افتتاحية العدد 5: مسيرة الدمعة والابتسامة
هيئة التحرير
الأرض التي انجبت الكثير من العظماء والمؤرخين والفلاسفة ورجال الدين والقادة العسكريين، من كافة شرائح المجتمع الشرق الاوسطي بكافة أطيافه وقومياته دون إستثناء، مابين الاختلاف في المواهب والابداعات من شعب إلى آخر، حيث التكامل في المهن والوظائف. هذه الأرض المقدسة احتضنت مسيرة الدمعة والابتسامة معاً وإتفاقات وتناقضات كالحب والكره ثنائية الطور في كل شيء، طبقة تتربع على العرش هنا و فقرٌ وجوع يفتك هناك . سيناريو مزدوج مابين الديكتاتورية والديمقراطية، هذه الجغرافيا تنظر بمنظار الامل نحو المستقبل وبأحلام واعدة عبر الشبيبة، والجيل القادم ورؤية تاريخ كان أماً ومرجعية أنهكتها الحروب والصراعات الدموية ، من أجل منافع دنيوية فانية، هذه البلاد بغناها وموزايكيها الجميل تصرخ من جديد داعيةً إلى الأمن والسلام، وتحاول تمزيق ستار الظلم والحقد والإنكار، على أمل أن يرى الوجه الآخر بعيداً عن الحساسيات السياسية ومنافع الطبقات الضيقة، رغم الإزدواجية في الموازين السياسية والإنجرار وراء المصالح والمنافع الضيقة يبقى الشرق موطناً أساسياً، شرقُ خدم الإنسانية لعصور كان مصدر القوة والوئام ، اليوم يعيش حالة التجزئة والخِصام وإنقسام وفوضى ، وسباق للطامعين من أنظمة وقادة محتالين. بذور الخير والعطاء تحترق عطشاً، صرخات الحق من الجهة الأخرى، لأحفاد أمةٍ كانت وماتزال مرآة وجهنا الحقيقي بعيداً عن المكياج والمكر والخداع .اليوم وإخلاصاً لوقفتها ، تُحاول القوة الديمقراطية في الشرق الوصول الى تجربة ريادية علها تكون من التجارب المواكبة للعصر ، هذه تجربة التي ستكون بمقدورها إنقاذ الشرق من براثن وضعيته ما بين آلام الماضي وأحلام المستقبل .
مزوبوتاميا المتحولة الى الخط الفاصل مابين وجه الشرق الاصلي ووجهه الحالي تحولت بشعوبها ودولها الان مرة أخرى الى نقطة إنطلاقة مجددة، فالبارحة كانت محاولة انهاء نظام موسوليني الشرق- نظام صدام -، تعبيراً عن رغبة أبناء هذه الارض بالعيش السلمي. و اليوم تجربة الانتخابات التركية زادت من تلك الجهودالحثيثة.فرغم التمشيطات العسكرية وسياسة الصهر والاعتقالات الشبه يومية، التي لاتعرف الحدود ولاتحترم الأعمار و تفترس الكل، نساءً وشيوخاً أطفالاً وشباباً، سياسيين وحقوقيين، مدنيين….إلخ ،أيقظت الروح الوطنية لدى الأكراد،المسؤولية لدى كل الديمقراطيين ليقوموا بمحاولتهم الاخيرة لتحقيق السلام ، فمع صعوبة الموقف الكردي والفشل المتكرر لسنوات ماضية للوصول إلى البرلمان التركي نتيجة سوء قوانين إدارة الإنتخابات وإسلوب الضغط وفلسفة الخطر على أمن الدولة، والإدعاءات المزيفة الأخرى إ ستطاع الاكراد والقوى الديمقراطية من الوصول إلى البرلمان حاملين آلاف الاسئلة والقضايا التي تحتاج إلى أجوبة وحلول من أجل بناء نظام ديمقراطي يسوده المحبة وإحترام الآخر بعيداً عن النظرات الشوفينية التي تراكم غبار الزمن عليها .
تركيا التي تحتل موقعاً هاماً في الشرق و العالم ، تكون تارة اليد الضاربة للقوى الخارجية على رأس شعوب الشرق “كحومات وليس كشعوب ” و تارة اخرى نموذجاً يحتذى به من الارادة الديمقراطية الشعبية ” كشعب وليس كحكومة ” اليوم تُحاول ان تضع حجراً فوق البناء الديمقراطي الشرقي و الذي مازال طور الانجاز ،اما الاكراد الذين كانوا من اكثر الشعوب التي نالت نصيبها الكبير من الثقافة الشوفينية التركية ، تحولوا مرة اخرى بانتصارهم في الانتخابات – ولو بنصر كانوا بالطامحين للاكثر منه – الى بيضة القبان في البرلمان التركي حيث ستكون مهمتهم اصعب المهام في البرلمان . مآساة العراقيين بعربه وكرده وآشوره وتركمانه ما هي إلا لوحة من اللوحات المؤسفة للجسد الشرق الاوسطي المُتألم. فالصراع الفلسطيني- الاسرائيل ، و الصراع الفلسطيني الداخلي هو التعبير عن وجه أخر لكابوس الظلم والعنصرية الذي لم يبقى فيه أمام الشرق سوى أمرين لاثالث لهما إما المصالحة الوطنية وإحترام الحقوق والالتزام بها، أو الدخول في صراعات ومواجهات لا تجلب إلا الكوارث والمزيد من الدمارله.كانت تركية اولى الدول التي حاولت السير على هذا الدرب ، فلربما ستكون من المحدثين للتغييروهذا ما يأمله أبناء هذه المنطقة