هذه التلة الأثرية تشتهر بمجموعة آثار منها(الأسد ـ أثار الاقدام الكبيرة) وغيرهما وتعود إلى العصر الحوري ـ الحيتي، نمط البناء في هذه التلة يعود إلى العصر الحوري والميتاني.
كل هذه الأعمال البربرية والوحشية التي باتت ثقافة متجذرة في سياسات الأتراك تجاه شعوب المنطقة بشكل عام والكرد بشكل خاص، وحربها الآن على عفرين وصمة عار في تاريخها المشوه، لأنهم يستخدمون أسلحة متطورة في قتل الإنسان والحيوان والنبات.
لا يمكن تجاهل منطقة الشرق الأوسط بأنها منطقة حروب ونزاعات من آلاف السنين، لكن الحكومات التركية المتعاقبة دائما تتميز عن غيرها باستخدام أبشع أنواع الأسلحة ضد الكرد، فها هم وبدون أي رادع يقتلون الأطفال والنساء والمسنين بمدفعيتهم وطيرانهم الحربي يرمون كل يستطيعون حملة من صواريخ لأطفال عفرين، ولا يخفى على أحد من المراقبين بأنهم يستخدمون الأسلحة المحرمة دولياً، وقد أكدت جريدة الصنداي اكسبريس البريطانية قبل أيام بأن الجيش التركي استخدم النابالم والأسلحة المحرمة دولياً ضد المدنيين، ويعد هذا خرقاً للقانون الدولي، بينما وصفت جريدة الاندبندنت الأتراك بالمجرمين وهم يقومون بالتطهير العرقي في عفرين.
أمام هذه الوحشية التركية في عفرين، تبقى للمقاومة البطولية لأبنائها منطق آخر في التحدي وردع العدوان، ويمكن أن يرى العالم كله ما تسطره المرأة من ملاحم بطولية لم يشهد لها التاريخ مثيلاً إلا في عفرين وباقي روج آفا، فكما فعلت آرين ورفيقاتها في كوباني بسحق وهزيمة داعش، تفعله الآن مقاتلات عفرين، ولا يمكن أن نذكر كل اللواتي حاربن الترك، بل يمكن أن نستذكر (افستا) الشهيدة التي أعلنت التحدي لكل الجيش التركي بمقاومتها وبطولتها، وتبعتها أيقونة عفرين(بارين) التي أبت أن يمسها الرجس التركي حين قررت أن ترتقي للسماء طاهرة، وقد خلفت ورائها درساً للكرد بأن النصر قريب، ودرساً للترك بأن فتيات الكرد لسن سبايا، بل قديسات يطهرن الأرض بدمائهن.
كل هذه القيم النبيلة لدى المرأة الكردية، التي ورثتها من ثقافة الأم الآلهة جسدتها في خدمة أرضها وشعبها، لهذا عملت داعش ومنذ سنوات على كسر هذه الثقافة من خلال ممارسة أبشع الثقافات ضد المرأة الكردية وخاصة أثناء اجتياحهم لشنكال، وها هو الجيش التركي ومرتزقته يمارسون تلك الثقافة القذرة بحق عفرين، والغاية طمس ووأد هذه الثورة،
لكن هيهات أن تذهب دماء أفستا وبارين وكل الشهداء والمقاتلين دون قيمة، لأن أبناء وبنات الكرد حملوا بندقية تلك الشهيدة يقاتلون الجيش التركي ومرتزقته بكل بطولة ويرسمون لعفرين أكاليل النصر.
منذ بداية الأزمة في سوريا 2011 بات الكرد رقماً سياسياً وعسكرياً واضحاً، وتحديداً بعد أن أعلن عن لإدارة الذاتية في شمال سوريا، وتبعها بإعلان مشروع الفيدرالية الديمقراطية، وبناء مؤسسات مجتمعية خدمية تخص كل المكونات، لها كله لم تتوقف الدول الإقليمية بالعداء لهذا المشروع، ودائماً تسبق تركيا الكل بمحاربة وفشل أي مشرع للكرد، فصنعت مرتزقة لها وأعدت لهم العدة، فكان داعش الربيبة الأولى لها، حين عاثت في الأرض فساداً وقتلاً، إلا أنها هزمت بفعل المقاومة البطولية للكرد، ولأن مشرع داعش لا يمت للإنسانية بصلة فقد أنهار، لكن الطورانية الفاشية التركية لم تهدأ، بل أعلنت عن حربها على عفرين، وكل غايتها إفشال الفيدرالية الديمقراطية في شمال سوريا، لكن هذا المشروع لا يمكن أن يخسر بين ليلة وضحاها، لأنها إرادة الشعوب التي لا تقهر، فهمها حاولت تركيا أن تأتي بحلول ومشاريع من خلال مرتزقتها، لا يمكن أن تمثل إرادة الشعوب، فهي وبتركيبتها وبنيويتها الفكرية العنصرية لا تريد الاستقرار والحرية للشعوب.
بعكس الفيدرالية التي تلبي كل طموحات السوريين بالحفاظ على وحدة الأرض والشعوب، هذا من جهة، وتحافظ على الهوية التاريخية والثقافية لكل مكون ضمن وحدة المصير المشترك، والعيش في ظل دستور يكون الكل بسوية واحدة أمامه، وتهيأ مجتمعاً ايكولوجي على أسس أخلاقية وسياسية، هذا المشرع الديمقراطي والوطني يشمل كل شمال سوريا من عفرين وحتى (ديركا حمكو) المالكية.
وتبقى للغة السياسة قوانين وأجندات ومصالح لدى الدول العظمى، وخاصة أمريكا، التي مازالت تكيل ساستها لدى الكرد بمكيالين، وتتبع أساليب غير واضحة المعالم والأهداف لمستقبل الكرد. فهي أي أمريكا وكإستراتيجيا دائماً بازدواجية واضحة، لكن الكرد ومن خلال تنظيمهم المجتمعي وإدارتهم الذاتية ومشروعهم الفيدرالي الديمقراطي، تعمل برؤية مجتمعية من خلال تنظيم كل المكونات في مؤسسات ديمقراطية، والعيش في ظل أخوة الشعوب لا بد أن تنال من أمريكا اعترافا بمستقبل الكرد السياسي والدستوري، وتعيش مع بقية المكونات في ظل سوريا واحدة أرضاً وشعباً.
المراجع والمصادر.
ـ روجيه ليسكو ………….. كرداغ والحركة المريدية.
ـ شرف خان البدليسي ……. شرف نامه.
ـ محمد عبدو علي ………..الوجود الكردي في شمال سوريا
ـ إسكندر طوسي ………… مقالة 2012
ـ جريدة الصنداي اكسبريس……..أواخر الشهر الأول 2018
ـ جريدة الاندبندنت………………أواخر الشهر الأول 2012